16 يوليو، 2025 11:56 م

ترقب عن كثب .. “الشرق الأوسط” يزعم دروس مستفادة تستخلصها “إيران” من الحرب “الروسية-الأوكرانية” !

ترقب عن كثب .. “الشرق الأوسط” يزعم دروس مستفادة تستخلصها “إيران” من الحرب “الروسية-الأوكرانية” !

وكالات – كتابات :

نشر (معهد الشرق الأوسط) للبحوث والدراسات الإستراتيجية مقالًا؛ للدكتور “عبدالرسول ديفسلار”، الخبير في السياسة الخارجية والدفاعية لـ”إيران”، سلَّط فيه الضوء على أهم الدروس التي استخلصتها “إيران” من الحرب “الروسية-الأوكرانية”، وعلى وجه التحديد فيما يتعلق باستخدام منظومة الصواريخ بصفتها ركيزة لإستراتيجية الردع.

استهل الكاتب مقاله بالتنويه إلى أن الحرب الروسية في “أوكرانيا” تحولت إلى أكبر حقل تجارب للصواريخ (الباليستية) وصواريخ (كروز) في الحروب المعاصرة. ووفقًا لأحدث الأرقام الصادرة عن مسؤول أميركي بارز، أطلقت “روسيا”، اعتبارًا من 29 نيسان/إبريل 2022، أكثر من: 1950 صاروخًا، وهو ما يفوق بكثير إجمالي عدد صواريخ (كروز)؛ (955 صاروخًا)، التي أطلقتها القوات الأميركية أثناء غزو “العراق”؛ في عام 2003.

ويقول الكاتب: بصرف النظر عن حجم الصواريخ؛ ظهر أيضًا اختلاف في استخدام الصواريخ بالعملية الروسية عن الحروب السابقة التي شهدها القرن الحادي والعشرين، من ناحية أنظمة الصواريخ المُستخدَمة. وتضمنت إستراتيجية “روسيا” المتعلقة بالصواريخ استخدام صواريخ (إسكندر-إم، وتوشكا) الباليستية، وصواريخ (كاليبر) البحرية، بالإضافة إلى صواريخ (كينزال) الأسرع من الصوت، وأنظمة الدفاع الساحلية التي تُهاجم أهدافًا أرضية؛ (مثل أنظمة باستيون وبال). بينما اعتمدت القوات الأميركية في المقابل خلال غزوها لـ”العراق” على الضربات البحرية فحسب، باستخدام صواريخ (بي. جي. إم-109 توماهوك)، (إيه. جي. إم-86).

ويؤكد الكاتب على حقيقة أن الحرب “الروسية-الأوكرانية” تُعد السابقة الأولى؛ منذ الحرب العالمية الثانية، التي أدَّت فيها الصواريخ (الباليستية) التكتيكية دورًا أساسيًّا في المعركة. وليس من الصعب أن نتخيل أن جيوش العالم تُراقب هذه التطورات بعناية، ولا يمكن استثناء “إيران” من ذلك بالتأكيد، إذ إنه في ظل اعتماد عقيدتها العسكرية اعتمادًا كبيرًا على قدرات الصواريخ (الباليستية)، أظهرت “طهران” اهتمامًا خاصًا بالحرب في “أوكرانيا”، من خلال تدوين الملاحظات بشأن استخدام “روسيا” للصواريخ.

كيف يمكن أن تمنع الصواريخ نشوب الحروب ؟

يُلفت الكاتب إلى أنه على الرغم من التقارير الحديثة التي كشفت عن وقوع سلسلة من التفجيرات على الجانب الروسي من الحدود، فإن محدودية قدرة “أوكرانيا” الضاربة البعيدة المدى؛ وعدم قدرتها على إلحاق أضرار خلف خطوط المواجهة داخل الأراضي الروسية قد حالَتَا دون التمدد الفعَّال للحرب إلى داخل “روسيا”. وكان لعدم وجود مثل هذا التهديد تأثير على حسابات “روسيا” في شن الحرب، كما أعاق قدرة الجيش الأوكراني على ردع العدوان الروسي.

والطريقة المذكورة في الفقرة السابقة هي الطريقة التي ينظر بها الجيش الإيراني إلى الحرب في “أوكرانيا”؛ بحسب ما يذكر الكاتب. وتجلى هذا المنطق بوضوح في إحدى النشرات الداخلية الصادرة عن (الحرس الثوري) الإسلامي الإيراني، والتي جاء فيها أنه: “من خلال تحقيق توازن الرعب، يُمكن للصواريخ أن تمنع نشوب الحرب وتُجبر الخصوم على اللجوء إلى المسار الدبلوماسي”.

يُضيف الكاتب بالإحالة إلى قول؛ اللواء “عزيز نصير زاده”، نائب رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية: إن “أهم درس مستفاد من حرب أوكرانيا؛ هو أنه لا يمكنك أن تغمض عينيك عن أهمية قوة الردع وتتحدث عن الحد من قوتك الصاروخية (العسكرية)”.

ووفقًا لما ذكره الكاتب؛ فقد أدلى عديدٌ من الشخصيات الإيرانية المحافِظة بتصريحات مماثلة مؤيدة للرواية القائلة؛ إن أي دولة تتخلى عن قدراتها الرادعة لصالح خصومها وتُعول على ما تحصل عليه من ضمانات أمنية من قوى أجنبية ستواجه الحرب لا محالة. وفيما يخص النقطة الأخيرة، استشهد هؤلاء بمذكرة “بودابست” لعام 1994، التي نقلت فيها “أوكرانيا” الصواريخ الإستراتيجية السوفياتية السابقة والأسلحة النووية إلى “روسيا” مقابل ضمانات أمنية.

ويذكر الكاتب إن الحرب في “أوكرانيا” تُعزز موقف هؤلاء الذين يشددون على أهمية: “القوة والردع” ويلتزمون بسياسة: “لا يوجد نقاش”، عندما يتعلق الأمر بمفاوضات “الولايات المتحدة” مع “طهران”؛ بشأن برنامجها الصاروخي. وتنظر “طهران” إلى التفاوض مع الحكومة الأميركية بشأن برنامجها الصاروخي على أنه أمر محفوف بالمخاطر وغير موثوق به، بينما تُصور قدرات “إيران” الصاروخية المحلية على أنها ضمان للردع والاستقرار. وعلى هذا النحو يُرجَّح أن تدعم الحرب في “أوكرانيا” تصوُّر “إيران” بأن الصواريخ هي أداة حاسمة للردع لا ينبغي المساومة عليها.

“إيران” وقيمة الصواريخ “الباليستية”..

يُضيف الكاتب موضحًا أن حرب “أوكرانيا” ستؤثر على الأرجح على التفكير في عقيدة “إيران” الصاروخية، وخاصة الطرق التي يجب أن تُستخدم من خلالها قواتها الصاروخية على المستوى التكتيكي. وقد أثبتت الضربات الصاروخية الدقيقة أنها وسيلة مهمة لـ”روسيا” لإبطال مفعول البنية التحتية وتحييد القدرات الأوكرانية في المناطق التي كان القصف الجوي فيها يُعد مخاطرة؛ إذ تسببت ضربات صواريخ (إسكندر) الدقيقة في إلحاق أضرار جسيمة بالقدرات الأوكرانية وتقويضها عند اقترانها بإطلاق نار جماعي. واعتمدت “روسيا” إلى حدٍ كبير على الضربات الصاروخية لاستهداف الأصول العسكرية، والسكك الحديدية، واللوجستيات الأوكرانية في الجزء الغربي من البلاد. وحتى الآن وبعد مرور أكثر من شهرين على بداية الحرب الأوكرانية لا تزال الصواريخ تؤدي دورًا تكتيكيًّا رئيسًا في العملية الروسية العسكرية.

ويُضيف الكاتب شارحًا: من جديد، تدعم هذه الملاحظات الأولية المذكورة في الفقرة السابقة تقييمات “إيران” السابقة بشأن القيمة؛ (الميدانية)، لإطلاق النيران الجماعي للصواريخ (الباليستية) القصيرة والمتوسطة المدى. وخلال السنوات الأخيرة، أصبحت “طهران” أكثر ثقة في تحديد القيمة التشغيلية لصواريخها الدقيقة التوجيه. وربما تجلى هذا بوضوح أكثر في استخدام “طهران” لصواريخها (الباليستية) لقصف مواقع (داعش) الموجودة في “شرق سوريا”؛ في عام 2017، وضرب معاقل الجماعات الانفصالية الكُردية في “العراق”؛ عام 2018، بالإضافة إلى استهدافها قاعدة (عين الأسد) الجوية الأميركية؛ في عام 2020، وقصف مركز استخبارات إسرائيلي مزعوم في “أربيل”، عاصمة “إقليم كُردستان العراق”؛ عام 2022.

كما أثبتت الحالة الأوكرانية – بحسب الكاتب – أن استمرار إطلاق الصواريخ على مواقع العدو أمر مُجدٍ وفعَّال خلال خوض حرب تقليدية كبرى. إذ يُمكن للصواريخ أن تُساعد في تعويض غياب القوة الجوية على المستوى التكتيكي، خاصة عندما يفشل سلاح الردع وتكون الحرب حتمية.

جدل بشأن دور القوات الجوية..

ينوه الكاتب إلى أن أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت “روسيا” للاعتماد بقدر كبير على الصواريخ؛ في “أوكرانيا”، هو فشل سلاحها الجوي في تأمين التفوق الجوي (بحسب إدعاءات التقرير الأميركي). لذلك قدَّم أداء القوات الجوية الروسية في “أوكرانيا” دروسًا مهمة لدولة مثل “إيران”؛ لديها أسطول قديم من طائرات مقاتلة بحاجة إلى التطوير والتحديث. ومنذ سنوات تشهد مؤسسة الدفاع الإيرانية نقاشات بشأن أهمية الاستثمار في سلاحها الجوي أو برنامجها الصاروخي. لكن “طهران” قررت في ظل ما تواجهه من عقوبات وعدم قدرة على الوصول إلى أسواق الأسلحة الدولية أن تمنح الأولوية لقوتها الصاروخية، مع محاولة المحافظة على أسطولها القديم قيد التشغيل من خلال الجهود المحلية الرامية إلى التحديث وتطبيق تقنيات جديدة، مثل الطائرات من دون طيار.

ولطالما كان الإستراتيجيون الإيرانيون متشككين بشأن مزايا الحفاظ على قوة جوية تقليدية عند مواجهة القوة الجوية الأميركية الأقوى بكثير. وقد أظهر العرض العسكري الذي نفَّذه جيش “الجمهورية الإسلامية الإيرانية”؛ في نيسان/إبريل 2022، تحولًا في اختيار منظومة الأسلحة، مع استخدام صواريخ وأنظمة صواريخ (أرض-جو)؛ (سام)، وطائرات من دون طيار التي لها الأولوية على الطائرات المقاتلة. وفي الوقت نفسه ظلت مسألة تحديث سلاح الجو الإيراني من خلال شراء طائرات روسية الصنع فكرة قائمة.

وهنا يُطرح السؤال ما مدى تأثير الدور المُثير للجدل للقوات الجوية الروسية في حرب “أوكرانيا” على تقييم “إيران” لقيمة قواتها الجوية ؟.. ويجيب الكاتب إن ضعف أداء “روسيا” قد يُثير الشكوك بشأن قيمة القوات الجوية في العقيدة العسكرية لـ”إيران”؛ والطريقة التي تخوض بها الحروب المستقبلية. كما أنه قد يُعمِّق الشكوك بشأن إنفاق الموارد المالية المحدودة لـ”طهران” على الطائرات العسكرية. ولهذا السبب ربما تُغير حرب “أوكرانيا” ميزان القوى داخل المؤسسة العسكرية الإيرانية لصالح هؤلاء الذين يُفضلون استخدام الصواريخ على استخدام القوات الجوية التقليدية؛ بحسب إدعاءات الكاتب.

إدارة مخزون الصواريخ..

يزعم الكاتب أن تجربة “روسيا”؛ في “أوكرانيا”، سلَّطت الضوء على مسائل مهمة تتعلق بكمية ترسانات الصواريخ ونوعيتها. وتُقدر بعض المصادر الأميركية مدعية أن معدل فشل بعض الصواريخ الروسية الموجَّهة بدقة يصل إلى: 60%. ومهما كانت الأسباب التي أدَّت إلى هذا المعدل المرتفع من الإخفاق، سواء بسبب الحرب الإلكترونية الأوكرانية أو بسبب فشل الإطلاق أو بسبب انخفاض جودة الإنتاج أو الظروف الجوية أو مشكلات الصيانة، فإن هذا المعدل يعني أنه يجب إطلاق مزيد من الصواريخ على هدف واحد. وفي هذه الحالة، يُصبح حجم مخزون الصواريخ الإجمالي عاملًا مهمًا للحفاظ على وتيرة العملية وتحقيق النتائج المرجوة؛ كما يدعي التقرير المعتمد على إستراتيجية الآلة الدعائية الأميركية في ترويج التخمينات والتكهنات وليس المعلومات والأرقام الدقيقة.

وفي 24 نيسان/إبريل الماضي؛ أدعى موقع منظمة (بيلنغكات) المتخصصة في الاستقصاء وتدقيق الحقائق واستخبارات المصادر المفتوحة؛ أن “روسيا” قد استخدمت؛ “على الأرجح”: 70% من مخزونها من الصواريخ الدقيقة التوجيه. وقد تُفسر المخاوف بشأن النقص المحتمل ومشكلات الإمدادات في حملة طويلة المدى السببَ وراء تحول “روسيا” بين أنظمتها المختلفة من الصواريخ. إذ استخدمت “روسيا”؛ على سبيل المثال، وفي خطوة غير معتادة أنظمة الدفاع الساحلي (باستيون وبال) لضرب أهداف أرضية.

ويُضيف الكاتب: بينما تُراقب “إيران” عن كثب هذه التطورات كذلك، تلاحظ أهمية امتلاك مخزون أكبر من الصواريخ في حالة خوض حرب استنزاف. وكانت الأرقام تُمثل لـ”طهران” دائمًا عاملًا مهمًا. إذ ظل (الحرس الثوري) الإيراني لسنوات يتعامل مع إطلاق الصواريخ الكبيرة باعتبارها وسيلة لقصف أنظمة الدفاع الصاروخي بشدة وسحقها والتغلب عليها. ومع ذلك فقد أبرزت الحرب الأوكرانية الصلة المباشرة بين العوامل النوعية المرتبطة بمعدلات الفشل وحجم مخزون الصواريخ. ويُرجَّح أن تكون هذه الحقيقة سببًا في إثارة الجدل بين الصناعات الدفاعية الإيرانية و(الحرس الثوري) الإيراني حول حجم مخزون الصواريخ في البلاد والكيفية التي يمكن من خلالها تحسين أنظمة الصيانة.

القول الفصل: حدود الاعتماد على الصواريخ..

ويوضح الكاتب أن ما يُمكن التأكيد عليه بلا شك هو أن الجيش الإيراني فسَّر الحرب في “أوكرانيا” باعتبارها دليلًا على اتخاذه القرار الصائب في جعل الصواريخ ركيزة لإستراتيجيته للردع. كما قدَّمت الحرب الأوكرانية معلومات لا تُقدر بثمن بشأن المتطلبات التشغيلية لاستخدام الصواريخ في حالة خوض حرب كبرى.

ويستطرد الكاتب أنه قد ألقت الحرب الضوء كذلك على سلبيات الاعتماد على القوات الصاروخية: تُظهر التجربة الروسية أنه من غير المُرجَّح أن تؤثر الضربات الصاروخية الدقيقة التوجيه بصورة حاسمة على مسار الحرب، بالإضافة إلى أن قيمتها محدودة فيما يتعلق بالاستيلاء على الأراضي والاحتفاظ بها وليست كافية لتأمين أي نصر عسكري. ولا يمكن للضربات الصاروخية أن تُغيِّر مسار ساحة المعركة، أو أن تحدث نتيجة سياسية إيجابية؛ كما يدعي التقرير.

ويختم الكاتب مقاله بالزعم: إن هذه الحقائق توضح لنا كثيرًا من الأمور عن حدود إظهار “إيران” للقوة في الشرق الأوسط. ونظرًا لأن مخزون “روسيا” من الصواريخ الأكثر قوة ودقة وتنوعًا لم يكن قادرًا على تغيير مسار الحرب في “أوكرانيا”، لذلك، فلا يوجد سبب وجيه للإعتقاد بأن الصواريخ الإيرانية يُمكنها أن تُحقق ذلك، خاصة ضد خصم أقوى. وصحيحٌ أن الصواريخ وحدها لا تستطيع أن تزود “طهران” بميزة إستراتيجية خارج حدودها، لكن إذا دُمجت مع غيرها من القدرات في المجالات العسكرية، خاصة القوات البرية والقدرات البرمائية وغير ذلك، يمكن للصواريخ أن توسع نطاق قوة “إيران”. ومع ذلك وفي ظل الإفتقار إلى هذه القدرات تكاد تنحصر الصواريخ الإيرانية على دورين تقليديين: أداة لردع العدوان من خلال زيادة خسائر المعتدي، ووسيلة لإظهار القوة في ظل ظروف تشغيلية محدودة.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة