“الفقر” .. أهم أسباب انتشار ظاهرة “الزوجة الطفلة” في إيران !

“الفقر” .. أهم أسباب انتشار ظاهرة “الزوجة الطفلة” في إيران !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

سنويًا تتزوج 12 مليون طفلة حول العالم لم تبلغ سن الـ 18؛ أي حالة زواج لقاصر كل دقيقتين تقريبًا. وتبلغ عدد زيجات القاصرات، في “إيران”، حوالي 300 حالة تحت سن الـ 9، وعدد 30 – 40 ألف حالة تحت سن الـ 13، مع العلم يأن الكثير من هذه الزيجات لا يُسجل.

ويعارض الكثير من الخبراء ظاهرة “الزوجة الطفلة”، وفيما يلي تحاور صحيفة (آرمان) الإيرانية الإصلاحية، أستاذ علم الاجتماع، الدكتورة “سـیمین حاغي پور ساردویي”..

سیمین حاغي پور ساردویي

منتشرة عالميًا بنسب متفاوتة..

“آرمان” : هل تقتصر ظاهرة زواج القاصرات على “إيران” فقط ؟

“سـیمین حاغي پور ساردویي” : بالطبع لا.. ظاهرة زواج القاصرات منتشرة بالعالم، وموجودة حتى في “الولايات المتحدة” و”بريطانيا”.. وهي تحدث في المجتمعات المختلفة ذات العرقيات والمذاهب المختلفة، ومن ثم فهي لا ترتبط بعرق أو مذهب، لكنها تنتشر غالبًا في الدول النامية لأن الفقر هو السبب الرئيس وراء هذه الظاهرة.

وفي المتوسط تبلغ نسبة هذه الظاهرة، في الدول النامية، حوالي 26%، وفي العالم 12%، مع اختلاف التوزيع الجغرافي للظاهرة. إذ تنتشر هذه الظاهرة بشكل كبير في بعض المناطق، وبخاصة الدول الإفريقية، والإحصائيات تؤكد زواج 38% من القاصرات في هذه الدول.

وكذلك خاضت نسبة 30% من الفتيات اللائي نشأن في جنوب آسيا تجربة الزواج المبكر. في المقابل تتراجع النسبة في دول “أميركا اللاتينية” إلى 25%، وفي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا إلى 17%، وحوالي 11% بدول أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى.

مجتمعات مضطربة وأسباب متشعبة..

“آرمان” : ما هي أسباب تلك الظاهرة ؟

“سیمین حاغي پور ساردویي” : هناك مجموعة من العوامل المختلفة وراء انتشار ظاهرة زواج القاصرات، أهمها على الإطلاق “الفقر”. هذا بخلاف الفكرة السائدة بأن الزواج “يصون الفتيات”، يليها في الأهمية المعايير الاجتماعية، والقوانين التقليدية، وقيود الإطار القانوني ونظام تسجيل البيانات غير الملائم.

وفي العادة تطالب الأسر بأموال “المهر” و”الشبكة” وغير ذلك؛ مقابل تزويج الفتايات. ومن ثم فإن ظاهرة زواج القاصرات لا تُقلل فقط من نفقات الأسرة؛ وإنما تُمثل مكاسب مادية واقتصادية للأسر.

وفي حالات؛ حيث تدفع أسرة العريس قيمة العروسة، تستغل الأسر التي تعيش أوضاعًا اقتصادية صعبة، الفتاة، باعتباره عائد للدخل.

من جهة أخرى، يعتبر بعض أولياء الأمور، لاسيما في المجتمعات التي تعاني أزمة إنسانية، في زواج الفتيات المبكر، حلاً لصيانتهن من التعرض للإعتداء الجنسي. ولذلك تزداد ظاهرة زواج القاصرات في فترات الحرب، وعدم الاستقرار الاقتصادي، وشيوع العنف في المجتمع.

لكن في الوقت نفسه؛ يجب الإنتباه إلى مسألة أن زواج الفتيات القاصرات إنما يحمل في حد ذاته مستويات كبيرة من العنف الجنسي والفيزيائي. ومن ثم أنا أسأل كل من يوافق على زواج القاصرات: “هل بلغت مستويات العنف في مجتمعاتكم مرحلة الأزمة، أم أنكم تتنبأون باندلاع حرب ؟!”.. كذلك فالفساد الأخلاقي من جملة أسباب شيوع هذه الظاهرة. إذ أحيانًا ما تحدث حالات حمل قبل الزواج، وهو ما يسبب العار للأسر، ولذلك تفضل الأسر زواج القاصرات.

ولهؤلاء أيضًا أسأل: “هل بلغ الفساد الأخلاقي في المجتمع هذا الحد ؟.. لكن مما سبق يتضح أن هذه الظاهرة لا تستند إلى أساس عقلي، وأنها تقتصر على الطبقات الضعيفة في المجتمع دون سواها من الطبقات المرفهة بل والمتوسطة.

الدوران في دوائر الفقر..

“آرمان” : ما هي عواقب زواج القاصرات ؟

“سیمین حاغي پور ساردویي” : “الحمل المبكر”؛ أحد أخطر تبعات ظاهرة زواج القاصرات. فقد يتشكل جنين في رحم “الزوجة الطفلة” قبل إكتمال بلوغها البدني. وفي هذه النوع من الحمل ترتفع نسبة الخطورة على الجنين والأم.

والفتيات اللائي يتزوجن مبكرًا يتعرضن في معظم الحالات للعنف، وسوء الاستغلال الجنسي، والعلاقات الجنسية الإجبارية. وبالتالي يصبحن أكثر عُرضة لأمراض العفونة الجنسية المختلفة، وبخاصة “الإيدز”.

هذا بخلاف الحرمان من التعليم والحصول على فرصة أفضل للحياة، والتهميش جزء كبير من القوى البشرية في المجتمع، ودوران هؤلاء القاصرات وأطفالهن في فلك الفقر.

إلى جانب ذلك؛ نحن نواجه أمهات لا يصلحن، (بسبب صغر السن والإفتقار للصلاحية الكافية)، لتنشأة الأجيال المقبلة. وكما تعلم تقع مسؤولية تربية الأطفال، في “إيران”، غالبًا على عاتق الأمهات. فكيف لطفلة لا تعرف الكثير عن مباديء الحياة والتدين وغير ذلك أن تربي طفل متدين ؟!

أضف إلى ذلك أن زواج الفتيات، دون سن الـ 13، حتى وإن لم ينتهي بالطلاق ولم نعاني مشكلة “الطفلة المطلقة”، فإنها سوف تتحول في سن الـ 23 إلى أرملة، وسوف يصارع المجتمع مشكلة “الطفلة الأرملة”. وسيكون لتلك المرأة الفقيرة، البالغة من العمر 23 عامًا، أطفال، وهي غير متعلمة لا تمتلك أي مهارات عملية توفر لها عائد مادي لها ولأطفالها، حينها ستكون مضطرة للقيام بأي عمل.

وللوهلة الأولى قد يكون هذه الموضوع مثار جاذبية للرجال، لكن هذه المرأة سوف تكون ناقلة لكل أنواع الأمراض، لاسيما الأمراض الجنسية وسينتشر “الإيدز” في المجتمع.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة