خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
بعد محاولته الهروب من إرث سلفه، “باراك أوباما”، قرر الرئيس الأميركي الحالي، “دونالد ترامب”، العودة من جديد إلى صيغة “حل الدولتين”..
ويرى بعض المحللين أن ذلك يرجع إلى سوء فهم الرئيس وعدم إدراكه لطبيعة الصراع “الفلسطيني-الإسرائيلي”.. فهل ماتت “صفقة القرن” ؟
“ترامب” لن يعيد إختراع العجلة..
يقول “أورلي أزولاي”، الكاتب الإسرائيلي في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبرية: بعد ما يقرب من عامين على دخوله “البيت الأبيض”، بدأ الرئيس الأميركي، “ترامب”، يدرك أخيرًا، أنه ليس بإمكانه إعادة إختراع العجلة، على الأقل فيما يتعلق بالصراع “الإسرائيلي-الفلسطيني”.
وعندما أخبر رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، أمس الأربعاء، أن “حل الدولتين هو الأفضل بكثير”، فقد أدرك بالفعل استحالة التفكير في “حل الدولتين”؛ نظرًا للوضع على أرض الواقع، والمشاعر المختلطة المتعلقة بالصراع بما يحمل من رواسب تاريخيه.
أراد مخالفة سلفه !
يضيف الكاتب الإسرائيلي؛ أنه منذ بدأ “ترامب” يتولى مقاليد الحكم، كان مصممًا على أن تكون كل سياساته ومواقفه مُختلفة تمامًا عن سلفه، “باراك أوباما”. وأوضح أنه سيعمل على إبرام “صفقة القرن” بين “إسرائيل” و”الفلسطينيين” وسيُحرز السلام في المنطقة، كما وعد بإرضاء جميع الأطراف.
وقال الرئيس “ترامب”، وعلى الأخص مساعداه، “غيسون غرينبلات” و”غاريد كوشنر”، أنه قد حان الوقت للتفكير بطريقة مختلفة والبحث عن حل مبتكر وغير تقليدي – لأن كل ما تم تجربته في السابق قد فشل. وكما نعلم، فإن الرئيس السابق، “أوباما”، كان هو من دفع بقوة نحو “حل الدولتين”.
أفكار لا تحقق طموحات الفلسطينيين..
بعد وقت قصير من أدائه اليمين الدستورية، قال “ترامب” لرئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، عندما استضافه لأول مرة في “البيت الأبيض”: “دولة واحدة، أو دولتان – هذا بحسب ما يرغبون”.
بعد ذلك؛ غير رأيه فقال إنه يجب توفير حل اقتصادي لأزمة الفلسطينيين، وينبغي تشجيع الدول العربية الغنية على الاستثمار في إقامة المشاريع لتوفير فرص عمل لسكان “الضفة الغربية” وتحويل “السلطة الفلسطينية” إلى إمبراطورية اقتصادية.
لقد أراد الفلسطينيون دولة ذات عملة نقدية خاصة وعلم للدولة وجواز سفر، لكن ما طرحه عليهم “ترامب” لم يكن سوى إنشاء “منطقة صناعية”. وبالطبع لم يكن لتلك الفكرة أن تنهض بأي شكل من الأشكال، لأنه حتى الدول الغنية، مثل “السعودية”، أوضحت أنها لن يمكنها التعاطي مع فكرة الرئيس الأميركي إذا لم تحقق التطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني.
كان الرئيس الأميركي يعتقد أنه سيمكنه بأي كلام فارغ حل مشكلة “القدس”، ولم يأخذ في حُسبانه أهمية تلك المدينة بالنسبة للشعبين، والحنين إليها. ونظرًا لأن خبراته السابقة تقتصر على إبرام الصفقات العقارية، فقد أوضح أنه بمجرد إعلانه عن “القدس” عاصمة لـ”إسرائيل” – فقد تمت إزاحة “قضية القدس” عن طاولة المفاوضات. إن الرئيس “ترامب” لا يعنيه ما يحدث على أرض الواقع، لأنه على يقين من أنه حينما يريد شيئًا فكأنما يقول له كن فيكون.
“ترامب” أحبط العرب..
بحسب “أزولاي”؛ فقد تحدث المسؤولون في “البيت الأبيض” كثيرًا عن “الصفقة الكبرى”، التي يتم صياغتها وسيتم عرضها لاحقًا على الأطراف. ولكن حتى قبل أن يعرض “ترامب” أي خطة، فقد إتخذ عدة إجراءات لم تتسبب فقط في إعراض الفلسطينيين عن المفاوضات المستقبلية، بل تسببت أيضًا في إحباط السعوديين والدول العربية الأخرى.
بعد كل ذلك قام “ترامب” بتخفيض ميزانية (الأونروا)، وقطع المساعدات عن “السلطة الفلسطينية”، وضرب بالفلسطينيين عرض الحائط. فشعروا أنه يحاول التوصل إلى تسوية تهدر حقوقهم ولا تحل مشاكلهم.
ولقد فعل كل ذلك؛ لا لشيء سوى أن يستيقظ صباحًا لينظر في المرآة ويقول لنفسه بكل إرتياح وسعادة: “ها أنا ذا، لم أفعل ما فعله، “أوباما”، وما سأفعله سيكون أفضل بكثير”.
ولكن أي شخص شارك من قبل في الوساطة بين “إسرائيل” و”الفلسطينيين” يعرف جيدًا بأن لا توجد “وصفة سحرية” لحل النزاع. كما يعرف الفلسطينيون أيضًا أن حق العودة، إن حصلوا عليه، فلن يكون إلا في أضيق الحدود.
بدون حل الدولتين لن يُكتب البقاء للدولة اليهودية..
في نهاية المطاف؛ وضع “ترامب” إصبعه في عين الفلسطينيين والعالم العربي، وضرب بهم جميعًا إلى عرض الحائط، ثم تراجع وعاد إلى صيغة الحل التي كان يؤيدها سلفه “أوباما”، والتي حظيت من قبل أيضًا بدعم الرئيسين “بوش” و”بيل كلينتون”. فجميع الرؤساء الأميركيين السابقين قد أدركوا أن من دون إنجاز حل الدولتين، فلا أمل في بقاء الدولة اليهودية لفترة طويلة. وإذا لم يحصل الفلسطينيون على حقوق مدنية متساوية في ظل الدولة الواحدة ، فستكون تلك الدولة عنصرية منبوذة.