حرب المياه .. تجعل العراق يتجه لمفاوضات جديدة مع تركيا .. وإيران تشترط إقرار “اتفاقية الجزائر” !

حرب المياه .. تجعل العراق يتجه لمفاوضات جديدة مع تركيا .. وإيران تشترط إقرار “اتفاقية الجزائر” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

مازالت مشكلة المياه تؤرق الشعب العراقي مع زيادة جفاف روافده؛ بسبب الانتهاكات التركية والإيرانية، ففي أحد الفصول لمواجهة ذلك، حددت “وزارة الموارد المائية” العراقية موعد استكمال مباحثات المياه، مشيرة إلى أن وفدًا عراقيًا سيزور “تركيا”، مطلع الشهر المقبل، بشأن هذا الموضوع.

وأوضح مسؤول عراقي، الأحد، إن هناك انخفاضًا كبيرًا في مستوى نهري: “دجلة” و”الفرات”، وصل إلى نحو: 50 بالمئة، مشيرًا إلى أن وفدًا من “بغداد” سيزور “تركيا”، الشهر المقبل، على خلفية هذا الوضع.

ونقلت وكالة الأنباء العراقية الرسمية؛ عن المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، “علي راضي”، قوله: “العام الحالي يُعدّ عامًا شحيحًا بالمياه، وهناك قلة واضحة في نهري: دجلة والفرات، اللذين انخفض مستواهما إلى أكثر من: 50 في المئة”.

وأضاف “راضي”؛ أن هناك انخفاضًا للمياه وبمعدلات كبيرة في “سد دوكان” و”دربندخان” و”السيروان” و”ديالى”.

عوامل فنية متداخلة..

وتحدث عن عوامل خارجية، وراء شُح المياه في “العراق”، وقال: “هناك عوامل فنية أخرى تتعلق بتوسع الدول في إنشاء سدود خزنية ومشاريع إروائية، وأن هذه العوامل أثّرت في إيرادات العراق المائية”.

وأشار إلى أن “العراق”، كما بقية دول العالم، تأثر بالتغيرات المناخية من ارتفاع درجات الحرارة واحتباس الأمطار، وهذا بدوره أدى إلى قلة الإيرادات المائية.

ورغم كل هذه الأوضاع الصعبة، قال المسؤول العراقي؛ إنه: “تم تأمين الاحتياجات المائية لهذا الموسم والموسم الشتوي المقبل؛ مما هو متوفر من خزين مائي جيد في الخزانات والبحيرات”.

ولفت “راضي” إلى أنه تم عقد اجتماعات عديدة مع الجانبين: التركي والسوري؛ ضمن ملف المياه، وأن هناك زيارة مرتقبة لوفد عراقي إلى “تركيا”، مطلع الشهر المقبل؛ من أجل استكمال اللقاءات والنقاشات بشأن حصة “العراق” والإطلاقات المائية في نهري: “دجلة” و”الفرات”، فضلاً عن التهيئة لعقد اجتماع ثلاثي مشترك؛ يضم: “العراق وتركيا وسوريا”؛ بشأن موضوع تقاسم الضرر في فترة الشُح المائي.

وكان وفد عراقي قد زار “تركيا”، في حزيران/يونيو الماضي، لبحث ملف المياه والإطلاع على المنشآت والخزين المائي في “سد إليسو”، الذي تبنيه “تركيا” على “نهر دجلة”.

ويُعد “نهر دجلة”، إلى جانب “نهر الفرات”، شريان الحياة بالنسبة للكثير من العراقيين، إذ يغذي النهران الكثير من محطات المياه، وتُستخدم مياههما لري الحقول على طول ضفتيهما.

ويُعاني “العراق”، منذ سنوات، من انخفاض منسوب مياه نهري: “دجلة” و”الفرات”، من جراء قلة تساقط الأمطار في فصل الشتاء، السدود التي تقيمها “تركيا” على نهري: “دجلة” و”الفرات”.

وكان أحدث هذه السدود، “سد إليسو”، الذي يُعد الأكبر فوق “نهر دجلة”.

الإقرار بالعودة إلى “اتفاقية الجزائر”..

وإلى جانب “تركيا”، يُعاني “العراق” من سياسات، “إيران”، التي تحرمه الكثير من مياه الأنهار الصغيرة التي كانت تصب في أراضيه، حيث قطعت، طوال الشهور الماضية؛ معظم الأنهار المتدفقة من أراضيها نحو “العراق”، الأمر الذي تسبب بجفاف شديد في معظم مناطق شرق “العراق”.

وانتهت المباحثات معها بالكشف مؤخرًا عن شروط الطرف الإيراني المسبقة للدخول في أية مفاوضات، الذي أعلنت عنها “نقابة الجيولوجيين العراقيين”؛ وهي إقرار “العراق” بالعودة إلى “اتفاقية الجزائر”، الخاصة بتقاسم البلدين لمياه “نهر شط العرب”، التي وقعها الطرفان، عام 1975، في عهد الرئيس الأسبق، “صدام حسين”.

تلك المطالبة الإيرانية؛ صدمت الأوساط الشعبية والأهلية العراقية، لأنها بمثابة: “ورقة ابتزاز”، فـ”إيران” حسب مطالبتها هذه، تفرض شرطًا خارجيًا، للإلتزام بمنح “العراق” حقوقه العادلة والشرعية بمياهه.

أربعة أسباب للشرط الإيراني..

وصنف الباحث والكاتب العراقي، “أنمار الحاج يحيى”، أسباب المطالبة الإيرانية الأخيرة، إلى أربعة مستويات: “إيران نفسها تعيش أزمة كبرى في مجال المياه، كانت تظاهرات خوزستان الأخيرة أكبر دليل عليها، لذا تحاول أن تُثبت السلطة الإيرانية، لقواعدها الاجتماعية؛ بأنها تفعل كل شيء لمصالحها القومية العليا. كذلك يتعلق الأمر بأوضاع تدفق المياه من تركيا، حيث بدأت تركيا سياسات منظمة لحرمان العراق من حقوقه، وهو ما يجعل الطرف الإيراني يعتقد بأن العراق أكثر جاهزية للخضوع لمطالبه”.

مضيفًا: “على أن الظرف السياسي هو الأكثر حيوية في هذا المجال. فالإيرانيون متأكدون من تفكك البنية الفاعلين السياسيين العراقيين، وتاليًا عدم قدرتهم على التعامل مع إيران بندية مباشرة، حيث أن جزءً واضحًا منهم خاضع لسيطرة الإستراتيجية الإيرانية. كذلك تسعى إيران لخلق ضغوط على السلطة العراقية للخضوع للمطالب الإيرانية في مجال الضغط على الولايات المُتحدة في العراق”.

اتفاقية الجزائر 1975..

وكانت “اتفاقية الجزائر”؛ قد تم التوقيع عليها، عام 1975، بين نائب الرئيس العراقي وقتئذ، “صدام حسين”، وشاه إيران، “محمد رضا بهلوي”، وكانت تخص تقاسم مياه “شط العرب”، وتحديد كمية المياه المتدفقة من “إيران” نحو “العراق”، بشرط إيقاف “إيران”؛ لدعمها للحركة القومية الكُردية في “العراق”.

لكن الرئيس العراقي السابق، “صدام حسين”، ألغى تلك الاتفاقية، عام 1980، وهو أمر أصر عليه الرئيس العراقي الأسبق، “جلال الطالباني”، الذي أصر على إن “العراق” لا يعترف بـ”اتفاقية الجزائر” تلك، لأنها كانت تفتقد للأسس القانونية والدستورية الواجب توفرها.

مخاوف السلطات العراقية بسبب الإرتباطات السياسية..

ودائمًا ما تُعلق الأوساط القانونية العراقية على تردد “العراق” في التوجه إلى المؤسسات الدولية لحل ملف المياه مع “إيران”، التي ترفض إجراء أية مفاوضات مع “العراق” بشأن ملف المياه، منذ العام 2003، وتعمل على قطعها بالتتالي.

ويذكر القانونيون إن جزءً واضح من السلطات العراقية لا تملك مصداقية في مواجهة “إيران”، بسبب الإرتباطات السياسية، والجزء الآخر يخشى من إمكانية عرض “إيران” تلك لـ”اتفاقية الجزائر”؛ على الأوساط الدولية، وأن تنال إقرارًا منها.

وتُقدر حاجة “العراق” من المياه؛ بحدود سبعين مليار متر مكعب من المياه، يتدفق قرابة نصفها من “إيران”، وقطعها يُهدد بتصحر ثلثي مساحة “العراق”، وتاليًا نزوح قرابة عشرين مليون عراقية من الأرياف إلى المُدن، وتاليًا خلق فوضى كُبرى في الحياة العامة العراقية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة