26 ديسمبر، 2024 6:01 ص

خريطة النفوذ التركي .. تأكيدًا للتحذيرات المصرية والمواجهة بدأت من السعودية لتصفير التعامل مع أنقرة !

خريطة النفوذ التركي .. تأكيدًا للتحذيرات المصرية والمواجهة بدأت من السعودية لتصفير التعامل مع أنقرة !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في إثبات مؤكد لما يتم تداوله عن رغبات “تركيا” التوسعية في منطقة الشرق الأوسط، عرضت قناة (TRT1)، الحكومية التركية، يوم السبت الماضي، خريطة لمناطق النفوذ التركي المتوقعة، بحلول عام 2050، وهي الخريطة التي وردت في كتاب بعنوان: (الـ 100 سنة القادمة: التوقعات للقرن الـ 21)؛ بقلم الباحث السياسي الأميركي، “جورج فريدمان”، مؤسس مركز “ستراتفور” للأبحاث في مجال السياسة الدولية.

الكتاب الصادر عام 2009، تضمن توقعات بشأن الأوضاع الجيوسياسية في العالم، خلال القرن الحادي والعشرين، وتطورها وتغيّر موازين القوى خلال العقود القادمة.

ومركز “ستراتفور”، هو مركز دراسات إستراتيجي وأمني أميركي، يُعد أحد أهم المؤسسات الخاصة التي تُعنى بقطاع الاستخبارات، ومعروف في الصحافة الأميركية باسم: “وكالة المخابرات المركزية في الظل” (shadow CIA).

ولذلك نُسبت الخريطة لوكالة الاستخبارات الأميركية، (CIA) ، لكنها في الأصل مرسومة بناء على توقعات صادرة عن “فريدمان”، مؤسس (shadow CIA).

وشملت الخريطة التي نشرتها القناة التركية: “سوريا والعراق والأردن ومصر وليبيا وشبه الجزيرة العربية، بأسرها، واليونان”، إضافة إلى منطقة ما وراء “القوقاز”؛ وبعض الأقاليم جنوب “روسيا” و”القرم”؛ وشرق “أوكرانيا” وأجزاء من “كازاخستان وتُركمانستان” تطل على “بحر قزوين”.

إلا أنها استثنت “إيران” و”إسرائيل”، الأمر الذي أدى إلى إثارة الجدل في الساحة السياسية العربية، حول التوقّعات التي نشرها المركز ونواياه وعدم شمل الخريطة لـ”إسرائيل” و”إيران”.

ومن المعروف عن “تركيا” أنها تدخلت، خلال السنوات القليلة الماضية، في العديد من دول الشرق الأوسط وإفريقيا من خلال مرتزقتها واستغلال الجماعات الإرهابية، إذ تدخلت في “مصر”، عبر “جماعة الإخوان المسلمين”، ولكنها فشلت، وأيضًا في “سوريا” من خلال مرتزقتها السوريين؛ الذين أرسلتهم للقتال نيابة عنها في “ليبيا” و”قره باغ”، وأيضًا في “العراق” من خلال إنشاء قواعدها في مناطق سيطرة “الحزب الديمقراطي الكُردستاني”، بـ”باشور كُردستان”، وفي “كازاخستان وتُركمانستان”؛ من خلال دعمها لمجموعات (القاعدة) الإرهابية، عدا عن تدخلاتها في “الصومال والسودان واليمن وقره باغ”.

استمرار مقاطعة المنتجات التركية..

وهاجم رئيس مجلس الغرف السعودية، “عجلان العجلان”، أمس الأربعاء، تلك الخريطة قائلاً في تغريدة: “عرضت قناة ( TGRT) التركية؛ خريطة لمناطق النفوذ التركي بحلول عام 2050، وتشمل سوريا والعراق والأردن ومصر وليبيا والسعودية ودول الخليج”.

وأضاف في تغريدته: “هذا يؤكد جنون الحكومة التركية وأطماعها وعدوانيتها، التي سنكون لها بالمرصاد بكل ما نملك، ولهذا نحن مستمرون بمقاطعة تركيا، وإلى صفر تعامل مع تركيا”.

صفر تعامل مع تركيا..

ودعت “الحملة الشعبية لمقاطعة تركيا”، في “السعودية”، يوم الأحد الماضي، إلى التخلي الكامل عن أي منتجات تركية، معتبرة أن الاستمرار في بيعها سيكون غير مقبول، خاصة في ظل: “توسع العداء التركي”.

وقالت الحملة، في بيان نشرته على حسابها في موقع (تويتر): “مضى على إنطلاق الحملة الشعبية المباركة لمقاطعة المنتجات التركية، نحو 4 أشهر، تجاوبت خلالها مشكورة العديد من الشركات والمتاجر والأسواق، وأكد بعضها عبر بيانات رسمية أنها ستقوم بتصريف البضائع التركية المتوفرة بالمخازن والمستودعات لحين إنتهاء الكمية”.

وتابع البيان أنه: “اليوم؛ تدخل الحملة الشعبية منعطفًا مهمًا لن يكون فيه مقبولاً على الإطلاق استمرار أي متجر في عرض وبيع أي منتج تركي تحت أي ذريعة كانت”، حيث اعتبر مروجو الحملة أن: “الفترة الماضية؛ كانت كافية لتصريف البضائع التركية ووقف التعامل الكامل مع أي منتج أو مستورد تركي نهائيًا وصولاً لهدف الحملة الرئيس”، المتمثل في الشعار: “صفر تعامل مع تركيا”.

وأردف بيان حساب الحملة: “لا نملك اليوم، مع استمرار وتوسع حالة العداء التركي وإعلانهم رسميًّا خريطة أطماعهم في المنطقة، إلا مقاطعة أي متاجر تتعامل مع تركيا وتبيع منتجاتها، وعدم التعامل معها نهائيًا. وكما قلنا وأكدنا مرارًا الوطن والقيادة خط أحمر، لا يقبل المساس به”.

وكانت مجموعة واسعة من المؤسسات والشركات السعودية، العاملة في القطاعات التجارية والصناعية المختلفة، قد أعلنت منذ تشرين أول/أكتوبر 2020، إنضمامها إلى مقاطعة المنتجات التركية في أكبر استجابة من نوعها للحملة التي تحظى بدعم علني من قبل بعض المسؤولين وأعضاء العائلة الحاكمة ووسائل الإعلام شبه الرسمية في المملكة.

مواجهتها بالحل “العربي-العربي”..

وفي تقرير نشرته وكالة أنباء (هاوار)، قال عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الصحافيين العراقيين والمستشار الإعلامي والثقافي، “علاء العواد العزاوي”، إنه في ظل الأوضاع السياسية الدولية والمتغيرات الإقليمية غير المستقرة في منطقة الشرق الأوسط، والصراع “الأميركي-الإيراني-الصهيوني” في منطقة الشرق الأوسط، برزت “تركيا”، كقوة رابعة، لها نفوذها القومي السابق من زمن الدولة العثمانية، وحلمها الأزلي بعودتها، حالها حال الدول الإقليمية المجاورة وغير المجاورة، للعودة إلى أحلام ما قبل الحرب العالمية الأولى.

مضيفًا أن: “تدخلات تركيا في شؤون سوريا والعراق واحتلالها المباشر لأراضي عراقية، شمال العراق، بدعوى مطاردة حزب العمال الكُردستاني المعارض لها؛ وإقامة قواعد عسكرية وسط صمت عربي وحكومي وإقليمي واضح، مما شجعها وغيرها من دول انتهى زمانها وولى سابقًا”.

وبيّن “العزاوي” أن التفكير التركي في جعل أحلامها حقيقة، في الحقب الزمنية القادمة، هو الخطر الحقيقي القادم، وعليه فالحل هو “عربي-عربي” بإمتياز.

مؤكدًا أنه؛ في حال لم تتحد الدول العربية الآن بالحد الأدنى من معنى الوحدة، كـ”الاتحاد العربي” أو “اتحاد الدول العربية”، أسوة بتجربة “الاتحاد الأوروبي”: “فلنقرأ على بلادنا السلام، فالخطر قادم لا محالة”.

يروج لها “الإخوان المسلمون”..

فيما أكدت الناشطة السياسية الأردنية، “رانيا حدادين”، أن الخريطة التي نُشرت؛ يروج لها جماعة “الإخوان المسلمين والخلافة”، على أنها للنفوذ التركي بحلول 2050، والدليل أنها طرحت بإطار عام لـ”الدولة العثمانية”، معربة عن استغرابها لأنها: “حافظت على أمن إسرائيل وأخرجتها من الخريطة”.

مضيفة أن: “إخراج إسرائيل من الخريطة، يعود إلى سببيين: إما صفقةٌ تُحاك مع إسرائيل لترتيب المنطقة بسيادة تحمي الكيان الإسرائيلي، أو مصالحُ مشتركة ضمن ضغوطات على الأتراك، ومن جهة أخرى أيضًا كانت إيران خارج التقسيم في المنطقة؛ لتأكيد نظريتي الأولى للدولة العثمانية، وبما أن النقطة الأساسية أن تركيا بلد إسلامي يجب تعديل الخريطة بطريقة شمولية أكثر، عدا ذلك هناك عدم ثقة بالهدف التركي لتوحيد الدول الإسلامية تحت راية واحدة”.

ولفتت الناشطة السياسية الأردنية، “رانيا حدادين”، إلى أن هذه الخريطة من حكم الخيال، لأن الدول الحليفة لمناطق الشرق الأوسط تُعد أقوى وستدعم حلفاءها، كما يحدث على الأقل على الأراضي السورية، وفي المرحلة القادمة ستكون “تركيا” أضعف بوجود حزب جديد يلوح في الأفق لزلزلة حكم “إردوغان” وحزبه.

أحلام مستحيلة وغير مشروعة !

بينما يرى الكاتب والباحث السياسي المصري، “جمال رائف”، أن الترويج لتلك الأحلام: “مستحيلة وغير مشروعة؛ وتعبّر عن نوايا إردوغان الخبيثة”؛ المتعلقة بالتوسع واحتلال الأراضي العربية، وما هي إلا إفلاس إعلامي، بعد أن فشلت أدوات البروباغندة لدى النظام التركي في إقناع الداخل التركي بأسباب منطقية تتعلق باستنزاف الاقتصاد أو الدفع بالشباب التركي للموت في “سوريا وليبيا وكازخستان” وغيرها من المناطق التي تتورط فيها القوات التركية عسكريًّا.

لافتًا إلى أن هذه الخريطة هي محاولة جديدة لمغازلة أصحاب الأفكار المتطرفة؛ لتعزيز الحروب العقائدية وتبرهن على الأصابع الحقيقية التي تحرك الدواعش وغيرهم من الجماعات المتطرفة، التي تتبنى الأهداف نفسها، وتعمل بالوكالة لصالح أحلام “إردوغان” التوسعية، التي لم يُعد لها مكان في الوقت الراهن، ولن تتحقق يومًا، فهي أوهام يروج لها النظام التركي للبقاء في الحكم وإحكام قبضته على مقاليد الداخل التركي ومبرر غير منطقي لتحركاته العسكرية الخارجية، التي أودت بالاقتصاد والكثير من الأرواح دون فائدة.

يؤكد تحذير “مصر” من الهيمنة التركية.. 

من جانبه؛ قال الكاتب الصحافي المصري، “محمود بسيوني”، إن ما جاء في الخريطة التي عرضتها قناة (TRT ) التركية الرسمية، قبل أيام، من هيمنة تركية على أقاليم الشرق الاوسط، و”اليونان” وأجزاء من “روسيا”، بحلول عام 2050، جسد ما كانت “مصر” تُحذر منه طوال السنوات الماضية، من مخططات الهيمنة التركية التي تعصف باستقرار وأمن الشرق الأوسط ومنطقة “شرق المتوسط”، بشكل كامل.

وأكد “بسيوني”؛ أن “تركيا” و”إيران” تسعيان، بشكل محموم، إلى تقاسم النفوذ في الشرق الأوسط والخليج العربي؛ بعدما بدأت “الولايات المتحدة” في خطتها بالانسحاب من الشرق الأوسط، في نهاية عهد “أوباما”، والتفرغ لمعاركها الاقتصادية والسياسية مع “الصين” في شرق آسيا.

مبينًا أن ما جاء في الخريطة؛ منقول من كتاب: (الـ 100 عامًا المقبلة)، من تأليف الأميركي، “جورج فريدمان”، مؤسس مركز “ستراتفورد” للأبحاث، والذي يستشرف التغييرات الجيوسياسية في العالم ووضع الشرق الأوسط تحت الهيمنة التركية، مُرجعًا ذلك إلى نجاح “تركيا” في استعادة “الإرث العثماني” البائد؛ عبر سيطرتها على “جماعة الإخوان المسلمين” الإرهابية، والتي تنتشر عناصرها في عدد من الدول العربية، والذين وصفهم الرئيس التركي “إردوغان”، ذات مرة في لحظة صدق نادرة، بـ”العملاء المحليين”.

وتطرق “محمود بسيوني”، خلال حديثه عن استسلام “فريدمان” و”أوباما”، إلى ما زرعه “الإخوان” في عقول الغرب من أنهم البديل الجاهز للحكم، وأن اتصالهم بـ”تركيا” يمكن أن يستعيد صيغة الخلافة القديمة لتكون حائط صد سُني ضد التمدد الإيراني، من جانب، والمشروعات التوسعية لـ”روسيا” و”الصين”، من جانب آخر.

يتجاهل حق الشعوب في تقرير مصيرها..

وأشار الكاتب والصحافي المصري إلى؛ أن المشروع المطروح يتجاهل تمامًا حق الشعوب في تقرير مصيرها، وأن تلك القوى، سواء “إيران” و”تركيا”، قد أعتادتا على استخدام الإرهاب والميليشيات المسلحة لحسم معاركها، وأنهما يستخدمان “الدين” كغطاء لإخفاء نواياهما الاستعمارية الطامعة في أراضي تلك الدول وثرواتها، خاصة “غاز المتوسط”.

موضحًا أن: “ما يعطل تلك المشاريع الاستعمارية الإقليمية، هو وجود دول وجيوش قوية يقف في مقدمتها، الجيش المصري، الذي أعلن التحدي لمشاريع الهيمنة التركية بشكل واضح؛ عندما رسم الرئيس، عبدالفتاح السيسي، خطًّا أحمر للصراع في ليبيا ليعلن عن وجود مصر في مواجهة المشروع التوسعي المعتمد على تنظيم الإخوان الإرهابي، وهو ما يفسر إيواء تركيا لعناصر الإخوان الإرهابية ودعمها الواسع لإعلام الجماعات الإرهابية؛ لإفشال جهود التنمية والبناء والتطوير في مصر وتشويهها باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لدى المواطن العادي”.

خطر شديد يواجه شرق المتوسط والمنطقة العربية..

وحذّر الصحافي المصري، “محمود بسيوني”، من الخريطة التي نشرتها القناة التركية، قائلًا: “هذه الخريطة تعبّر عن خطر شديد يواجه شرق المتوسط والمنطقة العربية ومشروعها الوطني، الذي تبلور بعد الاستقلال عن الاستعمار القديم، وأن تحركات تركيا وتدخلاتها في ليبيا وتونس والصومال تسعى إلى تطويق القوى العربية المناوئة للمشروع التركي والمتمسكة بمشروعها الوطني الذي سيقاوم تلك الأوهام لا محالة”.

منهيًا الكاتب الصحافي المصري، “بسيوني”، حديثه بالتطرق إلى الصمت الأميركي حيال الأوهام التركية، حيث أكد أن الصمت الأميركي على الأوهام التركية والبلطجة الإيرانية؛ يقدّم المنطقة على طبق من ذهب للمشروعات “الصينية-الروسية”، على المدى الطويل، وهو ما سيؤثر في مصالحهم على المدى البعيد دون شك.

طموح عثماني عابر للحدود !

أما المحلل السياسي الليبي، “رضوان الفيتوري”، فنوه إلى أن طموح الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، والعثمانيين الجدد؛ معروفة للجميع، وأشار إلى أن الذي يرى تدخل “إردوغان” في هذه الدول: “سوريا، والعراق، والأردن، وليبيا، وشبه الجزيرة العربية والتحرش بمصر”، يُدرك تمامًا أن طموح هذا “العثماني” أكثر بكثير من حدوده ومن بلد معين.

وأضاف “الفيتوري”: “إردوغان”، في كل بلد، يلبس حلة تختلف عن البلد الآخر، في بلد ينصب نفسه “أمير المسلمين”، وفي بلد آخر ينصب نفسه أنه “حامي السلام وداعم الديموقراطية”؛ ليتدخل في شؤون الدول بهذه الحجج، “إردوغان” ليس له صورة موحدة للتدخل في الدول، ورأيناه وهو يضرب بقرارات “الأمم المتحدة” والمجتمع الدولي بعرض الحائط دون أن يبالي، لافتًا إلى أن هذه اللامبالاة جاءت نتيجة الدعم الروسي اللامحدود والدعم المبطن من “أميركا”، في الإدارة السابقة.

وحذّر المحلل السياسي الليبي، “رضوان الفيتوري”، من جنون “إردوغان” للعظمة، وقال: “إردوغان؛ أخذه جنون العظمة وأصيب بفيروس جنون العظمة، إن صح التعبير، وهو يتصور أنه كالموج الهادر لا أحد يستطيع صده، هذه بداية النهاية بالنسبة له، نهاية من الداخل ونهاية من الخارج، فتركيا تعيش الآن على صفيح ساخن، بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، بعد تهاوي الليرة التركية في سابقة لم تحدث في تاريخ تركيا، والجيش التركي في حالة تململ ولن ينسى لإردوغان كيف أمشاهم عراة في شوارع إسطنبول، هو يحاول أن يهرب من أزماته الداخلية بالتدخل في شؤون الدول، وخاصة سوريا وليبيا”.

وبيّن “الفيتوري”؛ أن “إردوغان” يرى “ليبيا”، المنقذ له من كل أزماته الداخلية، ويراها حجر الأساس للسيطرة على القارة الإفريقية، ولكن هذه أحلام يقظة سوف تزول قريبًا جدًّا.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة