21 ديسمبر، 2024 9:52 م

استطلاع “نبض الثورة” .. انتفاضة تشرين أحيت ثقة العراقيين بأنفسهم ومحت ثقتهم في المؤسسات !

استطلاع “نبض الثورة” .. انتفاضة تشرين أحيت ثقة العراقيين بأنفسهم ومحت ثقتهم في المؤسسات !

خاص : ترجمة – لميس السيد :

المظاهرات الأخيرة التي يشهدها “العراق”، هي من بين أكثر الاحتجاجات دموية في تاريخه الحديث؛ وذلك بمقتل ما يقرب من 500 عراقي وإصابة أكثر من 17 ألفًا في الاحتجاجات، خلال الشهرين الماضيين، وفقًا لتقديرات موثوقة.

لكن الاحتجاجات في “بغداد” والمحافظات الشيعية الجنوبية؛ لا تعتبر مفاجأة، لأن الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة؛ لم توفر الاحتياجات الأساسية للمواطنين. ولكن ما الذي يفكر فيه المحتجون حيال ثورتهم غير المسبوقة ؟

في تقرير نشرته صحيفة (واشنطن بوست) الأميركية، أجرى رئيس مجموعة “المستقلة” البحثية في العراق، “منقذ داغر”، استطلاعًا حول آراء العراقيين المشاركين في الاحتجاجات؛ وردة فعلهم تجاه الانتفاضة ضد الحكومة.

استطلاع فريد للمتظاهرين العراقيين..

في محاولة لفهم ديناميات هذه الاحتجاجات بشكل أفضل وكيفية معالجة مظالم المتظاهرين، أجرت المجموعة استطلاعًا مباشرًا مع حوالي 1250 شخص من محتجين في “بغداد” وجميع المدن الرئيسة في جنوب “العراق”، من 24 تشرين ثان/نوفمبر إلى الأول من كانون أول/ديسمبر الجاري.

واحدة من أقوى النتائج التي توصلت إليها الدراسة الاستقصائية؛ كانت الحاجة القصوى للمتظاهرين للشعور بالقيمة والتأثير على الحكومة وتحديد المصير. في استطلاع على مستوى البلاد، تم إجراؤه في وقت سابق من هذا العام، قال 3 من 4 من المجيبين أنهم شعروا بأن حياتهم قد فقدت كل معنى، بينما قال 80 بالمئة أنهم شعروا بالإكتئاب مرة واحدة على الأقل خلال الأشهر الستة السابقة.

لكن المشاركة في هذه المظاهرات يبدو أنها غيرت هذه المشاعر، حيث قال حوالي 94 في المئة من المحتجين؛ إن هذه المظاهرات جعلتهم يشعرون بأنهم شخص مهم. وقالت نفس النسبة تقريبًا أن المشاركة في هذه الاحتجاجات جعلتهم يشعرون كما لو كان لهم صوت في مستقبل “العراق”. وذكر 97 في المئة أن الذهاب للاحتجاجات جعلهم أكثر فخرًا بأنهم عراقيون.

تعاقب الأجيال..

بينما انتظرت الأجيال الأكبر سنًا من العراقيين أن تمنحهم الحكومة ما يستحقون؛ خرج الشباب المتظاهرين يطالبون حقوقهم بنشاط وإصرار في مظاهرات دون قيادة. قال ما يقرب من 90 في المئة، وفقًا للاستطلاع، إن هذه الاحتجاجات جعلتهم يشعرون أنهم يتحدون النظام الحالي. ويمكن تلخيص هذا التحدي في الشعار الرئيس لهذه الاحتجاجات: “أنا أشارك لاستعادة حقوقي”.

أدت الثورة الرقمية والفساد الحكومي إلى تقويض قدرة المؤسسات التقليدية – مثل المدارس والسلطات الدينية وسلطة الأسرة – على السيطرة على سلوك الشباب العراقي. منذ عام 2004، قفزت النسبة المئوية للعراقيين الذين لديهم هواتف محمولة من 1 في المئة إلى حوالي 100 في المئة؛ ولدى أكثر من 80 في المئة منهم هواتف ذكية مزودة بخدمة “الإنترنت”. تظهر استطلاعاتنا أنه بحلول عام 2018، (على الأكثر)، استخدم العراقيون “الإنترنت” كمصدر رئيس للمعلومات.

وذكر ما يقرب من ثلثي المحتجين، وفقًا للاستطلاع، أنهم ذهبوا إلى الاحتجاجات بناءً على دعوة تلقوها إما من “الإنترنت” أو من “شبكة تواصل اجتماعية”. وذهب 12 في المئة فقط إلى الاحتجاجات بناء على مكالمات أفراد الأسرة. وهذا يُعد تغييرًا عن الماضي، عندما كانت الحكومة تسيطر على تدفق المعلومات للمواطنين العراقيين.

ماذا يريد المتظاهرون ؟

يطالب المتظاهرون بتغييرات عميقة في النظام السياسي بشكل عام وليس فقط الحكومة الحالية. قبل استقالة رئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، قال 86 في المئة من المحتجين إنهم لن يتنازلوا عن التظاهر، حتى لو تم طرد الحكومة الحالية. ووفقًا لتقرير الاستطلاع، يبدو أنه من غير المرجح أن يكون المتظاهرين معجبين بأي تغيير حكومي قائم على تحالفات سياسية قديمة.

المشكلة الأكبر لأي حل دائم هي الإفتقار العميق للثقة في اللاعبين السياسيين الحاليين. باستثناء آية الله العظمى “علي السيستاني”، رجل الدين الشيعي الأكثر نفوذًا في “العراق”، والذي يتمتع بثقة 60 في المئة من المحتجين، فإن جميع اللاعبين الحكوميين الآخرين، بما في ذلك السلطة التشريعية والتنفيذية وحتى القضائية، فقط يثق بهم أقل من 5 في المئة من العراقيين، استنادًا إلى ما أورده التقرير.

بينما أكثر من 90 في المئة من المتظاهرين يرحبون بإجراء انتخابات مبكرة، ولكن بسبب عدم ثقتهم في مؤسسات الدولة، توافق نسبة منخفضة على أنه ينبغي أن تتم العملية في ظل اللجنة الانتخابية الحالية أو حتى تحت إشراف القضاة العراقيين.

ووفقًا للاستطلاع؛ حصل اللاعبون الدوليون الخارجيون على مستوى منخفضمن من ثقة العراقيين أيضًا. يثق في “إيران”: 1 في المئة من الذين أجريت معهم مقابلات، بينما حازت “الولايات المتحدة” على نسبة 7 في المئة، و”الاتحاد الأوروبي” بنسبة 25 في المئة، و”الأمم المتحدة” بنسبة 30 في المئة.

تطلعات..

من وجهة نظر “داغر”، رئيس المؤسسة التي أجرت الاستطلاع، يرى أن المتظاهرين العراقيين الشباب قد أبدوا قدرة رائعة على مقاومة العنف رغم أنهم عانوا من خسائر فادحة؛ وهناك جهود متواصلة من جانب الميليشيات المسلحة وقوات الأمن لجذبهم إلى السلوك العنيف.

ظل المتظاهرون يركزون ويصرون على تحقيق هدفهم المتمثل في تغيير النظام السياسي إلى نظام قائم على الجدارة ولا تشكله مجموعات الإنتماء الجماعي.

في حين أنه من الصعب رؤية طريق للخروج من الاحتجاجات الدامية الحالية، تُجدر الإشارة إلى أن 70 في المئة من المحتجين وافقوا على إجراء انتخابات مبكرة موثوقة فقط تحت إشراف “الأمم المتحدة”؛ في ظل إنعدام الثقة بالمؤسسات العراقية القائمة على الفساد وعدم الشفافية.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة