علق العراق الاحد رخص عمل عشر قنوات فضائية بينها “الجزيرة”، متهما اياها بالتحريض على ”العنف والطائفية”، في مؤشر على حجم التوتر المذهبي المتصاعد الذي بات يدفع البلاد مجددا نحو سنوات النزاع الطائفي.
وفي ازمة دامية هي الاسوأ في العراق منذ الحرب الاهلية الطائفية بين عامي 2006 و2008، قتل اكثر من 200 شخص في هجمات استهدفت معظمها قوات الامن منذ الثلاثاء حين قتل 50 شخصا في اقتحام اعتصام سني مناهض لرئيس الوزراء الشيعي.
وعادت الى مسامع العراقيين بعد حادثة اعتصام الحويجة (55 كلم غرب كركوك) اسماء جماعات مسلحة وميليشيات غابت عن الساحة الميدانية بعد انسحاب القوات الاميركية التي كانت هدفها الاول.
وتعلن هذه الجماعات، وبينها “جيش الطريقة النقشبندية” الموالي للرجل الثاني ابان نظام صدام حسين عزة الدوري المتواري عن الانظار، و”جيش المجاهدين”، و”الجيش الاسلامي”، ان هدفها اليوم بات القوات الحكومية.
وفي ما بدا محاولة للجم التوتر المذهبي المتصاعد، قال مدير دائرة تنظيم المرئي والمسموع في هيئة الاعلام والاتصالات مجاهد ابو الهيل لوكالة فرانس برس “اتخذنا قرارا بتعليق رخصة عمل بعض القنوات الفضائية التي انتهجت خطابا محرضا على العنف والطائفية”.
واضاف ان الهيئة “اضطرت بعد سلسلة من التحذيرات الى تعليق رخصة هذه القنوات في كل العراق”.
ومن بين القنوات المشمولة بالقرار “بغداد” و”الشرقية” و”الفلوجة” المعارضة لرئيس الوزراء، و”البابلية” المملوكة من نائب رئيس الحكومة صالح المطلك، و”الجزيرة” القطرية، وفقل للمصدر ذاته.
وقال ابو الهيل ان تعليق رخص عمل هذه القنوات “يعني وقف عملها في العراق ونشاطاتها وعدم استطاعتها تغطية الاحداث في العراق والتجول”.
في هذا الوقت، اجرت وزارة الدفاع العراقية مراسم تشييع رسمية للجنود الخمسة الذي قتلوا في الانبار امس السبت على ايدي مسلحين قرب مركز الاعتصام المناهض للمالكي في مدينة الرمادي (100 كلم غرب بغداد).
واجريت المراسم بحضور المالكي ووزير الدفاع بالوكالة سعدون الدليمي وقادة عسكريين كبار واسر الضحايا. وقتل الجنود الخمسة لدى مرورهم قرب مكان الاعتصام على ايدي مسلحين مجهولين، وعرضت قناة “العراقية” الحكومية صورا لجثثهم اظهرت علامات تعذيب عليها.
وقال النقيب في الجيش حازم الشمري لفرانس برس ان “الحادث جبان بكل معنى الكلمة لانه استهدف جنودا عزل”.
وتابع “اتوقع ان تتحرك السلطات في رد حازم لتعيد هيبة الجيش وانتهاك حرمته”، مشددا على ان ”الجيش على اهبة الاستعداد للتحرك ضد القتلة والمجرمين الذين اتخذوا من الاعتصامات ملاذا امنا”.
من جهته، روى طراد عباس والد احد الجنود وهو جالس بجانب نعش ولده علاء (29 عاما) “لقد غادرنا امس صباحا الى واجبه، واذا بجموعة توقفه مع زملائه قرب خيم الاعتصام”.
واضاف هذا الرجل الذي يعمل حدادا في مدينة الديوانية (180 كلم جنوب بغداد) “لا اعرف ماذا جرى، لكن احدهم اتصل بي وقال ان ابنك قتل”. وتابع “لا اريد حقوقا ولا تعويضا كل ما اريده هو القصاص العادل من الجناة (…) لانه قضى بريئا اعزلا، واشهد بالله العظيم، لو كان مسلحا لما كنت لاطالب بشيء اطلاقا”. ولم تتبن اي جهة قتل الجنود الخمسة، فيما دعا المالكي المعتصمين الى تسليم قتلة الجنود.
وقال اليوم المستشار الاعلامي لمحافظة الانبار محمد فتحي في تصريح لفرانس برس “لم نستلم الجناة حتى الآن، بل جرى تسليم مديرية الشرطة اسماء اشخاص قيل انهم هم من قتلوا الجنود وعددهم ثلاثة”.
واضاف “هؤلاء الثلاثة ينتمون الى تنظيم القاعدة وهم مطلوبون”.
من جهته، قال عبد الرزاق الشمري وهو احد قادة الاعتصام في الانبار، “نحن لا نعمل للحكومة ولسنا جيش او شرطة من الحكومة حتى تكلفنا بالقاء القبض عليهم، هم خارج الساحة ونحن ساعدنا بتسليم اسمائهم”.
وكان رئيس صحوة العراق وسام الحردان هدد امس المسلحين في الانبار بالعودة الى ايام معارك العام 2006 اذا لم يسلم المسؤولون عن قتل عناصر الجيش خلال 24 ساعة، في اشارة الى حملات قوات الصحوة السنية ضد تنظيم القاعدة والجماعات المتمردة الاخرى في المحافظة السنية قبل سبع سنوات.
وتشهد البلاد منذ نهاية العام الماضي اعتصامات وتظاهرات مناهضة للمالكي، تطالبه بالاستقالة من منصبه، متهمة اياه بتهميش السنة والتضييق عليهم امنيا وسياسيا.
وفي خضم الازمة الاخيرة، التي تشكل حلقة من مسسلسل الازمات المتواصل منذ الانسحاب الاميركي نهاية 2011، دخل الاكراد على خط التشنجات المتصاعدة اذ انتشرت امس قوات كردية قرب مدينة كركوك (240 كلم شمال بغداد) المتنازع عليها.
وراى الجيش العراقي في الخطوة الكردية خرقا لاتفاقية عسكرية مشتركة، ومحاولة لبلوغ ابار النفط في المحافظة، معلنا انه ينتظر اومر القيادة حتى يتقرر كيفية التعامل مع هذا التطور.