دبلوماسي إيطالي : بتبنيهما سياسات عمياء وتناقضات داخلية .. ماذا لو إنهارت “مصر” و”السعودية” ؟

دبلوماسي إيطالي : بتبنيهما سياسات عمياء وتناقضات داخلية .. ماذا لو إنهارت “مصر” و”السعودية” ؟

خاص : ترجمة – لميس السيد :

تتكثف الكوابيس في الشرق الأوسط، وقد تتحول إلى واقع مدمر، أبطاله “المملكة العربية السعودية” و”مصر”.

يواجه كل منهما إنهيارًا محتملاً؛ بسبب مزيج من التدخل الأجنبي، والتناقضات الداخلية وسياسات حكومية غير مجدية. وعلى الرغم من أن كلا البلدين أكبر من أن يفشلا، لكن لا يمكن إستبعاد خطر انفجار البلدين، والذي من شأنه أن يؤدي إلى عواقب وخيمة وزعزعة الاستقرار في المنطقة، بحسب الدبلوماسي الإيطالي السابق، “ماركو كارنيلوس”.

إلى جانب أهميتها الدينية والثقافية، تظل “مصر” قلبًا نابضًا للعالم العربي ويتعزز وقعها الإستراتيجي من خلال “قناة السويس”، وهي مركز حاسم للتجارة البحرية بين آسيا وأوروبا، وبعملها كضامن للسلام النسبي مع “إسرائيل” بعد سلسلة من الحروب العربية الإسرائيلية.

وتعتبر “المملكة العربية السعودية” من أكبر منتجي ومالكي الإحتياطيات النفطية، فضلاً عن كونها البلد الأكثر أهمية من حيث القدرة الإحتياطية، وهو أمر حاسم لإدارة الاضطرابات في أسواق الطاقة. وتمثل شريان الحياة المالية للعديد من البلدان في المنطقة وخارجها، وتحافظ على وصاية المواقع المقدسة في “مكة” و”المدينة”.

قمع وحشي..

وتراقب القنصليات الأميركية والأوروبية والعربية، إلى جانب “إسرائيل”، عن كثب الأوضاع في هذين البلدين. وتواجه “مصر” أحداثًا مشتعلة باستمرار على حدودها مع كل من “ليبيا” و”غزة”، وفي الداخل بـ”شبه جزيرة سيناء”، كما تستمر في ممارسة القمع الوحشي ضد “جماعة الإخوان المسلمين” وقوى المعارضة الأخرى.

قبل بضع سنوات؛ كانت “مصر” هي الشاغل الأكبر، خاصة بعد التجربة الصادمة لحكم “الإخوان المسلمين”، خلال فترة ولاية “محمد مرسي” القصيرة. وفي الآونة الأخيرة؛ تحول الاهتمام إلى “المملكة العربية السعودية”، بسبب الحرب في “اليمن”، والنزاع على السلطة الذي يمس العائلة الحاكمة، والقرارات الطائشة من جانب القيادة السعودية، التي قادت المراقبين إلى التشكيك في إستدامة البلد.

رأى الدبلوماسي الإيطالي، “كارنيلوس”، عبر مقاله المنشور بصحيفة (ميدل إيست إي) البريطانية، أن  الإنهيار الاقتصادي والسياسي المحتمل لـ”المملكة العربية السعودية” قد يؤدي إلى وضع أسوأ بكثير من الوضع الذي نشأ في “ليبيا”، بعد عام 2011.

في الآونة الأخيرة؛ أجرى ولي العهد السعودي، الأمير “محمد بن سلمان”، رحلات دولية للسيطرة على الأوضاع في بعض العواصم العربية، وشمل ذلك العديد من عمليات التصوير الفوتوغرافي وتبادل اللفتات السمحة في “قمة مجموعة العشرين”، في “بوينس آيرس”. وقد أدى غيابه المطول عن المملكة، خلال الشهر الماضي، إلى إعطاء الإنطباع بالثقة والسيطرة المستمرة على السلطة.

رغم ذلك؛ تواجه “الرياض” و”القاهرة” العديد من المشاكل، التي تحوي في جزء كبير منها، أخطاء ذاتية فادحة.

أدت حكومة “الإخوان المسلمين”، في “مصر”، التي استمرت أقل من عام لانقلاب في 2013، ثم اندلاع احتجاجات شعبية وقيام “نظام السيسي” بإطلاق موجة من القمع الوحشي، الذي لم يفلت أيًا من القوى السياسية العلمانية.

سابقة خطيرة..

بغض النظر عن أخطاء “حكومة مرسي” وحماقتها، سيكون من المُضحك أن تنسب إلى سلطة لم تدم إلا مدى القصير، مسؤولية أسلوب الحكم الكارثي الذي آثر على “مصر” منذ عقود، حيث شكل انقلاب عام 2013؛ سابقة خطيرة، يمكن لـ”الإخوان المسلمين” من خلالها استخلاص دروس مهمة ومقلقة للمستقبل.

في عام 2012، حققت الحركة الإسلامية لـ”الإخوان” قوتها بشكل قانوني، من خلال الانتخابات التي أعقبت الثورة الشعبية في عام 2011، أسفرت عن تنافس في الساحة السياسية وعملية ديمقراطية حقيقية. وأوضح كاتب المقال أن “الإخوان المسلمين”، لو كان لهم أن يتصرفوا بشكل مختلف حينها، لكانوا اختاروا حماية قوتهم بشكل استبدادي والتخلي تمامًا عن العملية الديمقراطية.

وبالمثل؛ لم يكن لدى “محمد بن سلمان” أي سبب لإشراك بلاده في صراع على الطراز الأفغاني في “اليمن”، بنهاية لا تلوح له في الأفق. أصبحت الخسائر البشرية للحرب مصدر قلق بالنسبة إلى المؤيدين التقليديين للنظام الملكي السعودي، رغم أنه من المحزن أن هذا الوعي لم ينشأ إلا بعد مقتل الصحافي السعودي، “جمال خاشقجي”.

ولو اختار ولي العهد السعودي التركيز أكثر على الإصلاحات الداخلية التي تصورها، والتي ولدت في البداية حماسًا واسعًا، فمن المحتمل أن يكون بقاءه في السلطة أفضل بكثير، علاوة على ذلك أن تمرد “الحوثيين” في “اليمن”؛ ينبع من قِبل عوامل محلية بحتة، ولا تسوقها أطراف خارجية، بحسب ما ذكر الكاتب الإيطالي، مؤكدًا على أن منحهم بعض الحقوق التي تم إهمالها لعقود من شأنه أن يفسد الصراع الدموي والكارثة الإنسانية.

شدد “كارنيلوس” على أن الحرب في “اليمن” ليست مؤامرة إيرانية، وإنما هدية غير متوقعة إلى قيادة “طهران”، حيث منح التصعيد الأخرق بين “الرياض” و”الطهران”، في عام 2015، فرصة كبرى لـ”إيران” لإحداث فوضى في بطن الجزيرة العربية. وتنطبق اعتبارات مماثلة على المبادرات السعودية الأخرى، مثل الحصار السعودي على “قطر”، وإحتجاز المئات من رجال الأعمال والأسرة المالكة في العام الماضي.

وقفة للتفكير..

إن تهدئة التوترات بشكل عام، والإمتناع عن عقلية المعادلات الصفرية التي تخيم على عقول قيادات الشرق الأوسط، يبدو أمرًا ملحًا للغاية. ولسوء الحظ، يبدو أن الجهات الفاعلة الأجنبية والداخلية النشطة في المنطقة  لا تميل إظهار ضبط النفس ولازال الأمل في إدراك ولي العهد السعودي والرئيس المصري أن إطار عقولهم الضيق يأتي بنتائج عكسية فقط.

وبالمثل؛ فإن “طهران” يجب أن تعي أن البحث عن الفوز في كل مكان أمر غير حكيم.

في السنوات الأخيرة؛ ألحقت الأزمات في دول مثل “سوريا” و”ليبيا” أضرارًا بالغة بالمنطقة. حتى أوروبا لم تنج، حيث أن الملايين من اللاجئين يثيرون ثورة شعبوية تهز القارة.

وإذا كانت قد عانت “ليبيا” و”سورية” من عواقب مدمرة، من السقوط في حرب أهلية شاملة، فإن ما يمكن أن يحدث نتيجة لإنهيار “مصر” أو “السعودية” هو شيء لا يمكن تصوره.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة