24 نوفمبر، 2024 12:58 م
Search
Close this search box.

الأحزاب الإسرائيلية .. تضع سيناريوهات الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي المقبل !

الأحزاب الإسرائيلية .. تضع سيناريوهات الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي المقبل !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

تحتفل إسرائيل هذا العام بالذكرى السنوية الـ 70 لإستقلالها، (دون إنهاء ترسيم حدودها المكتملة), كما تحتفل كذلك بمرور أكثر من 50 عاماً منذ بسطت سيطرتها على مناطق الضفة الغربية. ولقد أحتدم الخطاب السياسي طيلة تلك العقود حول مستقبل “مناطق 67” بين المعسكرين السياسيين؛ وهما: المعسكر اليساري – الذي طالب بإنهاء السيطرة الإسرائيلية على تلك المناطق وعلى الشعب الفلسطيني، والسعي لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل – والمعسكر اليميني، الذي أراد إحكام السيطرة الإسرائيلية على “أرض إسرائيل” الممتدة من نهر الأردن إلى البحر الأبيض المتوسط, وتوسيع المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية.

مستقبل الصراع..

لقد عقد “مركز دراسات الأمن القومي الإسرائيلي”، الأسبوع الماضي، جلسة مُصغرة جمعت بعض أعضاء الكنيست الممثلين للأطياف السياسية المختلفة. وكان الحديث عن مستقبل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني, والسيناريوهات البديلة لحل الصراع. وأبدى كل عضو رؤيته الخاصة لحل القضية الفلسطينية.

وشارك في الجلسة كل من: المحامي، “جلعاد شير”، وعضو الكنيست، “موطي يوغيف”، من حزب “البيت اليهودي”، وعضوة الكنيست، “ستاف شافير”، من كتلة “المعسكر الصهيوني”، وعضو الكنيست، “يوآف كيش”، من حزب الليكود، وعضوة الكنيست، “تمار زاندبرغ”، من حزب “ميرتس”.

وفي تلك الجلسة تم عرض المواقف السياسية لأعضاء الكنيست الحاليين: وهل يقترحون خطة سياسة مكتملة، وكيف يقرأون الوضع السياسي لإسرائيل حالياً، وما هي رؤيتهم المستقبلية – هل هي الحفاظ على الوضع الراهن، أم قيام دولتين أو الإكتفاء بدولة واحدة.

حل الدولتين سيُنهي المشاحنات..

بدأ المحامي، “جلعاد شير”، الجلسة بقوله: “لقد أوضح اللواء السابق في الجيش الإسرائيلي، (موشيه كابلينسكي)، بأننا منذ 50 عاماً نسيطر على المناطق الفلسطينية, ولا بد الآن من إتخاذ قرار بشأن ما ينبغي أن نفعله, لا سيما وأن الجيش الإسرائيلي لديه القدرة الكافية لقبول الاتفاق الذي تحدده القيادة السياسية. ونحن في هذه الجلسة سنركز على البدائل التي تكفل الحفاظ على الإنجازات التي حققتها دولة إسرائيل, إلى جانب سُبل حل الصراع. ويدور الحديث هنا عن رؤيتين متناقضتين؛ الأولى: تنادي بالسعي لتحقيق حل الدولتين لشعبين، فيما تقول الرؤية الأخرى إن حدود إسرائيل تصل إلى نهر الأردن. ونحن في مركز دراسات الأمن القومي نوصي بأن تتبنى إسرائيل مبادرة إستباقية دون أن تنساق. ونحن نسأل أنفسنا: ما هي الحلول المختلفة المتاحة سواء لدى اليسار أو اليمين – وما هو الحل الأمثل لإسرائيل على المدى البعيد ؟.. ولقد وجدنا أن الحل المطروح على بساط البحث هو حل الدولتين لشعبين, باعتباره سيضمن الأمن بشكل دائم ومستقر، كما سيُنهي المشاحنات بين السكان اليهود والفلسطينيين”.

ونحن على يقين بأن التدابير الثنائية من الطرفين, إضافة إلى الخطوات المستقلة من جانب كل طرف، ستمهد الطريق لإحراز حل الدولتين لشعبين. ونحن نؤيد ذلك، حتى في ظل عدم إبرام اتفاق، من خلال التنفيذ الصارم والسريع والناجز لأي تفاهمات. وهذا بطبيعة الحال يجب أن يكون مصحوباً بخطاب مجتمعي وبإشراك الجماهير العريضة من أجل الحصول على مشروعية لهذا العمل.

أما فيما يتعلق بقطاع بغزة، فنرى ضرورة التوصل إلى اتفاق طويل الأمد لوقف إطلاق النار إلى جانب السعي لتحسين الأوضاع الإنسانية والعمل على تعزيز صلاحيات السلطة الفلسطينية. وطالما لم يتم التوقيع على اتفاق دائم ومكتمل؛ فإننا لا نوصي بسحب قوات الجيش الإسرائيلي من مناطق الضفة الغربية.

وسنحاول في جلستنا هذه الخروج من ذلك الإنقسام التلقائي بين اليمين واليسار، والكف عن وصف كل طرف لخطة الطرف الآخر بأنها وهمية أو غير واقعية.

كل الأرض ملك لليهود..

يقول عضو الكنيست، “موطي يوغيف”، من حزب “البيت اليهودي”: إنني أرى أن دولة إسرائيل يجب أن تكون يهودية وديمقراطية ومزدهرة وذات رؤية ساطعة للشعب اليهودي، الذي يُطبق تعاليم التوراة التي يؤمن بها. دولة تكفل المساواة في الحقوق، وتحمل لواء الهدى والنور للعالمين، وتحقق الخير لكل الأمم. وسوف تستند تلك الدولة على خمس ركائز أساسية ألا وهي:-

ركيزة العقيدة، (بأن أرض إسرائيل هي ملك للشعب اليهودي؛ وفق الوعد الإلهي الذي نصت عليه التوراة). وركيزة التاريخ، لأن تلك الأرض تعتبر ملكاً للشعب اليهودي، منذ حوالي 3500 عام أو 3800 عام. أما فكرة الدولتين لشعبين فلا صلة لها بالواقع، حيث لم تكن قائمة من قبل على الإطلاق، ولا يمكن أن تكون في المستقبل.

والركيزة الأمنية, التي ترى أن مناطق الضفة الغربية تسيطر على السهل الساحلي بكامله, وكان الدبلوماسي والسياسي الإسرائيلي الشهير، “أبا إيبان”، يصف تلك الحدود بأنها تشكل خطراً وجودياً على دولة إسرائيل. كما أن أي منطقة سبق وأن تركناها أصبحت قاعدة للإرهاب، ولذلك فإن الدولة لن تتنازل لأعدائها عن أي منطقة أخرى. والحدود الشرقية التي كانت وستظل آمنة لإسرائيل هي “نهر الأردن”، وستظل تلك الحدود تحقق الأمن التام, وستُحبط أي محاولة لجعل الضفة الغربية مقراً للإرهاب كما حدث في قطاع غزة.

والركيزة اليهودية؛ تتمثل في تعزيز الإستيطان اليهودي بأراضي الضفة الغربية, وهذا ما يريده الناخب الإسرائيلي المرة تلو الأخرى منذ عام 1977، باستثناء فترات قليلة. من خلال فرض القانون الإسرائيلي على المستوطنات.

وركيزة الوضع الدولي؛ لأن العلاقات الدولية لإسرائيل تُعد عاملاً مهماً وستنسق إسرائيل مع الدول العظمى لتعزيز سيطرتها وضمان أمننا.

لا للاحتلال ونعم للمبادرة العربية..

أما عضوة الكنيست، “تمار زاندبرغ”، من حزب “ميرتس”، فتقول: نحن نعيش مرحلة غريبة. حيث تشهد المنطقة تغييرات هائلة، في حين يسيطر الجمود التام مع الفلسطينيين، رغم أن تلك هي أولى القضايا التي يمكن أن تؤدي لتدمير الدولة الإسرائيلية. فالاحتلال يؤدي إلى الإفساد ويمزق النظام السياسي ويقوض الديمقراطية ويلوث المؤسسات الإسرائيلية؛ بدءاً من الجيش وحتى القضاء. وهنا يبرز ضعف معسكر اليسار، حيث نسمع عن المبادرات التي يطلقها معسكر اليمين, بينما لا نسمع من اليسار شيئاً. لكن معسكر اليمين يتجاهل وجود نحو مليون فلسطيني يعيشون بلا حقوق تحت السيطرة الإسرائيلية. فيما يواصل اليسار التمسك بحل الدولتين، ولكن ذلك لم يعد وحده أساساً للفكر السياسي الرائد. وهنا تبدو حالة الجُبن واضحة لدى “آفي غباي” و”يائير لبيد” في هذا الشأن.

إن حزب “ميرتس” هو الوحيد الذي يُبدي مواقفاً سياسية كالتي تتبناها الأجهزة الأمنية. ويُتهم اليسار بالسذاجة و”الجمود” فيما يخص القضية الفلسطينية، ولكن من الواضح أن هذا ما يحول دون إحراز تقدم في العلاقات مع أنظمة الحكم السُنية. علماً بأن إنهاء الصراع سيعزز مكانة إسرائيل لدى التحالفات الجديدة في الشرق الأوسط. والخطوات الأساسية التي أقترحها في هذا الشأن هي: إنهاء الحكم العسكري والتوقف فوراً عن عمليات الفصل العنصري، بصرف النظر عن المفاوضات السياسية, وتخفيف الإجراءات الأمنية وتسهيل حرية الحركة وإطلاق الحرية السياسية ومنح تصاريح البناء وفك الحصار المفروض على قطاع “غزة” وحث المنظمات والدول للقيام بذلك.

وإذا لم ندفع نحن الثمن من أجل ذلك، فلا داعي لأن نتحدث عن الأخلاق. والوقت الآن أصبح مناسباً لتخفيف الإجراءات عن “قطاع غزة”. وتعتبر التسوية الدائمة عبر قيام دولتين لشعبين، مجرد وسيلة وليست غاية في حد ذاتها. ويجب علينا أن نُعلن فوراً قبول المبادرة العربية والبدء في إجراء مفاوضات وإتخاذ خطوات ملموسة مثل قانون “الإخلاء – والتعويض”. وهذا أيضاً يُعد فرصة لإسرائيل.

تنفيذ خطة “بيغن”..

فيما يؤكد عضو الكنيست، “يوآف كيش”، من حزب الليكود, أن جوهر الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين لا يرتبط فقط بعامي 1948 أو 1967. فنحن نتذكر جيداً أحداث عام 1929 أو ما يُسمى بـ “ثورة البراق”. لقد عاد اليهود إلى موطنهم الأصلي, وعلى الجانب الآخر بدأت تظهر تطلعات قومية لدى المجتمع العربي الذي لم يتقبل الصهيونية. ويدور الحديث كأنما لا يوجد سوى خيارين إثنين فقط. وأنا أعتقد أن حل الدولتين لشعبين سيشكل خطراً وجودياً على دولة إسرائيل، لأن دكتاتورية فلسطينية ستُقام على حدودها. كما أن الحل الثاني، المتمثل في دولة ثنائية القومية، لن يكون واقعياً، ولن تبقى إسرائيل يهودية وديمقراطية بهذه الطريقة. وفي رأيي فإنه لا يمكن حالياً التوصل إلى سلام، ولن يكون هناك حل في الأفق وسنظل نُعاني. والسؤال إذاً: ما الذي ينبغي أن نفعله ؟.. والجواب هو أنه ينبغي علينا إتخاذ إجراء مستقل – وهو تنفيذ خطة الحكم الذاتي التي كان قد أعدها “بيغن”.

وذلك الإجراء المستقل يُضاعف الفائدة لإسرائيل: بحيث تكون أكبر مساحة تحت السيادة الإسرائيلية وأقل مساحة في يد الفلسطينيين – الذين سيحق لهم بطبيعة الحال الحصول على الجنسية. وثانياً، ستبقى البؤر السكانية العربية الكبيرة داخل منطقة الحكم الذاتي، لتحقيق مبدأ الترابط الجغرافي – سواء من الناحية الاقتصادية أو من ناحية التنقل. وهكذا نتغلب على المشكلة الاقتصادية، (السلام الاقتصادي). وأقول في الختام، إننا نعيش مرحلة حاسمة نحظى فيها بدعم أميركي ونواجه فيها رفضاً فلسطينياً شديداً. وإنني أقوم بالترويج لتلك الخطة داخل الكنيست، وأتمنى أيضاً أن أتوجها بتشريع.

العمل على ثلاثة محاور..

أوضحت عضوة الكنيست، “ستاف شافير”، من كتلة “المعسكر الصهيوني”، أنه من الصعب اليوم وصف الحلول المطروحة بأنها يمينية أو يسارية. فالحلول لدى كلا الطرفين أصبحت تتسم بـ “السيولة” – حيث يتحدث المستوطنون عن ضم المناطق الفلسطينية، بينما يتحدث اليساريون عن دولة فيدرالية وما شابه ذلك. ويجب على دولة إسرائيل أن تحسم أمرها. ففي هذه المنطقة الصعبة التي نعيش بها سينبغي علينا دائماً إمتلاك قوة كبيرة سنضطر لاستخدامها حينما يهاجموننا – إنها القوة الرادعة والقدرة على إمتلاك مصيرنا بأيدينا، فلا ننتظر حدوث شيء ما. ولكن الحكومات الإسرائيلية اليمينية تفضل الإنتظار والتباطؤ دون أن حسم الأمور.

ويجب على إسرائيل أن تتصرف وفق مصالحها كلما أُتيح لها ذلك، عبر ترسيم حدود واضحة بيننا وبين خمسة ملايين فلسطيني يعيشون في الضفة الغربية و”قطاع غزة”. وليس هناك أي علاقة بين توسيع المستوطنات وأمن إسرائيل، بل العكس هو الصحيح – لأن معظم قوات الجيش الإسرائيلي تعكف على حماية المستوطنات بدلاً من حماية الحدود وتشكيل قوة لمواجهة تنظيم “حزب الله” و”حركة حماس”. وبدلاً من إتمام بناء الجدار المسؤول عن منع معظم الهجمات الإرهابية داخل إسرائيل، توقف العمل بسبب عناصر يمينية متطرفة. ويجب العمل ضمن ثلاثة محاور منفصلة، وهي: التفاوض، (الذي سيخلق الثقة لدى الجانب الفلسطيني والعالم)، ووضع الحقائق على الأرض بغض النظر عن الفلسطينيين، وتغيير الوضع المدني في الضفة الغربية، وقبول المبادرة العربية من أجل تطبيع العلاقات مع الدول العربية المعتدلة، وتعزيز التفوق الإسرائيلي أمام الفلسطينيين في المفاوضات.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة