خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :
إن المتابع لتصريحات معظم المسؤولين العراقيين، يجد أنها مُنحازة بشكل واضح للموقف الإيراني، في مواجهة “الولايات المتحدة الأميركية”، لا سيما في ظل حالة التصعيد القائمة بين “واشنطن” و”طهران”.
“المالكي” يرفض التصعيد الأميركي..
وجاءت آخر التصريحات؛ التي تعكس ذلك الإنحياز، على لسان زعيم ائتلاف (دولة القانون)، “نوري المالكي”،عندما أكد أمس السبت، أن: “إعلان إيران على لسان قادتها أنها لا تريد الحرب، يُلزم الحميع أن يقف بوجه التصعيد، وأن لغة الحياد لم تعد مقبولة، إنما الموقف الرافض للطرف الذي يريدها”، داعيًا المجتمع الدولي إلى “وقفة جادة تجاه ما تعيشه المنطقة من توترات”. وحاول “المالكي” أن لا يبدو في صورة المنحاز لأحد الأطراف دون الآخر، فتحدث عن المنطقة كلها، قائلًا: “إن المنطقة تواجه تحديات كبيرة ويجب العمل على التهدئة وإبعاد لغة التصعيد والتلويح باستخدام القوة”، مُعربًا عن أمله في أن “تنجح مساعي العراق في إنهاء حدة التوتر القائمة بين واشنطن وطهران”.
وجاءت تصريحات “المالكي”، خلال اجتماعه برئيس البرلمان العراقي، “محمد الحلبوسي”، وقبل ساعات من وصول وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، إلى “بغداد”، عصر أمس، في زيارة رسمية لبحث تداعيات الأزمة بين “واشنطن” و”طهران”.
“الحشد الشعبي” يُقلق الأميركيين..
ولا يقتصر الإنحياز للموقف الإيراني على المسؤولين السياسيين فقط؛ بل إن الميليشيات الشيعية أكثر إنحيازًا للنظام في “طهران”. وبحسب المحللين فإنه في حال نشبت الحرب فستكون “إيران” قادرة الإعتماد على “الحشد الشعبي” لضرب “الولايات المتحدة”، وكل ما يتعلق بها في “العراق”، مثل المقرات الدبلوماسية والقواعد العسكرية المنتشرة فيه.
وتدرك “واشنطن” مدى ولاء قوات “الحشد الشعبي” لـ”إيران”، لذا فإن قرار وزارة الخارجية الأميركية برفع حالة التأهب القصوى في “العراق”؛ وسحب الموظفين الأميركيين غير الأساسيين الذين يعملون في السفارة في العاصمة “بغداد”، جاء على خلفية معلومات استخباراتية تشير إلى احتمال تعرض القواعد الأميركية لاستهداف من قِبل الميليشيات الشيعية الموالية والمدربة والممولة من “طهران”.
وبحسب مصادر أمنية عراقية؛ فإن وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، قد حذر، خلال زيارته الأخيرة لـ”العراق”، من مخاطر إدماج ميليشيات “الحشد الشعبي” تحت إمرة القوات العراقية الرسمية، مؤكدًا أن أي استهداف للوجود الأميركي هناك سيُرد عليه بقوة وبسرعة ودون العودة إلى “بغداد” أو أخذ الإذن منها.
فيما قال الباحث الأميركي، “مايكل بيرغنت”: إن “الولايات المتحدة” لن تقف مكتوفة الأيدي، متوقعًا أن تضرب إدارة الرئيس، “دونالد ترمب”، واحدة من تلك الميليشيات التابعة لـ”إيران”، مثل “عصائب أهل الحق” أو غيرها من فصائل “الحشد الشعبي”.
واعتبر “بيرغنت” أن: “الطريق إلى عدم التصعيد يجب أن يمر عبر التصعيد، وذلك بضرب أذرع إيران، وبالأخص الموجودة في العراق”.
وتشير المعلومات الاستخباراتية إلى أن “إيران” نقلت صواريخ (باليستية) قصيرة المدى إلى حلفائها من الميليشيات العراقية، خلال الأشهر الماضية، والهدف هو أن تكون لديها خطة وجاهزية حال تم ضرب أهداف إيرانية من قِبل “الولايات المتحدة”.
وساطة العراق مرفوضة !
ونظرًا لأن معظم القوى السياسية والأمنية، في “العراق”، تدعم “إيران” ولن تتخلى عنها، فإن “واشنطن”؛ من جانبها لم تطلب من “بغداد” أن تلعب دور الوساطة لنزع فتيل الأزمة في منطقة الخليج.
ولقد كشف وزير عراقي بارز، أمس السبت، أن الأميركيين غير متحمسين لدور الوساطة العراقي مع “طهران”، مبينًا أن “العراق” كلف نفسه بهذا الدور دون تكليف من أحد.
وقال الوزير؛ الذي طلب عدم ذكر اسمه، إن: “الحراك الجاري من قِبل رئاسة الوزراء ورئاسة الجمهورية العراقيتين، حيال الأزمة الحالية بين طهران وواشنطن، هي مبادرات عراقية دون تكليف من أحد، لإستشعار بغداد بكارثية المواجهة في حال حدوثها على العراق من دون باقي دول المنطقة”.
وأضاف الوزير العراقي، أن: “الأميركيين غير متحمسين للدور العراقي الحالي ويرون أن أفضل ما يمكن أن يفعله الساسة والمسؤولون العراقيون هو عدم إقحام بلادهم في هذا الصراع”.
إنحياز العراق سيجعله في موقف حرج..
قال المحلل السياسي، “محمد الربيعي”، إن الأوضاع في الشرق الأوسط صعبة للغاية، مبينًا أن اشتعال حرب بين “إيران” و”أميركا” ممكنة، مؤكدًا على أن “العراق” هو المتضرر الأول في حال إندلاع الحرب.
وأوضح “الربيعي”؛ أن إنحياز “العراق”، إلى الجانب الإيراني، سيجعله في موقف حرج مع “الولايات المتحدة”. فيما أشار إلى أنه يمكن لجهود الوساطة الإقليمية والدولية تخفيف التوتر بين “طهران” و”واشنطن”.