الانتخابات الأميركية قد تنقذه .. هل تنجح لجنة “الكاظمي” في لجم خلايا “الكاتيوشا” لإرضاء واشنطن ؟

الانتخابات الأميركية قد تنقذه .. هل تنجح لجنة “الكاظمي” في لجم خلايا “الكاتيوشا” لإرضاء واشنطن ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في محاولة منه لتدارك الأمر، بعد إطلاق التحذيرات الأميركية للسلطات في العراق، والتهديد بإغلاق السفارة حال لم تتخذ إجراءات تردع الهجمات على القوات الأميركية، شكل رئيس الحكومة العراقية، “مصطفى الكاظمي”، لجنة عُليا برئاسة مستشار الأمن القومي، “قاسم الأعرجي”، وعضوية مسؤولين تنفيذيين وأعضاء برلمان للتحقيق في عمليات استهداف البعثات الدبلوماسية. على أن تقدم تقريرها خلال 30 يومًا، تحدد خلاله الجهة المقصرة في تعريض هيبة العراق وإلتزاماته الدولية للخطر.

إلا أن هذه الخطوة يحوم حولها العديد من الشبهات، حيث دائمًا ما يتم إبطال أي تحرك تجاه الميليشيات العراقية التي دائمًا ما تهدد البعثات الدبلوماسية بإطلاق الصواريخ على مقراتها بشكل دائم، خاصة السفارة الأميركية.

وشنت خلايا (الكاتيوشا)، خلال الفترة من كانون ثان/يناير وحتى أيلول/سبتمبر الماضيين، ما يقرُب من 70 عملية استهداف للمقرات الأميركية، كانت حصيلتها مقتل متعاقد أميركي في قاعدة كي (1) في كركوك، في كانون أول/ديسمبر الماضي، ومقتل ثلاثة جنود وإصابة 12 جنديًا من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، في قصف آخر أصاب قاعدة “التاجي”، في آذار/مارس الماضي.

كما تنشط تلك المجموعات عبر استهداف قوافل تحمل إمدادات إلى منشآت الولايات المتحدة أو التحالف الدولي، والتي وصلت إلى ما يقارب 25 هجومًا مسلحًا، وتحديدًا في “البصرة والناصرية وصلاح الدين”، فضلاً عن منطقة “أبوغريب”، غرب بغداد، في الـ 17 من أيلول/سبتمبر الماضي، التي أعلنت جماعة (قاصم الجبارين) مسؤوليتها عنها.

واجهات إعلامية للجماعات التقليدية..

وتتشكل تلك المجموعات من مقاتلين ينتمون لعدة فصائل “ولائية” أبرزها: (كتائب حزب الله) العراقي، و(حركة النجباء)، و(عصائب أهل الحق)، و(سرايا طليعة الخراساني)، و(كتائب سيد الشهداء)، و(كتائب الإمام علي). إلا أن بعض المختصين في الشأن الأمني، يرون أن تلك المجموعات، هي واجهات إعلامية، للجماعات الشيعية التقليدية، مثل: (حركة عصائب أهل الحق)، و(النجباء)، و(حزب الله)، و(كتائب سيد الشهداء) وغيرها، التي تشكلت على مدار السنوات الماضية.

تبدأ بالتفاهم مع طهران..

عن تشكيل لجنة التحقيق في استهداف البعثات الدبلوماسية، ومدى مساهمتها في إنهاء استهداف السفارة الأميركية؛ يقول الخبير العسكري، اللواء الركن “ماجد القيسي”، أن: “هذه اللجان جزء من عملها هو بعث رسائل تطمين إلى البعثات الدبلوماسية، التي أعربت عن قلقها بسبب قصف مقراتها، حيث استخدمت الحكومة العراقية مقاربتين، إحداهما سياسية، تمثلت بلقاء الكاظمي بالبعثات الدبلوماسية، والأخرى أمنية، وهذه الأخيرة ما زالت غير واضحة”.

وأضاف “القيسي”؛ أنه: “إذا أرادت الحكومة العراقية تفكيك الجماعات المسلحة التي تستهدف هيبة الدولة، فعليها التفاهم مع طهران، باعتبارها هي المشغل لهذه الجماعات، وإلا فقد سبق تشكيل العديد من اللجان، لكن دون جدوى”.

وأوضح “القيسي” قائلاً: “السفارة الأميركية في بغداد تعد محور العمل الأميركي في الشرق الأوسط، وتحيط حتى بالمنطقة المحيطة بالعراق، وليس من المنطق تركها دون حماية أميركية، فهي تحت المراقبة ولا يستطيع أحد الإقتراب منها”.

وسبق وأن قال عضو مجلس النواب العراقي، “محمد نوري”، إنه لا يوجد تأثير ونفوذ مباشر وقوي للحكومة العراقية على فصائل (الحشد الشعبي)، وبالتالي لا تستطيع إيقاف فصائل الحشد إذا قررت القيام بعمليات ضد أهداف أميركية.

مشيرًا إلى أن ردع تلك الفصائل قد يحدث في حالة كان هناك تدخل الجانب الإيراني الذي يستطيع التأثير عليها، وذلك على الرغم من كونه جزءًا من القوات النظامية العراقية.   .

وأعرب عن قناعته بأن الطرفين، الأميركي والإيراني، رضيا بما قدماه ويتجهان للتهدئة؛ لأنه لو حدثت حرب بين الطرفين سيكون هناك كوارث على البلدين.

استبعاد رد واشنطن على تلك العمليات..

ووسط هذه الصراعات المشتعلة يرى بعض المراقبون أن الولايات المتحدة لن تقوم بأي عمليات في هذا التوقيت ضد (الحشد الشعبي)، وربما تلجأ للتهدئة من خلال المفاوضات السرية مع إيران، وقد تقوم ببعض العمليات غير المباشرة عن طريق أذرعها، كما أن إسرائيل تقوم بالعديد من العمليات ولا تعلن عنها خوفًا على المصالح الأميركية في سوريا والعراق، الحقيقة أن العراق اليوم هو ساحة للصراع وتصفية الحسابات.

فقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، “قيس النوري”، إن الولايات المتحدة الأميركية تواجه مشكلة كانت هي سببها حين وفرت للقوى “الميلاشوية” المسلحة المرتبطة بإيران فرص نموها وتمددها، وكان في حسبانها توظيفها لمواجهة المقاومة الوطنية، خاصة وأن تلك المقاومة الحقت بالقوات الأميركية خسائر فادحة بالأرواح والمعدات، فكانت الاستعانه بالقوى الإيرانية المتواجدة في العراق والممثلة بالأحزاب الطائفية إحدى وسائل مواجهة تصاعد العمل الوطني المقاوم.

خسرت حليفها المحلي..

مضيفًا أنه عندما أصبحت هذه القوى الدخيلة في وضع يوفر لها فرص فرض شروطها في إطار التنازع الأميركي الإيراني، إنحازت هذه القوى إلى جانب التوجهات الإيرانية، وهنا أدركت الإدارة الأميركية أنها قد خسرت حليفها المحلي المسلح، وباتت تلك القوى تتعارض علنًا مع التوجة الأميركي في مشروعه بالعراق.

ملمحًا أستاذ العلوم السياسية، في إعتقادنا أن الولايات المتحدة سوف لن تلجأ إلى المواجهة العسكرية في لجم الميليشيات الإيرانية، في هذا التوقيت بالذات، الذي يتزامن مع دخول الانتخابات الرئاسية الأميركية وهى مرحلة حاسمة، خشية وقوع خسائر بشرية في صفوف قواتها مما ينعكس سلبًا على “ترامب” تحديدًا، لذلك سوف تعمد إلى خطوة تكتيكية تتمثل بسحب رعاياها من بغداد نحو شمال العراق لحين انتهاء الانتخابات الرئاسية، مع احتمال أن تتسابق إدارة “ترامب” بالسعي للتفاوض مع إيران لإيجاد صيغة توافقية بينهما، كذلك هناك احتمال تفاوض سري بين إيران ومجموعة إدارة المرشح المنافس، “جون بايدن”، لإفشال مسعى “ترامب”، وبما يزيد من فرص فشله في ولاية ثانية، ما يعيد إلى الأذهان ما جرى لإسقاط الرئيس الأميركي الأسبق، “كارتر”، وهو يواجه المرشح، “ريغان”، حيث عمد الأخير إلى تأسيس قنوات سرية مع إيران لتأخير إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في السفارة الأميركية بطهران، آنذاك، وهو إجراء سجل لصالح “ريغان” أمام منافسة “كارتر”.

تدخل العراق في بحر الأزمات..

وعلى جانب آخر، وفي حال تنفيذ واشنطن تهديداتها بإغلاق سفارتها، فإن تلك الخطوة إذا ما صادق عليها “البيت الأبيض” تنذر بإدخال العراق في بحر من الأزمات، خصوصًا أن بغداد تعيش حالة شبه إفلاس مالي نتيجة انخفاض أسعار النفط، والفساد المستشري في مؤسسات الدولة.

النائب الكُردستاني عن كتلة (التغيير)، “غالب محمد”، قال إن: “العراق في ظل الصراعات الدولية يحتاج تمثيلاً أكبر للبعثات الدبلوماسية وقنوات اتصال مع المنظمات الدولية للإسهام في مساعدة العراق، مضيفًا أن: “حكومة بغداد يقع عليها اليوم تحدٍ كبير في إهتزاز ثقة البعثات الدبلوماسية بالمناخ السياسي”.

وشدد النائب عن (التغيير)؛ على أن العراق يحتاج إلى بناء دبلوماسية عالية بوجود البعثات والمنظمات والسفارات الدولية لما يمر به العراق من أوضاع سياسية صعبة وغير مستقرة أوصلت البلاد إلى الخيارات القلقة والمهلكة.

كما حذر المحلل السياسي، “واثق الجابري”، من خطورة التقاطع الدبلوماسي وتعريض العراق إلى العزلة الدولية، خصوصًا أن الظروف التي تشهدها بغداد لا تحتمل أكثر من ذلك التعقيد.

مؤكدًا على أن: “الإنفلات الأمني وعدم السيطرة على بنادق الظل هي نتاج لأداء سياسي مرتبك طيلة الفترات السابقة رغم التحذيرات والمطالبات التي نادت بضرورة انتشال المؤسسة الأمنية من واقعها”.

وتابع: “أن الوجود الأميركي في العراق على المستوى السياسي أمر مرحب به، وكذلك الحال لبقية بعثات الدول الأجنبية”، منوهًا بأن: “تقاطع المصالح الإقليمية والدولية يجب ألا ينعكس على القرار السيادي للعراق واستقلاليته في تحديد مصالح البلاد”.

غير جادة في قرارها..

فيما أشار القيادي في ائتلاف (النصر)، “عقيل الرديني”، إلى أن: “الولايات المتحدة غير جادة في قرار إغلاق السفارة، وتصريحاتها هي رسائل للحكومة للضغط عليها بشكل أكبر حتى تمضي بنزع السلاح من الميليشيات التي تهدد أمن الوجود الأميركي في العراق”.

ويستبعد “الرديني” أن تقدم أميركا على إغلاق سفارتها وقطع علاقتها مع بغداد لكونها ترتبط مع العراق باتفاقيات قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى مما يفرض عليها الإلتزام والاستمرار.

وسبق وأن حذر مجلس الشيوخ الأميركي، الخميس الماضي، من خطورة الانسحاب الدبلوماسي من العراق، وإغلاق السفارة، مشيرًا إلى أن الخطوة ستسهم في تنامي دور إيران وتوسيع نفوذها.

وكان رئيس وزراء العراق، “مصطفى الكاظمي”، أكد في لقاء مع 25 من السفراء والقائمين بالأعمال الأجانب، الأربعاء الماضي، حماية البعثات الدبلوماسية الأجنبية، وحصر السلاح بيد الدولة.

ويرتبط العراق مع الولايات المتحدة بعدد من الاتفاقيات الرسمية في شتى المجالات، من بينها العلاقة الاستراتيجية التي تم التوقيع عليها العام 2008.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة