23 ديسمبر، 2024 9:55 م

بعد تهديد “ترامب” للمرة الثانية .. ماذا ينتظر العراق في ظل العقوبات الأميركية ؟

بعد تهديد “ترامب” للمرة الثانية .. ماذا ينتظر العراق في ظل العقوبات الأميركية ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

من جديد عاود الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، تهديده بأن “أميركا” لن تفكر في فرض عقوبات على “العراق”؛ إلا إذا لم يعاملها باحترام.

وأضاف “ترامب” أنه: “إذا كان لأميركا أن تغادر العراق فإنها ستترك بذلك لإيران موطيء قدم أكبر كثيرًا”.

وقال “ترامب” إنه يود سحب القوات الأميركية من العراق “في مرحلة ما”. مضيفًا أن أميركا “تريد أن يضطلع العراق بأمنه”.

وكان “ترامب” قد هدد، مساء الأحد الماضي، بفرض عقوبات على “بغداد” بعدما طالب “البرلمان العراقي”، القوات الأميركية، بمغادرة البلاد. مضيفًا أنه إذا غادرت قواته فسيتعين على “بغداد” أن تدفع لـ”واشنطن” تكلفة قاعدة جوية هناك.

وأبلغ “ترامب”، الصحافيين على متن الطائرة الرئاسية: “لدينا قاعدة جوية هناك باهظة التكلفة بشكل استثنائي. لقد احتاجت مليارات الدولارات لبنائها منذ فترة طويلة قبل مجيئي. لن نغادر إلا إذا دفعوا لنا تكلفتها”.

إخراج القوات الأجنبية وإلغاء الاتفاق الأمني..

وكان “البرلمان العراقي”، قد صوت، لصالح إلزام الحكومة بإخراج القوات الأجنبية من البلاد وإلغاء الاتفاق الأمني مع “الولايات المتحدة” وإلغاء طلب مساعدة “التحالف الدولي” بقيادة “واشنطن” في محاربة الإرهاب.

وتصاعد التوتر بين “واشنطن” و”طهران” عقب إعلان “وزارة الدفاع الأميركية”، (البنتاغون)، فجر الجمعة الماضي، تنفيذ ضربة جوية بالقرب من “مطار بغداد الدولي”، أسفرت عن مقتل قائد (فيلق القدس)؛ التابع لـ”الحرس الثوري” الإيراني، “قاسم سليماني”، بالإضافة إلى “أبومهدي المهندس”، نائب رئيس هيئة (الحشد الشعبي) العراقي، وآخرين، فيما أعلنت “طهران” من جهتها أنها سترد بشكل قاس على عملية الاغتيال.

ماذا ستطال العقوبات ؟

وبحسب مسؤول كبير في الحكومة العراقية؛ قال: “نتوقع فرض عقوبات مركزة في حال حدوثها، وهناك مؤشرات على جدية واشنطن في ذلك، بحال أصرّ العراق على تنفيذ قرارات البرلمان”.

وأضاف أن: “العقوبات ستبدأ من إنهاء إعفاء العراق من موضوع تعامله في شراء الكهرباء والغاز الإيراني، مرورًا بوقف بيعه قطع الغيار والذخيرة للجيش العراقي، الذي تبلغ أسلحته الأميركية منها نحو 70 بالمئة من ترسانته العامة، بما في ذلك مقاتلات (أف-16)، كما يُتوقع أن تطاول البنك المركزي عقوبات أيضًا، فضلاً عن بنوك أخرى، مع عقوبات ستطاول عشرات الشخصيات السياسية العراقية”.

ورجح أن: “يتم استثناء إقليم كُردستان من تلك العقوبات، حيث تسعى واشنطن إلى عزله عن المشهد العراقي السياسي والأمني بالوقت الحالي”.

وتابع أن: “العراق لا يحتمل أي عقوبات حاليًا، وهي قد تكون كارثية، وستمسّ الفقراء والبسطاء من الشعب أما المسؤولون والسياسيون فهم في منعة منها”، وفقًا لتعبيره.

وبحسب عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان السابق، “حامد المطلك”، فإنّ: “العراق سيدفع ثمنًا باهظًا في حال فُرضت عليه عقوبات أميركية”، مؤكدًا أن: “المؤسسة العسكرية ستتحمل العبء الأكبر جراء هذه العقوبات”.

الدولار سيشح في السوق..

وبيّن خبراء أن: “العراق يحصل على الدولار من بيع النفط، وفي حال فُرضت العقوبات، فإن الدولار سيشح في السوق العراقي ويرتفع سعره بشكل كبير”، مذكرًا بفشل جميع الدول التي حاولت بيع نفطها بعُملة غير الدولار، ومن بينها “العراق” في زمن النظام السابق، و”ليبيا” في عهد “معمر القذافي”، وأخيرًا “إيران”.

وأكدوا على أن: “العقوبات ستُحرم العراق من 3 مليارات دولار، تقدّمها أميركا سنويًا لتسليح وتدريب وتجهيز القوات العراقية، وأن قطعها سيؤثر على تجهيزات وذخيرة الجيش”.

تُعمق التوتر في الشرق الأوسط..

وفي أول رد فعل دولي، انتقدت “الصين”، “الولايات المتحدة”، قائلة إنها تُعمق التوتر في الشرق الأوسط بسبب التدخل العسكري، وذلك في إطار مواجهة بين “واشنطن” و”طهران”.

وقال “قنغ شوانغ”، المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، في إفادة صحافية أمس الأول؛ إن: “بكين تحث الولايات المتحدة؛ كذلك على عدم إساءة استغلال القوة”، وذلك حسب وكالة (رويترز).

وأوضح “قنغ”، تعليقًا على تهديد الرئيس، “دونالد ترامب”، بفرض عقوبات على “العراق”، إن: “الصين تعارض الاستخدام الجائر للتهديد بالعقوبات”.

في غضون ذلك؛ عد وزير الخارجية الألماني، “هايكو ماس”، تهديدات “ترامب” بفرض عقوبات على “العراق” في حال أُجبرت القوات الأميركية على مغادرة الأراضي لا تساعد كثيرًا، موضحًا أنه لا يعتقد أنه يمكن إقناع “العراق” بتهديدات بل بحجج، مبينًا أن إلتزاماتنا في “العراق” كبيرة، ليس فقط على الصعيد العسكري بل في المساعدة على إحلال الاستقرار ومن أجل إعادة إعمار هذا وإقامة البنى التحتية، محذّرًا من أن كل هذا سيضيع إذا وصل تطور الوضع بهذا الشكل.

قرار يفترض أن تسبقه خطوات..

في تعليق على تلك الخطوة إن تم تنفيذها، قال الخبير الاقتصادي، “يحيى السلطاني”، أنه: “يجب على الحكومة العراقية وقبل إتخاذ مثل هكذا قرارات أن ترسل رسائل عدة، إلى وزارة الدفاع والداخلية والمالية وإلى الجهات المعنية باقتصاد البلد جميعًا، وتطلب مشورتها فيما إذا كانت هذه الدوائر والجهات قادرة على سد الفراغ والخلل الأمني والاقتصادي الذي سيحدث في حال خروج القوات الأميركية، وهل تستطيع وزارة المالية دعم البنك المركزي العراقي بالسيولة الكافية للمحافظة على سعر صرف الدولار واستقرار الأسواق، وهي أسئلة كان يجب على الحكومة العراقية مناقشتها مع الجهات المعنية، ومن ثم تتخذ قرارًا بإلغاء الاتفاقية الأمنية أو الطلب من القوات الأميركية الانسحاب من العراق”.

بمثابة إعطاء ضوء أخضر للإرهاب..

وتابع “السلطاني”: “بالقياس إلى إيران، التي تمتلك اقتصادًا جيدًا وقوة في الشرق الأوسط، فإن وضع العراق لا يحتمل، كما أن وضعه الداخلي غير مسيطر عليه، في ظل تنوع وتعدد أعراقه الاجتماعية، فلم يكن هناك اتفاق بين مكوناته على إلغاء الاتفاقية مع الولايات المتحدة، فقط إنفرد جزء من أحد المكونات، والذي يمثل الجانب السياسي فيه وليس الشعبي، بإتخاذ مثل هكذا قرار، وهو موضوع قد يؤدي بالبلد إلى منزلق خطير، فإذا ما انسحبت القوات الأميركية من العراق، فإن ذلك بمثابة إعطاء ضوء أخضر لمجاميع الإرهاب للدخول إلى المناطق الهشة، من أجل إعادة التموضع والتمركز وتنظيم وضعها من جديد”.

البُعد السياسي أكبر من البُعد الاقتصادي..

وأضاف “السلطاني”: “كما أن الموضوع لا يخلو من خطورة تقسيم العراق، على اعتبار أن خلل أمني سوف يحدث في البلد، لذا فإن البُعد السياسي حاضر في الموضوع أكثر من الاقتصادي، رغم أن الخزين المالي العراقي هو لدى البنك الفدرالي الأميركي، الذي تحميه الولايات المتحدة من الجهات المطالبة بالتعويض، حيث لولا هذه الحماية، فإن الخزينة سوف تُفلس، بسبب تلك التعويضات التي يتوجب على العراق دفعها، ما يؤدي إلى عجز الحكومة عن سد رواتب الموظفين، وهذا ما يؤدي إلى إنهيار الاقتصاد في البلد”.

تؤدي إلى حدوث مجاعة..

من جهته؛ أكد الخبير الاقتصادي، “همام الشماع”، إن تطبيق “العقوبات الأميركية” الاقتصادية على “العراق” ستؤدي إلى إنهيار اقتصاد بشكل كامل؛ وبالتالي تؤدي إلى “المجاعة”، نظرًا لارتفاع أسعار المواد الغذائية.

وأوضح “الشماع” أن: “الولايات المتحدة الأميركية لو رفعت الحماية عن أموال العراق؛ فإن البلاد سوف تخسر المليارات وأنها لو عطلت التحويلات فإن التجارة في العراق سوف تتأخر كثيرًا”، مبينًا بأن: “أميركا لو قامت بتقليص أو منع تدفق الدولار الحر إلى الأسواق العراقية سوف يرتفع صرف الدولار أمام الدينار العراقي ما يعني ارتفاع الأسعار وهنا نقع في كارثة اقتصادية”.

يضع العراق تحت طائلة البند السابع..

كما حذر خبراء اقتصاديون في مجال “النفط” من خطورة فرض عقوبات اقتصادية على “العراق”؛ لإنها ستُضر بمصالح الشعب وتؤدي إلى كارثة كبرى، مؤكدين أن تطبيق ذلك سيدخل البلاد تحت طائلة البند السابع وفرض وصاية على أموال “العراق” الموجودة في البنوك العالمية.

وقال الخبير الاقتصادي، “باسم أنطوان”، أن: “الاقتصاد العراقي سيتأثر بالعقوبات التي لوح بفرضها الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، ردًا على قرار البرلمان بإخراج القوات الأميركية من البلاد، وبالتالي سيُضر ذلك بمصالح الشعب وعودة العراق تحت طائلة البند السابع وفرض وصاية على الأموال الموجودة في البنوك العالمية”.

اتفاقية إستراتيجية..

وأضاف إن الاتفاقية الإستراتيجة بين الجانبين تحوي إيجابيات اقتصادية وثقافية؛ ولا يمكن التخلي عنها في الوقت الحاضر لأنها صادرة بقانون وتحتاج إلى قانون لإلغائها، مشيرًا إلى أن “العراق” ما يزال بحاجة إلى الدعم الأميركي في ما يخص تزويده بالسلاح وغير ذلك، وتابع أن الشأن الاقتصادي لا يعالج بعشوائية مثل القضايا السياسية والعسكرية؛ إذ يحتاج إلى تروٍ وتفكير بعد تقدير الموقف كون أي إنهيار للاقتصاد يُشكل موقفًا سلبيًا على البلاد.

وتساءل “أنطوان”؛ لماذا يدفع “العراق” ثمن الصراعات الإقليمية والدولية وجعل أرضه ساحة للتصفيات العسكرية والاقتصادية؛ ما يُشكل ذلك خطرًا كبيرًا يهدد مصالح الشعب العراقي ؟.

العراق غير مؤمن غذائيًا..

من جانبه؛ قال الخبير، “ملاذ الأمين”، أن فرض العقوبات سيؤدي إلى تدهور أوضاع البلاد؛ لأنه يختلف عن أي بلد آخر، كـ”الصين” مثلًا، التي لم تتأثر بـ”العقوبات الأميركية”، لأنها مكتفية ذاتيًا من الصناعات المختلفة وتمتلك علاقات قوية مع دول كبرى، لافتًا إلى أن “العراق” يفتقد لهذه الصناعات وغير مؤمن غذائيًا مما سيؤثر ذلك على الاقتصاد حال فرض عقوبات على “قطاع النفط” الذي تتشكل معظم واردات “العراق” منه مما سيضع البلاد أمام كارثة باهظة، داعيًا إلى وحدة قرار الموقف لتجنيب الشعب ويلات الصراع والأزمات الحالية.

تهديد خطر..

فيما أعرب الخبير النفطي، “بيوار خنس”، عن أمله بعدم وصول الأوضاع إلى هذا الحد من التهديد الخطر، قائلًا: “نأمل أن لا يصل التصعيد لهذه الدرجة؛ لأنه سيؤثر على طاقة إنتاج العراق للنفط، ولا سيما الدولة تعتمد بشكل أساس على واردات النفط في ظل الحاجة للتكنولوجيا الحديثة لتطوير الحقول من خلال الشركات الكبرى”، وتابع أن: “كل المؤشرات الحالية تؤكد عدم تطبيق ذلك؛ وإنما رد فعل على قرار إخراج القوات الأميركية بعد التوجه بإلغاء الاتفاقية الأمنية بين البلدين”.

الاتفاقية مازالت سارية..

وكانت اللجنة المالية النيابية قد أكدت أن اتفاقية الإطار الإستراتيجي، التي أقرت عام 2008، مازالت سارية المفعول وعدم تأثرها بقرار البرلمان، وقالت اللجنة، في بيان أمس، أن: “اتفاقية الإطار الإستراتيجي (العراقية-الأميركية)، التي أقرت عام  2008؛ مازالت سارية المفعول ونحن ملتزمون بها”، وأضاف أنها: “لا تتأثر بالقرار الذي صدر من البرلمان؛ كونه ركز على إنهاء الوجود العسكري الأجنبي فقط وبجدول زمني تُعده الحكومة العراقية وفق جاهزية القوات المسلحة وتقديرات القيادة العامة بالتنسيق مع تلك الدول بما لا يوثر على طبيعة العلاقات”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة