13 يوليو، 2025 12:47 م

تستخدم عصابات ومأجورين لصدها .. احتجاجات “المياه” تضع إيران على صفيح ساخن: فهل تُعيد أحداث 2018 من جديد ؟

تستخدم عصابات ومأجورين لصدها .. احتجاجات “المياه” تضع إيران على صفيح ساخن: فهل تُعيد أحداث 2018 من جديد ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يبدو أن “إيران” باتت على أبواب شتاء ملتهب، حيث تشهد تصاعد غضب واستياء بين المواطنين تُرجم باحتجاجات عنيفة متتالية، تراوحت ما بين تحركات للمطالبة بمزيد من الحريات وانتقاد النظام السياسي، وأخيرًا تتزايد احتجاجات مرتبطة بشُح المياه وجفاف المدن ومعاناة المزارعين.

أمس، كشفت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، السبت، إن 03 متظاهرين نُقلوا إلى الطب الشرعي بمحافظة “أصفهان”، مشيرة إلى توقيف نحو: 120 شخصًا، فيما قالت جامعة “أصفهان” الحكومية إن مصابين إثنين حالتهم خطرة.

وتشهد عدة مدن جنوب غرب ووسط “إيران”؛ احتجاجات واسعة ضد نقص المياه، وسط اتهامات للمسؤولين بسرقتها ونقلها إلى مدن أخرى من أجل رفد مشاريع يعود بعضها لـ (الحرس الثوري).

نواة لاحتجاجات شبيهة بـ 2017 و2018..

هذه الاحتجاجات اعتبرها بعض المحللون أن القمع المتزايد لمظاهرات “إيران” سيجعلها نواة لأحداث شبيهة للاحتجاجات الواسعة التي شهدتها البلاد، في كانون أول/ديسمبر 2017؛ وكانون ثان/يناير 2018، جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية التي أوقعت عشرات القتلى ومئات المعتقلين، خاصة أنها بدأت أيضًا باحتجاجات ضد نقص المياه.

مشكلة جفاف منذ 30 عامًا..

وفي محافظة “جهارمحال وبختياري”، تتواصل الاحتجاجات اعتراضًا على أزمة المياه التي تتفاقم مع قيام السلطات بنقل المياه إلى المحافظات الأخرى.

كما شهدت “أصفهان”، ثالث أكبر مدينة في “إيران”، احتجاجات على نقص المياه في نهر “زاينده رود”، أكبر نهر في المنطقة؛ والذي يواجه جفافًا يُهدد السكان المحليين.

وتُعاني “إيران” من مشكلة الجفاف منذ حوالي 30 عامًا، لكنه تفاقم خلال العقد الماضي، وفقًا لـ”منظمة الأغذية والزراعة”؛ التابعة لـ”الأمم المتحدة”. وتقول “منظمة الأرصاد الجوية” الإيرانية؛ إن ما يُقدر بنحو: 97% من البلاد تواجه الآن مستوى معينًا من الجفاف.

مافيا المياه.. والأمن يصفهم بالفرق المعادية لإيران..

وبحسب وكالة أنباء (إيسنا) الحكومية، تجمع المئات أمام مكتب حاكم المدنية؛ احتجاجًا على عدم وفاء المسؤولين بوعودهم، بما في ذلك عدم إكتمال مشروع نقل المياه في “بن بروجين” المصمم، لتزويد نصف سكان المحافظة بالمياه، احتجاجات من أهالي المحافظة.

وهتف المتظاهرون ضد سياسات النظام ومشاريعه المائية، قائلين: “الموت لمافيا المياه”، و”هنا جهارمحال، وأخذ المياه محال !”، في إشارة إلى مشاريع (الحرس الثوري).

فيما وصف وزير الداخلية الإيراني، “أحمد وحيدي”؛ المحتجين في “جهار محال وبختياري”: بـ”فرق معادية”، وقال إن: “أعداء إيران لا يمكنهم استغلال قضية المياه”.

اعتصامات واعتقالات وحرق خيم المحتجين..

وفي “أصفهان”، خرج الآلاف من المزارعين في تجمع حاشد، وسط البلاد، محتجين على نقص المياه في المنطقة التي تضربها موجة جفاف.

وردد المتظاهرون هتافات بينها: “دعوا أصفهان تتنفس مرة أخرى” و”أعيدوا الحياة لزاينده رود”، كما تجمعت حشود في قاع النهر الذي تيبس بفعل الجفاف؛ حيث أقام المتظاهرون مدينة من الخيام، حاملين لافتات مكتوبًا عليها: “أطفالنا يُريدون الماء”.

وحمل المزارعون في “أصفهان”، الحكومة؛ مسؤولية الجفاف؛ حيث عملت على تحويل المياه من نهر “زاينده رود” لتزويد مناطق أخرى، مما أدى إلى معاناة مزارعهم من الجفاف وتهديد سُبل عيشهم.

والخميس، أضرمت قوات الوحدة الخاصة التابعة للشرطة الإيرانية، النار في خيام المزارعين المحتجين وسط دوي عدة انفجارات يبدو أنها قنابل صوتية وغاز مسيل للدموع، فيما أفادت وسائل إعلام باعتقال: 50 شخصًا من المحتجين وصفتهم السلطات: بـ”المشاغبين”.

والجمعة، اشتبك المتظاهرون مع الشرطة في مدينة “أصفهان”؛ فيما أطلق الأمن الغاز المسيل للدموع لتفريقهم.

وبحسب وكالة أنباء (فارس)، شبه الرسمية، فإن: “المتظاهرين رشقوا الشرطة بالحجارة وأشعلوا النار في دراجة بخارية للشرطة وسيارة إسعاف”.

انقطاع الإنترنت..

وفي الوقت نفسه، تم نشر تقارير عن انقطاع الإنترنت عبر الهاتف المحمول في الأجزاء الوسطى من “أصفهان”.

وفي السياق، أكدت منظمة “نت بلوكس”، التي ترصد انقطاع الإنترنت في العالم، يوم الجمعة، تقليص الوصول إلى الإنترنت في “إيران”؛ اعتبارًا من صباح الخميس.

وذكرت المنظمة أن: “التعطيل وقلة الوصول كان لهما تأثير كبير، وقد يكون ذلك مرتبطًا بالاحتجاجات ضد سياسات إدارة المياه لحكومة الجمهورية الإسلامية”.

وقفة ضد العدو الداخلي من أجل الحق..

إلى ذلك، أعلن “رضا بهلوي”، آخر ولي عهد لـ”إيران”، تأييده لاحتجاجات محافظة “أصفهان”، وسط البلاد، واصفًا النظام بأنه: “عدو الشعب”.

و”رضا بهلوي”؛ هو الأبن الأكبر لشاه “إيران”؛ وآخر ولي عهد لـ”إيران” قبل ثورة 1979.

وكتب “رضا بهلوي”؛ في حسابه الرسمي على (تويتر)؛ أن أهالي “أصفهان” و”شهر كرد”: “يقفون ضد العدو الداخلي من أجل الحق في الماء وإنقاذ أرضهم”.

وأشاد في تغريدة بالمحتجين، قائلاً: إن أهالي هذه المناطق “لا يخضعون للإذلال ويقفون ضد الإكراه والقمع”.

قلق أميركي من استخدام العنف ضد المتظاهرين..

ودخلت “واشنطن” على خط الأزمة، حيث أعربت أمس عن: “قلقها العميق”؛ إزاء الحملة الأمنية العنيفة التي تُشنها السلطات الإيرانية ضد المتظاهرين السلميين في محافظة “أصفهان”، الذين خرجوا احتجاجًا على نقص المياه.

وأعرب الناطق باسم الخارجية الأميركية، “نيد برايس”، على (تويتر)، عن: “قلق عميق حيال الحملة الأمنية العنيفة ضد المتظاهرين السلميين”.

وتابع: “يحق للشعب الإيراني التعبير عن شعوره بالإحباط ومحاسبة حكومته”، وفق ما ذكرت وكالة (فرانس برس).

بسبب الفساد وسوء التخطيط..

حول أسباب اندلاع تلك الاحتجاجات، قال الكاتب الأحوازي، “أحمد رحمة العباسي”، إن الأسباب تعود إلى عدم إدارة الموارد المائية بشكل جيد وتوزيعها على المحافظات بشكلٍ عادل نتيجة الفساد.

مضيفًا أنه بالأمس كان مُقررًا أن تكون هناك مظاهرة في مدينة “الأحواز” حول شُح المياه، لكن تم منع إقامتها: “النظام لا يعرف غير القمع، عندما يشعر بأي خطر ما يُسرع نحو قمعه بأي طريقة للحفاظ على سلطته”.

وأوضح أن سياسة تأسيس وبناء المصانع الكبرى التي تتطلب استهلاكًا كثيفًا من المياه في مناطق جافة بالأساس؛ مثل مصانع الصلب والبتروكيماويات ومحطات الطاقة البخارية، (الدورة المركبة)، وصناعات السيراميك والطوب؛ هي سياسات خاطئة وليس لها ما يُبررها اقتصاديًا، لأن أسعار ما تستهلكه هذه المصانع من المياه لا يساوي ما تُدره من أرباح؛ وبالتالي فإن إنشاء مثل هذه المصانع هو عمل فوضوي وغير مدروس.

وأشار إلى أن غالبية المشاريع تابعة للحكومة؛ ولكن إدارتها لضباط بـ (الحرس الثوري)؛ الذين يستولون على إيراداتها ويبقى الشعب فقيرًا.

استخدام عصابات ومأجورين لتفريق المحتجين..

إلى ذلك؛ قال رئيس “المنتدى العربي” لتحليل السياسات الإيرانية، (أفايب)، “محمد محسن أبوالنور”، إن الاحتجاجات ليست وليدة اليوم؛ وإنما هي مشاكل هيدروليكية تُعاني منها “إيران”، منذ سنوات طويلة، مضيفًا أن: “ذات الأزمة كانت سببًا للمظاهرات الواسعة التي شهدتها البلاد، في كانون أول/ديسمبر 2017؛ وكانون ثان/يناير 2018؛ جراء جفاف بحيرة أرومية وما تبعه من انعكاسات اقتصادية على المزارعين وبعض المستثمرين في البنوك الزراعية”.

وأوضح: “اليوم نشهد نفس المشكلة في أصفهان؛ ولكنها هذه المرة تحمل بُعدًا تراثيًا، فنهر زاينده رود؛ الذي يُعد مصدرًا للتفاؤل يُمثل رمزًا ثقافيًا وتاريخيًا كبيرًا جدًا لدى أهالي أصفهان؛ التي كانت العاصمة في السابق قبيل اختيار طهران”.

وأشار إلى أن الأزمة الحالية تؤثر على النظام الإيراني؛ وهو ما جعله يواجهها بالقمع، كما استحدث ظاهرة جديدة عبر استقدام عصابات ومأجورين لتفريق المحتجين.

واعتبر أن النظام قادر على قمع المحتجين حاليًا؛ لكن ما يحدث قد يكون نواة لحركة احتجاجية كبرى تُهدد مصير النظام برُمته في ظل العقوبات والأزمات الاقتصادية التي تشهدها البلاد.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة