خاص : ترجمة – آية حسين علي :
يُعتبر انسحاب “الولايات المتحدة”، من شمال “سوريا”، وموقفها الغامض من العملية العسكرية التي تنفذها “تركيا” ضد الأكراد، هدية لتنظيم (داعش) الإرهابي، بحسب صحيفة (إل بريوديكو) الإسبانية، التي طرحت في إستهلال تقريرها سؤالًا: أين كان الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، أثناء الحرب الدولية ضد تنظيم (داعش) ؟.. وعندما كانت حدود بلاده مع “سوريا” ممرًا للأسلحة والمقاتلين الأجانب الذين جاءوا من كل مكان تلبية لدعوة زعيم التنظيم، “أبوبكر البغدادي”، كما كانت منفذًا للتهريب، خاصة لـ”النفط”.
وأشارت الصحيفة الإسبانية إلى أنه خلال الأزمة السورية دخل إلى الأراضي التركية أكثر من 3.6 ملايين سوري، ورغم أن “إردوغان”، في البداية، أعلن سياسة الباب المفتوح واستعداد بلاده لإيواء المهاجرين، إلا أنه لم يتأخر كثيرًا في محاولة استغلالهم؛ كان ذلك أول مرة، في صيف 2015، واليوم يكرر فعلته، نتحدث عن حليف، وعضو في “حلف شمال الأطلسي”، (ناتو)، صحيح أن السياسة لا تعرف المباديء، وإنما تقوم على أساس المصالح، لذا فإن القوى العظمى تستخدم دولًا ومجموعاتًا وأشخاصًا على هواها، وهناك حدود مقدسة؛ مثل الحدود التركية، التي قامت من أجلها ما يُعرف بـ”حرب الخليج الثانية”، وهناك حدودًا غير مرئية.
واشنطن لم تتعلم الدرس..
ذكرت الصحيفة الإسبانية أن قرار “الولايات المتحدة” بإجلاء جنودها من شمال “سوريا”، وعددهم ألفين جندي، سمح لـ”إردوغان” بغزو المنطقة، مشيرة إلى أنه، خلال أيام منذ بداية عملية “نبع السلام” التركية؛ نزح نحو 100 ألف مدني، وتستهدف “أنقرة” القضاء على “وحدات حماية الشعب” الكُردية، التي شاركت في الحملة العسكرية التي قادتها “واشنطن” ضد تنظيم (داعش)، وفقدت 11 ألفًا من صفوفها خلالها، بينهم نساء، لذا فإن تلك الميليشيات هي القوة التي سمحت لـ”ترامب” بوضع “وسام النصر” على (داعش).
وأضافت أن “ترامب” إرتكب جزءًا من الخطأ، عندما قاد دعاية تقول بأنه تمت تصفية (داعش)، هل تتذكرون جملة: “المهمة أُنجزت”؛ التي أطلقها الرئيس الأسبق، “جورج بوش”، عام 2003، لقد كان يحتفل بإنجازاته، لكنه لم يكن يعلم حينها أنه على شفا الدخول في حرب جديدة سوف تجني حياة 4497 جندي أميركي ومئات الآلاف من المدنيين العراقيين، ويبدو أن “واشنطن” لم تتعلم الدرس جيدًا.
تخلي “ترامب” عن الأكراد هدية للدواعش..
ذكرت (إل بريوديكو) أيضًا أن “ترامب” وقع في نفس الخطأ الذي أقترفه سابقه، “باراك أوباما”، عندما أمر، في 2011، بإجلاء 17 ألف جندي من “العراق”، وكان قد وعد بذلك خلال حملته الانتخابية، إذ كان من الهراء غزو بلد إستنادًا على أكاذيب، وعلى أية حال وضع قرار “أوباما” نقطة نهاية التواجد العسكري الأميركي في البلد العربي، لكنه أغفل أمرًا مهمًا، وهو أنه لم يكن قد قضى تمامًا على تنظيم (القاعدة)، الذي يُعد البذرة التي أنبتت بعد سنوات قلائل تنظيم (داعش).
ونفس الشيء، قد يفتح انسحاب “ترامب” من المشهد الباب أمام عودة الدواعش من جديد، إذ أنه خلال العمليات العسكرية ضدهم؛ كانت طائرات “واشنطن” تقصف من الجو، بينما يواجه أفراد “وحدات حماية الشعب” العناصر المتطرفة على الأرض، وعندما خسر الحالمون بالخلافة على الأرض توقفوا في انتظار فرصة جديدة، ويشبه (داعش) كثيرًا تنظيم (القاعدة)؛ فهو تنظيم بلا أرض يقوم بتنفيذ عمليات في مناطق عدة حول العالم في الشرق الأوسط وآسيا وأوروبا.
واشنطن ليست حليفًا لأحد !
حتى الآن لا يعلم ما هي الخطة التي وضعها “ترامب” فيما يخص التعامل مع “سوريا”، على المدى القريب والبعيد المتوسط، كما أنه لا أحد يعرف إستراتيجية مع أي دولة، وهو ما يؤدي إلى حالة عدم استقرار في المنطقة التي تشهد توترات كبيرة، ومن جانب آخر يضر دعمه لـ”تركيا” مصالح “إسرائيل”، لأن “أنقرة” تتوافق مع “قطر” و”إيران” في مواجهة “المملكة العربية السعودية”، كما أن قراراه بالتخلي عن الأكراد يواجه معارضة كبيرة داخل “الكونغرس”، حتى بين الجمهوريين، في وقت تدق فيه طبول إقالة الرئيس المتهم بإساءة استخدام السلطة وعرقلة سير العدالة.
بينما ما هو واضح؛ هو أن “واشنطن” لا يمكن اعتبارها حليفًا لأحد، إذ لم تكن حليفًا للأوروبيين، ولم تقف لدعم الأكراد، وقد يكون الأمر أكثر سهولة ونكون أمام مؤشرًا على تراجع إمبراطورية “الولايات المتحدة”، في ظل وجود “الصين” جاهزة للجلوس على العرش دون إطلاق رصاصة واحدة.