حرب “الكاظمي” الحالية .. ثورة لتنظيف العراق من “ديناصورات الفساد” أم صراع داخل “البيت السُني” ؟

حرب “الكاظمي” الحالية .. ثورة لتنظيف العراق من “ديناصورات الفساد” أم صراع داخل “البيت السُني” ؟

وكالات – كتابات :

في الوقت الذي أعلنت فيه “لجنة النزاهة”، في “البرلمان العراقي”، عما سمتها: “صولة” مرتقبة لمكافحة الفساد، فإن جدول أعمال جلسة البرلمان، التي من المقرر عقدها اليوم الثلاثاء، لم تتضمن الطلبات التي كان قد أعلن أن “مجلس القضاء الأعلى” تقدم بها لرفع الحصانة عن عدد من النواب المتهمين بالفساد.

وقال عضو “لجنة النزاهة” البرلمانية، “كريم أبو سودة”، إن اللجنة: “لديها ملفات كثيرة ستطال عددًا من الوزراء في الحكومة السابقة، علاوة على وزراء في حكومة، (رئيس الوزراء الحالي مصطفى) الكاظمي”، بينما أعلن عضو “اللجنة القانونية” في البرلمان، “كاظم الشبلي”، من جهته، أن طلبات رفع الحصانة عن النواب المتهمين بقضايا فساد لم تُعد بحاجة إلى تصويت داخل البرلمان.

ثورة في وجه الفساد..

وأكد “أبو سودة”، في تصريحات للوكالة الرسمية للأنباء في “العراق”، أن: “محاربة الفساد واسترجاع الأموال المنهوبة من قبل الفاسدين تحتاج إلى صولة”، مشيرًا إلى: “وجود توجُّه بشنّ ثورة على الفساد ومحاربته بجدية في جميع المؤسسات”.

وأضاف “أبو سودة”؛ أن: “ملف الفساد كبير؛ ويحتاج إلى تنسيق بين اللجان والهيئات المختصة وتطبيق القانون بحق كل من سرق المال العام”.

250 مليار دولار منهوبة من العراق..

وكان الرئيس العراقي، “برهم صالح”، قد أكد، في وقت سابق من الشهر الماضي؛ أن رئاسة الجمهورية بصدد وضع مدونة قانونية حول آليات استرداد: “الأموال المنهوبة”، التي يقدرها خبراء بنحو 250 مليار دولار، في الفترة التي تلت سقوط نظام الرئيس الأسبق، “صدام حسين”، عام 2003.

وقال “صالح”، في لقاء تلفزيوني إن: “ملف الفساد يُعدّ خطيرًا وضخمًا، وبحاجة إلى معالجات أوسع وأعمق”، مبينًا أنه: “مع كل هذه التحديات كانت هناك إجراءات ومحاكم عملت على الحكم في قضايا مهمة بالفساد”. وتابع “صالح”؛ أن: “رئاسة الجمهورية بصدد وضع مدونة قانونية سنتداول بشأنها مع مجلس النواب، لاسترداد الأموال المنهوبة من العراق، ربما ذهبت إلى عواصم واستثمارات في الخارج”.

وأشار إلى أن: “هناك إجراءات مهمة” يجري اتخاذها، عادًّا أن: “ضرب الفساد المالي يُعد ركيزة أساسية لاستتباب الأمن، ودونه فلن يستتب الأمن”.

من سلطة رئيس “مجلس النواب”..

إلى ذلك؛ أكدت “اللجنة القانونية” البرلمانية؛ أن رفع الحصانة عن أي نائب متروك لرئاسة “مجلس النواب”، ولا يحتاج إلى جلسة تصويت.

وقال عضو اللجنة، “كاظم الشبلي”، في تصريح له، أمس الإثنين، إن: “مجلس النواب؛ صوت في وقت سابق، في حال طلب القضاء استقدام أي نائب لغرض التحقيق بشأن قضايا الفساد خول فيه رئاسة المجلس”. وأضاف “الشبلي” أن: “رفع الحصانة عن النائب؛ أصبح متروكًا لرئاسة مجلس النواب، دون الحاجة إلى عقد جلسة تصويت”.

58 أمر قبض ضد “الحيتان الكبيرة”..

من جهتها؛ أعلنت “هيئة النزاهة الاتحادية”، في “العراق”، عن إصدارها 58 أمر قبض واستقدام بحق وزير ونائبين ودرجات خاصة.

وقالت دائرة التحقيقات في الهيئة، في بيان أمس، إن هناك: “58 أمر قبض واستقدام مسؤولين، خلال شهر آذار/مارس الماضي”، موضحة أن: “تلك الأوامر شملت عضوين في مجلس النواب حاليًا وسابقًا، ووزيرًا أسبق، ووكيل وزارة سابقًا”. وأضافت أن: “أوامر القبض والاستقدام شملت محافظًا حاليًا وآخر سابقًا، فضلاً عن (25) مديرًا عامًا؛ منهم حاليون وسابقون، وقائمقامين إثنين”، لافتة إلى: “شمول (22) عضوًا من أعضاء مجالس المحافظات بتلك الأوامر”.

يُذكر أن الإجراءات التي تقوم بها “لجنة مكافحة الفساد”، برئاسة الفريق “أحمد أبو رغيف”، تقوم بمهامها في ضوء أوامر قبض قانونية صادرة من القضاء العراقي، وهي تعمل بمعزل عن عمل “هيئة النزاهة الاتحادية”، التي هي من الأجهزة التنفيذية في مجال محاربة الفساد.

وكانت “لجنة مكافحة الفساد”؛ اعتقلت، أول من أمس، السياسي البارز وزعيم حزب (الحل)، الدكتور “جمال الكربولي”. وقد عدت أوساط سياسية وإعلامية أن “الكربولي” أكبر مسؤول طالته يد “اللجنة”؛ الأمر الذي أشاع قلقًا لدى مختلف الأوساط السياسية من أن “اللجنة” بدأت تتحرش بمن يوصفون في “العراق”: بـ”الحيتان الكبيرة”.

أهتمام شعبي..

وفي هذا السياق، يقول الدكتور “غالب الدعمي”، أستاذ الإعلام في كلية “أهل البيت”، في “الكوفة”، لصحيفة (الشرق الأوسط)؛ إن: “عمل اللجنة بدأ يستأثر باهتمامات الرأي العام في العراق، وربما يُشيع أملاً لدى المواطن العراقي؛ ليس من باب الانتقام من هذا الطرف أو ذاك، بل لأن العراق يحتاج بالفعل إلى إجراءات صارمة على صعيد مكافحة الفساد”، مبينًا أن: “عملية اعتقال رئيس حزب، (جمال الكربولي)، وربما الدائرة المقربة منه هي المرة الأولى، منذ عام 2003، وإلى اليوم التي يحصل فيها مثل هذا الشيء”.

وأضاف أن: “هذه العملية؛ وإن كان هناك ما يشير إلى رائحة تصفيات سياسية بين بعض الأطراف؛ وبخاصة في الكتل السُنية؛ في النهاية تصب في خدمة المجتمع والرأي العام؛ الأمر الذي جعل رؤية الرأي العام تتغير باتجاه إيجابي إلى خطوات الحكومة في هذا المجال”.

وأوضح “الدعمي”؛ أن: “هذه العملية لها جانب آخر مهم؛ وهو أنها حققت صدمة كبيرة لدى مافيات الفساد في العراق، وربما ستجعل كثيرين منهم يتراجعون عن الفساد”، لافتًا إلى أن: “هذه العملية أعطت دفعة قوية لحكومة الكاظمي، في بسط قوتها على ملفات الفساد، التي كان مسكوتًا عنها، طوال الـ 18 عامًا الماضية”، ومشيرًا إلى أنها: “حركت الرأي العام باتجاه ممارسة دوره الحقيقي في هذا المجال”.

تحقيقات سرية..

ويسود في “العراق”، حديث منقول عن مصادر حكومية وصحافية؛ بشأن مؤشرات على: “حملة كبيرة ضد الفساد”، تخطط لها الحكومة العراقية، “بدأت فعليًا منذ أشهر”، واستهدفت: “إداريين وسياسيين متهمين بالفساد من مختلف المكونات”، توجت، السبت، باعتقال الزعيم السياسي ورجل الأعمال البارز، “جمال الكربولي”.

ويقول الصحافي العراقي، “أحمد الجاسم”، لموقع (الحرة) الأميركي؛ إن لديه معلومات تُشير إلى وجود: “مدراء ومدراء عامين، من وزارات: الصناعة والزراعة والتجارة والوقف الشيعي معتقلين، ويجري التحقيق معهم بسرية في تهم فساد”.

وأمتنع “الجاسم” عن ذكر أسماء، حيث قال إنه يمتلك: “قوائم” لتلك الأسماء، مضيفًا أن: “الحملة التي بدأتها الحكومة، قبل أشهر، أدت إلى محاكمة مدير التقاعد العام ومدير شركة، (كي كارد)، ومدراء في وزارات متعددة؛ وتوجت باعتقال الكربولي”.

وقالت وكالة (المربد) المحلية العراقية للأنباء، نقلاً عن نائب كتلة (دولة القانون) في البرلمان العراقي، “يوسف الكلابي”، أن: “لجنة مكافحة الفساد شرعت، الإثنين، بتدوين أقوال رئيس حزب (الحل)، جمال الكربولي، ابتدائيًا بشأن ملفات فساد تتعلق بإدارته السابقة لجمعية (الهلال الأحمر)، إضافة لملفات فساد بوزارة الصناعة، التي كان يديرها شقيقه، أحمد الكربولي، وذلك بناءً على اعترافات رجل الأعمال، بهاء الجوراني، وهو أحد المتهمين بتلك الملفات”.

ووصف “الكلابي”، “الجوراني”؛ بأنه: “حجر الزاوية في هذه القضية، سيما وأنه كان (ملاچ) أو مستثمر وزارة الصناعة، وجزء كبير من وزارة الكهرباء”، بحسب الوكالة.

مشاركة استخباراتية مع وزارة الداخلية..

وأكد مصدر في “وزارة الداخلية” العراقية؛ وجود: “شخصيات بمناصب متوسطة ورفيعة؛ محتجزين تحت التحقيق بتهم فساد”.

وقال المصدر؛ إن: “جهاز المخابرات العراقي شارك في التحقيق، لكن الخلية التي يقودها الفريق، في الداخلية، أحمد أبو رغيف، هي من تقوده”.

وتسلم الفريق، “أحمد أبو رغيف”، مسؤولية وكالة “وزارة الداخلية” للاستخبارات، وهو يقود خلية: “تلاحق الفاسدين”، بحسب المصدر المقرب من عمل هذه الخلية، والذي قال؛ إن: “هناك أسماء كبيرة ستسقط قريبًا، ربما في رمضان وربما بعده، ومن بينهم ديناصورات الفساد”.

وأكد الصحافي “الجاسم”، الذي قال إنه تحدث لرؤساء كتل عراقية؛ هذه المعلومات مضيفًا أن: “لجنة مكافحة الفساد، التي يقودها أبو رغيف، لاحقت الموظفين والفاسدين الصغار أولاً، لكن سقوطهم قاد لاعتقالات في صفوف الكبار”.

حرب داخل البيت السُني..

ويربط المحلل السياسي العراقي، “مصطفى رباح”، بين الاعتقالات التي جرت مؤخرًا، وبين: “حرب داخل البيت السُني”، قائلاً إنها: “مستعرة بين كتلة (الحل)، بقيادة الكربولي، وكتلة رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، وكتل أخرى صغيرة تتنقل بين الجانبين”.

ويعتقد “رباح” أن: “نفوذ الحلبوسي الهائل، أطاح أخيرًا بالكربولي، لكنه توقع أن: “يخرج من السجن سريعًا بعد إتمام صفقة ما”.

ولم يعلق شقيق السياسي، “جمال الكربولي”، النائب “محمد الكربولي”، على الاتهامات الموجهة إلى شقيقه، حتى هذه اللحظة، خاصة وأنها أتت بعد أقل من أسبوع على كيله المديح للحكومة ورئيسها، “مصطفى الكاظمي”، لاتخاذها عدة قرارات؛ من بينها تشكيل مجلس لإعمار “الموصل” و”ميناء مبارك”، وقرارات أخرى.

تداعيات القبض على “الكربولي”..

وأثار اعتقال، “جمال الكربولي”، وهو رئيس حركة (الحل) السياسية العراقية السُنية المؤثرة، كثيرًا من الدهشة داخل الأوساط العراقية، لأن “الكربولي”: “معروف بعلاقاته الوثيقة مع أصحاب القرار”، كما يقول الصحافي العراقي، “سليم محمد”.

ويضيف “محمد”؛ أنه: “صحيح أن الكربولي لا يمتلك ميليشيا، لكنه أحد قادة القرار السُني العراقي المؤثرين جدًا، وهو من أثرياء السُنة الكبار، ويمتلك مصالح اقتصادية وسياسية في كل أنحاء العراق، كما إنه يمتلك قناة (دجلة) الفضائية”.

ورافق الدهشة لاعتقال “الكربولي” كثير من “التأييد” أيضًا، وخاصة داخل “البرلمان العراقي”، الذي تجنب عدة أعضاء منه التعليق بشكل علني. لكن النائب ووزير النقل السابق، “كاظم فنجان الحمامي”، إن: “قرارات الحكومة حكيمة، وهي قادرة على تطبيقها”.

ونقلت وكالة (السومرية) العراقية المحلية للأنباء؛ أن هناك: “وزراء متورطون بملفات كبيرة”، في الحكومة العراقية السابقة والحالية.

ونقلت الوكالة، عن عضو لجنة النزاهة النيابية، “كريم أبو سودة”، قوله إن هناك توجهًا: “بشن ثورة على الفساد ومحاربته بجدية في جميع المؤسسات”.

ويتسبب الفساد وضعف الإدارة في النظام العراقي الحالي؛ بهدر مليارات من الدولارات سنويًا؛ بحسب تقارير لـ”الأمم المتحدة” و”البنك الدولي”، ولا تسفر حملات الحكومة أو المنظمات المدنية عادة عن نتائج كبيرة أو انتصارات في هذا الملف.

وكانت مكافحة الفساد أحد أهم مطالب احتجاجات “تشرين” العراقية، التي أدت إلى إسقاط حكومة، “عادل عبدالمهدي”، وتعيين حكومة، “مصطفى الكاظمي”، الذي كان يقود جهاز المخابرات في حكومتين سابقتين.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة