التدخلات التركية في العراق .. توقعات بعمليات عسكرية أكبر وإقامة قواعد دائمة باستغلال الخلاف الكُردي !

التدخلات التركية في العراق .. توقعات بعمليات عسكرية أكبر وإقامة قواعد دائمة باستغلال الخلاف الكُردي !

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

اهتمت الصحف الفرنسية مؤخرًا بالشأن العراقي، خاصة ذلك المتعلق بعلاقة “العراق” مع “تركيا”، فقالت صحيفة (لو فيغارو)، إنّ الرئيس التركي، “رجب طيّب إردوغان”، سيواصل مخططاته العدوانية التوسعية، مُعتبرة أنّ العام 2021 هو عام التوسع الإقليمي للرئيس؛ الذي أسكرته تدخلات بلاده العسكرية في 2020، في كلّ من “سوريا وليبيا والقوقاز”، ويتجه نحو فتح جبهة جديدة في الشرق الأوسط.

وحذّرت الصحيفة الفرنسية من أنّ “إردوغان” بات يتطلع الآن نحو “العراق”، إذ لم يُعد هناك ما يُوقفه بالنسبة له، ولن يكتفي بالغارات التركية التي باتت اعتيادية على المناطق الكُردية في شمال العراق، ويعود تاريخها إلى ثمانينيات القرن الماضي عندما شنّ “حزب العمال الكُردستاني” حرب العصابات الانفصالية.

إلا أنّ الجديد هذه المرّة، بالنسبة لـِ (لو فيغارو)؛ هو أنّ العمليات العسكرية التركية قد تكثفت بقوة، العام الماضي، بمُسمّيات مختلفة، وهو ما يُوحي بعملية أكبر في الأشهر المقبلة واحتلال أراضٍ عراقية وإقامة قواعد عسكرية دائمة بحجة تطهير المنطقة الحدودية بين “تركيا” و”العراق” من أيّ وجود لمُقاتلي منظمة “حزب العمال الكُردستاني”، التي تُصنّفها أنقرة “إرهابية”.

بالمقابل، يرى مراقبون في “بغداد” أنّ الرئيس التركي يسعى لبناء تحالف وثيق غير مُكلف مع رئيس الوزراء العراقي، “مصطفى الكاظمي”، والذي يأمل في التوصل لحلّ ملموس لأزمة مياه “نهر دجلة” المصيرية، بينما تواصل “أنقرة” تقديم الوعود وإطلاق التصريحات الودّية التي يُقابلها انتهاك سيادة “العراق” على أرض الواقع.

توقعات بتدخل عسكري واسع النطاق في “كُردستان”..

وكانت صحيفة (لوموند) الفرنسية؛ قد نشرت تقرير مسبق، بتاريخ 27 كانون أول/ديسمبر الماضي، أفاد بأن الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، قد يدفع بقواته إلى “كُردستان العراق” في تدخل عسكري واسع النطاق.

واعتبر التقرير أن التدخل التركي المحتمل في شمال “العراق”، يأتي مدفوعًا بغرور الرئيس، “رجب طيب إردوغان”، بـ”انتصاراته المتتالية في سوريا وليبيا والقوقاز”.

وجاء في التقرير: “الرئيس التركي سجّل، خلال أكثر من عام ثلاثة نجاحات على الساحة الإقليمية، حيث مكّنه هجوم تشرين أول/أكتوبر 2019، في شمال شرق سوريا صد القوات الكُردية على بُعد عشرات الكيلومترات من الحدود التركية وكسر الحزام الكُردي، وساعد تعاون أنقرة مع حكومة الوفاق الليبية في طرابلس، في كانون ثان/يناير 2020؛ على صد الجيش الوطني الليبي، وكان الدعم العسكري التركي حاسمًا أخيرًا في انتصار أذربيجان على أرمينيا في نزاع ناغورنو كاراباخ”.

التقرير أضاف أن: “إردوغان، الذي ثمل بسبب سلسلة الانتصارات هذه، قد يغريه الوضع بمغامرة جديدة هذه المرة في كُردستان العراق، حيث تنفذ قواته بالفعل عمليات عسكرية متقطعة”.

تاريخ التدخلات التركية في العراق..

وعرض التقرير جردًا تاريخيًا للتدخلات التركية في “العراق”، معتبرًا أن هناك تاريخًا طويلاً من هذه التدخلات تعود إلى منتصف ثمانينيات القرن الماضي.

وتعود أولى الغارات التركية في شمال العراق، ذي الأغلبية الكُردية، إلى عام 1984؛ عندما بدأ “حزب العمال الكُردستاني” حرب عصابات ضد “تركيا”، ومنح الرئيس العراقي الراحل، “صدام حسين”، الذي كان، آنذاك، في حالة حرب مع “إيران”، “أنقرة” حق التدخل حتى عمق 5 كيلومترات في الأراضي العراقية.

وأسس “حزب العمال الكُردستاني” معسكراته في وقت مبكر جدًا في قلب “جبل قنديل”، أقصى شمال شرق العراق، على الحدود الإيرانية، فكان ذلك بداية لدورة من التدخلات المنتظمة للجيش التركي بالعراق؛ تم تعليقها فقط خلال وقف إطلاق النار بين “أنقرة” و”حزب العمال الكُردستاني”، من 1999 إلى 2004، ثم أثناء عملية السلام بين حكومة “إردوغان” والمقاتلين الأكراد، من 2013 إلى 2015.

تصعيد تدريجي للغارات في 2020..

التقرير أوضح أن: “عام 2020؛ تميّز بتصعيد تدريجي للغارات التركية في العراق، لتطهير المنطقة الحدودية من أي وجود لحزب العمال الكُردستاني، وتمت مضاعفة التدخل العسكري باستخدام طائرات بدون طيار، لوحظت فعاليتها في ليبيا والقوقاز”.

وأكد أن: “رغبة بغداد في تأكيد السيادة في المنطقة لم تمنع أنقرة من مواصلة قضمها الممنهج، ففي آب/أغسطس 2020؛ قُتل ثلاثة عسكريين عراقيين، بينهم ضابطان، في قصف تركي على اجتماع كان حرس الحدود يعقده مع كوادر حزب العمال الكُردستاني، ولم يتم الاحتجاج من بغداد، الأمر الذي من شأنه دفع تركيا إلى التمادي في مثل هذه الأعمال”.

استغلال الخلاف الكُردي..

مشيرًا إلى استثمار “تركيا” للخلافات القائمة بين الـ”حزب الديمقراطي الكُردستاني”، القريب من “أنقرة” والذي يعتمد بشكل كبير على الولاء لعائلة “بارزاني”، و”حزب العمال الكُردستاني”، الموالي لـ”طهران”.

وأضاف التقرير: “كما أدت الحملة الأخيرة على المحتجين في إقليم كُردستان إلى إضعاف مصداقية السلطات المحلية، بينما أدان رئيس الوزراء العراقي، الذي استقبله إردوغان مؤخرًا في أنقرة، أي عمل يضر بتركيا من الأراضي العراقية، فيما تعهد مضيفه بمواصلة القتال حتى القضاء على العصابات الإرهابية”.

وتابع أن: “هذا السياق قد يدفع تركيا إلى استغلال الخلاف الكُردي وتهاون بغداد لضرب حزب العمال الكُردستاني في الرأس، واستهداف مقراته في جبال قنديل ولن تخلو العملية، التي سيكون حجمها غير مسبوق، من المخاطرة بمواجهة (البيشمركة) التي تألف تلك المناطق الوعرة”.

وانتهى التقرير بالقول: “لدى الجيش التركي الآن إمكانية إرسال مرتزقة سوريين حشدهم بالفعل في ليبيا وأذربيجان إلى خط المواجهة، بالإضافة إلى أن القيادة التركية بطائراتها بدون طيار عالية الأداء تملك سلاحًا أثبت بالفعل قيمته في جبال القوقاز”.

اتفاقية نظام “صدام حسين”..

وفي تعليق على التدخلات التركية بـ”العراق”، اعتبر برلماني عراقي أن التوغل التركي في البلاد يتحمل وزره نظام “صدام حسين” السابق، محذرًا من “أطماع” الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، في العراق، واحتمال وقوع توغل تركي كبير في الشمال.

وقال “أيوب الربيعي”، عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، في حديث لموقع (بغداد اليوم) أمس الأول، إن: “نظام صدام حسين عقد اتفاقية مع الجانب التركي، قبل نحو نصف قرن؛ أتاحت لقوات الأخير بالتوغل في أراضي البلاد مسافة محددة لمحاربة حزب العمال الكُردستاني، لكن بعدها تطور الموقف الميداني وأصبح لدى أنقرة قواعد عسكرية وعمليات قصف جوي بذرائع متعددة”.

فرض سياسة الأمر الواقع..

وأضاف أن: “تركيا لديها أطماع في العراق؛ وما يحدث حاليًا من عمليات توغل بين فترة وأخرى رسائل واضحة في محاولة لاستغلال وضع العراق الداخلي من حالة استثنائية لفرض سياسة الأمر الواقع”، معتبرًا: “الوجود التركي من قواعد وعسكر، انتهاكًا لسيادة البلاد”.

وأشار “الربيعي” إلى أن: “أي محاولة توغل كبيرة وسيطرة على المزيد من الأراضي؛ لن تكون سهلة، والعراق ليس بلدًا ضعيفًا”، مؤكدًا على: “ضرورة أن يكون للحكومة موقف حاسم من هذه الخروقات من خلال عرض الملف على الأمم المتحدة والجامعة العربية، وكل الهيئات الدولية الضاغطة، بالإضافة إلى اعتماد العامل التجاري والاقتصادي في مسار إيقاف التوغل التركي، خاصة وأن التبادل التجاري بين البلدين يصل إلى 10 مليار دولار سنويًا”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة