خاص : كتبت – نشوى الحفني :
تستمر التجاذبات بين “واشنطن” و”طهران” على خلفية البرنامج النووي، وهو ما جعل ممثل “روسيا” الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، “ميخائيل أوليانوف”، ينتقد ذلك الجدل الذي يدور حول من يتوجب عليه المبادرة بالعودة إلى “الاتفاق النووي”، الموقع عام 2015، داعيًا البلدين لاتخاذ خطوات متزامنة في ذلك الصدد.
فكان آخر ما صرح به الرئيس الأميركي، “جوزيف بايدن”، حول الاتفاق؛ هو أن “طهران” عليها أن تلتزم أولاً، وسبق تصريحاته تأكيد “البيت الأبيض” على أن “الاتفاق النووي” الإيراني سيكون أساسًا لاتفاق جديد أقوى.
المتحدثة باسم “البيت الأبيض”، “جين باساكي”، قالت إن “الولايات المتحدة” سترد بالمثل إذا استأنفت “إيران” إلتزامها بـ”الاتفاق النووي”، الذي قد يكون بمثابة أساس لمزيد من المفاوضات.
وأوضحت أنه: “إذا عادت إيران إلى الإمتثال الكامل بخطة العمل المشتركة الشاملة، فإن واشنطن ستفعل الشيء نفسه؛ ثم تستخدمه كمنصة لبناء اتفاقية أطول وأقوى تتناول أيضًا مجالات أخرى مثيرة للقلق”، بحسب قولها.
وأجرى وزير الخارجية الفرنسي، “جان إيف لودريان”، ما وصفه بـ”المباحثات المهمة” مع نظرائه الأميركي “آنتوني بلينكن”، والألماني “هايكو ماس”، والبريطاني “دومينيك راب”، بشأن “إيران” وكيفية التعامل مع التحديات النووية وفي مجال الأمن الإقليمي.
إشراك السعودية وإسرائيل..
وكان “ماكرون”، قال الخميس؛ إنه سيدعم حوارًا جديدًا مع “إيران” حول “الاتفاق النووي”، معتبرًا أن هناك حاجة إلى إيجاد سبيل لمشاركة “السعودية” و”إسرائيل” في الحوار.
وقال “ماكرون”، في حديث لـ”المجلس الأطلسي”، الذي مقره في “واشنطن”: “إننا بحاجة حقًا إلى إنجاز مفاوضات جديدة مع إيران”.
وهو ما جعل وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، يقول إنه لم يتم إجبار “فرنسا” على أن تكون عضوًا في “الاتفاق النووي”، وإن: “من الطبيعي أن يكون ماكرون غير راضٍ عن بعض القضايا في الاتفاق”.
وأوضح “ظريف”، في مقابلة مع التلفزيون الإيراني؛ أن بلاده: “تدعو لحوار بين دول المنطقة الثمانية، (دول الخليج وإيران والعراق)، وتقول لماكرون إنه لا مكان لفرنسا على طاولة هذا الحوار”.
وأضاف أن: “إيران لا تفاوض الغرب على شؤون المنطقة، بل هي مستعدة للحوار مع دول المنطقة ذاتها”.
رفع جميع العقوبات..
في المقابل، رد الزعيم الأعلى في إيران، آية الله “علي خامنئي”، أمس الأحد، إن: “الولايات المتحدة يجب أن ترفع جميع العقوبات؛ إذا كانت تريد من طهران العدول عن خطواتها النووية”.
وقال “خامنئي”، عبر حسابه بموقع (تويتر)؛ إن: “إيران أوفت بجميع إلتزاماتها بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، والطرف الذي يحق له فرض الشروط في الاتفاق النووي هو إيران لأنها أوفت بجميع إلتزاماتها وليس الولايات المتحدة والدول الأوروبية الثلاث، إذا كانوا يريدون من إيران العودة لإلتزاماتها، فيجب على الولايات المتحدة أن ترفع جميع العقوبات أولاً”.
التفاوض بإطار “5+1”..
وأعرب وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، أمس الأول السبت، عن استعداد بلاده للتفاوض مع “أميركا” بإطار (5+1)؛ بعد عودتها لـ”الاتفاق النووي”.
وقال في تصريحات مع صحيفة (همشهري) الإيرانية: “إن مماطلة إدارة بايدن بالعودة للاتفاق النووي؛ تعود لظروف داخلية تعيشها أميركا بعد ترامب”، مؤكدًا استعداد بلاده للتفاوض مع “أميركا” بإطار (5+1)؛ بعد عودتها للاتفاق.
فيما أكد كبير مساعدي وزير الخارجية الإيراني، “عباس عراقجي”، إن بلاده مستعدة لاعتماد سياسة الدبلوماسية القصوى، مشددًا على أنه لا بديل عنها في المرحلة الحالية. ورحب “عراقجي” بتصريحات الممثل السامي للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، “جوزيب بوريل”، مضيفًا: “نرحب بأي تغييرات في النهج الأميركي لصالح الاتفاق النووي ورفع العقوبات”.
41 مسؤول يطالبون “بايدن” بالعودة للاتفاق..
في الوقت ذاته، كشفت مجلة أميركية النقاب عن رسالة من 41 مسؤولاً عسكريًا وأمنيًا ودبلوماسيًا أميركيًا، للرئيس، “جو بايدن”، تطالبه بالعودة إلى “الاتفاق النووي” مع “إيران”.
ونشرت مجلة (نيوزويك) الأميركية، مساء الجمعة الماضي، أن مجموعة من 41 مسؤولاً عسكريًا وأمنيًا ودبلوماسيًا سابقين في “الولايات المتحدة الأميركية”، قد دعت الرئيس “بايدن”؛ إلى العودة بسرعة لـ”الاتفاق النووي” مع “إيران”، الموقع في العام 2015، بدعوى إحتواء ما أسموه: بـ”الخطر الإيراني”.
وأكدت المجلة أن تلك المجموعة قد حذرت “بايدن” من أن الفشل في القيام بتلك الخطوة المهمة قد يعني حربًا جديدة مكلفة في منطقة الشرق الأوسط، حيث رأوا أن “الاتفاق النووي” لمجموعة (5+1)، الموقع في العام 2015، هو الوسيلة الوحيدة التي يمكن من خلالها منع “إيران” من إنتاج أسلحة نووية.
تأييد عودة القيود..
وأشارت رسالة المجموعة الأميركية إلى أنهم يؤيدون إعادة القيود على برنامج “إيران” النووي بالعودة بسرعة للاتفاق، باعتباره نقطة إنطلاق لمزيد من المفاوضات مع “طهران”، لمواجهة التهديدات التي تشكلها “إيران” نفسها على الأمن القومي الأميركي.
ومن أخطر ما تواجهه “أميركا”، بشأن “إيران”، هو تطوير سلاح نووي إيراني، وأن “الاتفاق النووي” القديم هو أفضل طريقة لإحتواء الطموح الإيراني، وهو ما يعني منع “إيران” من الحصول على أسلحة نووية.
ولفتت الرسالة المهمة الموجهة من دبلوماسيين وأمنيين وعسكريين أميركيين أن الطريقة التي أتبعها الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”، كانت كارثية على الأمن القومي لبلادهم، خاصة وأنه رفض نهج الدبلوماسية واعتمد على خطاب عدائي.
52 عضو جمهورى يؤيدون عدم العودة للاتفاق..
مقابل تلك الخطوة، حث 52 عضوًا جمهوريًا في “مجلس النواب” الأميركي، “بايدن”، على عدم العودة إلى “الاتفاق النووي” مع “إيران”.
ونشر “مايك غارسيا”، وهو جمهوري من “كاليفورنيا”، بيانًا على موقعه على “الإنترنت”، أعلن فيه إنضمامه إلى “غريغ مورفي”، وهو عضو برلماني عن ولاية “كارولينا الشمالية”، بالإضافة إلى 50 جمهوريًا في “مجلس النواب” الأميركي.
وقال هذا النائب الجمهوري إن: “حملة الضغط القصوى التي شنتها إدارة ترامب على إيران غيرت ميزان القوى في الشرق الأوسط، وشهدنا منذ ذلك الحين إقامة علاقات أقوى بين المزيد من دول المنطقة وإسرائيل”.
كما شدد “غارسيا”، بصفته جنديًا سابقًا في البحرية الأميركية؛ قام بمهام حرب في الشرق الأوسط، على أنه يرى بنفسه أهمية مواصلة تعزيز العلاقات مع “إسرائيل”.
إستراتيجية أميركية جديدة..
وأكدت الرسالة، التي بعث بها النواب إلى “بايدن”؛ أن الشرق الأوسط واجه تحديات جديدة، خلال العقد الماضي، وأن هناك حاجة إلى إستراتيجية أميركية جديدة، مقارنة بفترة توقيع “الاتفاق النووي”، وأنه يجب أن يواصل إستراتيجية الحملة الأميركية للضغط الأقصى على النظام الإيراني.
وكتبوا في الرسالة أن: “إدارة باراك أوباما خلقت حالة من زعزعة الأمن في المنطقة من خلال الاستجابة لمطالب إيران، وأن الاتفاق النووي عاد على إيران بمليارات الدولارات، وهي أموال استخدمها في المنطقة”.
وكتب الموقعون على الرسالة؛ أن التساهل مع الحكومة الإيرانية يهدد أمن الأميركيين وأقرب حليف لها، “إسرائيل”.
وأضافوا أن “الولايات المتحدة” لا يجب أن تمنح “إيران” مليارات الدولارات لدعم الإرهاب وزعزعة استقرار المنطقة وتطوير برنامج الصواريخ (الباليستية)، وارتكاب إنتهاكات جسيمة في مجال حقوق الإنسان على شعبها، في الوقت الذي لم يُعد هناك طريق طويل أمام “طهران” لإنتاج أسلحة نووية.
توصيات بمواصلة سياسة “الضغط الأقصى“..
تأتي هذه المطالب بعدما قدمت “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات”؛ بعض التوصيات للرئيس الأميركي، حثته خلالها على مواصلة سياسة “الضغط الأقصى”، التي إنتهجها “ترامب” ضد “إيران” بشكل أكثر فعالية.
وفي السياق نفسه، بعث أكثر من 40 ناشطًا سياسيًا ومدنيًا، من داخل “إيران”، برسالة مفتوحة إلى الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، طالبوه خلالها بمواصلة: “الضغوط السياسية والدبلوماسية والمالية على النظام” الإيراني.
لن يتغير الموقف الإيراني..
تعليقًا على التصريحات المتبادلة، قال خبير الشؤون الإيرانية، “محمد شمص”؛ إن تصريح “الخارجية الأميركية” يعني أن هناك تفاهم أو رغبة في العودة لـ”الاتفاق النووي”، لكن ما يحدث من تجاذب وإلقاء الكرة بملعب “إيران” هو نوع من الضغط في التفاوض المرتقب.
وأكد “شمص” أن أي إدارة إيرانية قادمة لن توافق على اتفاق جديد، مشيرًا إلى أن مراهنة “واشنطن” على أن الرئيس القادم قد يغير في الموقف الإيراني، يدل على عدم دراية أميركية بالواقع الإيراني.
وأوضح إن: “التجاذب الحاصل بين الولايات المتحدة وإيران، هو حول من سيعود أولاً إلى الاتفاق النووي”.
وأوضح أن: “المنطق يقول إن من خرج من الاتفاق هو الذي عليه العودة؛ وهذا قول طهران التي لم تخرج من الاتفاق وألتزمت به، وهناك موقف ثابت من مرشد الثورة الإسلامية بأن إيران لن تلتزم ببنود الاتفاق النووي ما لم توقف الولايات المتحدة العقوبات كاملة عن إيران وهو شرطها الأخير”.
وأضاف: “هناك ضغط على إيران لتقديم تنازلات فيما لو أرادت واشنطن العودة إلى الاتفاق، وهو ما لا تقبله طهران”.
سيناريوهات الاتفاق النووي..
من جهته؛ يرى المتخصص في الشأن الإيراني، “محمد سيد أحمد”، إن هناك: “عدة سيناريوهات بخصوص الاتفاق النووي، أولها: عودة الولايات المتحدة للتفاوض للوصول إلى تعديلات في نصوص الاتفاق السابق”.
كما يقول إن: “الإدارة الأميركية الجديدة تسعى للعودة إلى الملف؛ حتى في حدوده الدنيا لضرورة التهدئة مع إيران، وأيضًا الأمر يتعلق بإمكانية أن تصل إيران إلى اتفاق مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها”.
وأوضح أن: “إيران تتمسك بحقها في امتلاك سلاح للردع، وبالتالي لن تسلم الأمور كاملة ويكون الاتفاق مبني على أساس ترضية كل الأطراف”.