وكالات – كتابات :
نشر (المنتدى الاقتصادي العالمي)؛ “تقرير المخاطر العالمية 2022″، المعني بتحديد وتقييم المخاطر العالمية وتحليل هذه المخاطر، في 11 كانون ثان/يناير 2022. واستند التقرير إلى رؤية ما يقرب من: 1000 خبير وصانع قرار من مختلف أنحاء العالم.
وتوقع التقرير تفاقم الآثار المترتبة على جائحة (كورونا) وتراجع مستوى التنسيق الدولي في مواجهة التحديات المشتركة.
ويُحلل التقرير المخاطر الرئيسة المنبثقة عن التوترات العالمية التي تُلقي بظلالها على كافة المستويات الاقتصادية والتكنولوجية والسياسية والاجتماعية حتى وقت صدوره.
وأورد التقرير في نسخته السابعة عشرة جملة من المخاطر الرئيسة التي تواجه العالم، وعلى رأسها التأثيرات السلبية للنمو الاقتصادي العالمي المتفاوت، ومخاطر التغير المناخي، وتزايد التهديدات السيبرانية وما يرتبط بها من تحديات رقمية، فضلاً عن وضع المزيد من العقبات أمام قدرة الأفراد على الهجرة، بالإضافة إلى التأثيرات المحتملة لصعوبة إدارة التنافس في الفضاء.
تهديدات مُقّلقة..
ويمكن توضيح أبرز المخاطر التي يواجهها العالم خلال العام الجاري، كما ورد في التقرير، عبر ما يأتي:
01 – تراجع تعاون الدول نتيجة النمو الاقتصادي العالمي المتفاوت..
بحسب التقرير؛ يؤثر التفاوت في النمو الاقتصادي العالمي تأثيرًا سلبيًا على التعاون بين الدول لمواجهة التحديات المشتركة التي تفاقمت نتيجة جائحة (كورونا)، ومن بينها ارتفاع أسعار السلع العالمية، وتزايد معدلات التضخم، وارتفاع حجم الديون، فضلاً عن وضع الوباء عقبات أمام قدرة الدول على تحقيق تعافٍ اقتصادي مستدام.
ووفقًا للتقرير، فإن من بين العوامل التي تؤدي إلى مضاعفة التداعيات الاقتصادية السلبية للوباء، الإختلالات التي يشهدها سوق العمل واتساع الفجوات الرقمية والتعليمية بين الدول، وهي جميعها أمور تُخاطر بتقسيم العالم إلى مسارات متباينة.
ورأى التقرير أنه إذا لم تتمكن بعض الدول من تحقيق تقدم سريع في وتيرة تطعيم الأفراد باللقاحات ضد فيروس (كورونا)، فإن ذلك سيؤثر سلبًا على مستوى التعاون بين دول العالم لمواجهة التحديات المشتركة، كما سيؤثر سلبًا على مساعي استعادة معدلات النمو الاقتصادية التي كانت سائدة قبل تفشي الجائحة، وهي جميعها أمور ستُساهم – بحسب التقرير – في تعميق الانقسامات العالمية، ومعاناة الدول المتخلفة عن الركب في جميع المجالات.
02 – مساهمة التغير المناخي غير المنضبط في تعميق عدم المساواة..
أكد التقرير أن المخاوف المرتبطة بالتغير المناخي تُهّيمن على العالم، خاصةً أن التغير المناخي المضطرب من شأنه أن يُعمق حالة عدم المساواة محليًا وعالميًا.
وحذر التقرير من مخاطر التغير المناخي غير المنضبط على المستويين القصير والطويل الأجل؛ فعلى المستوى القصير الأجل، أكد التقرير أن العالم يشهد تسارعًا ملحوظًا في الظواهر الجوية المتطرفة وعلى رأسها الحرائق والفيضانات والجفاف وندرة الموارد وفقدان الأنواع.
وأشار التقرير إلى أن ما وصفه: بـ”فشل العمل المناخي” قد يكون من أهم المخاطر التي ستواجه العالم على المدى البعيد إذا لم تتخذ الدول تدابير منسقة للحد من التغيرات المناخية، ووضع حد لخسارة التنوع البيولوجي.
وبحسب التقرير، فإن إنهيار النظام الإيكولوجي وإنقراض الأنواع سيترتب عليه عواقب وخيمة على البشر والبيئة والنشاط الاقتصادي نتيجة لتدمير رأس المال الطبيعي بشكلٍ دائم.
ومن ثم، تظهر ضرورة الانتقال إلى الحياد الكربوني، واتخاذ إجراءات للحفاظ على النظم البيئية وتبني التدابير التي تُساعد على التكيف مع الظواهر التي تتمخض عن التغيرات المناخية.
03 – تنامي حجم التهديدات السيبرانية مع تزايد التحول الرقمي..
توقع التقرير أن يواجه العالم المزيد من التهديدات السيبرانية، خاصةً مع اتجاه الدول للاعتماد على الأنظمة الرقمية اعتمادًا متناميًا، ولا سيما تلك التي تدعمها البنية التحتية للفضاء الخارجي، بالتزامن مع وجود العديد من الفجوات الإدارية والأمنية في البنية التحتية لهذه الأنظمة.
ورأى التقرير أن ما وصفه: بـ”فشل الأمن السيبراني”؛ شكل مخاطر على الأنظمة الرقمية عالميًا على مدار العامين الماضيين، متوقعًا أن تتزايد هذه المخاطر خلال السنوات الخمس المقبلة.
كما توقع التقرير استمرار العديد من نقاط الضعف التي تُعاني منها الدول في المجال السيبراني، وأبرزها تطور أساليب الهجوم السيبراني وندرة المتخصصين في هذا المجال؛ بما قد يُساهم في تعميق عدم المساواة الرقمية.
وأشار التقرير كذلك إلى وجود تأثيرات سلبية محتملة للترويج للمعلومات المُضللة والإفتقار إلى السلامة الرقمية على ثقة الجمهور بالأنظمة الرقمية، بشكلٍ قد يؤدي إلى زيادة التوتر بين الدول التي تتعرض للهجمات والجرائم الإلكترونية، وليُشكل بذلك المجال السيبراني مجالاً للنفور بين الدول بدلاً من التعاون.
وتوقع التقرير توسع عمل مجموعات القراصنة الإلكترونية، خاصةً فيما يتعلق بالبرامج الخاصة بالفدية عبر تجميع معلومات بهدف ابتزاز الأفراد؛ حيث ستتسم الهجمات الإلكترونية باتساع مداها وبتكرارها بشكل عدواني، لا سيما في ضوء الانقسامات الجيوسياسية التي تعوق التعاون بين الدول، فضلاً عن عدم رغبة بعض الدول أو عدم قدرتها على السيطرة على مجموعات القراصنة الموجودة على أراضيها التي تتجاوز أعمالها الحدود الوطنية لتؤثر على الدول الأخرى.
04 – اتساع حجم القيود الدولية المفروضة على الهجرة النظامية..
أوضح التقرير أن حالة إنعدام الأمان التي تُعاني منها العديد من المجتمعات، على خلفية مواجهتها العديد من الصعوبات الاقتصادية، تُجبر عددًا متزايدًا من الأفراد القاطنين على أراضيها على السعي إلى الهجرة، في محاولة لإيجاد فرص عمل وضمان مستقبل أفضل، في إطار ما يُعرف: بـ”الهجرة غير الطوعية”.
إلا أنه مع وضع حواجز أمام إمكانية تنقل الأفراد بين الدول؛ على خلفية تفشي الوباء وما ارتبط به من تغير في ديناميكيات سوق العمل الجديدة والحمائية الاقتصادية، يجد الأفراد الذين يبحثون عن فرصة أو ملجأ – وفقًا للتقرير – صعوبة في الهجرة.
وأشار التقرير إلى أن هذا الأمر ينعكس بشكلٍ سلبي على اقتصاديات الدول، خاصةً النامية التي تعتمد على تحويلات المهاجرين، وهو أمر من شأنه أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار السياسي.
وأضاف التقرير أن وضع قيود على الهجرة النظامية سيُزيد الأزمات الإنسانية؛ حيث تضطر الفئات الأكثر ضعفًا إلى البحث عن طرق هجرة أكثر خطورة، كما توقع التقرير أن يؤدي هذا الأمر إلى تزايد التفاوت في الدخل وزيادة الاستقطاب المجتمعي والتوترات بين الدول، ولا سيما مع احتمال اتجاه الفاعلين الدوليين نحو استخدام قضية الهجرة أداة جيوسياسية.
05 – تولد توترات نتيجة غياب قواعد لإدارة التنافس في الفضاء..
أكد التقرير أنه من المحتمل أن يُفضي تزايد أعداد الجهات التي تسعى إلى استكشاف الفضاء إلى حدوث صراعات بين الفاعلين إذا لم تتم إدارة هذا الأمر واستغلاله بشكلٍ مسؤول.
ولفت التقرير إلى أن ضعف القواعد العالمية المنظمة لهذا الأمر وتباين سياسات الدول، يؤدي إلى تفاقم هذا التحدي.
وشدد التقرير على أن صعوبة إدارة المنافسة في الفضاء قد ينجم عنها تزايد مخاطر الاصطدام في المدارات وانتشار الحطام، بما قد يؤثر على البنية التحتية للدول في الفضاء، خاصةً مع عدم وجود قواعد دولية محدثة حول النشاط الفضائي.
ورأى التقرير أن عدم القدرة على ضبط العمل في الفضاء يُساهم في زيادة التوترات الجيوسياسية بين الدول، وهو الأمر الذي يؤكده عمليات تسليح وعسكرة الفضاء الجارية، في إطار التنافس الإستراتيجي بين مختلف القوى.
ونوه التقرير أن الاتفاقيات الثنائية والمتعددة الأطراف بين القوى الفضائية الكبرى؛ يمكن أن تُساعد في وضع القواعد المنظمة لهذا المجال والتأثير على السلوك الدولي الفضائي على المستوى الأوسع.
06 – تفاقم الاضطرابات الاجتماعية الناتجة عن جائحة “كورونا”..
أشار التقرير إلى أن الاضطرابات الاجتماعية التي نتجت عن جائحة (كورونا) ستتفاقم؛ حيث تزداد الفوارق الاجتماعية والتفاوت في الدخل؛ وما يرتبط بهما من تدهور للصحة النفسية والعقلية وزيادة الاستقطاب المجتمعي.
ونوه التقرير بوجود عاملين مترابطين لضمان التعامل مع الوباء بشكلٍ فعال بالاستفادة من دروس العامين الماضيين، وهما مدى استعداد وقابلية الحكومات لتغيير إستراتيجياتها المعنية بالاستجابة لمختلف الأزمات وفقًا للظروف المتغيرة، وكذلك قدرة الحكومات على الاحتفاظ بثقة مجتمعية عبر اتخاذ القرارات المناسبة والتواصل الفعال مع الشعب في أوقات الأزمات الطارئة.
ووفقًا للتقرير، فإن التعامل بمرونة من جانب كل من الحكومات والشركات والمجتمعات المحلية أمر من شأنه أن يُساعد على ضمان توافق جداول الأعمال الخاصة بهم، بما يُفضي إلى تبني نهج موحد لمعالجة المخاطر من أي نوع؛ إذ إن مرونة الحكومات تتيح لها الفرصة لإتاحة تفاعل أقوى بين القطاعين العام والخاص، وبالنسبة إلى الشركات يمكنها الاستفادة من المرونة في عدد من المجالات منها سلاسل التوريد، بما يُفضي في النهاية إلى تعزيز قدرة الدول والمجتمعات على الصمود.
ودعا التقرير القادة لوضع سياسات تُشكل جداول الأعمال على مدار السنوات المقبلة، مؤكدًا ضرورة استعادة الثقة وتعزيز التعاون داخل الدول وبينها للتمكن من مواجهة التحديات المشتركة.
مرونة مطلوبة..
وختامًا، توقع التقرير أن يتسبب التفاوت في معدلات النمو الاقتصادي العالمي في مزيد من عدم الاستقرار، بما يؤثر على قدرة الدول على التعاون لمواجهة التحديات، مؤكدًا أن التغير المناخي يُعد من أهم المخاطر التي من المُرجح أن تستمر على مدار السنوات المقبلة، خاصةً مع وجود توقعات بحدوث إخفاق في العمل المناخي وصعوبة التكيف مع المعطيات المناخية الجديدة.
ورأى التقرير أنه على الرغم من المكاسب التي حققتها العديد من الدول وأحرزتها بفضل التحول الرقمي الذي إزدادت وتيرته على خلفية تفشي فيروس (كورونا)، فإنها من جانب آخر أوجدت تهديدات مرتبطة بالأمن السيبراني.
كما توقع التقرير أن يواجه الأفراد العديد من العقبات المرتبطة بالهجرة، مع تزايد القيود التي تفرضها الدول في هذا الإطار، وهو ما سيكون له العديد من الانعكاسات السلبية على المستويين الاقتصادي والإنساني.
وشدد التقرير على أنه من المحتمل أن تزداد حوادث الإرتطام في الفضاء مع اشتداد المنافسة بين الدول للسيطرة على الفضاء الخارجي.
ودعا التقرير إلى تعزيز قدرة الدول والمجتمعات على التعامل بمرونة مع أي تحديات قد تواجهها، مؤكدًا ضرورة الاستفادة من تجربة جائحة (كورونا).