جزيرة “سواكن” السودانية تطفو على السطح من جديد .. ضربة جديدة لمطامع “إردوغان” في إفريقيا !

جزيرة “سواكن” السودانية تطفو على السطح من جديد .. ضربة جديدة لمطامع “إردوغان” في إفريقيا !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

ما إن سقط الرئيس السوداني السابق، “عمر البشير”، في الحادي عشر من نيسان/أبريل الحالي، إلا وطفت على السطح أزمة جزيرة “سواكن” السودانية؛ التي حدثت حولها ضجة كبيرة في أواخر 2017، بسبب الاتفاقية التي عقدتها الحكومة السودانية السابقة مع “تركيا” في ذلك الوقت.

تقارير إعلامية سودانية ذكرت، في الآونة الأخيرة، أن الجيش السوداني منح مُهلة لـ”تركيا” لإخلاء جزيرة “سواكن”، نهاية آيار/مايو المُقبل.

ونقل موقع (السودان اليوم)، عن مصادر وصفها بالمُطلعة؛ إن الجيش السوداني رفض أي محاولات أو ترتيبات من شأنها إقامة قاعدة عسكرية في هذه المنطقة.

من جهتها؛ ذكرت صحيفة (العرب) اللندنية أن دوائر سياسية سودانية، أكدت أن “المجلس الانتقالي” منح مهلة لـ”أنقرة” حتى نهاية آيار/مايو 2019 لإخلاء جزيرة “سواكن”، ورفض أي محاولات ترمي إلى إقامة قاعدة عسكرية تركية في الجزيرة الواقعة في “البحر الأحمر”.

يأتي ذلك في وقت تناقل فيه متابعون تغريدات نسبت لرئيس المجلس الانتقالي العسكري، “عبدالفتاح البرهان”، ونشرت على حساب “وهمي” يحمل اسمه على (تويتر)، يؤكد فيها أن: “سواكن جزءً لا يتجزأ من السودان، قيمتها لا تقدر بثمن وتاريخها لا يمكن أن يباع، ونؤكد أننا نحرص على سيادة أراضينا، ولن نرضى بالتواجد الأجنبي العسكري في السودان”.

فيما أكد “البرهان” على أنه لا يملك أي حساب شخصي على (تويتر) أو غيره من مواقع التواصل الاجتماعي، وأن جميع تصريحاته تصدر من خلال حساب باسم “المجلس”.

تركيا تؤكد استمرارية الاتفاقية..

فيما نفت “وزارة الخارجية التركية” أنباء حول إمكانية إلغاء الاتفاق المبرم مع “السودان” حول جزيرة “سواكن”.

وقال المتحدث باسم الخارجية التركية، “حامي أكسوي”، إن: “الأعمال مستمرة هناك”، وذلك وفقًا لوكالة (الأناضول) التركية.

اتفاقية “سودانية-تركية”..

وكان الرئيس السوداني السابق، “عمر البشير”، قد وافق على وضع جزيرة “سواكن” في “البحر الأحمر” تحت الإدارة التركية لفترة، لم يتم تحديدها، بغرض إعادة بنائها.

جاء ذلك خلال اتفاقية وقّعها “البشير” مع الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، خلال زيارة الأخير للخرطوم، في كانون أول/ديسمبر 2017، وقضت بتسليم إدارة الجزيرة الواقعة على “البحر الأحمر” إلى “أنقرة” للاستثمار فيها.

وتوقّف العمل في جزيرة “سواكن” عقب الاحتجاجات الشعبية التي أطاحت بـ”البشير”، بعد 3 عقود على رأس السلطة.

ما مصير الاستثمارات التركية في السودان ؟

ومباشرة بعد إعلان عزل “البشير”، بعث النائب التركي عن “حزب الشعب الجمهوري” المعارض، “إلهامي أوزغان أيغون”، برسالة إلى “مجلس النواب التركي”، للسؤال عن مصير الاستثمارات التركية في “السودان” بعد سقوط “النظام المقرب”.

الخبراء يقللون من شأن القيمة الاقتصادية للميناء ويستبعدون أن يكون استثمارًا ناجحًا، وهو ما يؤكد أن المشروع ليس في جوهره إلا سعيًا من “إردوغان” إلى استعادة ما يعتبرها “أمجادًا عثمانية ضائعة”.

وفي الجانب السوداني أيضًا، حامت الشكوك حول الاستثمارات التركية التي أهداها رموز نظام “البشير” إلى الأتراك على طبق من ذهب، ويرى منتقدو التوجه السابق، أنه منح “تركيا” إمتيازات كثيرة في إطار شراكة غير متكافئة.

ومن أوجه عدم التكافؤ، أن السودانيين صاروا يدخلون إلى “تركيا” بتأشيرات إلكترونية لمدة ثلاثين يومًا فقط، لكن الأتراك بوسعهم أن يدخلوا بدون تأشيرة أو ضوابط.

وحذر سودانيون من ضبابية تلفّ الاتفاقيات التجارية، المعلن عنها في 2017، في إطار عقود مشتركة تتجاوز 650 مليون دولار. وكان “البشير” قد صرح أنه يأمل بأن تبلغ الاستثمارات التركية 10 مليارات دولار.

إتباع سياسة مستقلة بعيدة عن المحاور..

الباحث في الشؤون السودانية والإفريقية، “د. هاني رسلان”، يرى أن ثمة توجه لدى “المجلس العسكري الانتقالي” وقوى الحرية والتغيير، نحو إتباع سياسة مستقلة وبعيدة عن المحاور التي أرتمى نظام “البشير” في أحضانها دون أن يستحضر مصلحة “الخرطوم”.

موضحًا أن الترجمة العملية لهذا التوجه الجديد هو الإبتعاد عن محور “تركيا” و”قطر”؛ اللتين تشكلان أداتي التنظيم الدولي لـ”جماعة الإخوان المسلمين”.

وأضاف أن مصالح “السودان” الحالية ليست مع محور التوسع ونشر الفوضى، بل مع من يعينها على تجاوز الوضع الصعب وتأمين النفط والأدوية، “لقد سقط البشير لأنه أخفق على هذا الصعيد وعجز عن تأمين الخدمات”.

ويضيف أن رفض الاتفاقية ليس أمرًا جديدًا، لأن عددًا من الغيورين على مصلحة “السودان” سارعوا إلى التحذير من الاتفاقية الملغومة في سنة 2017، ودعوا إلى ترجيح مصالح “الخرطوم” بالدرجة الأولى عوض تقديم الهدايا “الإستراتيجية” من أرض البلاد.

لافتًا إلى أن “تركيا” ليست لها مصالح في منطقة “البحر الأحمر” حتى تبادر إلى حمايتها، وبالتالي، فإن إستلام جزيرة “سواكن”، ينم في الغالب عن نزعة توسع مضمرة، والسوابق التركية في “سوريا” و”ليبيا” ومحطات أخرى، تعزز هذه المخاوف وتؤكد مشروعيتها.

الحراك أربك الحسابات..

من جانبها؛ تقول الباحثة في شؤون السودان، “أسماء الحسيني”، إن التحقيق الذي فتح، مؤخرًا في “السودان”، بشأن الدور القطري في ميناء “بورتسودان”، يفتح الباب أمام تحقيقات أخرى حول الصفقة المريبة لجزيرة “سواكن”؛ التي سلمها نظام “البشير” لـ”تركيا”.

مشيرةً إلى أن نظام “البشير” إرتكب عدة أخطاء، وكان يتأرجح بين عدة أطراف خارجية مناوئة للمصالح العربية، فتارة يضع يده في يد “نظام الملالي” بـ”إيران”، وتارة أخرى يرتمي في الحضن التركي دون أن يكترث لمصالح بلاده وجواره.

لكن الشارع الذي انتفض ضد “البشير”، بعدما ساءت الأوضاع الاقتصادية إلى درجة لا تطاق، لن يرتضي الأدوار القديمة التي لعبها “البشير”.

وأضافت؛ أن أدوار “البشير” السلبية كانت تنذر بغرس شوكة في الخاصرة العربية، بالنظر إلى المواقف والممارسات التركية المشبوهة في المنطقة، لكن الحراك أربك الحسابات، وأصبح يتجه إلى ضبطها وفق ما يراعي مصالح “الخرطوم” والدول العربية.

موقع وأهمية “سوكن”..

وتقع الجزيرة على الساحل الغربي لـ”البحر الأحمر”؛ وهي واحدة من أقدم الموانيء في “إفريقيا”، واستخدمها الحجاج الأفارقة قديمًا لأجل الحج إلى “مكة”، كما استفاد العثمانيون بدورهم من موقعها الإستراتيجي.

تبلغ مساحة الجزيرة، 20 كيلومترًا، وبها أكثر من 370 قطعة أرض سكنية وحكومية.

وتضم الجزيرة آثارًا من عهد السلطنة العثمانية، وحكمها لـ”السودان” ومنطقة جنوب البحر الأحمر، في الفترة من 1821 إلى 1885.

ولم تنحصر مطامع “أنقرة”، في الجزيرة الإستراتيجية، فبالإضافة إلى جزيرة “سواكن”، تستثمر “تركيا” في “مطار الخرطوم الدولي”، وأستأجرت الحكومة التركية أراضي بلغت مساحتها 780 ألف و500 هكتار لمدة 99 عامًا.

ومنحت “الخرطوم” عقدًا قيمته، 100 مليون دولار، للتنقيب عن “النفط” لشركات تركية، فيما كان يعتقد أنه حل وشيك لأزمة “السودان” الاقتصادية، لكن شيئًا من ذلك لم يحصل.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة