21 سبتمبر، 2024 3:53 ص
Search
Close this search box.

بنشاط وحماس شبابه .. “كُردستان” يحاول لملمة تاريخ الكُرد ومخطوطاتهم المفقودة !

بنشاط وحماس شبابه .. “كُردستان” يحاول لملمة تاريخ الكُرد ومخطوطاتهم المفقودة !

وكالات- كتابات:

يسّعى شباب كُرد في “إقليم كُردستان العراق” لحماية تراثهم وتاريخهم المّدون في المخطوطات والكتب القديمة التي أصفّرت أوراقها لتقادم الزمن، وحفظها رقميًا لكي تصل إلى الأجيال اللاحقة سّلمية، خشية أن تتعرض للتلف بمرور الزمن.

ووفقًا لتقرير لوكالة (فرانس برس) الفرنسية، يقلّب “ريبين بشتيوان”؛ بتأنٍّ صفحات كتاب قديم أصفّرت أوراقه داخل حافلته الصغيرة في “إقليم كُردستان”، ويصوّرها على حاسوبه لحفظها رقميًا في إطار مهمة يقوم به مع زميلين له لصّون المخطوطات الكُردية.

ويقول الشاب البالغ من العمر: (23 عامًا)، أثناء توقف الحافلة في مدينة “دهوك”: “هدفنا هو حفظ الكتب القديمة والنادرة والمتهالكة، رقميًا، كي لا تندثر”.

البحث عن كتب نادرة..

ويُضيف الشاب؛ فيما كان ينسّخ مذكّرات لأستاذ كُردي نُشرت في العام 1960، إنه: “لعمل مقدّس أن تقوم بحفظ تاريخ وثقافة كُردستان”.

ويجّول “بشتيوان” مرةً واحدةً في الأسبوع مع زميلين له، بحافلة بيضاء صغيرة من “أربيل”؛ عاصمة الإقليم المتمتع بحكم ذاتي، إلى مدنه “وقراه”.

ويأمل هؤلاء إيجاد كتب: “قديمة ونادرة” تتضمّن معلومات عن الأكراد وتاريخهم، وتعود لأكثر من (40 عامًا)، حتى قرون من الزمن، وتشمل جميع اللهجات والثقافات الكُردية المتنوعة.

الأميرة الكُردية..

في “مكتبة دهوك العامة”؛ يبحث فريق الأرشفة بانتباه بين رفوف الكتب الخشبية عن قطعة أدبية أو تاريخية كُردية نادرة قد تُثير اهتمامهم.

واختار الفريق بروية بمساعدة مدير المكتبة؛ مجموعة من نحو: (35) كتابًا من شعر وسياسة ولغة وتاريخ، كُتبت باللهجات الكُردية المختلفة، وبعضها باللغة العربية.

ويحمل “بشتيوان” بين يديه كتابًا متهالكًا عنوانه (خانزاد)؛ تيمّنًا بأميرة كُردية عاشت في القرن السادس عشر، ويضمّ قصصًا من الفولكلور الكُردي، ثم يقلّب برفق صفحات كتاب ديني عتيق، لامسًّا بيديه الكلمات التي كتبت بخطّ عربي.

في الحافلة المزوّدة بجهازي مسّح ضوئي؛ (سكنر)، يجلس الفريق للقيام بالعمل الشاق الذي يمتدّ ساعات في نسّخ الكتب التي جمعوها، قبل أن يُعيّدوها إلى المكتبة.

المخطوطات المفقودة..

وتعرّض الكُرد للاضطهاد والقتل خلال فترة حكم نظام “صدام حسين”، ولم يحصلوا على الحكم الذاتي إلّا بعد هزيمة “العراق”؛ في “حرب الخليج”، في العام 1991.

وأصبح “إقليم كُردستان”؛ المتمتع بحكم ذاتي، ضمن “العراق” الاتحادي رسّميًا في دستور العام 2005؛ الذي أعدّ في أعقاب الغزو الأميركي لـ”العراق”؛ في العام 2003، والذي أسقط نظام “صدام حسين”.

وفقّد الكُرد خلال تاريخهم المليء بالنزاعات العديد من المخطوطات والوثائق. أما ما تبقّى فهو موزّع بين المكتبات الخاصة والعامة والجامعات أو في مجموعات خاصة.

ولا يوجد في الإقليم مركز خاص لأرشفة الكتب الكُردية، لكن مشروع الأرشفة الرقميّة هذا تُديره منظمة (مركز كُردستان للفنون والثقافة) غير الحكومية؛ التي أسسها ابن أخ رئيس إقليم كُردستان؛ “نيجيرفان بارزاني”.

وبدأ فريق المركز بالتنقّل من منطقة إلى أخرى؛ منذ تموز/يوليو 2023، آملين بنشر هذه الكتب النادرة مجانًا على الموقع الإلكتروني للمركز اعتبارًا من نيسان/إبريل المقبل.

إمارة بابان..

وتمكّن الفريق من أرشفة: (950) كتابًا ووثيقة، من بينها مجموعة مخطوطات تعود للقرن التاسع عشر وكانت ملكًا لـ”إمارة بابان” الكُردية؛ حيث تقع الآن محافظة “السليمانية”.

ويقول المدير التنفيذي لـ (مركز كُردستان للفنون الثقافة)؛ “محمد فاتح”، إن الهدف هو: “توفير مصدر رئيس للقٌّراء الكُرد والباحثين”.

ويُضيف: “سيكون هذا الأرشيف ملكًا لجميع الكُرد لاستخدامه، وليكون عاملاً مساعدًا في كيفية فهمنا لأنفسنا”.

“كنز” تحت الغبار..

في مكتبة “دهوك” العامة، يُغطّي الغبار مجموعة من الوثائق والمخطوطات القديمة على بعض الرفوف، لغياب القدرات الكافية من أجل أرشفتها رقميًا.

لذلك؛ عندما طرح فريق (مركز كُردستان للفنون والثقافة) فكرة أرشفة الكتب إلكترونيًا، فتح لهم مدير المكتبة؛ “مسعود خالد”، الأبواب.

وتحتاج بعض المخطوطات لموافقة مالكيها الأصليين قبل نسّخها وحفظها إلكترونيًا. عندما يحصل “خالد” على هذه الموافقة، سيعود الفريق إلى “دهوك” ليستكمل المهمة.

ويقول الرجل؛ البالغ من العمر: (55 عامًا): “لدينا كتب طُبعت قبل وقت طويل، وتوفي مالكوها وكتّابها، ولن تطبع من جديد”.

ويُضيف “خالد” أن تحويل هذه الكتب والمخطوطات إلى نسّخ إلكترونية: “سوف يُتيّح في نهاية المطاف افتتاح مكتبة إلكترونية”.

ويكشف “هانا هيراني”، وهو إمام مسجد في بلدة “هيران”، عن كنزٍ لفريق (مركز كٌردستان للفنون والثقافة)، يحتوي على مخطوطات تعود إلى قرون كانت موجودةً في مدرسة دينية تأسست في القرن الثامن العشر.

وكانت المدرسة تمتلك العديد من المخطوطات، لكن عددًا كبيرًا دُمّر في الحرب “العراقية-الكُردية” الأولى في العام 1961، وفق “هيراني”.

ويُضيف أن: “(20) مخطوطًا فقط نجت حتى يومنا هذا”، من ضمنها قصائد عمرها مئات الأعوام.

وينتظر “هيراني” حاليًا بفارغ الصبر افتتاح الموقع الإلكتروني لـ (مركز كُردستان للفنون والثقافة) لتُصبح هذه المخطوطات النادرة متوافرة للجميع.

ويقول: “حان الوقت لإخراجها للعلن وأن تُصبح متاحة للجميع”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة