وكالات – كتابات :
قال كل من “ديفيد م. هرزنهورن” و”هانز فون دير بورشارد” و”مايا دي لا بوم”؛ في مقال لهم على موقع (بوليتيكو)، إن الرئيس الفرنسي؛ “إيمانويل ماكرون”، استغل خطابه في “يوم أوروبا” لطرح اقتراح شامل ورائد بلا تفاصيل: لـ (إعادة رسم الخريطة السياسية للقارة)، بإنشاء منظمة جديدة من شأنها أن تمنح “أوكرانيا” علاقة أوثق مع “الاتحاد الأوروبي”؛ دون عضوية – ويمكن أن تشمل أيضًا “المملكة المتحدة”. ففي حديثه يوم الإثنين في “البرلمان الأوروبي”؛ في “ستراسبورغ”، اقترح “ماكرون” إنشاء: “مجتمع سياسي أوروبي” جديد، من شأنه أن يضم أعضاء في “الاتحاد الأوروبي” وخارجه.
رؤية “ماكرون” الإرتجالية..
وأوضح معدو المقال أن هذا الحدث كان بمثابة احتفال بـ”يوم أوروبا” – الذي يُصادف الذكرى السنوية لـ”إعلان شومان”، والذي مهد الطريق لـ”الاتحاد الأوروبي” اليوم – وحفل ختامي لـ”مؤتمر مستقبل أوروبا”، وهو عملية تقييم ذاتي لـ”الاتحاد الأوروبي”؛ استمرت لمدة عام وشملت سلسلة لقاءات مفتوحة مع المواطنين.
لم يُقدم “ماكرون”، الذي تم تنصيبه لولايته الثانية؛ يوم السبت، أي تفاصيل عن الاقتراح. ولم يُقدم “قصر الإليزيه” أي خطط مكتوبة أو ملخصات سياسية أخرى؛ كما فعل في المناسبات السابقة عندما وضع “ماكرون” رؤية لسياسات “أوروبا”. بدلاً من ذلك، بدا الرئيس المُعاد انتخابه حديثًا مرتجلًا إلى حدٍ كبير – بحسب وصف كُتاب المقال – حتى أنه على ما يبدو فاجأ بعض مستشاريه.
كشف معدو المقال أن الزعيم الفرنسي بدا متحمسًا برغبته في إيجاد حل لـ”أوكرانيا”؛ التي مزقتها الحرب، والتي ناشدت بشدة من أجل المسار السريع للانضمام إلى “الاتحاد الأوروبي”؛ في الأشهر التي تلت الغزو الروسي الوحشي؛ بحسب وصف كُتاب المقال. وقال “ماكرون” إن: “التطلعات المشروعة” لشعب “أوكرانيا”، مثل شعب “مولدوفا” و”جورجيا”، للانضمام إلى “الاتحاد الأوروبي”، تدعونا لإعادة التفكير في جغرافيتنا وتنظيم قارتنا. وأعلن أن: “أوكرانيا، من خلال قتالها وشجاعتها، أصبحت اليوم بالفعل عضوًا في قلب أوروبا، وعائلتنا، واتحادنا”.
لكن حتى في الوقت الذي أعرب فيه “ماكرون” عن ارتفاع مستويات الدعم المعنوي لـ”أوكرانيا”، التي تأمل في أن تُمنح رسميًا وضع مرشح “الاتحاد الأوروبي”؛ في قمة “المجلس الأوروبي”؛ في حزيران/يونيو، بدا أن الزعيم الفرنسي في الوقت نفسه يُبدد آمال “كييف”؛ بحسب كُتاب التقرير. كما قال “ماكرون”: “حتى لو منحناهم غدًا وضع المرشح لعضوية اتحادنا الأوروبي، نعلم جميعًا جيدًا أن عملية السماح لهم بالانضمام ستستغرق عدة سنوات وربما عدة عقود. وهذا ما لم نُقرر خفض معايير هذه العضوية، وبالتالي إعادة التفكير بالكامل في وحدة أوروبا”.
ومع ذلك؛ عند اقتراح مستويات جديدة من الانتماءات إلى “الاتحاد الأوروبي”، كان “ماكرون” يطرح تساؤلات حول بعض أركان الاتحاد التي لا تتزعزع، بما في ذلك توازن الحقوق والمسؤوليات الذي يستلزم الولاء لقانون “الاتحاد الأوروبي” والمدفوعات في شكل مشترك. يبدو أن المنظمة التي وصفها “ماكرون”؛ في اقتراحه غير الاعتيادي، تُشبه إلى حدٍ كبير “الاتحاد الأوروبي” – لكنها ستكون منفتحة على دول مثل “المملكة المتحدة”؛ التي انسحبت من الكتلة.
وأضاف “ماكرون”: “ستسمح هذه المنظمة الجديدة؛ للدول الأوروبية الديمقراطية، بالإلتزام بمجموعة قيمنا لإيجاد مساحة جديدة للتعاون السياسي والأمني والتعاون في الطاقة والنقل والاستثمار والبنية التحتية وحركة الناس، وخاصة الشباب. لكن الانضمام إليها لا يعني ضمان العضوية المستقبلية في الاتحاد الأوروبي بالضرورة، ولن تكون مغلقة أمام أولئك الذين غادروا”.
يرى معدو المقال أن حديث “ماكرون” عن: “أولئك الذين غادروا” ينطبق فقط على “المملكة المتحدة” – التي مرت بانفصال مرير مؤخرًا عن “الاتحاد الأوروبي” – و”غرينلاند”. فقد كانت مطالب “بريطانيا” بالتحديد هي أن تتمتع بإمتيازات العضوية مع الإلتفاف على الإلتزامات – التي سخرت منها “بروكسل” باعتبارها: “مفصلة” لخدمة “بريطانيا” – مما أدى إلى الانفصال البريطاني في نهاية الأمر.
لم يشرح “ماكرون” كيف سيتم موازنة أي من إمتيازات العضوية مقابل الإلتزامات في هذا الكيان الجديد الذي اقترحه، كما أنه لم يكن لديه أي تفاصيل حول كيفية قيام الأعضاء الأساسيين في “الاتحاد الأوروبي” بتوفير الأمن للدول الجديدة التي قد تكون عرضة للهجوم، ناهيك عن “أوكرانيا”، التي هي بالفعل في حالة حرب.
ويذكر كُتاب المقال أن “ماكرون” لم يكن أول من وضع رؤية أوروبية جديدة أو خطة لتعزيز علاقات “الاتحاد الأوروبي” مع الدول الشريكة، بما في ذلك “أوكرانيا”، قبل منح العضوية الرسمية في هذا الكيان المقترح؛ ففي الشهر الماضي؛ نيسان/إبريل 2022، اقترح “إنريكو ليتا”، رئيس الوزراء الإيطالي السابق وزعيم الحزب (الديمقراطي) الإيطالي، إنشاء: “اتحاد كونفيدرالي أوروبي” مع الدول الأعضاء التي وصفها: بالـ (الطموحة)، واقترح أن يبدأ هذا الاتحاد: بـ”منطقة اقتصادية مشتركة”، ثم يجري إضافة الإلتزامات تدريجيًا وتضمين بند دفاع مشترك في النهاية.
ترحيب ألماني فاتر..
كشف معدو المقال أن “ماكرون” عرض (رؤيته) الجديدة خلال زيارة إلى “برلين” لإجراء محادثات مع المستشار الألماني؛ “أولاف شولتز”، وهي أول رحلة خارجية له منذ إعادة انتخابه. وسعى إلى التحدث عن مزايا اقتراحه، قائلاً إن الأمر: “سيستغرق عدة سنوات، وربما عقود لكي تنضم أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي عبر إجراءات التوسيع العادية. هل هذا ما نُريده ؟ نحن نخاطر بأنهم سييأسون، وأنهم سوف يستسلمون. نظرًا لوجود هذا القرب الجغرافي، فهم يتمسكون بالقيم الأساسية نفسها، أود التأكيد على ذلك مرة أخرى، لأن أوكرانيا اليوم تناضل من أجل ذلك بالضبط وتتحمل جميع المخاطر. نحتاج إلى بناء شكل سياسي جديد، وليس مجرد شكل قانوني”.
ويُعلق كُتاب المقال؛ أنه بدا أن “شولتز” رحب بفكرة “ماكرون” ترحيبًا مهذبًا ولكن غير مُلزم. ووصفها بأنها: “اقتراح مُثير للاهتمام للغاية للتعامل مع التحدي الكبير الذي نواجهه”. وأضاف: “من الضروري للغاية إيجاد سُبل لمزيد من الدول للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. لهذا السبب أنا سعيد للغاية بشأن الاقتراح الذي سنُناقشه هنا الآن”. ومع ذلك، قدم “شولز” تحذيرًا مبطنًا بأن خطة “ماكرون” لا ينبغي استخدامها لإبعاد البلدان التي عملت بالفعل منذ سنوات عديدة نحو عضوية “الاتحاد الأوروبي”.
وأعلن “شولز”: “من الواضح أن هذا يجب ولن يُثنينا عن عمليات الانضمام التي نعمل عليها بالفعل منذ مدة طويلة”، مضيفًا أن الشجاعة التي اتخذتها دول غرب “البلقان” يجب أن تُكافأ من خلال فتح أو دفع التوسع في عملية ضم الأعضاء. ويُعلق كُتاب المقال على هذا بأنه من المُرجح أن ترى بعض الدول التي تطمح في الانضمام إلى اقتراح “ماكرون” تكتيكًا صارخًا للمماطلة يتنكر في شكل؛ (احتضان)، أكثر منه تفعيلًا للأمر. ومن المُرجح أن تكون ردود الفعل بين زملائه من رؤساء دول وحكومات “الاتحاد الأوروبي”؛ متخوفة بالمثل إن لم تكن مشوشة تمامًا بحسب ما يتوقع المقال التحليلي.
وأضاف الكُتاب أن هذا التسويف من قبل “ماكرون” لن ينطبق فقط على؛ (الكيان الجديد)، الذي اقترحه الرئيس الفرنسي، ولكن أيضًا على إعلانه عن دعمه لمراجعة معاهدات “الاتحاد الأوروبي” الخاصة. فقد أظهر العديد من القادة الذي وصفهم المقال: بالـ (قوميين)، القليل من الرغبة في تغيير المعاهدات الأساسية التي تُنظم ضم الأعضاء، وهي عملية بيروقراطية طويلة وصعبة يمكن أن تخلق أيضًا جميع أنواع المخاطر السياسية غير المتوقعة، بما في ذلك نُظم الاستفتاءات الأوروبية.
برغم ذلك؛ فقد أعلن “ماكرون” أنه يتمسك بخطة “البرلمان الأوروبي” لإطلاق اتفاقية بشأن تغيير المعاهدة، مدفوعة بتوصيات من مؤتمر (مستقبل أوروبا)؛ وقال: “أقول لكم، أنا أؤيد هذا الإصلاح المؤسسي. وأود أن نناقش ذلك بالجرأة والحرية اللازمتين في المجلس الأوروبي في حزيران/يونيو”. في محاولة منه لدفع رؤيته الأوروبية، والتي – بحسب وصف كُتاب المقال آنفًا – تتسم بالإرتجالية أكثر منها رؤية واضحة الإطار.