خاص : ترجمة – آية حسين علي :
أعلنت “الولايات المتحدة الأميركية”، الأسبوع الماضي، أنها وضعت “الحرس الثوري” الإيراني ضمن قائمتها للتنظيمات الإرهابية على خلفية ممارساته الداعمة للإرهاب، وهي أول مرة تتخذ فيها “واشنطن” هذا الإجراء ضد جيش دولة أخرى، وسط تخوفات من أن يؤثر هذا القرار على الاقتصاد الإيراني الذي يتحكم “الحرس الثوري” في جزء كبير منه.
وتسبب القرار الأميركي في غضب كبير في الشارع الإيراني، وخرجت مظاهرات بالآلاف تندد بتدخلات “واشنطن” المعادية لـ”طهران” وداعمة لـ”الحرس الثوري”، وقال أحد المسؤولين في “وزارة التعليم”، رفض الكشف عن اسمه كاملًا، لصحيفة (البايس) الإسبانية: “أدعم الحرس الثوري؛ لأنه الحامي الرئيس لنا، لطالما كان إلى جانب المقموعين في الأرض”.
وقالت والدته، “فاطمة سعادة”: “نعم لدينا مشكلات اقتصادية، لكن الضغوط الخارجية لن تقسمنا لأننا نعلم جيدًا من أين تأتي”، وأوضحت أنها تدربت على استخدام كل أنواع الأسلحة، وتنتظر إشارة من القائد من أجل المشاركة في القتال.
القرار الأميركي لن يضعف “الحرس الثوري”..
ذكرت الصحيفة الإسبانية أن جميع من تحاورت معهم اتفقوا على نفس الفكرة، وهي أن القرار الأميركي سوف يتسبب في تدعيم “الحرس الثوري”، لأنه جمع كل الفئات السياسية الإيرانية تحت لواء واحد، ولعل أحد أبرز مظاهر ذلك الوقفة التي نظمها نواب البرلمان الإيراني في اليوم التالي للإعلان الأميركي بالملابس الرسمية للحرس لإرسال رسالة مفادها أنهم كانوا يعلمون بأن “واشنطن” سوف تقدم على هذه الخطوة.
وأضافت؛ أنه إذا تمكن “الحرس” من الاستفادة من الضغط الأميركي على المدى القصير فإن توغله المتزايد بين فئات المجتمع سوف يتحول إلى قوة وثقل، وبعدما كان ينظر إلى رجال الدين بإنزعاج بات بنظر إليهم بصفتهم السلطة الحقيقية.
البنوك والحرس الثوري الرابحون..
أشارت الصحيفة إلى أن لـ”الحرس الثوري” ثقل اقتصادي، وأكد رجال أعمال ومستثمرون أنه من غير المتاح القيام بأعمال تجارية خلال تلك الفترة دون التواصل مع “الحرس الثوري”، وتوقع محلل أجنبي، أن يقوم “الحرس الثوري” بزيادة نفوذه لتعويض الخسارة بمجرد ظهور الآثار السلبية لحظر تصدير “البترول”، وكشف أن “الحرس الثوري” يسيطر على 30% من الاقتصاد الإيراني بشكل مباشر تتضمن قطاعات مهمة مثل المشروعات الضخمة للبنية التحتية والاتصالات التي تتخلل جزء كبير من القطاعات الأخرى.
في الوقت ذاته، يرى الإيرانيون أن مدخراتهم تتبخر بفعل التلاعب في تغيير العملات، وأشار محلل اقتصادي إلى أن: “إنهيار قيمة الريال يعد طريقة تستخدمها البنوك للتخلص من ديونها”.
وكشفت الفيضانات الأخيرة غياب الاستثمار في البنية التحتية وسياسات المحافظة على البيئة، بينهما اعتبرها النظام فرصة لاستنكار “العقوبات الأميركية” التي فُرضت عليه.
وصرحت فتاة إيرانية، (دون ذكر اسمها)، بأن: “كل الأموال تذهب إلى سوريا”، مؤكدة على أنه رغم أنها تعمل في وظيفة جيدة وتتقاضى راتب مناسب؛ إلا أن الأموال تفقد قيمتها الشرائية، وأضافت: “أغلبية أصدقائي يرغبون في السفر إلى الخارج”.
وربما يكون هذا هو السبب وراء رفض قطاع كبير من المواطنين وضع تبرعاتهم في صناديق المساجد من أجل مساعدة المتضررين من الفيضانات.
واشنطن تصعد ضد “الحرس الثوري”..
وصف الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، في بيان له، “إيران”، بأنها: “ليست فقط دولة راعية للإرهاب، وإنما الحرس الثوري الإيراني يشارك ويدعم ويشجع على الإرهاب بصفته جهة رسمية”، وأضاف: “إذا كنت تستثمر مع الحرس الثوري فأعلم أنك تمول الإرهاب”، بينما لوحت “طهران” بالرد المماثل على القرار الأميركي.
وصرح الرئيس، “حسن روحاني”، بأن هدف “أميركا” من وراء هذه الخطوة تعويض خسائرها، وحذر من أن “طهران” سوف تقوم بإنتاج أجهزة الطرد المركزي إذا ما استمرت “واشنطن” في الضغط، كما أصدر الجيش الإيراني بيانًا أدان فيه تصرف “واشنطن”؛ ووصفه بأنه إنتهاكًا لسيادة “الجمهورية الإسلامية” وأمنها القومي، محذرًا من تداعيات هذا القرار على زعزعة استقرار الشرق الأوسط.
وقبل إعلان القرار بشكل رسمي، خرجت تكهنات تشير إلى إقدام “واشنطن” عليه، لذا حذرت “طهران” من جانبها بإتخاذ إجراءات مماثلة، وصرح القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء “محمد علي جعفري”، الأحد، بأنه: “إذ إتخذ الأميركيون خطوة غبية ووضعوا أمننا القومي في خطر فسوف نتخذ تدابير معادية، ومن جانبه، أعلن البرلمان الإيراني قبل الإعلان الأميركي بساعات، أنه يعمل على مشروع قانون لوضع الجيش الأميركي في القائمة السوداء للمنظمات الإرهابية، كإجراء مقابل في حالة تحركت واشنطن ضد الحرس الثوري”.
وأوضح رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، “حشمة الله فلاحت-بيشة”، أن مشروع القانون يضع القادة العسكريين الأميركان جنبًا إلى جنب تنظيم “الدولة الإسلامية” في قائمة التنظيمات الإرهابية.
وإزدادت حدة التوترات بين “طهران” و”واشنطن” منذ أعلن الرئيس “ترامب”، العام الماضي، انسحاب بلاده من “الاتفاق النووي” الإيراني، وفي الماضي، كان عدد كبير من أعضاء “الحرس الثوري” والجماعات الموالية له ذريعة لفرض عقوبات على “إيران” بسبب أنشطتها التوسعية ودعمها للإرهاب وإنتهاكات حقوق الإنسان المحتملة.
واشنطن تدعو حلفاءها للتضامن ضد إيران..
بحسب تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، في مؤتمر صحافي، الاثنين، فإن قرار اعتبار “الحرس الثوري” الإيراني منظمة الإرهابية؛ سوف يدخل حيز التنفيذ خلال أسبوع واحد، وأكد أن “واشنطن” سوف تستمر في فرض العقوبات على “إيران” حتى تتصرف مثل أي دولة طبيعية، ودعا حلفاء “الولايات المتحدة” إلى إتخاذ إجراءات مماثلة.
ونشر “بومبيو” تغريدة في حسابه الرسمي على موقع التواصل الاجتماعي، (تويتر)، كتب فيها: “يجب أن نساعد الشعب الإيراني كي يتمكن من استرداد حريته”.
ترحيب “سعودي-يمني” بقرار واشنطن..
أعربت “المملكة العربية السعودية” و”اليمن” عن تأييدهما لقرار “واشنطن” ضد “الحرس الثوري” الإيراني، وأعلنت “الرياض” أن القرار يأتي ردًا على مطالباتها بالتصدر للإرهاب الإيراني، ووصفته بأنه، “خطوة عملية وجادة”، في مكافحة الإرهاب.
كما أصدرت “وزارة الخارجية اليمنية” بيانًا أكدت فيه تأييدها لقرار “الولايات المتحدة”؛ مشيرة إلى أنه سيكون له تأثيرات إيجابية على استقرار المنطقة.
نفوذ بالداخل وخارج حدوده..
أُنشيئ “الحرس الثوري” عقب ثورة 1979 الإسلامية، التي أطاحت بحكومة الشاه “محمد رضا بهلوي”، بهدف حماية النظام الإسلامي، ثم تحول إلى قوة عسكرية وسياسية واقتصادية مهمة للغاية في البلد الفارسي، ويرأسه القائد الأعلى، آية الله “علي خامنئي”، ويقدر عدد الأعضاء النشيطين به بأكثر من 150 ألف عضو، ويتضمن قوى برية وجوية وبحرية، ويشرف على تطوير الأسلحة الإستراتيجية ومنها صواريخها (الباليستية).
كذلك تتحكم في قوات “باسيج” شبه العسكرية، التي ساعدت في قمع المعارضة الداخلية، بالإضافة إلى المؤسسات القوية والمؤسسات الخيرية التي تسيطر على جزء كبير من الاقتصاد الإيراني.
ولـ”الحرس الثوري” نفوذ في عدة دول في الشرق الأوسط، إذ يقدم الدعم بالأموال والأسلحة والتكنولوجيات، بالإضافة إلى التدريب والمشورة للدول الموالية له وللأنظمة المسلحة من خلال وحدة “فيلق قدس” المسؤولة عن العمليات التي تتم خارج الحدود الإيرانية.