23 ديسمبر، 2024 1:17 ص

الحراك الاحتجاجي في الجزائر يدخل طور “المطالب الفئوية” .. فهل يحقق “العصيان” أهدافه ؟

الحراك الاحتجاجي في الجزائر يدخل طور “المطالب الفئوية” .. فهل يحقق “العصيان” أهدافه ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

يزداد الوضع إحتقانًا يومًا بعد يوم في “الجزائر”، فمنذ 7 أشهر ولا حلول تلوح في الأفق، ولا يستمر سوى الاحتجاجات والإضرابات والاعتصامات نتيجة لما يحدث من تجميد للحالة السياسية، فمؤخرًا أعلنت 5 نقابات في “الجزائر” بدء سلسلة إضرابات متزامنة مع إضراب القضاة، تستمر 3 أيام متواصلة، في وقت تقترب فيه البلاد من إجراء الانتخابات الرئاسية المقررة، في 12 كانون أول/ديسمبر المقبل.

ونفذت قطاعات “الطاقة والصناعة والتربية والنقل”، في “الجزائر”، إضرابًا شاملًا، أمس، في حراك جديد يتقاطع مع تحرك القضاة الذي دخل أسبوعه الثاني.

وشهدت البلاد شللًا في القطاعات المشاركة في الإضراب، وشارك طلاب المدارس والمعاهد والجامعات والعمال من مختلف القطاعات في مسيرات، حملت شعارات: “لا للعسكرة”، و”لا انتخابات مع العصابات” وغيرها من الشعارات.

وقالت “كونفيدرالية القوى المنتجة الجزائرية”، في بيان، إن إضراب الثلاثة أيام هو خطوة أولى، سيعقبها تصعيد أكبر في حال عدم تجاوب السلطات مع مطالب الحراك الشعبي المستمر، منذ 22 شباط/فبراير الماضي.

وكانت “وزارة العدل” الجزائرية قد أعلنت فتح تحقيق بشأن صدامات جرت إثر تدخل قوات الأمن ضد القضاة المضربين داخل محكمة في “وهران”.

وأفادت الوزارة، في بيان أصدرته، أمس الأول؛ أنها أمرت “بإجراء تحقيق معمق حول ما جرى، بهدف تحديد المسؤوليات ولمنع تكرار مثل هذه الأفعال التي من شأنها المساس بسمعة القضاء”.

وجدد المحتجون بالعاصمة، “الجزائر”، ومحافظات “تيزي وزو وبجاية وقسنطينة ووهران”، رفضهم للانتخابات الرئاسية المرتقبة، واعتبروها إعادة لـ”منظومة بوتفليقة”؛ والعشرات من الموقوفين، منذ عدة أشهر، على ذمة تحقيقات قضائية في ملفات فساد.

ووسط حضور ضخم لآلاف الطلبة وحشود من نقابيي خمسة قطاعات شرعوا في إضراب عام، أمس، اعتبر محتجون أنّ ترشح رئيسي الحكومة السابقين، “عبدالمجيد تبون” و”علي بن فليس”، “مشبوه”، فضلًا عن التشكيك في المرشحين الثلاثة الآخرين: “عزالدين ميهوبي” و”عبدالقادر بن قرينة” و”عبدالعزيز بلعيد”.

كما جدد المتظاهرون استمرار حكومة رئيس الوزراء، نورالدين بدوي”، ورئيس الدولة المؤقت، “عبدالقادر بن صالح”. كما دعا الطلبة لإخلاء سبيل زملائهم المعتقلين منذ عدة أشهر.

استبعاد نجاح دعوات العصيان المدني..

حول الحالة الاحتجاجية الجزائرية، قال “أمين بلعمري”، الكاتب والمحلل السياسي الجزائري؛ إن دعوات العصيان المدني في البلاد هي دعوات قديمة متجددة، وقد أطلقت في بداية الحراك منذ سبعة أشهر، ولكنها لم تلق قبولًا لدى الشارع الجزائري نظرًا لأن المواطن سيكون هو المتضرر الأكبر منه نتيجة توقف الخدمات والشلل التام الذي سيصيب البلاد.

واستبعد “بلعمري” نجاح دعوات العصيان المدني، لأن تلك الفكرة غير مُرحب بها في “الجزائر” بشكل عام، والمطالبين بالعصيان هم أصوات شاذة في الشارع الجزائري، “ولا أعتقد أننا نتجه إلى مثل تلك السيناريوهات”.

وأضاف المحلل السياسي؛ الداعين إلى العصيان المدني هم قلة قليلة جدًا، ورغم قلة عددها عددًا إلا أن مثل تلك النقابات يمكنها أن تعرقل عمل الكثير من المؤسسات ومصالح المواطنيين؛ ويمكن أن تشل بعض الإدارات، ولكنها بكل الأحوال لا تملك أي من الدعم أو الأدوات التي تمكنها من جر البلاد إلى العصيان المدني.

رغم الضغوط إلا أن الوضع لا يتجه نحو التعقيد..

وأشار “بلعمري” إلى أن الوضع السياسي، في “الجزائر”، يسير بصورة طبيعية نحو الانتخابات الرئاسية، في الثاني عشر من كانون أول/ديسمبر القادم، ويمكن توصيف الواقع الآن؛ “بأنه ليس معقدًا، وفي نفس الوقت ليس ورديًا”، فالشارع الجزائري به من يؤيد الانتخابات وبه من يعارضها؛ وهناك فئه هي التي سترجح كفة على أخرى وهم طبقة “المترددون”.

ولفت المحلل السياسي إلى أن الوضع في “الجزائر”، وفقًا للرؤية الحالية؛ لا يتجه إلى التعقيد رغم الضغوط التي تمارس عليه من جانب تلك النقابات أو بعض النقابات التي تدعو لمقاطعة الانتخابات، وحتى لو فشلت الانتخابات القادمة سيظل الرئيس الحالي يدير شؤون البلاد لحين تنظيم انتخابات رئاسية جديدة.

التسريع في الانتخابات الرئاسية..

كما أعتقد “حمزة بكاي”، المحلل السياسي الجزائري؛ أن فكرة العصيان المدني غير مطروحة في الشارع الجزائري رغم دعوات بعض النقابات، والإضرابات الحالية معظمها مطالبها اجتماعية على غرار نقابة القضاة، وتأتي تلك الإضرابات والدعوات للعصيان هذه المرة في ظل ظروف سياسية صعبة تعيشها البلاد منذ اندلاع الاحتجاجات قبل سبعة أشهر، والذي طالب بإسقاط الفاسدين ومحاربة كل رموز النظام السابق والتسريع في الانتخابات الرئاسية.

مضيفًا أن كل المطالب المرفوعة الآن هي مطالب اجتماعية، وفي إعتقادي أن تلك النقابات، وإن كان لها توجهات إيديولوجية وسياسية في المرحلة السابقة، ولكن في النهاية هي مطالب اجتماعية حتى وإن أراد البعض ركوب الموجة عن طريق التحريض أو إيجاد منبر له.

تغير شكل الحراك الاجتماعي بشكل كبير..

واستطرد قائلًا: لا أعتقد أن الوضع يتجه إلى التصعيد أو العصيان المدني؛ وتظل تلك الحالات مطالب فئوية اجتماعية، مشيرًا إلى أن شكل الحراك في الشارع الآن تغير بشكل كبير جدًا عن بداية الاحتجاجات، حيث تراجعت الأعداد بشكل كبير، كما تغيرت الشعارات المرفوعة والتي كانت تدعو في بداية الحراك إلى إسقاط النظام ثم محاربة الفساد وصولًا إلى الشعارات الحالية التي ترفعها بعض الجهات التي تريد العبث بالبلاد وتدعو إلى الفتنة والفوضى.

وأكد “بكاي”، رغم كل الضغوط ومحاولة جر البلاد إلى نفق مظلم؛ إلا أن الاحتجاجات مازالت سلمية حتى الآن، وأرى أن الأمور تتجه بهدوء نحو الانتخابات الرئاسية المقررة، قبيل النصف الأول من الشهر القادم، رغم الأصوات التي ترفض هذا الحل إلى الآن.

تستهدف تعطيل العملية الانتخابية..

من جهته؛ قال القيادي في “حزب جبهة التحرير الوطني”، “وليد بن قرون”، إن: “النقابات وبعض الأحزاب أسست من قِبل بعض الجنرالات الذين يقبعون اليوم في السجون”، موضحًا أن هذه النقابات، من خلال نشاطها، تهدف إلى تعطيل العملية الانتخابية والضغط على المؤسسات الدستورية.

وانتقد القضاة وحملهم المسؤولية عن الفساد، موضحًا أن ما يحدث في “الجزائر” هو أن النقابات ووسائل الإعلام التي تعمل معها يستغلون بعضهم البعض من أجل تأجيج الأوضاع، وجعل الشعب الجزائري في حالة خوف وذعر، ولفت إلى أن الدعوة إلى الإضرابات واسعة جدًا، الأمر الذي يؤدي لشل عمل المؤسسات.

وأكد القيادي بـ”حزب جبهة التحرير الوطني”، أن هناك الكثير من الأصوات في الحراك تتشفى في القضاة، إذ تساءلوا أين كان القضاة عندما كانت أموالنا تُسلب، كما اتهموهم بإعطاء الحماية والحصانة لرجال الأعمال الفاسدين.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة