حسمها “السبسي” ببقاء حكومة “الشاهد” .. رغم غليان الشارع التونسي والأحزاب !

حسمها “السبسي” ببقاء حكومة “الشاهد” .. رغم غليان الشارع التونسي والأحزاب !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يتأزم المشهد السياسي والاقتصادي التونسي يومًا بعد يوم.. حيث وصل الأمر إلى أن طالبت العديد من الأحزاب السياسية والمنظمات المدنية، الثلاثاء 22 آيار/مايو 2018، برحيل رئيس الحكومة، “يوسف الشاهد”، بسبب ما تعانيه البلاد من أزمة اقتصادية وصعوبات في المالية العمومية؛ بجانب تأخر في تطبيق عدة إصلاحات تشمل القطاع العام والبنوك والضرائب والصناديق الاجتماعية.

وهو الأمر الذي حسمه الرئيس التونسي، “الباجي قائد السبسي”، رافضًا بشكل صريح الدعوات المتصاعدة من قبل “الاتحاد العام التونسي للشغل” وبعض الأحزاب التونسية الأخرى لتغييره.

ونقلت الناطقة الرسمية باسم رئاسة الجمهورية التونسية، “سعيدة قراش”، الأربعاء 23 آيار/مايو 2018، عن “الباجي قائد السبسي” قوله؛ إن إقالة رئيس الحكومة التونسية “يوسف الشاهد” ليست الحل.

وأضافت “قراش” أن رئيس الجمهورية لا يعتقد اليوم أن “الحل لخروج البلاد من أزمتها لا يتمثل في الأشخاص أو تغيير الشاهد، بل في الاتفاق على مشروع الخروج من الأزمة الراهنة، خاصة أنه لم يعد يفصلنا سوى 15 شهرًا عن الانتخابات التشريعية والرئاسية المقبلة في البلاد”.

وأشارت إلى أن “صعوبة الظرف الاقتصادي الذي تواجهه البلاد، يُحتّم الاستقرار الحكومي، ويعطي الأولوية للحلول والخيارات الكفيلة بإنقاذ الاقتصاد الوطني وتدعيم نقاط الإلتقاء بين مختلف الأطراف الفاعلية حول تجاوز الأزمة”.

ووقعت الأطراف المطالبة بإقالة رئيس الحكومة؛ والممثلة للائتلاف الحكومي والمنظمات المشاركة في وثيقة “قرطاج 2″، لتحديد برنامج عمل جديد للحكومة فيما تبقى من ولايتها حتى نهاية 2019، بهدف حلحلة الأزمة الاقتصادية في البلاد.

وثيقة “قرطاج 1”..

جاءت الوثيقة الثانية مختلفة تمامًا عن الأولى، التي تم توقيعها في حزيران/يوليو 2016، والتي كانت قد وقعت عليها تسعة أحزاب، وثلاث منظمات تونسية، وتم على أساسها تشكيل “حكومة وحدة وطنية”؛ هي الثامنة في “تونس”، بعد ثورة 2011 برئاسة “يوسف الشاهد”.

وتضمنت “وثيقة قرطاج 1″، خطوطًا عامة للسياسات الاقتصادية والاجتماعية، وحدّدت أولويات في عدد من المجالات، منها: “كسب الحرب على الإرهاب، وتسريع نسق النمو والتشغيل، ومقاومة الفساد، وإستكمال تركيز المؤسسات، وغيرها”.

وثيقة “قرطاج 2”..

وتركز الوثيقة، التي أعدتها لجنة خبراء، على حزمة إصلاحات ذات أولويات اجتماعية واقتصادية مع إمكانية إجراء تغيير وزاري جزئي أو شامل لتطبيق البرنامج الحكومي الجديد.

الناطق باسم “نداء تونس” وعضو البرلمان التونسي، “منجي الحرباوي”، كان قد قال إن اجتماع اللجنة المعنية المكلفة بإعداد وثيقة “قرطاج” إنتهى، وتم الوصول إلى ما الذي يجب أن تكون عليه الحكومة وتركيبتها القادمة.

اتفاق على إستبعاد حكومة “الشاهد”..

أشار “الحرباوي” إلى أن المجتمعين إتخذوا قرارًا بإبعاد الحكومة عن التجاذب السياسي، لأنها أصبحت غير معنية بالإستحقاقات الانتخابية القادمة؛ وتم طرح كل هذا على رؤساء الأحزاب الذين تحدثوا حول ضرورة التغيير الشامل أو الجزئي، ومن خلال كل الاقتراحات المقدمة رأت اللجنة أن يتم تغيير كلي للحكومة.

وأشار إلى أن “هناك أزمة اقتصادية حادة، وتعمقت مع وجود هذه الحكومة، لذلك يجب إدخال تغيير حتى يمكن تنفيذ وثيقة قرطاج للخروج من هذه الأزمة التي طالت الاقتصاد التونسي”.

وتابع: “ما يحدث ليس معنيًا بالشخصيات؛ إنما معني بالأداء، ولذلك ليس هناك فساد”. قائلاً: إن من “لديه ملفات فساد فليقدمها للقضاء”.

الشارع التونسي في حيرة من أمره..

من جانبها قالت، “آسيا العتروس”، الإعلامية التونسية، إن هناك “تناقضًا واضحًا بين الأطراف الموقعة على وثيقة قرطاج، والأمر في مرحلة الغموض، فالشارع التونسي في حيرة من أمره تجاه التصريحات المتناقضة؛ فالناطق باسم رئيس حزب، “نداء تونس”، يقول إنه لا قرار بشأن الشاهد، بينما هناك من يقول إن الرئيس السبسي يريد إقالته”.

وأوضحت أن المشهد غامض ولا أحد يعرف تشكيلة الحكومة الجديدة في ظل غياب حلول إستراتيجية أو خطة واضحة تسيطر على المشهد المرتبك.

وأشارت “العتروس” إلى أن المواطن يشكو من “البطالة وارتفاع الأسعار والأزمة الاقتصادية الطاحنة”، ما يدعو إلى وضع خطة في المرحلة المتبقية من عمر الحكومة؛ لأن الأمور تحتاج إلى رؤية واضحة.

منوهة إلى أن “القرار النهائي يعود  للرئيس السبسي، بينما ابنه هو المتحكم في حزب نداء تونس”. مشيرة إلى أن هناك أسماء مطروحة قد تحل محل “الشاهد”؛ مثل وزير الدفاع السابق، وهو شخصية وطنية، وهناك “خليل العشيوي” وهو مطروح من قبل “السبسي”.

يعبر عن هشاشة الإنتقال السياسي للمؤسسات..

وأشار عضو مجلس النواب التونسي، القيادي في حركة “تونس أولا”، “خميس قسيلة”، إلى أن ذلك يعبر عن هشاشة الإنتقال السياسي للمؤسسات، وما يمس حياة الناس الاجتماعية والاقتصادية، والفشل تتحملة جميع الحكومات بعد الثورة.

لديه طوحات وفشل في تحقيق تعهدات..

أكد على أن حكومة “الشاهد” أطلت بـ”وثيقة قرطاج” التي جاءت فضفاضة، ومن هنا إنتقل الإنحراف الذي يتحملة رئيس الدولة، “السبسي”، وأصبح رئيس الحكومة لديه طموحات وفشل في تحقيق تعهدات بوجود رؤية لإصلاحات عاجلة تجاة المواطن التونسي، حيث زادت الأوضاع خطورة.

وقال إن يوسف الشاهد “أصبح من الماضي؛ مع السؤال، هل هناك إتجاه إلى الإصلاحات الاقتصادية والقضاء على الفساد لأن التونسيين يفتقدون للقيادة الوطنية التي لديها رؤية اقتصادية تعيد الأمل”.

يقلص من فرص بقاؤه..

فيما قالت الصحافية التونسية، “خولة بن قياس”، إن تغيير رئيس الحكومة أصبح أمرًا محسومًا، وأن إقالة “الشاهد” حُسمت، ولكن الإعلان ينتظر التوافق حول خليفته، خصوصًا أنه وفقًا لما أعلنته الأحزاب والمنظمات المشاركة في “وثيقة قرطاج الثانية” من أن تغيير حكومة “الشاهد” أصبح ضرورة، لأسباب سياسية واقتصادية.

وكشفت الصحافية التونسية عن أن تمسك كل من “الاتحاد العام التونسي للشغل” وحركة “نداء تونس” و”اتحاد المرأة” و”الاتحاد الوطني الحر”، بضرورة تغيير حكومة “الشاهد” يقلص من فرص بقائه، بالإضافة إلى عدم معارضة إقالة “الشاهد” سوى “الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية”، و”حزب المسار”، و”حركة النهضة”، و”اتحاد الفلاحين” و”حزب المبادرة التغيير”.

خاض حربًا غير مكتملة ضد الفساد..

وبررت “بن قياس”، تأييد “حركة النهضة الإسلامية”، للشاهد، رغم أنه في الأساس ممثلاً عن “حركة نداء تونس”، برغبة “النهضة” في إستقطابه، وقبول “الشاهد” بهذا الإستقطاب وتقربه منهم على حساب حزبه، مضيفة أن “الشاهد” خاض حربًا غير مكتملة ضد الفساد، مما جعل البعض يعتبرها تصفية حسابات، خصوصًا بعد سجنه لرجال أعمال عرفوا بتمويلهم لـ”حزب نداء تونس”، وسبق أن جلسوا معه على نفس الطاولة.

وعن أسباب تخلي “حركة نداء تونس” عن “الشاهد” ومطالبتها بإقالته، قالت الصحافية التونسية إن بعض قيادات “نداء تونس” تؤكد أن “الشاهد” محسوب عليهم، لكنه لا يتواصل مع الحزب، ولا يجيب على اتصالاتهم.

وفيما يتعلق بموقف “اتحاد الشغل” من “الشاهد”، اعتبرت “بن قياس” إن مطالبته برحيل “الشاهد” نابعًا من إصراره على تغيير الحكومة، لأنها فشلت، على حد تعبيره، في كل الرهانات، الملفات الاجتماعية والاقتصادية، وفي أزمة التعليم، والصحة، وأزمة الصناديق الاجتماعية، والإرتهان لـ”صندوق النقد الدولي”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة