وكالات – كتابات :
إن الزيارة التي قام بها “نفتالي بينيت”، رئيس الوزراء الإسرائيلي، إلى “الإمارات” تُساعد في تلميع صورته، واعتماد أوراقه في السياسة الخارجية، بالإضافة إلى أنها تصرف الانتباه عن مشكلاته السياسية الداخلية؛ وحول هذه المسألة نشرت صحيفة (نيويورك تايمز) تقريرًا أعدَّته؛ “إيزابيل كيرشنر”، مراسلة الصحيفة الأميركية في “القدس” المحتلة، والتي تهتم بتغطية الصراع “الإسرائيلي-الفلسطيني” والجهود الدبلوماسية لحله.
استهلت المراسلة تقريرها بالإشارة إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ “نفتالي بينيت”، ذهب إلى “الإمارات”؛ يوم الخميس الماضي، في زيارةٍ خاطفةٍ تُشكل الاستعراض الأحدث لتعزيز التحالف بين البلدين والجبهة المشتركة الموحَّدة ضد “إيران”؛ وسط تصاعد التوترات بشأن طموحات “طهران” النووية.
توقيت الزيارة..
يُوضِّح التقرير أن الزيارة، التي التقى خلالها “بينيت”؛ برئيس دولة “الإمارات”، الشيخ “محمد بن زايد آل نهيان”، جاءت بعد أكثر من أسبوعٍ من توقيع اتفاق واسع النطاق للتجارة الحرة بين “إسرائيل” و”الإمارات”، فيما يُعد مؤشرًا جديدًا على ترسيخ أواصر العلاقات بين “إسرائيل” وبين بعض الحكومات العربية.
ويُشير التقرير إلى أن “إسرائيل” و”الإمارات” أقامتا علاقاتٍ دبلوماسية كاملة قبل أقل من عامين، وأدَّى ذلك، بفضل وساطة إدارة “ترامب”، إلى تشكيل تحالف إقليمي أوسع أفضى إلى إبرام اتفاقيات تطبيع مع: “البحرين والمغرب”، وكانت “إسرائيل” قد وقَّعت معاهدتي سلام مع: “مصر والأردن” منذ عقود، إلا أن عدم تحقيق تقدم في حل الصراع “الإسرائيلي-الفلسطيني”، على الرغم من استمرار العلاقات الأمنية، أعاق عملية تطبيع العلاقات بين “إسرائيل” وتلك الدول العربية لزمنٍ طويلٍ، بحسب التقرير.
وعلى النقيض من ذلك؛ كانت علاقة “إسرائيل”؛ بـ”الإمارات”: “أكثر دفئًا وودية”، بصورة ملحوظة، وبعد سنواتٍ من العلاقات السرية وغير الرسمية، خرجت الصفقات التجارية إلى العلن، بالإضافة إلى تسيير عديدٍ من الرحلات الجوية المباشرة يوميًّا بين “تل أبيب” والمدن الإماراتية، وأصبح مئات الآلاف من الإسرائيليين يقضون عطلاتهم في إمارة “دبي”.
الملف النووي الإيراني..
يُنوَّه التقرير إلى أنه أثناء مغادرته “إسرائيل”؛ صباح يوم الخميس 09 حزيران/يونيو 2022، صرَّح “بينيت” أنه ذاهب إلى العاصمة الإماراتية؛ “أبوظبي”، ليُقدم تعازيه وتعازي الشعب الإسرائيلي في وفاة الشيخ “خليفة بن زايد”، رئيس الدولة الذي وافته المنية الشهر الماضي والأخ غير الشقيق الأكبر سنًّا لرئيس دولة الإمارات الحالي؛ الشيخ “محمد بن زايد”، ووصف “بينيت”، الشيخ “محمد بن زايد”، ولي عهد “أبوظبي” السابق وخليفة الشيخ “خليفة”، بأنه: “رجل ذو رؤية وقائد شجاع”، قائلًا: “سننقل معًا اليوم العلاقة المميزة التي نُسِجت بين بلدينا إلى مستوًى أرقى لما فيه نمو شعبَيْنا وأمنِهما”.
وأشار “بينيت” أيضًا إلى الملف النووي الإيراني، وهو أحد العوامل الأساسية التي يرتكز عليها التحالف “الإسرائيلي-الإماراتي”، مشيدًا بقرار “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”؛ الصادر يوم الأربعاء 08 حزيران/يونيو الجاري، والذي انتقدت فيه الوكالة؛ “إيران”، لعدم تعاونها مع الوكالة في مراقبة الأنشطة النووية وإفتقار “إيران” إلى الشفافية في برنامجها النووي.
وقال “بينيت”: “تبين لنا في هذا القرار حجم أكاذيب إيران ونفاقها بشأن مشكلة برنامجها النووي بصفةٍ خاصةٍ، وحجم أكاذيبها ونفاقها بصفةٍ عامةٍ، ومن جهةٍ أخرى، نلاحظ هنا اتخاذ دول العالم موقفًا حازمًا فيما يتعلق بالتمييز بين الخير والشر، إذ إن الوكالة تُعلن بكل وضوح أن إيران تتعمد إخفاء أنشطتها. إننا لن نتوانى عن التعامل مع هذه المسألة”.
تصاعد التوترات بين “إسرائيل” و”إيران”..
يُلفت التقرير إلى أن “إيران” تُصر على أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية، وقد التقى؛ “رافايل ماريانو غروسي”، المدير العام لـ”الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، برئيس الوزراء الإسرائيلي؛ خلال زيارته إلى “إسرائيل”، الأسبوع الماضي، وأعرب “بينيت” في بيانٍ له، خلال اجتماعه بـ”غروسي” في مكتبه، عن: “قلق إسرائيل العميق إزاء استمرار تقدم إيران نحو امتلاك أسلحة نووية، في الوقت الذي تخدع فيه إيران المجتمع الدولي من خلال استخدام الأكاذيب والمعلومات المضللة”.
وكانت المفاوضات التي تجري بين الدول الغربية و”الولايات المتحدة” من جهة؛ و”إيران” من جهة أخرى، لإحياء “الاتفاق النووي”؛ الذي يكبح أنشطة “إيران” النووية مقابل تخفيف العقوبات قد تعثرت، وأعلنت “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” أن “طهران” تُخطط لتكثيف تخصيب (اليورانيوم).
وأضاف التقرير أن حصيلة الخسائر والقتلى في صفوف المسؤولين العسكريين في “إيران” قد تضاعفت في الآونة الأخيرة نتيجة التوترات المتصاعدة بين “إيران” و”إسرائيل”، التي تُشن حربًا تخريبية وعمليات قتل مستهدفة سرية منذ سنوات ضد منافستها الإقليمية.
صرف الانتباه عن المشكلات الداخلية لحكومة “بينيت”..
يمضي التقرير موضحًا أن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ صرَّح أن تلك الزيارة جاءت بدعوة من الشيخ “محمد بن زايد”، رئيس دولة “الإمارات”، وأن قادة البلدين ناقشا مختلف القضايا الاقتصادية والإقليمية، وكانت هذه الزيارة هي اللقاء الثالث بينهما خلال الأشهر الأخيرة، والأول منذ تولي “ابن زايد” رئاسة “الإمارات”، وأضاف بيان مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ أن “بينيت” و”ابن زايد” اجتمعا يوم الخميس؛ على انفراد لمدة ساعتين تقريبًا في قصر رئيس دولة “الإمارات”، وبعد ذلك، أقاما غداء عملٍ مع أعضاء وفديهما.
ويُؤكد التقرير أن تلك الزيارة قدمت أوراق اعتماد “بينيت” في السياسة الخارجية، وساعدت على تلميع صورته على الساحة الدولية؛ بعد عامٍ من توليه منصبه، وقد يكون الغرض من الزيارة أيضًا صرف الانتباه عن مشكلاته السياسية في الداخل الإسرائيلي؛ إذ تُعد حكومته الائتلافية، المكونة من ثمانية أحزاب سياسية، ولديها إيديولوجيات وأجندات متضاربة، على وشك الإنهيار، لا سيما أن الحكومة تُسيطر حاليًا على حوالي نصف مقاعد البرلمان فحسب، وتجد صعوبة متزايدة في تمرير التشريعات وإدارة شؤون الحكم.
وتختم المراسلة تقريرها بالإشارة إلى أن هذه هي الاتفاقية الدبلوماسية بين “إسرائيل” و”الإمارات”، وهي العنصر الأول لما أصبح يُعرف: بـ”اتفاقيات أبراهام”، خلال فترة رئاسة “بنيامين نتانياهو”، سلف “بينيت”، للحكومة الإسرائيلية، الذي يُعد حاليًا زعيمًا للمعارضة في (الكنيست) الإسرائيلي؛ إلا أن جهود “نتانياهو” للاستفادة من شراكته مع “الإمارات”؛ قبل فترةٍ وجيزةٍ من الانتخابات المتقاربة، التي أُجريت في آذار/مارس عام 2021، فُهِمت على نحو سييء في العلاقة الناشئة بين البلدين، وقد أرسل المسؤولون الإماراتيون إشاراتٍ واضحة إلى أن “الإمارات” لن تسمح بالزَّج بها في حملة لإعادة انتخاب “نتناياهو” رئيسًا للحكومة آنذاك، بحسب التقرير.