التفافًا حول الضغوط الدولية .. “إردوغان” يوقَف قانون الطواريء ويجهز “قانون مكافحة الإرهاب” !

التفافًا حول الضغوط الدولية .. “إردوغان” يوقَف قانون الطواريء ويجهز “قانون مكافحة الإرهاب” !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

بعد عامين من فرضها، أعلنت “تركيا” إنهاء العمل بـ”حالة الطواريء”، التي كانت قد فرضتها على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة، التي وقعت في 15 تموز/يوليو 2016، ونسبتها الحكومة إلى “حركة الخدمة”، التابعة للداعية “فتح الله غولن”؛ المقيم في أميركا منذ عام 1999.

وكان الرئيس التركي قد أعلن “حالة الطواريء”، في 20 تموز/يوليو 2016، ووافق البرلمان على مذكرة بشأنها قدمتها الحكومة في اليوم التالي، ثم تم تمديدها 7 مرات، منذ ذلك الحين.

وبموجب الدستور؛ فإنه في حال عدم تقديم أي مذكرات للبرلمان من أجل إعادة تمديد “حالة الطواريء”، حتى تاريخ إنتهاء العمل بها، فإنها ترفع من تلقاء نفسها، وهذا هو ما حدث هذه المرة.

انتقادات حادة بسبب فرض “قانون الطواريء”..

وقد تعرضت “تركيا” لانتقادات واسعة من المعارضة ومن حلفائها في الغرب؛ بعد أن توسعت السلطات في الحملات الأمنية التي استهدفت من قالت إنهم على صلة بحركة “غولن”، لكن المنظمات الحقوقية الدولية رصدت توسع الحملة لتنال معارضي “إردوغان”؛ إلى أن وصل عدد من ألقي القبض عليهم إلى نحو 170 ألفًا، مع فصل عدد مماثل من وظائفهم في مختلف قطاعات الدولة من هذه الحملة، التي قالت الحكومة إنها كانت ضرورية من أجل القضاء على التهديدات، وتطهير المؤسسات المختلفة وفي مقدمتها “الجيش” و”الشرطة” و”القضاء” و”التعليم” و”الإعلام” من أنصار “غولن” المتغلغلين فيها.

ويستطيع “إردوغان”، بحسب النظام الرئاسي الجديد، أن يعيد فرض “حالة الطواريء” إذا كانت هناك حاجة لإعادتها، أو في حال وجود مؤشرات خطيرة قد تتداخل مع البيئة الديمقراطية أو الحقوق والحريات الدستورية الأساسية للمواطنين.

مشروع قانون لمكافحة الإرهاب..

وكإجراء إحترازي، قدم “حزب العدالة والتنمية”، (الحاكم)، في تركيا، بدعم من حزب “الحركة القومية”، شريكه في “تحالف الشعب”، قبل يومين من إنهاء “حالة الطواريء”؛ مشروع قانون إلى البرلمان التركي يتضمن استحداث قواعد أمنية لضمان استمرار “الكفاح ضد الإرهاب” بعد رفع “حالة الطواريء” يتضمن 28 مادة، بعضها موجود في “قانون الطواريء”، ويسمح للسلطات المحلية، (الولاة)، بتقييد تنقلات الأفراد الذين يشكلون خطرًا على الأمن العام، أو تمديد فترة توقيف المشتبه بهم حتى 15 يومًا، ومنع الدخول إلى بعض المناطق ومنع نقل الأسلحة والذخيرة.

ويمكن لمشروع القانون إبقاء بعض التدابير في “قانون الطواريء” لمدة تصل إلى 3 سنوات أخرى. وبموجبه سيتم إضافة مادة مؤقتة لـ”قانون مكافحة الإرهاب” تتعلق بفترات الإحتجاز على الجرائم المرتكبة ضد سلامة الدولة والجريمة المنظمة والجرائم الإرهابية بشكل مختلف خلال السنوات الثلاث المقبلة.

وبحسب المقتَرَح؛ يمكن إحتجاز المشتبه به من دون تهمة لمدة 48 ساعة أو حتى 4 أيام في حالة المخالفات الجماعية. ويمكن تمديد هذه الفترة مرتين كحد أقصى، أو حتى 12 يومًا، إذا كانت هناك صعوبة في جمع الأدلة، أو إذا اعتبرت القضية ضخمة، بشكل خاص.

ويقضي أيضًا مشروع القانون؛ بفصل عناصر القوات المسلحة والشرطة وقوات الدرك والموظفين العموميين والعاملين في مؤسسات الدولة إذا ثبت إرتباطهم، لمدة 3 سنوات، بالمنظمات أو الجماعات الإرهابية التي حددها “مجلس الأمن القومي”، أو حال قيامهم بتنفيذ إجراءات ضد الأمن القومي للدولة، ولا يسمح بتوظيفهم مرة أخرى في الخدمة العامة بشكل مباشر أو غير مباشر، وإذا قررت المحكمة إعادتهم إلى العمل فسيتم تجميعهم وإلزامهم بالتوقيع في “مراكز بحث” تابعة لوزارة الدفاع ووزارة الداخلية.

خطوة غير كافية..

من جانبها؛ استقبلت “أوروبا” رفع تركيا “حالة الطواريء” بحذر، واعتبر “الاتحاد الأوروبي” أن رفع تركيا حالة الطوارئ “خطوة غير كافية”؛ بسبب الصلاحيات الاستثنائية المسندة إلى السلطات، والإبقاء على العديد من الإجراءات التي تضيِّق على الحريات.

المتحدثة باسم وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، “فيديريكا موغيريني”، قالت في بيان: “نعتقد أن تبني مقترحات تشريعية جديدة يمنح السلطات صلاحيات استثنائية والإبقاء على العديد من قيود حالة الطواريء، من شأنه ضرب كل أثر إيجابي لرفع حالة الطواريء”، في إشارة إلى مشروع “قانون مكافحة الإرهاب” المقدم إلى البرلمان.

مجلس أوروبا يرحب..

فيما رحب “مجلس أوروبا”، بإنهاء “حالة الطواريء”. وقال “دانيال هولتغن”، المتحدث باسم الأمين العام لمجلس أوروبا: “نشعر بالإرتياح من عدم تمديد حالة الطواريء لفترة إضافية وإنهاء العمل بها”، لافتاً إلى أن “مجلس أوروبا” دعا بشكل مستمرّ إلى إنهاء “حالة الطواريء” في تركيا.

مشيرًا إلى أن “مجلس أوروبا”، على علم بمشاريع القوانين التي تم إعدادها في إطار مكافحة الإرهاب بتركيا، ويؤكد على ضرورة أن تكون القوانين في هذا الإطار ملائمة لاتفاقية حقوق الإنسان الأوروبية.

تحذير من تمديدها عبر الأبواب الخلفية..

واعتبر وزير الخارجية الألماني، “هايكو ماس”، إنهاء “حالة الطواريء” في تركيا “إشارة مهمة”، إلا أنه “حذَّر في الوقت ذاته من حدوث تمديد لها عبر الأبواب الخلفية”، لافتًا إلى أن التعديلات الدستورية بشأن النظام الرئاسي تمنح الحكومة التركية سلطات كبيرة، والأمر الحاسم الآن هو أن تستخدم الحكومة هذه الصلاحيات بطريقة مسؤولة.

من جانبه؛ قال نائب المتحدث الرسمي باسم الأمين العام للأمم المتحدة، “فرحان حق”: “إننا ندرس الأمر، ونعتقد أنه أمر طيب أن نرى الظروف مواتية لصون الحقوق الأساسية في البلاد”.

قرار شكلي إتخذه بسبب الضغوط الدولية عليه..

تعليقًا على رفع “حالة الطواريء”، قال الدكتور “محمد حامد”، خبير الشأن التركي، إن قرار الرئيس التركي برفع “حالة الطواريء” هو قرار شكلي، قام به “إردوغان” بسبب الضغوط الدولية عليه، موضحًا أن عدد من الدول أنتقدته بشدة بسبب “حالة الطواريء” التي أثرت بالسلب على الاقتصاد التركي، وعلى رأسها حمالات الاعتقال الواسعة التي يقوم بها نظامه.

وأضاف “حامد”؛ أن حملات الاعتقال سوف تستمر، بسبب القانون الذي يناقش حاليًا، فهذا القانون يسمح بالاعتقالات دون أسباب قوية، ويحظر التجمعات، مؤكدًا على أن الخطوة المقبلة بإتجاة أحزاب المعارضة للقضاء على البقية المتزعمها “محرم إنغة”.

لتحسين صورته أمام العالم..

وحول أسباب رفع “حالة الطواريء”، قال الدكتور “كرم سعيد”، الباحث بالشأن التركي، إن الرئيس التركي رفع “حالة الطواريء” لعدة أسباب أهمها، وعده خلال الانتخابات الرئاسية، في 24 حزيران/يونيو الماضي، وعد برفع “حالة الطواريء” من أجل أن يكسب مزيد من التأييد الشعبي، موضحًا أنه رغب في تحسين صورته أمام العالم، حيث وجهت لها عدة انتقادات بسب فرض “حالة الطواريء”، والأهم بعد وجود برلمان جديد، ليس بأكمله مؤيدًا لـ”إردوغان” مثل السابق، فأصبح تمرير طلب فرض “حالة الطواريء” سيكون أصعب مما مضى.

وأوضح “سعيد” أن هذا القانون جاء فرضه بسبب وجود قناعات لدى “إردوغان” بوجود معارضة من شأنها التأثير على وجوده، ويتكون مشروع القانون من 28 مادة جميعها اعتمد على تقويض الحريات ومنح صلاحيات وأسعة للاعتقال والمساءلة، موضحًا أن مشروع القانون هو أسوأ من “قانون الطواريء”، حيث أصبح دائم لا يحتاج إلى تجديد، ويعمل على تقويض الحريات أكثر من “قانون الطواريء” ذاته، فمن خلال القانون يحظر التجمع، ويعزل الموظفين، ويتم التحقيق مع أي شخص حتى دون إثبات شبهة.

رفع القانون لا معنى له..

الصحافي التركي، “إسلام أوزغان”، يرى أن هناك موجة كبيرة من الانتقادات قوبل بها رفع “حالة الطواريء” في تركيا، إذ ترى المعارضة أن هذا الرفع لـ”حالة الطواريء”، الذي قامت به الحكومة التركية لا معنى له؛ فقد جاء بعد أن عزز “إردوغان” سلطاته الرئاسية بصلاحيات لا محدودة تجعله في غير حاجة إلى “طواريء”، فضلاً عن “قانون مكافحة الإرهاب”، الذي اقترحه “حزب الحرية والعدالة” وحوله إلى البرلمان، وهو عبارة عن “طواريء” دائمة وليست مؤقته.

وأضاف: “إن حالة الطواريء رفعت؛ لكن بقي المعتقلون الذين اعتقلوا استنادًا إلى الطواريء في السجن، وبقي الموظفون الذين سرحوا من وظائفهم استنادًا إلى الطواريء مسرحين، فأين رفع حالة الطواريء إذًا ؟”.

تنفيذًا لوعده الانتخابي..

أما المحلل السياسي التركي، “فوزي زاكر أوغلو”، فيرى أن رفع “حالة الطواريء” جاء تنفيذًا لوعد انتخابي قدمه “إردوغان” في حملته الانتخابية برفع “حالة الطواريء”. وهذا أمر لا علاقة بينه وبين النظام الرئاسي الذي تم إقراره عبر صناديق الاقتراع.

وأضاف المحلل السياسي التركي أن ما يقال من أن “قانون مكافحة الإرهاب” هو بديل لـ”حالة الطواريء”؛ فهو كلام يفتقر إلى الدقة، فهذا قانون موجود في كثير من الدول، ويتعلق بالممارسات الإرهابية للأشخاص والمنظمات.

وعن رد فعل “الاتحاد الأوروبي” بأن رفع “حالة الطواريء” ليس كافيًا؛ يقول “أوغلو” إن “الاتحاد الأوروبي” لن يرضيه أي شيء تقدم عليه “تركيا”، وسيظل يقول ليس كافيًا مهما فعلت “تركيا”.

خطوة لا تؤهل للانضمام للاتحاد الأوروبي..

كما يرى الصحافي المتخصص في شؤون الاتحاد الأوروبي، “وسيم إبراهيم”؛ من بروكسل، إن رد فعل “الاتحاد الأوروبي” على رفع “حالة الطواريء” في تركيا نابع من موقف معروف للاتحاد من مسألة ضم تركيا للاتحاد، إذ أن هناك نيفًا وعشرين فصلاً على “أنقرة” أن تنفذها حتى يتم الإنضمام، منها مسألة حقوق الإنسان، ومن ثم فإن رفع “حالة الطواريء” مع استمرار الاعتقالات والفصل التعسفي وغيره من الممارسات المعروفة في “تركيا” أمر لن يؤثر، ولذا فهو غير كاف.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة