خاص : كتبت – نشوى الحفني :
للمرة الأولى في تاريخها؛ وفي إشارة إلى تقارب العلاقات بين البلدين، أفاد التليفزيون العبري بأن وزير الداخلية الإسرائيلي يوقع مرسومًا يسمح لمواطنيه بالسفر لـ”العربية السعودية” في رحلة دينية أو عمل؛ طالما حصلوا على تأشيرة من المملكة.
وقالت القناة (13) في التليفزيون الإسرائيلي، أمس الأول، أن: “وزير الداخلية الإسرائيلي، “أريه درعي”، وقع مرسومًا يسمح للإسرائيليين بالسفر إلى “المملكة العربية السعودية”، في رحلة دينية أو عمل، طالما حصلوا على تأشيرة من “المملكة العربية السعودية”.
وقالت القناة: “هذا هو إضفاء للطابع الرسمي على واقع السنوات القليلة الماضية”.
وأوضحت القناة العبرية إن قرار “درعي” جاء بعد التشاور مع مسؤولي “الدفاع” و”وزارة الخارجية” و”مكتب الأمن القومي” وغيرهم من المسؤولين المعنيين.
وأضافت: “سيكون دخول حاملي جوازات السفر الإسرائيلية إلى المملكة أمرًا ممكنًا في حالتين – للعبادة الدينية أثناء موسم الحج ولموظفي العمارة، وللمشاركة في اجتماعات العمل أو لطلب الاستثمار، وذلك لمدة تصل إلى تسعة أيام. هذا شريطة أن يكون مقدم الطلب قد رتب دخوله إلى المملكة العربية السعودية ويحمل دعوة من مسؤول”.
على الأرض؛ سيكون تأثير الإعلان محدودًا، خاصة وأنه بإمكان الإسرائيليين السفر إلى “السعودية” عبر بلد ثالث، هو “الأردن” في أغلب الحالات. و”الأردن” هي الدولة الثانية التي وقعت اتفاق سلام مع “إسرائيل” بعد “مصر”.
تطور تاريخي في العلاقات..
الصحافي الإسرائيلي، “شمعون آران”، كتب على حسابه على (تويتر): “أفاد التليفزيون الإسرائيلي بأن وزير الداخلية الإسرائيلي يوقع مرسومًا يسمح لمواطنيه بالسفر للسعودية في رحلة دينية أو عمل طالما حصلوا على تأشيرة من المملكة”.
وقال “آرن”، في تعليقه على القرار؛ إنه: “تطور تاريخي في علاقات إسرائيل والسعودية”.
وأشار الصحافي الإسرائيلي إلى أن وزير الداخلية: “وقع لأول مرة أمرًا يسمح لمواطنين إسرائيليين بزيارة السعودية لأداء مناسك الحج والعمرة، ولعقد لقاءات عمل اقتصادية؛ إذا توفرت دعوة من جهة سعودية رسمية دون وجود معارضة من جهة أخرى القيام بالزيارة”.
السعودية ترفض القرار الإسرائيلي..
إلى ذلك؛ أكد وزير الخارجية السعودي أن الإسرائيليين غير مُرحب بهم في المملكة.
وقال “بن فرحان”؛ عن هذا الأمر: “سياستنا ثابتة، لا علاقات لدينا مع إسرائيل ولا يمكن لحاملي الجواز الإسرائيلي زيارة المملكة في الوقت الراهن”.
زيارة لمعسكر “أوشفيتز” النازي..
وقبل هذا القرار بأيام قليلة؛ قام الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، “محمد العيسى”، بزيارة معسكر “أوشفيتز” النازي، في “بولندا”، للمشاركة في الذكرى الـ 75 لتحرير سجنائه. ورافق “العيسى”، الذي شغُل سابقًا منصب “وزير العدل” السعودي، وفدًا قام معه بأداء الصلاة في المعسكر. ونشرت الصفحة الرسمية لـ”إسرائيل” بالعربية عبر حسابها في (تويتر) تغريدات قالت فيها: “الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، السعودي محمد العيسى، برفقة وفده يؤدي الصلاة في ذكرى ضحايا المحرقة خلال زيارته لمعسكر الإبادة (أوشفيتز)”.
ترحيب إسرائيلي..
وعلق “بنيامين نتانياهو”، رئيس حكومة تسيير الأعمال الإسرائيلي، على تلك الزيارة ونشر تغريدة له على حسابه الرسمي على (تويتر)، رحب فيها بزيارة، الدكتور “محمد العيسى”، وزير العدل السعودي السابق، الأمين العام لـ”رابطة العالم الإسلامي”؛ رئيس “مجلس هيئة علماء المسلمين”، إلى معسكر “أوشفيتز” بالعاصمة البولندية، “وارسو”.
وقال رئيس حكومة تسيير الأعمال الإسرائيلي: “هذا مؤشر آخر على التغيير الذي حدث في تعامل جهات إسلامية ودول عربية مع إسرائيل والمحرقة والشعب اليهودي”.
وسبق أن أحتفت وزارتا “الخارجية” و”الدفاع” الإسرائيليتان، بزيارة “العيسى”، لمعسكر ضحايا “الهولوكوست”، يوم الخميس الماضي.
ونشر موقع “وزارة الخارجية” الإسرائيلية تغريدة جديدة على (تويتر)، أشادت فيها الوزارة بزيارة، الدكتور “محمد العيسى”، الأمين العام لـ”رابطة العالم الإسلامي”، رئيس “مجلس هيئة علماء المسلمين”، برفقة قادة دينيين مسلمين آخرين من أكثر من 24 بلدًا.
كما ذكرت صفحة (إسرائيل بالعربية)، الناطقة باسم “الخارجية الإسرائيلية”: “الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، السعودي محمد العيسى، برفقة وفده يؤدي الصلاة في ذكرى ضحايا المحرقة خلال زيارته لمعسكر الإبادة (أوشفيتز). قُتل في هذا المعسكر أكثر من مليون يهودي خلال الهولوكوست”.
بدوره؛ نشر “أفيخاي أدرعي”، المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، تغريدة جديدة له على (تويتر)، أحتفى فيها بتلك الزيارة، قائلًا: “هذا هو الإسلام الحقيقي”.
وقال “أدرعي”: “رجل الدين السعودي، محمد العيسى، وبعثته يُصلّون لذكرى ضحايا الهولوكوست اليهود في معسكر (أوشفيتز) … شاهدوا الفيديو وأتّعظوا، فالتآخي بين الديانات علّة كل خير !”.
وأحيت “إسرائيل”، الأربعاء الماضي، الذكرى الـ 75 للمحرقة النازية، (الهولوكوست)، وتحرير معسكر “أوشفيتز” للإبادة خلال الحرب العالمية الثانية، في مؤتمر دولي حضره رؤساء وملوك وأمراء 41 دولة حول العالم.
يزرع “نوى التطبيع” بين إسرائيل ودول الخليج..
ووصف الباحث في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة “تل أبيب”، “يوئيل غوزانسكي”، الإعلان الإسرائيلي؛ بأنه أشبه بزرع “نوى التطبيع” بين “إسرائيل” ودول الخليج، كما اعتبر الإعلان بأنه: “أسوأ الأسرار التي جرى التكتم عليها في الشرق الأوسط”.
ويرى الباحث الإسرائيلي أن السماح للإسرائيليين بزيارة “السعودية”، قبل إعلان “الولايات المتحدة” عن خطتها للسلام؛ قد يكون “محيرًا” للسعوديين، مضيفًا أن ذهاب الإسرائيليين إلى هناك “سيسبب مشكلة؛ ليس فقط مع الجهات المتشددة في المملكة، وإنما مع الأعداء الإقليميين مثل قطر وإيران”.
ووفقًا لـ”غوزانسكي”؛ فإن الوجود الإسرائيلي المتزايد في دول الخليج – بما في ذلك المسابقات الرياضية ومعرض “إكسبو دبي” المقبل – يستمد شرعيته من “الضغط الأميركي لتوجيه إشارات إيجابية إلى إسرائيل”.
ويُذكر أن شركة “الخطوط الجوية الهندية” أطلقت، في 2018، أولى رحلاتها المباشرة إلى “إسرائيل” مرورًا بالأجواء السعودية، في خطوة غير مسبوقة.
محاولة لاستغلال انفتاح السعودية تجاريًا..
من جهته؛ قال المحلل السياسي الإسرائيلي، “شاهر النهاري”: إن القرار الإسرائيلي، ربما جاء في محاولة لاستغلال انفتاح “السعودية” تجاريًا على العالم، واستقبالها للكثير من السياح والمستثمرين عن طريق تأشيرة السياحة.
وأضاف أن الكثير من الإسرائيليين يمتلكون جوازات سفر غير إسرائيلية، كـ”عرب 48″، ويحتاجون للذهاب إلى “السعودية” لأداء فريضة الحج أو العمرة أو حتى السياحة والتجارة، لافتًا إلى أن هذا الأمر قد يكون مطروحًا في المستقبل ببعض الشروط التي ستضعها “السعودية” حال موافقتها على ذلك.
تحاول تصدير صورة مغايرة للواقع !
وقال “سعد بن عمر”، رئيس مركز “القرن” للدراسات بـ”السعودية”، إن الأمر ليس جديدًا، وأنه يسمح لـ”عرب 48″ بدخول “السعودية” بالأساس.
وذكر “ابن عمر”، مدير مركز “القرن” للدراسات، أن “إسرائيل” حاولت إظهار صورة مغايرة للواقع في الوقت الراهن.
مضيفًا أن “إسرائيل” تسعى لأن يكون لها علاقات طبيعية مع كافة الدول العربية، إلا أن هناك توافقًا وإجماعًا أنه لا يجوز وجود هذه العلاقة ما لم يُحصل الشعب الفلسطيني على كامل حقوقه.
وأوضح أن “إسرائيل” تقوم بتصرفات توحي للمتابع أن هذه الإجراءات نابعة من موافقة الطرفين، وتطبيقًا على الحالة الأخيرة؛ هي تريد توجيه رسالة أن “السعودية” توافق على نفس الإجراء، إلا أن حقيقة الأمر مخالفة لذلك.
وتابع أن: “القرار لم يأتِ بجديد، خاصة أن (عرب 48)؛ مسموح لهم بالوصول إلى الأماكن المقدسة وأداء مناسك الحج والعمرة، بالإضافة إلى الفلسطينيين جميعًا، وذلك بحسب النسب المتفق عليها من قِبل رابطة العالم الإسلامي، الذي حدد عدد المعتمرين والحجاج لكل دولة”.
كما ذكر أن “إسرائيل” أصدرت مثل هذا القرار، في الوقت الراهن، في محاولة للتقرب من الدول العربية، وكسر الجمود مع الدول العربية.
وأكد على أن “السعودية” لا تسمح بدخول الإسرائيليين إلى أراضيها نهائيًا، وأن الأمر يقتصر على “عرب 48”.
إجراء إسرئيلي إداري لا علاقة للمملكة به !
من ناحيته؛ قال “محمد الساعد”، المحلل السعودي، أنه لا يوجد أي تنسيق مع الجانب السعودي بهذا الشأن، خاصة أنه لا توجد علاقات بين المملكة و”إسرائيل”.
وأضاف؛ أن القرار يتعلق بإجراءات إدارية داخل “إسرائيل”، فيما يتعلق بـ”عرب 48″، وأنه لا علاقة لـ”المملكة العربية السعودية” بهذا الشأن.