وكالات – كتابات :
أعلن مزود الخدمات في “قناة السويس”، الجمعة، عن تراجع الإزدحام المروري الناجم عن إغلاق سفينة شحن لـ”قناة السويس”؛ لما يقرب من أسبوع.
وقالت شركة “ليث إيغنسيز”؛ إنه مع انخفاض عدد السفن التي تنتظر العبور عبر الممر الملاحي الدولي، تراجع الإزدحام من أكثر من 300 سفينة قبل 3 أيام، إلى 206 سفن فقط.
وكانت حركة العبور في “قناة السويس”، قد أستؤنفت، مساء الإثنين الماضي، بحسب ما ذكرت وكالة (الأسوشيتد برس).
قالت “هيئة قناة السويس”، في “مصر”، أمس الخميس، إنه من المتوقع عبور 87 سفينة القناة في الاتجاهين، في إطار محاولتها الإنتهاء من عبور كل السفن التي توقفت بسبب جنوح سفينة حاويات في مجرى القناة، الأسبوع الماضي.
وأضافت الهيئة أن عدد السفن، التي عبرت القناة بالفعل في أعقاب إعادة تعويم سفينة الحاويات العملاقة؛ بلغ 194 سفينة.
وأدى إغلاق القناة، لنحو 6 أيام، بسبب جنوح السفينة، “إيفر غرين”، التي يبلغ طولها 400 متر، إلى تكدس أكثر من 400 سفينة، قالت “هيئة قناة السويس”؛ إنها ستعمل على مدار الساعة لإنهاء عبورها للممر الملاحي.
وأعلن مستشار الرئيس المصري لشؤون مشروعات قناة السويس والموانيء، “مهاب مميش”، استئناف حركة الملاحة بـ”قناة السويس”، اعتبارًا من الإثنين، وذلك بعد تمكن السلطات المصرية من تعويم السفينة الجانجة.
وأكد رئيس هيئة القناة، “أسامة ربيع”؛ إنه: “تم استئناف حركة الملاحة بقناة السويس؛ بعد نجاح الهيئة بإمكانياتها في إنقاذ وتعويم سفينة الحاويات (إيفر غرين)”.
قال “أسامة ربيع”، الجمعة، إن الهيئة تدرس توسيع المجرى الملاحي، بعد حادث جنوح سفينة، “إيفر غرين” العملاقة، الذي أدى تعطل الملاحة لأيام بالشريان المائي العالمي.
وأضاف “ربيع”، وفق ما نشرت صحيفة (الشروق) القاهرية، في رده على سؤال بشأن خطط “قناة السويس” لتطوير الممر الملاحي، أنه يجري دراسة توسيع القناة بعد حادث جنوح السفينة، مؤكدًا في الوقت نفسه أنها ليست بحاجة إلى: “زيادة عمقها”.
وأوضح “ربيع” أن عمق القناة يصل، في الوقت الحالي، إلى 24 مترًا، أي ما يعادل 66 قدمًا.
إيران وروسيا ينتهزان الفرصة..
هذا وقد استغلت جهات عديدة حادثة جنوح سفينة الحاويات البنمية العملاقة، “إيفر غرين”، وتعطيلها لحركة مرور السفن عبر “قناة السويس”، للحديث عن بدائل للممر المائي المهم بالنسبة للتجارة العالمية، كما بدأت دول في الترويج لمشروعاتها البحرية.
ونجحت السلطات المصرية في تعويم السفينة البنمية العملاقة، الإثنين الماضي، بعد جهود استمرت قرابة 6 أيام، ليتنفس الاقتصاد العالمي الصعداء، ولتمضي الحاويات التجارية إلى مسارها.
وفي غضون الأزمة، روجت “روسيا”؛ لطريقها: “بحر الشمال”، كطريق بديل لمسار “قناة السويس”، وعددت “وزارة الطاقة” الروسية أهميته؛ بأن: “لديه إمكانية هائلة لتوسيع حجم نقل البضائع من آسيا إلى أوروبا، بشكل كبير”.
ولم تفوّت “إيران”، هي الأخرى الفرصة، ودعا سفيرها لدى موسكو، “كاظم جلالي”، إلى ضرورة تفعيل ممر: “شمال-جنوب” بدلاً عن “قناة السويس”.
وكتب “جلالي”، عبر حسابه على (فيس بوك)، السبت الماضي: “إن الإسراع في إكمال البنى التحتية وتفعيل ممر، (شمال-جنوب)، كبديل عن قناة السويس؛ يحظى بالأهمية أكثر مما مضى، إذ أنه يختصر الزمن حتى 20 يومًا، والتكاليف حتى 30 في المئة، ويُعد خيارًا أفضل كبديل عن قناة السويس في مجال الترانزيت”.
مشروع على الحدود “المصرية-الإسرائيلية” برعاية أممية..
ونشرت صحيفة (الغارديان) البريطانية، في تقرير الخميس، بأن أزمة جنوح السفينة، “إيفر غرين”، أحيت جهودًا دولية لإيجاد ممر مائي بديل لـ”قناة السويس”، لعبور السفن التجارية.
وقالت الصحيفة البريطانية؛ إن مسؤولين في “الأمم المتحدة” يراجعون مشروعًا لفتح قناة جديدة على الحدود “المصرية-الإسرائيلية”، بعد التخلي عن فكرة طريق يمر عبر “العراق” و”سوريا”.
ورغم عدم تعليق “مصر” رسميًا، حتى الآن، على تقرير الصحيفة البريطانية، فإن الرئيس المصري، “عبدالفتاح السيسي”، أشار في خضم الاحتفال بنجاح تحرير السفينة الجانحة، إلى هذه البدائل المطروحة، بالتأكيد على أن “قناة السويس”: “قادرة وباقية ومنافسة”.
وأوضح “السيسي”؛ أن “قناة السويس” ترسخت في حركة التجارة العالمية، و”الأزمة الأخيرة أعادت التأكيد على الدور الكبير والأهمية الكبيرة لواقع مستمر منذ 150 عامًا”، مضيفًا: “رب ضارة نافعة”.
وفي وقت سابق، شدد رئيس هيئة قناة السويس، الفريق “أسامة ربيع”، في تصريحات لـ (سكاي نيوز عربية)، على أن “قناة السويس” يعبر منها نحو 12 في المئة من حجم التجارة العالمي، والحديث عن بدائل لا يقلل من أهميتها التاريخية والدائمة، ولن يستطيع أي محور منافستها بأي حال من الأحوال.
حلول سياسية أكثر منها اقتصادية !
ويرى مسؤولون وخبراء، في تصريحات صحافية؛ أن الأزمة الأخيرة، وإن كانت نادرة في “قناة السويس”، إلا أنها لفتت أنظار العالم، ونبهت إلى حجم وأهمية “قناة السويس”، كأهم مجرى ملاحي في العالم.
وحول البدائل المقترحة، قال عميد كلية النقل البحري بالأكاديمية العربية للعلوم، “محي السايح”، إن الآراء التي تخرج بين الحين والآخر لتطرح حلولاً بديلة لـ”قناة السويس” تحمل طابعًا سياسيًا أكثر ما يكون تجاريًا أو اقتصاديًا.
ووصف “السايح”، “قناة السويس”، بأنها: “تمثل شريان التجارة العالمي، الذي يربط تجارة الشرق والغرب”.
وبشأن مشروع “بحر الشمال”، الذي تحدثت عنه “روسيا”، أوضح أن هذا المشروع يتحدث عنه العالم وكثير من الجهات، منذ أكثر من 10 سنوات، ولكنه وإن قدر له النجاح فهو: “نجاح نسبي وموسمي”.
وأرجع ذلك إلى أن ممر “بحر الشمال” مغطى معظم أيام العام بالثلوج، وللإبحار في الثلوج مخاطره الجمّة، ويحتاج إلى سفن ذات طبيعة خاصة وبأحجام معينة، وبالتالي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يكون منافسًا قويًا لـ”قناة السويس”.
وبيّن “السايح”: “رغم كل شيء، ستبقى قناة السويس أهم ممر ملاحي والأكثر أمانًا، لأن القناة بها عوامل أمان كافية، إضافة إلى كوادر بشرية مدربة وذات خبرات عالية وتتبع المنهجية العلمية السليمة في إدارة القناة وعبور السفن؛ بكل القواعد الخاصة بالملاحة الآمنة في الممرات الضيقة”.
دروس مستفادة من الحادث..
ومن جانبه، أوضح نائب رئيس هيئة قناة السويس الأسبق، المهندس “وائل قدور”، أن الحادث الأخير من الأزمات الشديدة التي مرت بها “قناة السويس”، ونبهت المسؤولين عن القناة إلى عدد من الدروس المستفادة؛ وعلى رأسها تطوير أسطول الإنقاذ بها.
وأشار “قدور”، لوسائل إعلام؛ إلى أن الأزمة: “أظهرت للعالم كله مدى أهمية قناة السويس وسط تخوف الاقتصاد العالمي حينها من استمرار الأزمة، ورأينا ما حدث من اضطراب للاقتصاد وارتفع سعر البترول الخام”، مشددًا على أن الحديث عن محاور بديلة لا يمكن أن يحل محل “قناة السويس”، وهذا يؤكد مدى أهمية هذا الشريان الاقتصادي.
ويدل على أهمية “قناة السويس” ارتفاع أسعار “النفط”، بنسبة 6 في المئة، بعد أقل من 48 ساعة على حادث جنوح الناقلة.
كما تُقدر شركة أخبار وبيانات الشحن العالمية، (لويدز ليست)، حركة المرور المتجهة غربًا لـ”قناة السويس”، بنحو 5.1 مليار دولار في اليوم، وحركة المرور المتجه شرقًا: بـ 4.5 مليار دولار.
بدائل ضعيفة !
ويرى “قدور” أن: “طريق القطب الشمالي الروسي؛ لا يجب أن يقارن بقناة السويس، وعندما ننظر إلى الأرقام؛ فإن العام الماضي شهد مرور 62 سفينة بضائع بهذا الطريق، في حين شهدت القناة عبور 18830 سفينة. هذا الفارق يظهر بالتأكيد أنه لا مجال للمقارنة”.
ولفت نائب رئيس “هيئة قناة السويس” الأسبق؛ إلى أن طريق القطب الشمالي الذي يسير بجانب سواحل “روسيا”: “لا تستطيع السفن الكبيرة أن تبحر فيه، إذ أن أكبر غاطس للمرور لا يتجاوز 12.8 متر، وهذا رقم منخفض”.
وتابع “قدور” قائلاً: “حين يذوب الجليد، عام 2050، بنفس المعدلات الحالية، فإنه من الممكن أن تصبح الملاحة بعيدة عن سواحل روسيا، بخلاف الجليد الذي يغطي هذا المحور، وتحتاج موسكو إلى كاسحات لهذا الجليد تصاحب السفن خلال عملية الإبحار؛ ومن ثم فإن الرسوم المفروضة ستزداد”.
واسترسل موضحًا: “لا توجد بنية تحتية أو مساعدات بحرية بطريق القطب الشمالي، وسيمثل حدوث جنوح لأي سفينة، مشكلة كبيرة للغاية”.
وفيما يتعلق بممر “شمال-جنوب”، الذي تروج له “إيران”، أوضح “قدور”: “هذا الممر به جزء بحري قادم من الهند حتى ميناء بوشهر بجنوب إيران، أو أي ميناء آخر، ثم سكك حديدية وصولاً لأوروبا وآسيا، وبالتالي ينتابه الكثير من الصعوبات”.
وأختتم المسؤول المصري، حديثه بالقول؛ إن على: “العالم كله أدرك بيقين مدى أهمية قناة السويس”.