وكالات – كتابات :
اعتبر تقرير أميركي أن الأقلية الإيزيدية في “العراق” و”سوريا” تواجه اضطهادًا ملحوظًا على أيدي ميليشيات مدعومة من “تركيا”، ضمن جهود “أنقرة” المناهضة للأكراد، وفقًا لـ”وكالة الأنباء الألمانية”.
وأوضح التقرير، الذي نشرته مجلة (ناشيونال إنتريست) الأميركية؛ أنه في السادس من شباط/فبراير 2021، تمت إعادة رفات 104 إيزيديين قُتلوا في شمال “العراق” على يد تنظيم (داعش) الإرهابي، في عام 2014، إلى ديارهم ودُفنت الرفات في قرية “كوجو”، بمنطقة “سنجار”، في محافظة “نينوى” العراقية.
وقُتل هؤلاء الإيزيديون، حسب التقرير، قبل ست سنوات؛ عندما هاجمت عناصر (داعش) بشراسة، “سنجار”، شمال البلاد.
وحاصر مسلحو التنظيم الإيزيديين، الذين حاولوا الفرار إلى سلسلة جبال قريبة وتعرضوا للتعذيب أو القتل.
إبادة جماعية مازلت قيد البحث حتى اليوم..
ويوضح التقرير، الذي أعدته “مايا كارلين”، المحللة بمركز السياسة الأمنية في “واشنطن” العاصمة، و”آنا سوبول ليفي”، الزميلة السابقة في مركز الأبحاث “آي. دي. سي. هرتسليا” في “إسرائيل”، أن ثمة تقديرات تفيد بأنه كان نحو 50 ألف إيزيدي يعيشون في “العراق”، قبل حملة التطهير العرقي، عام 2014.
وقتلت عناصر (داعش) أكثر من ثلاثة آلاف رجل، واستعبدت أكثر من سبعة آلاف امرأة وطفل، وشرَّدت أولئك الذين تمكنوا من الفرار أو طلب اللجوء.
ولا يزال حجم هذه الإبادة الجماعية، التي تعترف بها “الأمم المتحدة”، قيد الاكتشاف حتى اليوم، حيث تم العثور على أكثر من ثمانين مقبرة جماعية في “سنجار”، وما زالت آلاف النساء والفتيات الإيزيديات في عداد المفقودات.
وعانى المجتمع الإيزيدي، من بين الجماعات العرقية والدينية الأخرى في “العراق”، من الاضطهاد طيلة تاريخهم، وفقًا للتقرير.
ويُقدر أن الإيزيديين نجوا من أكثر من سبعين إبادة جماعية، لأنهم رفضوا التخلي عن دينهم في مواجهة الاضطهاد في ظل الإمبراطورية العثمانية، وفي “العراق”، خلال القرن العشرين.
كما عانى الإيزيديون في “سوريا”، من بين الأقليات الأخرى، من مصير مماثل على أيدي الجماعات المتطرفة في المنطقة، بما في ذلك الميليشيات المدعومة من “تركيا”.
تركيا ومعاناة الإيزيديين..
وفي كانون ثان/يناير 2018، شن “الجيش السوري الحر”، المدعوم من “تركيا”، عملية عسكرية أطلق عليها اسم (عملية غصن الزيتون)، في محافظة “عفرين”، شمال غربي “سوريا”.
وتخضع هذه المنطقة لسيطرة جماعة سورية كُردية متمردة مدعومة من “الولايات المتحدة”، وهي “وحدات حماية الشعب”.
وتنظر “تركيا”، إلى “وحدات حماية الشعب”، على أنها امتداد لـ”حزب العمال الكُردستاني”، وهو جماعة كُردية تركية متمردة تقاتل منذ عقود من أجل الحصول على الحكم الذاتي للأكراد في “تركيا”، وتصنفها “أنقرة”، على أنها “منظمة إرهابية”، وكذلك أيضًا “الولايات المتحدة” و”الاتحاد الأوروبي”.
ومع ذلك، نفت “وحدات حماية الشعب” أن تكون امتدادًا لـ”حزب العمال الكُردستاني”، وتعتبرها “الولايات المتحدة” حليفًا أساسيًا في محاربة تنظيم (داعش).
وبحسب التقرير، قتل مئات المدنيين خلال عملية (غصن الزيتون)، عام 2018، جراء قيام الميليشيات التركية بإلقاء القنابل وقصف قرى بأكملها بشكل عشوائي.
وأوضح أن العديد من المدنيين، الذين قتلوا في ذلك القصف، كانوا من الإيزيديين والمسيحيين الذين نزحوا بسبب حملات (داعش) السابقة في “العراق”، والذين فروا إلى “عفرين” بحثًا عن ملجأ.
فرار 100 ألف من 6000 أيزيدي من عفرين..
وأشار إلى أنه في أعقاب هذه الحملة الوحشية، تم إجبار ما يقدر بنحو 100 ألف، من بينهم ستة آلاف من الإيزيديين، على الفرار من “عفرين” إلى مخيمات اللاجئين في المدن المجاورة.
وبررت “أنقرة” شن هذه العملية من منطلق أنها انتقام: لـ”700 هجوم تم شنها تحت قيادة وحدات (حماية الشعب الكُردي)”، وفقًا لمتحدث باسم الرئاسة التركية.
وفي الواقع، كان هناك 15 هجومًا في “عفرين”، في العام السابق لعملية (غصن الزيتون)، وجاء في التقرير أن للرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، تاريخًا من استخدام “التهديدات” غير المؤكدة؛ لتبرير إطلاق عمليات في “سوريا” و”العراق”.
قصف شمال حلب..
ففي الخامس من شباط/فبراير 2021، في اليوم السابق لدفن 104 إيزيديين في “العراق”، ذكر “المرصد السوري لحقوق الإنسان”؛ أن القوات التركية قصفت قرى في شمال “حلب”، تلك القرى تضم بعضًا من آلاف الإيزيديين الذين تعرضوا للتطهير العرقي في “عفرين”، واضطروا إلى البحث عن ملجأ بالمناطق المجاورة.
وبحسب صحيفة (غيروزاليم بوست)، قال مفوض في “اللجنة الأميركية للحرية الدينية الدولية”؛ إن: “آلاف الإيزيديين الذين فروا من عفرين، ويقيمون الآن بالقرب من حلب، يتعرضون حاليًا للغارات الجوية التي تشنها تركيا”.
ورغم خسارة تنظيم (داعش) لجميع أراضيه تقريبًا، عام 2018، فإنه استمر في إعلان مسؤوليته عن هجمات مميتة وقعت مؤخرًا في جميع أنحاء العالم.
وبعد تفجير مدمر أودى بحياة عشرات المدنيين في إحدى الأسواق المفتوحة بـ”بغداد”، في كانون ثان/يناير 2021، قتلت غارات جوية أميركية في عملية مشتركة مع قوات الأمن العراقية، القيادي البارز في (داعش) بالعراق، “أبو ياسر”.
وبينما تستمر “الولايات المتحدة” والمجتمع الدولي في محاربة الجهود المتجددة لذلك التنظيم، لا يمكن تجاهل “تركيا”، وفقًا للتقرير.
وخلص التقرير إلى أنه: “يجب على المجتمع الدولي أن يستحضر في ذهنه أن الفظائع التي ترتكبها القوات العسكرية لإردوغان هي عملية مستدامة ضد الأقليات المستضعفة”.