خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في الوقت الذي يحذر فيه الأمين العام لحركة “عصائب أهل الحق” في العراق، الشيخ “قيس الخزعلي”، من استمرار التواجد العسكري الأميركي في البلاد بعد إنتهاء تنظيم “داعش” الإرهابي، كشف رئيس لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، “حاكم الزاملي”، الثلاثاء 13 شباط/فبراير 2018، أن 8 آلاف جندي أميركي ينتشرون في العراق، وأن الولايات المتحدة الأميركية تعتزم إقامة قواعد ثابتة لها في أرجاء البلاد.
وقال “الزاملي”، في بيان، إن عدد الجنود الأميركان في العراق وصل إلى 8000 جندي.
إقامة قواعد عسكرية ثابتة..
مضيفاً أن واشنطن تؤسس لمرحلة جديدة عبر إقامة قواعد ثابتة، منها “عين الأسد” في محافظة الأنبار – غرب و”الكيارة” نينوى – شمال وبلد “صلاح الدين” – شمال و”التاجي” بغداد وفي شمالي العراق.
وأوضح “الزاملي” أن واشنطن تعمل على إنشاء قاعدة جديدة قرب “منفذ الوليد” الأنبار على الحدود السورية في المنطقة الصحراوية الواسعة، لتكون قريبة من سوريا، لإحداث توازن في الصراع الدائر هناك مع روسيا وإيران، حليفتي النظام السوري.
ومضى النائب العراقي قائلًا: “بعد القضاء على عصابات تنظيم (داعش) الإرهابي، فإننا اليوم لسنا بحاجة إلى وجود قوات أجنبية وهبوط وإقلاع طائرات أميركية دون ضوابط وسيطرة عراقية كاملة على الأجواء”.
خطة لخفض عدد قوات التحالف..
كان رئيس الوزراء العراقي، “حيدر العبادي”، قد أعلن، في 6 شباط/فبراير 2018، عن وضع خطة لخفض عدد قوات التحالف الدولي لمحاربة “داعش” في العراق تدريجيًا، مشددًا في الوقت نفسه على أن بلاده لا تزال بحاجة إلى الدعم الجوي للتحالف.
وتقول الحكومة العراقية إنه يوجد مئات المستشارين العسكريين من الولايات المتحدة الأميركية ودول أخرى في التحالف الدولي، إضافة إلى مستشارين إيرانيين لمساعدة القوات العراقية في قضايا غير قتالية.
وعلى مدى الأعوام الثلاثة الماضية قدمت قوات التحالف الدولي دعمًا جويًا للقوات العسكرية العراقية في معاركها ضد “داعش”، الذي كان يسيطر، منذ صيف 2014، على نحو ثلث مساحة العراق في الشمال والغرب.
رفض التواجد العسكري الأميركي..
قال الشيخ “الخزعلي”، في كلمة ألقاها خلال المؤتمر العشائري الثاني لعشائر الفرات الأوسط، الذي عقدته الحركة في كربلاء المقدسة: “من أجل سيادتنا الوطنية ومن أجل ضمان أمن العراق من المشاريع التي تستهدف تقسيم العراق، خدمة للكيان الإسرائيلي، فإننا نرفض رفضاً قاطعاً استمرار التواجد العسكري الأميركي بعد إنتهاء داعش”.
وأكد الأمين العام لـ”عصائب أهل الحق” على أنه: “يجب أن نميز الصديق من العدو، فهناك دول صرفت مليارات الدولارات وقدمت الدعم اللوجيستي لداعش، وكذلك الولايات المتحدة الأميركية التي بقيت تتفرج علينا ولم تتدخل إلا بعد تعرض أربيل للخطر، وعندما كانت تقصف داعش كانت تقصف العراقيين بعنوان الضربات الخطأ وآخرها ما حدث في ناحية البغدادي”.
يتوعدهم في حال بقائهم..
توعد الشيخ “الخزعلي”، الأميركيين، بالقول: “يا أميركا، خذوها منا تحذيراً أو اعتبروه تهديداً.. نحن شعب لا يقبل بوجود قواتكم على أرضه وأنتم تتوهمون إذا كنتم تتصورون أنكم تستطيعون البقاء رغماً عن الشعب العراقي، سنجعلها عليكم ليلة ظلماء ليس فيها دليل”.
وأردف: “نحن نعتقد أن أميركا تريد أن تبقي تواجدها العسكري في غرب العراق من أجل إيجاد ملاذات آمنة للمجاميع المسلحة في المستقبل من أجل إكمال ما فشلت في تحقيقه في تقسيم العراق من خلال داعش”.
مصلحة الكيان الإسرائيلي في تقسيم العراق..
أوضح الأمين العام لـ”عصائب أهل الحق”؛ “ليست دوافع التواجد العسكري الأميركي مصلحة العراق، وإنما ما يهمه مصلحة الكيان الإسرائيلي ومصلحة هذا الكيان في تقسيم العراق والمنطقة”.
كما قال قائد القوات التركمانية في الحشد الشعبي، “كنان توزلو”، إن القوات الأميركية عبارة عن قوات احتلال، مطالباً بإنسحابهم الفوري من الأراضي العراقية.
وأضاف: “نحن لا نريد وجود جنود الولايات المتحدة وغيرها من الدول الأجنبية في العراق. ونرى ذلك أمراً غير مقبول. ليس هناك أي تفسير معقول للوجود الأميركي على أرضنا”.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة استخدمت في الماضي ذريعة محاربة “داعش” لبقائها في العراق، لكن اليوم تم التخلص من “داعش”، وليس هناك أي أعذار أو مصداقية لبقائها.
الشعب العراقي و”الحشد” يرفضان البقاء الأميركي..
شدد على معارضة “الحشد الشعبي” قبل النصر على “داعش”، للوجود الأميركي في العراق. وأشار إلى أن الولايات المتحدة وقعت اتفاقاً مع العراق في عام 2011، ينص على أنها ستغادر البلاد، لكنها لم تنفذ الاتفاق. وأكد على أن الشعب العراقي لا يريد بقاء الجيش الأميركي في البلاد.
تحذير من التعامل معها كعدو..
حذر القيادي من إمكانية التعامل مع الولايات المتحدة كعدو في حال استمرار وجودها العسكري في العراق.
وأوضح: “قائد الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس لم يرغب يوماً بالوجود الأميركي في العراق. كما يطالب جميع قادة الحشد الشعبي بإنسحاب القوات الأميركية من الأراضي العراقية”.
تدق أجراس الإنذار حول أسباب التواجد الأميركي..
سبق وأن هاجم “الخزعلي” القوات الأميركية في العراق، مبيناً أن تواجد تلك القوات يطرح أسئلة خطيرة، قائلاً ذلك في تغريدة على (تويتر)، بعد حادثة قيام مروحيات أميركية بقصف ناحية “البغدادي” وقتل 7 وجرح آخرين من بينهم مدير الناحية ومدير الشرطة وبعض منتسبي الأجهزة الأمنية.
كما أشار في حينها إلى أن الحادثة تدق أجراس الإنذار والتساؤلات حيال “الدور الذي يريد القيام به ومبررات وجوده بعد إنتهاء «داعش» عسكرياً”.
وكان زعيم التيار الصدري، “مقتدى الصدر”، أيضاً قد حمل بشدة على القوات الأميركية المتواجدة في العراق، وطالب بمحاسبة المتسببين بقصف القوات العراقية في ناحية “البغدادي” بمحافظة الأنبار.
مطالب سنية ببقاء القوات الأميركية..
وسط كل هذه الدعوات بضرورة مغادرة القوات الأميركية العراق، طالب المتحدث باسم العشائر السنيّة في “محافظة نينوى” العراقية ببقاء القوات الأميركية المشاركة ضمن التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش”، على الأراضي العراقية وذلك لحماية المواطنين العرب السنّة، خشية الإنتقام منهم من قبل الميليشيات الشيعية.
للحفاظ على مكاسبه..
كان التحالف الدولي قد أعلن أن وجود قواته العسكرية في العراق، سيكون متناسباً مع الحاجة وبالتنسيق مع حكومة بغداد، عقب إعلان مصدر عراقي أن القوات الأميركية بدأت بخفض أعدادها هناك.
وقال العميد “غوناثان براغا”، المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية، إنه بفضل النجاحات المتسارعة بعد تحرير “الموصل”، سيحول التحالف تركيزه في العراق إلى الحفاظ على المكاسب العسكرية ضد “داعش”.
حيث قالت الحكومة العراقية إن القوات الأميركية بدأت خفض عدد عناصرها في العراق بعد الإعلان عن هزيمة “داعش”، فيما أكد التحالف الدولي أن تواجد قواته سيكون مرهوناً بشروط ويأتي وفقاً للحاجة.
أوجدت ذريعة للبقاء..
حول كيفية الرد الأميركي على تلك التهديدات، وموقف الحكومة العراقية من ذلك، يقول الخبير العسكري والاستراتيجي، الدكتور “أحمد الشريفي”: “كان هناك مفصل مهم وحيوي في تاريخ العراق يتمثل بفترة إبرام اتفاقية الإطار الاستراتيجي الأمني مع الولايات المتحدة، وكان عام 2011 يمثل فعلاً عام إنسحاب يمكن وصفه بالإنجاز الكبير الذي تحقق بمغادرة الأميركان، وكان من المفترض في حينها الذهاب بإتجاه وضع استراتيجية لمرحلة ما بعد الإنسحاب، حيث دخل العراق في دور الندية مع الولايات المتحدة كدولة مستقلة، ولكن ما يؤسف له أن سوء الإدارة في الملفات العسكرية والاقتصادية والأمنية وحتى على مستوى الخدمات، كانت جميعها متردية جدآ، فضلاً على أننا دخلنا في توازنات صراعات إقليمية، وكان هناك سوء تقدير في الموقف السياسي، أدى بشكل أو بآخر إلى أن يُفرض على العراق دخول «داعش»، وهذا الدخول أدى إلى إنهيار المنجز الذي تحقق بمسألة خروج الأميركان، وأوجدت الولايات المتحدة ذريعة للعودة، ولكن هذه العودة هي مشروطة وملزمة في بقاء دائم في العراق”.
المرحلة الحالية لا تحتمل المواجهة..
مضيفاً أنه في فترة الإشتباك مع “داعش”، اضطر العراق إلى كشف جميع أوراقه في الميدان، وبالتحديد الفصائل التي كانت تقاتل الأميركان بأسلوب “الحرب الشبحية” الغير منظورة على مستوى القيادات والأفراد والتسليح، وكذلك على مستوى أسلوب القتال في الميدان، ولكن الإنفتاح في المواجهة مع “داعش” جعل مسرح العمليات مفتوح، وبالتالي استطاعت الولايات المتحدة أن تؤمن قاعدة بيانات دقيقة عن نشاطات وتحركات وأسلوب قتال وتسليح فصائل المقاومة، وتأسيساً على هذه المرحلة، فإن المرحلة التي سبقت توقيع اتفاقية الإنسحاب في العام 2011 كانت لدينا وسائل وأدوات الإشتباك مع الأميركان وفرض إرادة في الميدان فاعلة ومؤثرة، ودليلنا أنه حينما جاءت المفاوضات، كان الأميركان لديهم رغبة في الإنسحاب، إدراكاً منهم أن البيئة غير آمنة، ولكن الآن إختلفت المعطيات إختلافاً كلياً، وما عادت لدينا أوراق ضاغطة كما كانت في السابق، إضافة إلى التصدع الذي حصل في المؤسستين الأمنية والعسكرية، لذا فإن المرحلة الحالية لا توجد فيها فسحة المواجهة والإشتباك مع الأميركان كما كان عليه الحال سابقاً، إضافة إلى أن الورقة الضاغطة لم تعد فاعلة، فحتى وإن كان هناك تصعيد، علينا أن ندرك حقيقة أن المقرات باتت مكشوفة وأسلوب الإدارة أيضاً بات مكشوف. كما أن ملف الأمن في بغداد هو بيد قيادة عمليات بغداد، والأخيرة أقرب إلى الأميركان منه إلى وزارة الداخلية التي هي مكلفة دستورياً بمسك الملف الأمني في العاصمة بغداد، التي تمثل معقل صنع القرار السياسي وتمثل المقرات الرئيسة والأساسية لفصائل المقاومة، نعم هناك تلويح من قبيل إظهار موقف ضد الأميركان، لكن هل هذا الموقف قابل للتنفيذ ميدانياً، أعتقد من الصعب تنفيذه”.
بقاء القوات سيشكل حساسية داخل المجتمع العراقي..
عن موضوع التواجد العسكري الأميركي الدائم في العراق؛ يرى الخبير العسكري، “فاضل أبو رغيف”، أن العراق بات غير محتاج لأي قوات حليفة بشكل دائم، وذلك لجملة من الاعتبارات، في مقدمتها أنه ما عاد لـ “داعش” تواجد عسكري أو ما يسميه بـ”أرض التمكين”، إضافة إلى أن المعركة القادمة مع التنظيم هي معركة استخبارية وليست ميدانية، بمعنى أن حرب المدن لم تبت ذات حاجة ومن متطلبات الوضع العسكري، ومن جهة أخرى فإن القوات العراقية تمتلك اليوم إمكانية وقدرات عالية جداً في محاربة الإرهاب ومعرفة هيكليته وتنقله، فضلاً عن ذلك يمتلك العراق أسلحة متطورة إكتسبها نتيجة محاربته للإرهاب لأكثر من عقد من الزمان. لذلك فإن إبقاء أي عدد من القوات الأجنبية سيشكل حساسية، بسبب الظروف الاجتماعية والسياسية، فهناك رافضون لهذا التواجد، وبنفس الوقت هناك داعمون له، لكن قد تبقى بعض القوات الأميركية متمثلة بالمستشارين والمدربين، الذين من شأنهم رفع المستوى القتالي والمعلوماتي لدى العراق، الذي لم يعد يحتاج أي شيء سوى الدعم المعلوماتي.
لترعب إيران وباكستان وأفغانستان وروسيا..
أعتقد أن الأميركان قاموا بتأمين وضعهم في العراق، بعد إنشاء القواعد العسكرية الظاهرة وغير الظاهرة، وهم بذلك العمل يريدون الإطمئنان على وضعهم القلق في “أفغانستان”، كون الأخيرة ولأكثر من عقدين من الزمن لم تشهد أي إستقرار، لذلك تريد الولايات المتحدة أن تضع لها قواعد هناك، تكون قريبة من دول مناوئة لها، وهي بذلك تريد أن ترعب “إيران وباكستان وأفغانستان وروسيا الاتحادية”، لذلك تقوم هي اليوم بنقل آلياتها وجنودها إلى هناك للسيطرة على الشرق الأقصى والأوسط على حد سواء.