خاص : كتبت – نشوى الحفني :
قوبلت دعوة رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، بآراء مختلفة ما بين مؤيد ومعارض من القوى السياسية، حيث طالب بحوار وطني شامل حقيقي مفتوح وصريح.
ودعا “الكاظمي”، أمس الأول، القوى السياسية المختلفة، إلى حوار وطني شامل يهدف إلى الإبتعاد عن لغة الخطاب المتشنج والتسقيط السياسي؛ وإلى التهيئة لإنجاح الانتخابات المبكرة، ومنح الشعب فرصة الأمل والثقة بالدولة واتفاق على حل جذري للمشكلات المتراكمة بين “بغداد” و”إربيل”، بما يحفظ وحدة الأراضي العراقية، وأكد استعداد بلاده للعب دور فعّال في تكريس التهدئة وفتح أبواب الحوار لحل أزمات المنطقة.
اتفاق شامل على أساس دستوري..
وتوالت الردود على تلك الدعوة، وقد كان رئيس إقليم كُردستان، “نيجيرفان بارزاني”، أول الداعمين لمبادرة، “الكاظمي”، بإجراء حوار وطني عراقي شامل بمشاركة المعارضين؛ وكتب على حسابه بشبكة التواصل الاجتماعي، (تويتر): “أدعم دعوة رئيس الوزراء السيد، الكاظمي، من أجل عقد حوار وطني بين الأطراف العراقية المختلفة وإجراء حوار حقيقي عميق بغية الوصول إلى اتفاق نهائي، ووضع حلول جذرية لمشاكل ٳقليم كُردستان مع الحكومة العراقية الاتحادية بموجب الدستور”.
كما رحب رئيس حكومة الإقليم، “مسرور بارزاني”، بالدعوة قائلاً، في تغريدة على (تويتر): “باسم حكومة إقليم كُردستان؛ أرحب وأدعم دعوة رئيس الوزراء الاتحادي، مصطفى الكاظمي، من أجل عقد حوار وطني بين الأطراف العراقية لحل جميع المشاكل والصراعات بشكل جذري”.
كما أعرب عن استعداد الإقليم للتوصل إلى اتفاق شامل ونهائي لحل جميع المشاكل بين الحكومة الاتحادية و”إقليم كُردستان” على أساس الدستور.
انقسام شيعي..
وعلى المستوى الشيعي، أكد تحالف (سائرون)؛ المدعوم من قبل زعيم (التيار الصدري)، “مقتدى الصدر”، على دعم مبادرة “الكاظمي”، وقال “برهان المعموري”، عضو “مجلس النواب” عن التحالف، في تصريح صحافي أن تحالفه يساند هذه الدعوة للشروع بحوار وطني شامل.
مشيرًا إلى أن التحالف يعتقد أن دعوة “الكاظمي” جاءت في الوقت المناسب؛ بعد ما أكسبت زيارة البابا “فرنسيس”، إلى “العراق”، وهو يحمل رسائل محفوفة بالخير والسلام، زخمًا إضافيًا، مضيفًا أنه في الوقت الذي: “نبدي فيه دعمنا لطرح رئيس مجلس الوزراء من أجل فتح صفحة جديدة من العمل الوطني المخلص، فإننا نؤكد على محاسبة كل الفاسدين المتورطين بضياع ثروات البلاد وتبديد أحلام أبنائه ونشدد على أن يكون الحوار المقبل مع كل من يؤمن بالعراق الواحد الذي يتساوى فيه جميع أبنائه بالحقوق والواجبات”.
كما رحب بها رئيس تيار (الحكمة)، “عمار الحكيم”، قائلاً في تغريدة له على صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي، (تويتر): “نتضامن مع دعوة رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، إلى حوار وطني، ونؤكد أن الفرصة سانحة والأجواء مهيأة للمضي بهذا الحوار”.
وجدد “الحكيم”، المطالبة بإنخراط جميع القوى السياسية والفعاليات، الاجتماعية والأكاديمية، بحوار يستوعب جميع الرؤى والأفكار البناءة لمعالجة الإخفاقات وتقويم السلبيات.
وعلى العكس من هذا الموقف؛ فقد شكك تحالف (الفتح) الشيعي؛ بزعامة رئيس منظمة (بدر)، “هادي العامري”، المقرب من “إيران”، بأهداف الدعوة، معتبرًا أن “الكاظمي” يحاول توظيفها لصالحه.
وقال القيادي في تحالف (الفتح)، “أبوميثاق المساري”، في تصريح لوكالة (بغداد اليوم) المحلية؛ إن: “الكاظمي، يحاول توظيف زيارة البابا إلى العراق لمحاكاة بعض الأطراف والإيحاء لهم بإمكانية جذبهم للعملية السياسية”.
مضيفًا أن “الكاظمي” يحاول توظيف زيارة “البابا”، بشكل غير مدروس، والذي يمكن أن يأتي بنتائج كارثية وعكسية عليه شخصيًا وعلى مجمل العملية السياسية.
واعتبر أن: “العراق لا يحتاج إلى أي حوار وطني، فكل الأطراف السياسية متواصلة مع بعضها، ولا توجد أي قطعية بين كل الأطراف”.
ومن جهتها؛ قالت مصادر عراقية مطلعة إن ائتلاف (دولة القانون)؛ بزعامة “نوري المالكي”، متحفظ من الدعوة للحوار أيضًا منوهًا إلى أنها تحتاج إلى نوايا صادقة .
دعم سُني..
فيما قال رئيس جبهة (الإنقاذ والتنمية)، “أسامة النجيفي”، في تغريدة؛ أنه: “في الخامس من آذار/مارس، أصدرنا بيانًا باسم جبهة (الإنقاذ والتنمية)؛ وفيه أكدنا على أهمية فتح صفحة جديدة قوامها إعادة الاعتبار للهوية العراقية”.
وأشار قائلاً: “نجد في دعوة الكاظمي؛ مناسبة لتفعيل حوار جاد ينسجم مع تطلعات الشعب ورغبته المؤكدة في تجاوز الأزمات والمعاناة، ويؤسس لمرحلة جديدة”.
كما أكد عضو البرلمان العراقي عن تحالف (القوى العراقية)، السُني، “عبدالله الخربيط”، دعم تحالفه لدعوة “الكاظمي”، وقال في تصريح صحافي إن تحالفه تحالف (القوى العراقية)؛ وكذلك حزب (تقدم)؛ بزعامة “محمد الحلبوسي”، رئيس البرلمان، داعمون هذه الدعوة ويتفاعلون معها بكل جدية.
وأشار إلى أن العراقيين هم في الواقع بحاجة إلى حوار حقيقي، منذ ما بعد عام 2003، لأن كل الحوارات التي حصلت لم تكن بالمستوى المطلوب.
تصارع كيانان في البلاد..
عن هذا الموضوع؛ يقول الكاتب والباحث السياسي، الدكتور “كفاح محمود”: “كانت الحوارات الوطنية تطرح، في زمن الرئيس الراحل السيد، جلال الطالباني، لما له من تأثير على جميع أطراف العملية السياسية، وبعد رحيله غابت مثل تلك الحوارات وغاب التوافق، بسبب بعض القوى السياسية التي تعيق أي تطور إيجابي في العلاقة بين بغداد وإربيل.”
وأضاف أن: “دعوة السيد الكاظمي؛ جاءت في محلها ولاقت ترحيبًا كبيرًا، في إقليم كُردستان، فهناك إشكالات في البنية السياسية، الأمر الذي يهدد كيان الدولة العراقية، حيث توجد قوى مسلحة تعمل خارج إطار الدولة”.
لافتًا إلى أن: “هناك كيانان يتصارعان في البلاد، هما كيان الدولة وكيان اللادولة، الأول يدعو إلى حوار وطني، أما الثاني فهو يرفض أي حوار يضع أسسًا جديدة، يمكن من خلالها إعادة اللحمة بين المكونات العراقية، وإذا ما بقيت الخلافات، فإن الانتخابات القادمة لن تنتج أي تغيير”.
فشل المصالحة لتعدد القوى السياسية..
وقال الكاتب والمحلل السياسي، الدكتور “صباح ناهي”، إنه بالرغم من النوايا الطيبة لرئيس الوزراء العراقي؛ للشروع في حوار جديد، خاصة بعد زيارة “بابا الفاتيكان”، للعراق، إلا أن ما يدعو إليه “الكاظمي”؛ هو مجرد حلم أو أمل، لأن هناك أطرافًا متشددة ولا توجد مصالحة حقيقية في “العراق”، فهناك الدولة الرسمية، وهناك دولة الميليشيات، التي تسيطر علي القرار في “العراق” .
وأوضح “ناهي”، أن القرار في “العراق” موزع على مجموعة كبيرة من القوى السياسية، لذلك فشلت في المصالحة، طيلة السنوات الماضية، فشلاً ذريعًا وهو الأمر، الذي يُصّعب من الحوار .
وضع الفرقاء أمام مسؤولية تاريخية !
من جهته، قال الدكتور “رائد العزاوي”، أستاذ العلاقات الدولية، إن دعوة رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، لفتح حوار، مع جميع الفرقاء السياسين وقوى الشباب والمعارضين في “العراق”، ومنذ 17 عامًا؛ لم نرى خطاب من مسؤول يتحدث بموضوعية ويفتح باب للحوار مع الفرقاء السياسين، ويتيح فرصة لمشاركة واسعة على طاولة للحوار الوطني، ففي الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى حصر السلاح المنلفت وبناء اقتصاد قادر على مواجهة التحديدات، تسعى حكومة “الكاظمي” إلى النأي بـ”العراق” على التجاذبات الإقليمية والتدخلات الدولية، وأن يكون “العراق” عامل تهدئة وعامل استقرار في محيطه العربي والإقليمي.
وأشار “العزاوي”، خلال مداخلة تلفزيونية عبر قناة (العربية الحدث)؛ إلى إن من يتصور من الأحزاب أو الشخصيات السياسية العراقية؛ أن “إيران” حليف نزيه له، هو واهم ولا يعرف حقيقة أن “إيران” حتى تحقق أحلامها التوسيعية ألا تتعرض مصالحها وبرنامجها النووي إلى أي خطر، ستتخلى عنهم بسهولة، والتاريخ والوقائع ستثبت صحة ما أقول، ودعوة “الكاظمي” لكل الفرقاء السياسيين هي دعوة للعودة إلى “العراق”، بمعنى العودة عن التبعية لأي جهة أو دولة وأن يتخلوا عن حلفائهم في “إيران” أو “تركيا” أو “الولايات المتحدة”، وأن يكون الولاء لـ”العراق” فقط.
وذكر “العزاوي”: أن تحليل خطاب السيد، “مصطفى الكاظمي”، له دلالات كبيرة، فـ”الكاظمي” استخدم عبارة مهمة جدًا: “أدعوكم وبكل صدق، إلى حوار مفتوح وصريح مع الحكومة على أساس مصلحة البلد وامنه وسيادته”، وهذا العبارات المختارة بعناية كبيرة تشير إلى ان “الكاظمي” وضع كل الفرقاء والخصوم السياسين والمعارضين، على اختلاف توجهاتهم، أمام مسؤولية تاريخية كبيرة، سوف لن يسامحهم شعب “العراق” إذا ما ضيعوا هذه الفرصة.
يصعب تحويلها لواقع بسبب السلاح المنفلت..
وعلق الكاتب الصحافي العراقي، “شاهو القرة داغي”، على دعوة “الكاظمي”، وقال في تغريدة عبر (تويتر): “دعوة رئيس الوزراء، لحوار وطني حقيقي لتعزيز السلام وتقوية العراق وإنهاء الصراعات، دعوة مهمة في حال وجود إرادة حقيقية ومؤسسات قائمة ودستور مُحترم”.
وأضاف: “أما في ظل السلاح المنفلت وغياب الدستور والعقلية الحزبية الضيقة؛ من الصعب تحويل هذه الدعوات إلى برنامج حقيقي وفعال على أرض الواقع”.