23 نوفمبر، 2024 10:58 م
Search
Close this search box.

بعد إمتصاصه لغضب شعبه .. نظام طهران مطالب بإصلاحات ممنهجه !

بعد إمتصاصه لغضب شعبه .. نظام طهران مطالب بإصلاحات ممنهجه !

خاص : ترجمة – لميس السيد :

تشهد موجة الاحتجاجات في إيران تراجعاً كبيراً، بعد مظاهرات قوية قامت في بداية العام الحالي، كان متوقعاً لها تحقيق تغييراً في السياسة الإيرانية أو مستقبل الحكم في البلاد، وبالفعل استجابت القيادة لبعض المطالب، رغبة في الإنفتاح على المواطنين للبقاء في السلطة، إلا أن تحقيق الكثير من المطالب أو القليل منها سيهدد بقاء السلطة على أية حال.

صفقة “روحاني” باهظة الثمن..

ترى “دينا إسفندياري”، زميل في قسم دراسات الحرب في كلية “كينغز” في لندن، وزميل مشارك في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، أن خطط “روحاني” لتعزيز اقتصاد البلاد، والتي أعلن عنها في حملته الانتخابية قبل فوزه العام الماضي، لم تبدو سهلة التنفيذ كما كان يروج لها، حيث كانت صفقة “روحاني” مع الشعب تركز على الاقتصاد والاتفاق النووي على حساب قضايا محلية أخرى، مثل الحريات السياسية والاجتماعية، وهو ما دفع إدارته لرفع سقف الرهانات كجزء من الترويج للصفقة وضمان إعادة انتخابه، فروجوا لفكرة عودة الاستثمارات الأجنبية إلى إيران وامكانات النمو. لكن الإيرانيين العاديين لم يشعروا بأي فوائد. وبدلاً من ذلك، واجهوا تضخماً وبطالة متزايدة، وعانوا من القيود على حرياتهم الشخصية وشهدوا تدفق الأموال الإيرانية خارج البلاد، واليوم تدفع الإدارة الثمن.

وتتابع الباحثة السياسية؛ من خلال مقالها المنشور في صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، أن إيران تعتمد على النظرية العملية البراجماتية وليس الشعارات، وذلك ما يضمن عملية بقاء القيادة، وعندما يتهدد ذلك، يحاول النظام تكييف نفسه، ولكنها ترى أن الحكومة لم تتعامل مع مشهد المظاهرات بالشكل الجيد الذي يستوجبه الموقف.

وشرحت الباحثة أن من أوجه تكييف نظام الحكم نفسه، وفقاً لموجة الشارع، هو تعاطف رجال الدين وأعضاء السلطة القضائية والمسؤولين مع المتظاهرين بعد اتهامات الحكومة بدعم جهات أجنبية للاحتجاجات. ولأول مرة يدلي “روحاني” ببيانات جريئة تسلط الضوء على شرعية الاحتجاجات ورفض الإدعاءات بأنها مدفوعة اقتصادياً فقط، ودعا النظام إلى الإستجابة لمطالب الشعب، والأهم من ذلك أنه أراد ضرب خصومه المتشددين، بتسليط الضوء على محنة الشباب وضرورة تكيف الحكومة الإسلامية مع أساليب الحياة للجيل الجديد. كما اعتبر نائب رئيس الجمهورية الإيراني، “إسحق غاهانغيري”، أن التدخل الإعلامي في الاحتجاجات لن يكون أجنبياً، وأن وسائل الإعلام المحلية يجب أن تكون صوت الشعب.

والأكثر إثارة للدهشة، بحسب وصف الباحثة، هو أن “خامنئي” إتخذ أيضاً لهجة أكثر تصالحية واعترف بمطالب المتظاهرين. ودعا الحكومة إلى الإستماع لإستياء الشعب وتقبله، على الرغم من أنه لم يتخلى عن لهجة “دعم أطراف أجنبية للاحتجاحات”، ولكن تصريحاته حملت خطاباً جديداً وغير مألوف للشعب الإيراني.

واعتراف الحكومة الإيرانية وقاداتها بشرعية التظاهرات ووجود أسباب وجيهة للخروج إلى الشوارع، هو أمراً جديداً على إستجابة إيران للمظاهرات العامة وحالات السخط لدى المواطنين، ولكن الاعتراف جزءاً فقط من خطة بقاء النظام الحالي.

“التغيير” حتمي..

تعتقد الباحثة السياسية أن “التغيير” جزءاً من نهج النظام الإيراني البراجماتي، حيث أن إيران ستنقرض إذا استمرت على هذا النهج المرفوض من قبل المواطنين، لأن الإيرانيين يدركون جيداً مدى التغييرات وحدودهم وأصبحوا ساخطين على مشاحنات النخبة الإيرانية، وعلى الرغم من أن النظام الحاكم يعلم أن كثير من المواطنين لا يفضلون تغيير النظام، إلا أن إغفال المطالب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، سيكون كارثة، والدليل أن إيران قامت بتغيير حكومتها مؤخراً ولم يحدث ذلك فارقاً في حياة المواطن.

وبقاء النظام في السلطة لن يكون إلا بالاعتراف بمطالب معينة؛ وأن يتطور مع التغيرات التي تحدث في المجتمع الإيراني. واليوم يجب على إدارة “روحاني” أن تتعامل مع مطالب المتظاهرين والاعتراف بإخفاقات إدارته والحصول على الموافقة من المرشد الأعلى على المضي قدماً في الإصلاحات التي لا تحظى بشعبية مع قطاعات النخبة، بما في ذلك “الحرس الثوري”.

ولكن الإدارة يجب أن تنفذ هذه التغييرات ببطء، بحسب الباحثة، لأن “روحاني” إذا دفع جدول أعماله بقوة شديدة، فإن ذلك سيؤدي إلى رد فعل متحفظ، وهذا من شأنه أن يجعل النظام أكثر هشاشة في نهاية المطاف بسبب تجدد السخط الشعبي. وبمعنى آخر؛ فإن التغيير القليل أكثر من اللازم أو الكثير بشكل مبالغ فيه سيأتي بعواقب سلبية.

واختتمت “إسفندياري” مقالها بعدم ترجيح إطاحة المظاهرات بمن هم في السلطة، ولكنها سوف تثير تغييراً في النظام، بقيادة النظام. وقد أثبتت الجمهورية الإسلامية مهارتها في البقاء في السلطة، وهي تدرك الآن أنها بحاجة إلى التكيف مع البقاء. ولكن سيكون عليها أن تدرس ذلك بعناية أكبر من أي وقت مضى.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة