خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بدأت ملامح الفصول العاصفة بين “أميركا” و”روسيا” تظهر مع الإدارة الأميركية الجديدة، حيث تصاعدت حدة التصريحات السياسية بين “الولايات المتحدة الأميركية” و”روسيا الاتحادية”؛ عقب توعد الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، نظيره الروسي، “فلاديمير بوتين”، بدفع الثمن قريبًا على خلفية مزاعم: “التدخل الروسي” في انتخابات الرئاسة الأميركية.
وهدد “جو بايدن”، نظيره الروسي، بالرد على ما أسماها: “التدخلات الروسية” للتأثير في الانتخابات الرئاسية الأميركية لصالح، “دونالد ترامب”، ومواجهة عواقب ذلك.
وقال الرئيس الأميركي؛ الذي بدأ ولايته رسميًا، نهاية كانون ثان/يناير الماضي، خلفًا لـ”ترامب”، في مقابلة مع قناة (إيه. بي. سي. نيوز) التلفزيونية، أمس الأربعاء: إن بوتين “سيدفع الثمن”.
وردًا على سؤال عن العواقب التي يقصدها، قال “بايدن”: “سترون قريبًا”، حسبما نقلت وكالة (رويترز).
وجاءت تصريحاته؛ بعدما دعم تقرير للمخابرات الأميركية صدر، أمس الأول الثلاثاء، اتهامات قائمة، منذ وقت طويل، بأن “بوتين” وراء تدخل “موسكو” في الانتخابات، وهو ما قالت “روسيا” إن لا أساس له.
في الوقت نفسه، أشار “بايدن” إلى أن: “هناك مجالات يكون من مصلحتنا المشتركة التعاون فيها”؛ مثل تجديد معاهدة “ستارت” النووية، مضيفًا أن للزعيمين تاريخًا معروفًا.
وقال: “أعرفه معرفة جيدة نسبيًا”، مضيفًا أن: “أهم شيء عند التعامل مع الزعماء الأجانب وفقًا لخبرتي.. هو فقط أن تعرف الرجل الآخر”.
وقال “بايدن”؛ إنه لا يظن أن لدى زعيم “روسيا” قلبًا، وعندما سئل خلال المقابلة؛ عما إذا كان يعتقد أن “بوتين”، قاتل، قال: “أعتقد ذلك”.
وزعم تقرير استخباراتي أميركي، عن التهديدات الخارجية لانتخابات 2020، أمس الأول الثلاثاء، أن الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، أذن ببذل جهود لتقويض المرشح الديمقراطي، آنذاك، “جو بايدن”، (الرئيس الحالي).
إهانة لجميع الروس..
ولم ينتظر الروس كثيرًا؛ حتى رد رئيس مجلس (الدوما) الروسي، “فيتسيسلاف فولودين”، الذي اعتبر تصريحات “بايدن”؛ بأنها: “هستيريا عجز وإهانة لجميع الروس”.
وكتب “فولودين”، عبر (تليغرام): “بايدن أهان مواطني بلدنا بتصريحه.. هذه هستيريا ناجمة عن العجز.. بوتين هو رئيسنا، والتهجم عليه بمثابة تهجم على بلدنا !”.
ذريعة لفرض مزيد من العقوبات..
كما قال “الكرملين”، إن مزاعم التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأميركية، لعام 2020، لا أساس لها من الصحة ومؤسفة، واصفًا إياها بأنها مجرد ذريعة أخرى لفرض مزيد من العقوبات.
ونقلت وكالة أنباء (تاس)، عن المتحدث باسم (الكرملين)، “ديمتري بيسكوف”، قوله: “نعتبر هذا التقرير خاطئًا… لا أساس له على الإطلاق”.
وأضاف المتحدث أن: “روسيا ليس لها علاقة بأي نوع من الحملات ضد أي من المرشحين”.
وفي مقابلة مع وكالة (ريا نوفوستي)، أمس الأربعاء، قال نائب وزير الخارجية الروسي، “سيرغي ريابكوف”، إن مثل هذا السلوك الأميركي: “أصبح هو القاعدة”، مضيفًا أن هذا يثبت إلتزام البلاد: “الجنوني” بسياسة العقوبات.
موضحًا إن “موسكو” تنظر بهدوء إلى تهديد “واشنطن”، بفرض عقوبات جديدة، بعد صدور تقرير للاستخبارات الأميركية، الثلاثاء، يتهم “روسيا”: بـ”التدخل” في الانتخابات الأميركية الأخيرة.
ووصف “ريابكوف”؛ هذه المزاعم بأنها: “عديمة الأساس”، لافتًا إلى أن: “صياغة العبارات فيه مبهمة، وأن عدم الدقة المتعمدة للبيانات تستخدم مرة أخرى كأساس للتهديد، بإجراءات وخطوات مادية محددة للغاية”.
والعام الماضي، قضى المدعي العام الأميركي، “روبرت مولر”، عامين، في التحقيق بمزاعم: “التدخل الروسي” في الانتخابات الأميركية، التي فاز بها الرئيس الأميركي السابق، “دونالد ترامب”.
وأغلق “مولر”، التحقيق؛ بتأكيد مزاعم التدخل في الانتخابات، ومع ذلك، لم يجد أي دليل على: “تواطؤ”، بين “دونالد ترامب” و”روسيا”، وتم إنكار وجوده في “الكرملين” و”البيت الأبيض”.
استدعاء السفير الروسي..
ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل أعلنت “وزارة الخارجية” الروسية، أمس، عن استدعاء السفير الروسي في واشنطن، “أناتولي أنطونوف”، إلى “موسكو” للتشاور وتحليل مستقبل العلاقات “الروسية-الأميركية”، مشيرة إلى أن “موسكو” مهتمة للحيلولة دون تدهور العلاقات مع “واشنطن”.
وجاء في بيان “الخارجية الروسية”؛ في هذا الصدد: “تمت دعوة السفير الروسي في واشنطن إلى موسكو لمشاورات تهدف إلى تحليل ما يجب القيام به وإلى أين تتجه العلاقات مع الولايات المتحدة، الإدارة الأميركية الجديدة في السلطة منذ ما يقرب شهرين، وقد اقترب الحد الرمزي الذي يتمثل في مرور مئة يوم على تسلم السلطة، وهذا سبب وجيه لمحاولة تقييم ما تمكَن فريق، جو بايدن، من فعله”.
وتابع البيان: “من المهم بالنسبة لنا؛ تحديد طرق تقويم العلاقات (الروسية-الأميركية)، التي تمر بحالة صعبة، والتي أودت بها واشنطن، خلال السنوات الماضية، إلى طريق مسدود. نحن مهتمون للحيلولة دون تدهورها بصورة لا رجعة فيها، إذا أدرك الأميركيون المخاطر المرتبطة بذلك. هذا ما سيجري بحثه خلال مباحثات وزارة الخارجية الروسية والجهات المعنية الأخرى مع السفير الروسي في واشنطن”.
مواجهة الأعداء الأصليين..
تعليقًا على ذلك، قال الدكتور “ماك شرقاوي”، المحلل السياسي الأميركي، إن الرئيس الأميركي، “جو بايدن”، منذ توليه الحكم؛ يؤكد أن “أميركا” ستواجه أعداءها الأصليين، وهما: “روسيا والصين”.
وأضاف “شرقاوي”، خلال لقاء متلفز؛ أن “بايدن” بدأ يهاجم “روسيا” و”الصين”، موضحًا أنه حسّن علاقته بحلف الـ (ناتو)، لافتًا إلى أن “أميركا” تريد بناء تحالف جديد فى “شرق آسيا”، ويطلق عليه الـ (ناتو الآسيوي)، لتحجيم “الصين”.
ولفت إلى أن هناك 3.5 مليون جندي في الجيش الصيني، و”الولايات المتحدة” بها 2.5 مليون جندي، ولكن الجانب الأميركي يمتلك سلاحًا حديثًا، منوهًا أن “الحزب الشيوعي” في “الصين” لديه خطة لتكون البلاد الأقوى عسكريًا، في العالم، في 2025.
وأشار إلى أنه يتوقع صدامًا اقتصاديًا بين “أميركا” و”الصين”، ومشكلات بين “أميركا” مع “الصين” و”روسيا”، لافتًا إلى أن “الصين” تستعد عسكريًا لأي حرب قادمة مع “أميركا”، موضحًا أن الفترة المقبلة سيكون هناك سجال اقتصادي، ومن الممكن أن يصل لـ”عسكري”.
“شيطنة روسيا” تفيد الدوائر السياسية الأميركية..
فيما اعتبر خبراء روس؛ أن: “شيطنة روسيا” تفيد الدوائر السياسية الأميركية، التي تسعى لتحقيق مصالحها باتهام “روسيا” بالتدخل في الانتخابات الأميركية.
وقال “نيكيتا دانيوك”، نائب مدير معهد الدراسات الإستراتيجية والتوقعات لدى جامعة “الصداقة بين الشعوب”؛ والعضو في المجلس العام الروسي، بحديث لـ (RT)، إن: “موضوع تدخل روسيا في الانتخابات، مثالي من الناحية التكنولوجية، إذ لا ينبغي إثبات أي شيء لأحد، والرأي العام الأميركي بحال من التأجيج أصلاً”.
وأضاف أن: “الديمقراطيين يظهرون مرة أخرى أن الروس، (سيئون)، ويتدخلون في الانتخابات، ويجب توسيع العقوبات ضدهم… وهم (الديمقراطيون) يسعون إلى تشويه سمعة معارضيهم، وقبل كل شيء، دونالد ترامب”.
تقرير مسيس ومتوقع !
من جهته، اعتبر الأستاذ في مكتب الدراسات الأميركية في جامعة “بطرسبورغ” الحكومية الروسية، “غريغوري ياريغين”، أن تقرير الاستخبارات الأميركية: مسيس ومتوقع.
وقال إن: “شيطنة روسيا مستمرة، وهي مفيدة ليس فقط للأوساط السياسية، بل للخبراء الذين يعرفون جيدًا العلاقات الروسية الأميركية، حيث أن روسيا تمثل نموذجًا مفهومًا ومريحًا لصورة (التهديد)، بالنسبة لمستهلك السياسة الأميركي، ويتم عرض هذه الصورة على المواطنين العاديين أيضًا”.
وأضاف أن: “السياسيين يستمرون باستغلال جدول الأعمال هذا لتفسير الأزمات الداخلية التي أظهرتها الانتخابات”.