خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بدأت “أنقرة” تتخذ خطوات فعلية تجاه مطالب “القاهرة”، بعد محاولاتها للتودد خلال الفترة السابقة، حيث تلقت “جماعة الإخوان المسلمين”، صفعة جديدة، بعد أن وضعت السلطات التركية عددًا من قياداتها تحت الإقامة الجبرية، فضلاً عن مطالبتها بوقف استهداف “مصر” عبر قنواتها.
وأفادت قناة (العربية)، أمس الخميس؛ بأن السلطات التركية وضعت عددًا من قيادات “جماعة الإخوان المسلمين”، تحت الإقامة الجبرية.
وأضافت القناة السعودية، نقلاً عن مصادرها؛ أن السلطات التركية طلبت من قنوات الجماعة؛ التي تُبث من أراضيها، وقف استهداف “مصر” و”دول الخليج”، وأنها ستحسم مصيرها نهائيًا، السبت المقبل.
وذكرت (العربية)، في نشرتها المسائية؛ أن مفاوضات ستجري بين قيادات جماعة الإخوان وقيادات أمنية تركية؛ تشمل ترحيل بعض القيادات المطلوبة لـ”مصر”، واشتراط وقف العمل السياسي للحصول على الجنسية التركية والإقامة. وأشارت القناة إلى أن الاستخبارات التركية طالبت بتقييد تحويلات مالية لقيادات “إخوانية” في أراضيها.
وبالتزامن مع هذه الأنباء؛ نشر عدد من الإعلاميين المصريين، العاملين في “تركيا”، تغريدات تؤكد وجود تحول في السياسة التركية تجاه الدولة المصرية، مثل صدور تعليمات بعدم بث مواد سياسية والإكتفاء بالمنوعات على قنوات “الإخوان”: (مكملين والشرق ووطن).
ونشر “أيمن نور”، رئيس قناة (الشرق)؛ تغريدة مقتضبة تحمل اعترافًا بالتغييرات الجديدة.
ترحيل إعلاميين محسوبين على التنظيم إلى ألمانيا..
كما كشف مصدر سياسي تركي؛ عن إعتزام “أنقرة” ترحيل عدد من الإعلاميين المحسوبين على تنظيم الإخوان إلى بلد ثالث في محاولة للتودد لـ”القاهرة”.
وقال المصدر؛ لصحيفة (العين) الإخبارية، مفضلاً عدم ذكر اسمه، إن: “القرار التركي يتعلق بعدم عودة مجموعة من الإعلاميين، المحسوبين على تنظيم الإخوان، للقاهرة، وطردهم لبلد ثالث، داخل أوروبا”، مشيرًا إلى أنها: “ستكون على الأرجح؛ ألمانيا”.
وأكد على أن: “هناك قرارًا تركيًا بضرورة اتخاذ خطوات عملية نحو التقرب للقاهرة، والبداية بوقف الهجوم الإعلامي على دولة مصر ونظامها فورًا”.
وشدد على أن: “رد القاهرة، على التودد التركي في الأيام الماضية؛ كان حاسمًا بشأن ضرورة أن تقترن أقوال نظام إردوغان الإيجابية تجاه مصر بالأفعال، وأن الأخيرة لن تقبل إلا بخطوات عملية في سبيل تحقيق المصالحة”.
ونوه المصدر السياسي إلى أن: “نظام إردوغان يحتاج للقاهرة، في الوقت الحالي، ويسعى لتقارب جدي معها؛ بعد أن شعرت أنقرة بحجم العزلة التي باتت تواجهها في المنطقة”.
فيما تحدثت تقارير إعلامية عن أن هناك انقسامًا بين “جماعة الإخوان المسلمين”، في “تركيا”، على الوجهة الجديدة، لافتة إلى أن البعض يريد الذهاب إلى “ماليزيا”.
وترغب الحكومة التركية في تأسيس علاقات جديدة مع “مصر”؛ بعد خسائرها في العديد من الملفات، والاستفادة بمكانة “القاهرة” الهامة في المنطقة، وعلاقاتها القوية بدول “شرق المتوسط”، وبينها “قبرص” و”اليونان”.
ووفق تدوينات لشباب “الإخوان”، العاملين في عدد من القنوات الإخوانية، طلبت السلطات التركية وقف الانتقادات السلبية لـ”القاهرة”، في الفضائيات التي تُبث من “إسطنبول”.
مطالب بإجراءات تثبت نيتها في التقارب..
وكانت “مصر” قد علقت، على محاولات “أنقرة” المتعددة للتقرب من “القاهرة”، وطالبتها بإجراءات تثبت نيتها في التقارب، خاصة فيما يتعلق بسحب الميليشيات العسكرية المتواجدة في “ليبيا” والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب.
وأكد وزير الخارجية المصري، “سامج شكري”، في وقت سابق، أنه إذا وجدت “مصر” تغييرًا في السياسة التركية، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وإنتهاج سياسات إقليمية تتوافق مع السياسة المصرية، فقد تكون هذه أرضية ومنطلقًا للعلاقات الطبيعية.
كما اعتبر أن: “الأقوال الصادرة عن الساسة، في أنقرة، بشأن فتح قنوات حوار مع القاهرة لا تكفي، بل لا بد أن تقترن بأفعال”.
ويبلغ عدد أفراد تنظيم “الإخوان المسلمين”، في “تركيا”، بين 5 إلى 7 آلاف عنصر، من بين 35 ألف مصري مقيمين في “تركيا”، بينهم قرابة ثلاثة آلاف حصلوا على الجنسية التركية، ويتركز تواجدهم في مدينة “إسطنبول”، ومنها ثبت قنواتهم التلفزيونية، وفق معلومات حصل عليها موقع (سكاي نيوز عربية).
خطوات تكتيكية لتحقيق مصلحة محددة..
ورغم ما يتردد من أنباء، يرى المتخصص في شؤون الجماعات المتطرفة، “هشام النجار”؛ إنه لا خوف على “الإخوان” طالما ظل “إردوغان في السلطة، ومهما فعل من تكتيكات ومناورات، يبدو من ظاهرها التراجع، لكنها في حقيقتها وجوهرها خطوة تكتيكية لتفادي أزمة معينة أو تحقيق مصلحة محددة”.
مضيفًا أن مشروع “إردوغان”، وهدفه العام؛ لا يتم المساس به، فنحن هنا أمام إستراتيجية ثابتة لدى “إردوغان” و”تيار العثمانيين الجدد”، بتوظيف أداة “الإخوان” للوصول للهيمنة والسيطرة تحت عنوان الخلافة، مقابل تكتيكات متغيرة حسب الظروف والأحوال، والمتغير هنا الاضطرار للتعامل مع الانتخابات المقبلة، حيث يعاني “إردوغان” من الضعف الشديد أمام المعارضة.
وأشار إلى أن “إردوغان” يحاول تجاوز ذلك ببعض الترميمات، خاصة في الملفات التي استخدمها معارضوه للهجوم عليه، ومنها ملف العلاقة مع “مصر”، وكيف أنه تسبب في خسارة “تركيا”، لـ”مصر”، أكبر دولة عربية، بسبب علاقته بـ”الإخوان”، بجانب حاجته لضرب تحالف “مصر” المتوسطي، مع “اليونان” و”قبرص”.
“إردوغان” لن يتخذ خطوة إلا بالاتفاق مع “جماعة الإخوان” !
ويتفق معه الباحث في شؤون الحركات المتطرفة، “عمرو فاروق”، فيرى أن النظام السياسي التركي لن يتجه للتقارب المصري إلا بتوافق مع “جماعة الإخوان المسلمين” و”التنظيم الدولي”، فعلى العكس تمامًا؛ قيادات “الإخوان” ترغب في هذا التقارب لكونه سينهي الكثير من التضييقات المفروضة عليها من وجهة نظرها.
وأضاف “فاروق”، أن النظام السياسي التركي يتوافق فكريًا وسياسيًا مع توجهات “التنظيم الدولي”، ولن يسعى للتقارب أو التفاوض مع مؤسسات الدولة المصرية إلا إذا كان هناك تنسيقًا مع قيادات الجماعة التي ترغب في إيجاد هامش أو مساحة تمنحها تخفيف الضغط على أتباعها في الداخل وإعادة تموضع التنظيم، إذ أن الجماعة تدرك أنها لن تتمكن من إحياء تواجدها إلا من خلال ما يعرف بإستراتيجية: “دار الأرقام”، وتعني إنكفاء التنظيم على نفسه والتعايش مع أدبيات الجماعة ومنظريها لإعداد أجيال جديدة تتأثر بالمنهجية الفكرية للمشروع الإخواني بعيدًا عن الدخول في صراعات مع النظام السياسي.
مشيرًا إلى أن قرار التقارب التركي من الدولة المصرية، مدفوع بتحقيق مصالح خاصة للنظام السياسي “الإردوغاني” ولـ”جماعة الإخوان”، كلاهما يرغب في إيجاد شرعية داخل المنطقة عربيًا وإقليميًا، ولعل خير دليل على ذلك الرسائل التي خرجت من قيادات الجماعة، لاسيما الهاربة إلى “تركيا” وتُثمن خطوة التقارب وتعتبرها تحقيقًا للمصالح.