كتب – سعد عبد العزيز :
أثارت زيارة الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” للمملكة العربية السعودية ردود فعل إسرائيلية متباينة, وهناك من انتقد الرئيس الأميركي بحجة أنه يكرر نفس السياسة الأميركية الخاطئة مع السعودية وباقي دول الشرق الأوسط. وفي هذا السياق نشر موقع “دافار ريشون” العبري مقالاً لعضوة الكنيست عن الاتحاد الصهيوني “كسينيا سفيتلوفا”, أكدت فيه على أن الحلول التي أتى بها ترامب إلى المنطقة – مثل صفقات الأسلحة والتحالف مع الدول العربية في مواجهة إيران – هي حلول جزئية, لن تقضي على التطرف ولن تحل مشاكل المواطنين في دول الشرق الاوسط.
واشنطن والرياض: شراكة منذ القدم..
تحدثت الكاتبة الإسرائيلية عن حفاوة استقبال الرئيس الأميركي “دونالد ترامب” في الرياض, وقالت إنه غادر السعودية بعد التوقيع على اتفاقيات بيع الأسلحة للمملكة بمبالغ فلكية مقابل تعهد السعودية بلعب دور أساسي في التحالف الذي يجري تشكيله ضد إيران. وتساءلت الكاتبة عن الدلالات الأخرى للتقارب الأميركي السعودي والدعم غير المحدود من جانب ترامب للأنظمة العربية التي وصفتها بالاستبدادية. ورجعت بالذاكرة إلى أول لقاء جمع بين رئيس أميركي وملك سعودي قبل 72 عاماً. حينها وقع كل من الرئيس “روزفلت” والملك “سعود” على عدة اتفاقيات مهمة في مجال النفط, بددت مخاوف الولايات المتحدة الأميركية فيما يخص الطاقة, وبددت أيضاً مخاوف السعودية فيما يخص الموارد المالية وفيما يخص التدخل في شؤونها الداخلية.
السعودية تنشر الفكر الوهابي المتطرف..
تضيف الكاتبة “سفيتلوفا” أن المملكة العربية السعودية حققت خلال السنوات الماضية تطوراً اقتصادياً, لكنها أيضاً لم تكف عن نشر الدعوة الإسلامية. فالأموال الطائلة التي تدفقت لخزينة المملكة أدت إلى انتشار الفكر الوهابي المتطرف في أرجاء البلدان العربية ثم في أرجاء العالم أجمع. هكذا انتشر الفكر المتطرف المسموم من السعودية إلى “مصر ونيجيريا والشيشان وباكستان وأوروبا والولايات المتحدة” وملأ المساجد والمدارس بل وعقول وقلوب كثير من المتدينين.
كما تقوم المملكة العربية السعودية حتى يومنا هذا بتمويل أنشطة مؤسسات وهابية متطرفة في “مالي” التي تعاني من الإرهاب, و”السنغال والصومال” التي يتنامى فيها الإسلام المتطرف. وكما هو معروف, فإن الفكر الأيديولوجي لا تمنعه الحدود, ولذلك فإن الأفكار والممارسات المتطرفة تكون أحياناً أخطر من الانتشار المادي عبر القارات. وتتساءل الكاتبة: “كيف يمكن لترامب أن يتصدى لتلك المؤسسات التي تنشر الكراهية العمياء تجاه الآخرين, في الوقت الذي تلعب فيه السعودية دوراً محورياً في ذلك التحالف العربي الذي دعا ترامب لتشكيله ؟”.
الاستبداد سيؤدي لمزيد من التمرد والفوضى..
أشارت الكاتبة الإسرائيلية إلي أن الرئيس ترامب قد أعلن أنه لا ينوي التدخل في الشؤون الداخلية للمملكة السعودية أو باقي الدول العربية وبذلك فإنه يميز نفسه عن الرئيس “بوش” الذي دفع العالم العربي دفعاً إلى الديمقراطية بنمطها الغربي. كل هذا جيد وجميل, لكن كما هو معروف, فإنه في كثير من الأحيان تتشابك الشؤون الداخلية مع الشؤون الخارجية والأمن العالمي. فلولا كتائب الجهاديين من الشباب الذين تربوا على الفكر الوهابي والتمويل السعودي في اليمن وإفريقيا وباكستان” ودول أخرى, لتراجعت وتيرة الإرهاب الإسلامي السني الذي يضرب في أرجاء العالم.
وترى “سفيتلوفا” أن ترامب اختار التعاون مع السعودية, وبذلك عاد إلى النهج الأميركي التقليدي المتمثل في الدعم غير المحدود للأنظمة الاستبدادية العربية. والمشكلة هي بالضبط كما جرى في الجولة السابقة – بدءاً من خمسينيات القرن الماضي وحتى اندلاع أحداث الربيع العربي – تكمن في أن السلطة الاستبدادية المتشددة, والقبضة الحديدية وتجاهل الاحتياجات اليومية للمواطنين وحقوقهم, سوف تؤدي لمزيد من التمرد ومزيد من الفوضى ومزيد من الانفلات.
وتحذر الكاتبة الإسرائيلية من أن الدعم غير المحدود الذي يقدمه الغرب لتلك الأنظمة الفاسدة – التي لا تنوي القيام بأي إصلاحات, وتؤمن بأن ما لا يتحقق بالقوة, سيتحقق بمزيد من القوة – يمكن أن يتحول بسهولة إلى سلاح ذي حدين كما أنه سيجعل الغرب مسؤولاً عن استقواء تلك الأنظمة وإضعاف المواطن في بلدان الشرق الأوسط.
وفي الختام تؤكد الكاتبة الإسرائيلية “سفيتلوفا” على أن الحلول التي يأتي بها ترامب الآن إلى الشرق الأوسط – سواء كانت صفقات الأسلحة أو فكرة إقامة تحالف بين الدول العربية وإسرائيل في مواجهة إيران وما شابه ذلك – ليست سوى إصلاحات متسرعة وحلول مرتجلة وناقصة, لن تؤدي لحل مشاكل مئات الملايين من مواطني الشرق الأوسط المحرومين الآن من فرص العمل ومياه الشرب والكهرباء والسكن وغير ذلك. إن منطقتنا في حاجة إلى إصلاح فعلي وتفكير متعمق ومتكامل وليس إلى حلول سريعة تخلق الآمال ولا تؤدي إلى حلول حقيقية, لا في مجال مكافحة الإرهاب, ولا فيما يخص القضية الإسرائيلية الفلسطينية.