خاص : كتب – محمد بناية :
انتشرت في وسائل الإعلام مؤخرًا الأخبار عن تورط الآباء في جرائم قتل الأبناء بسبب الخلافات الأسرية. آخر هذه الجرائم ما نشرته وسائل الإعلام عن قيام آب، يبلغ من العمر 23 عامًا، بطعن طفلته الصغيرة التي تبلغ من العمر 3 سنوات؛ أثناء مشاجرة مع والد زوجته.
وقد كان من المقرر أن تتجه هذه الأسرة إلى “مشهد” للتنزه. وحين تطرق الحديث إلى الحدائق والمتنزهات حدثت مشاجرة بين الزوج ووالد زوجته وتذرع الزوج بالطفلة الصغيرة. وتصاعدت وتيرة الخلاف ولوح الزوج بالسكين في وجه والد الزوجة، لكنها استقرت بالنهاية في قلب، “نجمة”، الطفلة الصغيرة، التي لم تتجاوز الأعوام الثلاثة.
وبعد القبض عليه إدعى الأب أن الطفلة سقطت من مرتفع، لكنه أعترف بالنهاية بقتل الطفلة الصغيرة.. وطبقًا للمادة 220 من قانون العقوبات الإيراني، لا يُقتص من الأب أو الجد بقتل الآبناء؛ وإنما تقتصر العقوبة على دفع الدية والحبس التعزيري. ورغم أن الكثير من هذه الجرائم يقع داخل نطاق البيت بشكل متعمد، لكن القانون يستثني الآباء من هذه الأمر. والسؤال: ما هي أسباب ظهور العنف في محيط الأسرة الآمن ؟.. ولماذا إزدادت وتيرة مثل هذه الجرائم مؤخرًا ؟.. وهل السبب يكمن في “قانون العقوبات” أم هو نتاج الضغوط الاجتماعية ؟.. للإجابة أجرت وكالة أنباء (برنا) الإيرانية، التابعة لوزارة الشباب والرياضة، الحوار التالي مع عدد من الخبراء..
العجز في مواجهة المشكلات يُفضي إلى القتل..
عزا “باقر شاملو”، الأستاذ بكلية الحقوق جامعة “الشهيد بهشتي”، أسباب الظاهرة إلى الجوانب الروحية والتعليمية، وقال: “ينتشر بالمجتمع حاليًا سلوك العنف والإقصاء، والإحصائيات مرعبة وتعكس تجذر مثل هذه السلوكيات بالمجتمع. وعمليات قتل الأبناء هو من جملة السلوكيات المنتشرة بالمجتمع، ولا يمكننا تحليل تبعاتها بمعزل عن السياسات والسلوكيات العامة بالمجتمع. وجزء من هذه السلوكيات يرتبط بالتعليم، وجزء آخر بالوضع الروحي والنفسي للمواطن. فحين يتعرض الإنسان لضائقة ويعجز عن التعامل مع المشكلة فإنه يعبر عن ذلك بسلوك العنف، وقد يقتصر هذا السلوك على نطاق الأسرة وقد يفضي إلى فقدان السيطرة وخسارة عزيز من أفراد الأسرة ظنًا منه أن إقصاء أحدهم قد يحل المشكلة. وفي الكثير من الحالات لا ينتبه الشخص لسلوكياته. فالشخص المدمن أو الذي يعيش أوضاع اقتصادية صعبة لا يلتفت إلى سلوكه ويتعاطى بسلوك سيء مع بكاء الطفل.. وعلينا أن نتعامل مع هذا الوضع باعتباره عارض والعمل على إزالة أسباب مثل هذه السلوكيات”.
القوانين الخاطئة سبب الشذوذ..
أعربت “فريدة غيرت”، المحامية، عن أسفها الشديد لإنتشار العنف في المجتمع الإيراني، وقالت: “للأسف إستشراء العنف بالمجتمع، والذي يطال في الغالب النساء والأطفال، هو نتاج الشذوذ الناجم عن القوانين الخاطئة والتعصب.. كذا يلعب الوضع الاقتصادي باعتباره العامل الأكثر تأثيرًا على معيشة الأفراد، دورًا محددًاً على أفعال الأشخاص. بعبارة أخرى لابد من البحث عن أسباب إرتكاب الجريمة في المجتمع والهياكل الاجتماعية والثقافية، وإنطلاقًا من الصلة الوثيقة بين الهياكل الاجتماعية والاقتصادية، يؤثر الوضع الاقتصادي على السلوكيات الإجرامية.. والتصور الخاطيء عن المادة 220 من قانون العقوبات بين بعض طوائف المجتمع، جعل البعض يتخذها كتصريح بالقتل. وبالتالي يتعين على المُشرع التدقيق بشدة حال إعداد قانون يضيفي الشرعية على العنف.. من ثم تحتاج المادة 220، في ظل الوضع الاجتماعي الراهن إلى إنتباه المشرع، وإلا تصور كل أب بالحق الذي يمتلكه أن بمقدوره التضحية بالأبناء حال التشاجر مع الزوجة لأنه لن يتعرض بالنهاية للقصاص”.
لائحة حماية حقوق الأطفال لا تمنع قتل الأبناء..
وحول دور “لائحة حماية الأطفال”، في الحد من ظاهرة قتل الأطفال، قال “مهدي حجتي”، كبير مفتشي نقابة المحامين: “لا تستطيع اللائحة خفض أو منع قتل الأبناء بواسطة الآباء، لأن مجلس صيانة الدستور يرفض القوانين التي تتعارض والمباديء الفقهية. ولأن الكثير من الفقهاء يجمع على منع القصاص من الآباء الذين تورطوا في قتل أبناءهم، فسوف يعارض مجلس صيانة الدستور تطبيق القصاص”.
وأقترح مضاعفة مدة عقوبة الحبس التعزيري، من 15 عامًا إلى 25 أو 30 عامًا. مع التأكيد على دور الأنشطة الثقافية والاجتماعية والتعليمية حال فشل العقوبة في الردع.