خاص : كتبت – نشوى الحفني :
بارقة أمل جديدة، أظهرتها جولة المحادثات الخامسة بين “إيران” و”السعودية”، التي أجريت في “العراق “برعاية أردنية، حيث أشارت “وزارة الخارجية” العراقية إلى حضور رئيس الوزراء العراقي؛ “مصطفى الكاظمي”، في الجولة الجديدة من المحادثات “الإيرانية-السعودية”، وأعلنت إنه من المُرجح ان تُمهد محادثات “طهران” و”الرياض”؛ في “بغداد”، الطريق لإستئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
وقال المتحدث باسم “وزارة الخارجية” العراقية؛ “أحمد الصحاف”، لوكالة الأنباء العراقية الرسمية؛ (اينا): في إطار سياسة “العراق” القائمة على مبدأ المفاوضات الجماعية لبناء التوافق والتوازن في المنطقة، استضافت “بغداد” الجولة الخامسة من المحادثات بين: “طهران” و”الرياض”.
وأكدت “وزارة الخارجية” أن استضافة “العراق” المباحثات “السعودية-الإيرانية” تُعزز دوره المحوري لتحقيق مزيد من الاستقرار في المنطقة، مبينة أن مفاوضات “الرياض” و”طهران” قد تُمهد لعودة العلاقات الدبلوماسية بينهما.
وقال المتحدث باسم الوزارة؛ “أحمد الصحاف”، أمس الأول؛ أن: “العراق استضاف الجولة الخامسة للحوارات بين طهران والرياض، ضمن إطار انتهاج السياسة العراقية مبدأ التأسيس للحوارات الجماعية لتكريس التوافق والتوازن على مستوى المنطقة”، مبينًا أن: “أجواء المفاوضات سادتها الهدوء؛ وكانت هناك حالة من الإيجابية والتفاهم”.
مضيفًا أن: “الحوار تضمن عدة ملفات؛ من بينها الملف الأمني”، مشيرًا إلى أن: “رئيس الوزراء؛ مصطفى الكاظمي، كان حاضرًا في المفاوضات”.
استئناف التمثيل الدبلوماسي بين “إيران” و”السعودية”..
وذكر أن: “جولة الحوارات بدأت ولا زالت ممتدة وتأخذ طريقها إلى إحداث مقاربات جوهرية وأساسية؛ ربما سيكون منها استئناف التمثيل الدبلوماسي بين إيران والسعودية”.
وتابع أن: “العراق خطا خطوات كبيرة في نسق التفاعلات الإقليمية والدولية، من بينها رعايته الجولة الخامسة بين طهران والرياض”، لافتًا إلى أن: “مثل هكذا حوارات تُكرس لمزيد من الاستقرار والتوازن على مستوى المنطقة وأمن العراق وسيادته، لأن العراق ليس بمنأى عنها بل هو طرف مهم ضمن جوهرها”.
وبيّن أن: “هذه الحوارات ستنعكس على دور العراق مستقبليًا مع أطراف أخرى، سيما أننا نؤسس لمبدأ شراكات إستراتيجية متعددة تتجه لتأسيس دوائر اقتصادية متعددة”، موضحًا أن: “العراق سيكون منصة للتقارب وتأسيس للحوارات المستدامة”.
محادثات إيجابية لكن لم تصل لمرحلة الحوار الحقيقي..
من جهتها؛ أكد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية؛ “سعيد خطيب زاده”، أن الجولة الخامسة من المحادثات مع “السعودية” كانت إيجابية.
وقال المتحدث باسم “وزارة الخارجية”: لقد جرت المحادثات “الإيرانية-السعودية”؛ في “بغداد”، الخميس الماضي؛ بفضل جهود الحكومتين العراقية والعُمانية، وكانت المحادثات إيجابية وتقدمية. لكنها لم تصل بعد لمرحلة الحوار السياسي الحقيقي، مضيفًا أنه إذا أرتقت المفاوضات مع “السعودية” إلى المستوى السياسي من المحتمل أن نشهد تقدمًا سريعًا.
مذكرة تفاهم من 10 نقاط..
كما أكد وزير الخارجية العراقي؛ “فؤاد حسين”؛ أنّ الجولة الخامسة من المباحثات “السعودية-الإيرانية”؛ في “العراق”، كانت جيدة جدًا وحققت اتفاقًا على عدد من النقاط الهامة؛ (مذكرة تفاهم تتألف من 10 نقاط)، جازمًا في سياق متصل، أنّ الجولة المقبلة من المباحثات “السعودية-الإيرانية” ستكون على مستوى رفيع.
وكشف أنّ القرار اتُخِذ أن يكون الاجتماع المقبل بين أطراف دبلوماسية أو بمستوى وزير الخارجية أو وكيل وزير الخارجية ودبلوماسيين، مشدّدًا على وجوب الخروج من: “السر إلى العلن” في الجولة المقبلة من المباحثات.
وأكد أنّ الجولة المقبلة من المباحثات “السعودية-الإيرانية” ستكون على مستوى رفيع، متحدّثًا عن اتجاه نحو تبادل البعثات الدبلوماسية بين الجانبين في المستقبل.
لمنع تصاعد التطور إلى مستوى المواجهة..
تعليقًا على تلك التطورات؛ يقول أستاذ العلوم السياسية بمركز “الأهرام” للدراسات السياسية والإستراتيجية، الدكتور “بشير عبدالفتاح”، إن هناك حوارًا “سعوديًا-إيرانيًا” بوجه عام في محاولة لتخفيف حدة التوتر، وإيجاد مصالح مشتركة بين الجانبين، ومنع تصاعد التطورات إلى مستوى المواجهة، وتقليص النفوذ الإيراني، فهذا موجود منذ زمن بين الطرفين.
مضيفًا أن: “العراق ساحة لإمكانية اندلاع تطورات لوجود السُنة والشيعة، ولهذا اختيرت لإجراء هذا الحوار، والسعودية لديها رغبة في تقليل نفوذ إيران الإقليمي، والعراق أبرز نقاط تمركز النفوذ الإيراني في المنطقة، ولذا جاء اختيار العراق ليعكس حرص السعودية على أن تُعيد العراق للحاضنة العربية مجددًا، من خلال توثيق التعاون (السعودي-العراقي)، وتقليل النفوذ الإيراني، ومن هنا جاء الحوار بين إيران والسعودية، بألّا يتحول العراق لساحة للمواجهة أو حرب بالوكالة بين إيران والسعودية”.
عودة “العراق” للحاضنة العربية..
لافتًا إلى أن: “السعودية حاولت أن تضخ استثمارات ومشروعات، وتفتح مجال للتجارة مع العراق، في محاولة لأن يعرف العراق أن مصالحه بشكل أكبر مع الدول العربية، وأنه لا فائدة من علاقته مع إيران، في ظل تدخل طهران وميليشياتها، التي تعمل على زيادة التوتر في العراق، بينما الدول العربية تضخ استثمارات ومصالح، وبالتالي العراق يعود للحاضنة العربية مجددًا، بدلاً من أن يترك لقمة صائغة لإيران”.
وأضاف أن: “إيران دائمًا في الحوارات تُطلق الشعارات، ويكون لها حسابات مختلفة، تقوم بالجولات والزيارات والمفاوضات، لكن الذهنية الإيرانية من الصعب إدراك أبعادها، وفي نفس الوقت نجد أن المفاوضات تُفضي إلى لا شيء في النهاية، بدليل أن المفاوضات النووية على سبيل المثال رجعت للمربع رقم: 1، ونفس الأمر مع السعودية، تُعلن إيران أنها تُريد السلام مع السعودية، وتُريد الهدوء والسلام والإبتعاد عن التوترات، لكن في النهاية نجدها لا تصل لشيء، وغالبًا الحوارات والمفاوضات لا تُسفر مع الإيرانيين لنتائج إيجابية ملموسة، بقدر كونها استهلاكًا واستنفاذًا للوقت، فالإيرانيون يُريدون أن يظهروا وكأنهم دعاة سلام”.
محاولة للهروب للأمام..
وأردف: “التعويل على أمر المفاوضات والحوارات لا يأتي بنتيجة، وتصريحات وزير الخارجية العراقي عن أن الحوار (السعودي-الإيراني) في العراق كان ممتازًا، هي محاولة للهروب للأمام، فالأساس هي الأمور الأمنية، لأن إيران تتدخل في شؤون الدول العربية، وتكوّن ميليشيات، ولها نفوذ أمني وعسكري داخل العراق وسوريا في المنطقة العربية، هذا هو الهدف، لكن بالنسبة للحوار على مستوى الدبلوماسية وعقد لقاءات مع سفراء وتبادل المفاوضات، ففي النهاية لن يكون لهذا انعكاس على الوضع الأمني والعسكري، وهذا هو المهم، فالمفاوضات لن تُقلل نفوذ إيران في العراق”.
وجهان لعُملة واحدة..
من جانبه؛ يقول المحلل السياسي الدولي العراقي؛ “عمر عبدالستار”، إن الحوار “السعودي-الإيراني”؛ في “العراق”، مرتبط بالتفاوض بين “إيران” و”أميركا” فيما يتعلق بـ”الاتفاق النووي”، فهم وجهان لعُملة واحدة.
وأضاف أن: “تقدم الحوار (السعودي-الإيراني) له علاقة بالملف الإقليمي الإيراني، مثلما التفاوض في الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة له علاقة بالملف الإقليمي، ولذلك طرح موضوع (الحرس الثوري) الإيراني، فهناك ربما تكون سياسة السعودية متشابه ومتكاملة في هذه النقطة مع سياسة أميركا، فالرئيس الأميركي؛ جو بايدن، يُريد أن يكسب تأييد الديمقراطيين والجمهوريين، ويفوز حزبه الديمقراطي في انتخابات التجديد النصفي، لذلك لم يوقع على الاتفاق النووي بعد، والسعودية تُريد أن تضغط إقليميًا من أجل أن تقبل إيران بشروطها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، والمملكة ربما تُركز اليوم على اليمن”.
وتابع: “الأمر مرتبط أيضًا بتداعيات أزمة أوكرانيا، فهي مهمة للغاية في هذا الموضوع، الذي يرتبط بعلاقة روسيا بالسعودية وبإيران، فموسكو لا تضع كل أوراقها مع طهران، فربما هذا يكون عاملاً يؤدي إلى تطور المفاوضات والحوار بين السعودية وإيران بشكل إيجابي، أو عدم تطورها، والأمر الآخر هو أنه مع أزمة أوكرانيا لا تُريد أميركا ولا السعودية، أن تُحدث إيران فوضى في المنطقة، لأن أي فوضى في المنطقة، ربما تخدم الرئيس الروسي؛ فلاديمير بوتين، في أوكرانيا”.
وأردف: “الذهاب للتفاوض (الأميركي-الإيراني) دون الوصول لحل، والتفاوض (السعودي-الإيراني)، دون الوصول لحل، هو جزء من عملية امتصاص أي محاولة لإيران لتفجير الوضع، ربما حتى انتخابات التجديد النصفي بالكونغرس الأميركي”.
نزعة إيران عدوانية..
فيما يرى المحلل الإستراتيجي والسياسي السعودي؛ اللواء “عبدالله القحطاني”، إن التجارب علمتنا بأن ثورة “إيران” لا تُعطي شيئًا إطلاقًا له فائدة فيما يعود على الدول المجاورة في الأمن والاستقرار والتعايش، وحسن الجوار ونبذ الإرهاب، كل المؤشرات الحالية مع الدلائل السابقة تؤكد أن “إيران” نزعتها نزعة عدوانية مركبة على هذا النحو؛ حيث لا تستطيع البقاء بدون هذه الخلافات المصطنعة، والميليشيات التي اختلقتها بالمنطقة العربية، في: “اليمن والعراق والشام”، والخلايا النائمة قد لا نعلمها جميعًا، وبعضها معلوم، لكن التفاؤل هو دائمًا شيء طبيعي، إنما لا يوجد أمامنا جميعًا أي مؤشر إيجابي على الأرض، لا في “اليمن” ولا في “العراق”، ولا أي مكان آخر يقول إن “إيران” لديها نية أن تكون دولة عاقلة وهادئة ولديها مشروع نهضة داخلي بالتعاون مع جيرانها للبناء والتنمية.. لا يوجد أي مؤشر على ذلك.
وأضاف أن: “الملف النووي الإيراني له تأثير كبير على علاقاتها بدول مجلس التعاون الخليجي، والدول العربية، خاصة السعودية، ولننتظر.. فالانتظار هو سيد الموقف، ومن المتوقع أن تكون هناك جولات جديدة قادمة من الصراع في اليمن مع ميليشيا إيران هناك، وهذا سيُعطي إجابة مثلما برز، بأن إيران لن ترعى السلام في هذه المرحلة”.
واستطرد: “المعول عليه في تحريك الحوار (السعودي-الإيراني)، هي المملكة العربية السعودية، برعاية صاحب السمو الملكي؛ الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع في المملكة العربية السعودية، في أن يُغير شيئًا إستراتيجيًا في المنطقة من خلال السياسة والدبلوماسية، والعلاقات الدولية، وهناك رغبة في تغيير أشياء كثيرة في العلاقات (السعودية-الخليجية-الإيرانية)، بهندسة وتخطيط؛ الأمير محمد بن سلمان، فهو لا يتخذ الطرق التقليدية، ولا ينتهج أساليب السياسة القديمة العربية والإيرانية، فهو ينظر إلى ما هو أبعد، ولديه قدرات على ضبط المواقف وإقناع الطرف الآخر، سواء كان خصمًا أو عدوًا أو على خلاف معه، يقنعه في النهاية بصحة موقفه، ويجبره على أن يأتي إلى ما يُريد”.
خلاف وجودي وليس حدودي فقط..
ولفت إلى أن: “الوصول لنتائج من الحوار (السعودي-الإيراني) لا تزال في حدود الأمنيات، في مجال التفاعل، لكن ما يهمنا هو ما يجري على الأرض، هذا هو المحك، الوسيط العراقي سيكثر من الحديث عن وجود أجواء إيجابية ووجود توافقات، وأن السعي لاجتماع دبلوماسيين، وليس مجرد أمنيين.. هذا أمر جيد ويقال دائمًا، لكن كل هذا لا يعني شيئًا مع إيران، فالمملكة تعرف إيران جيدًا، وتعلم فكرها وعقيدتها، ونهجها السياسي، وبالتالي لا يمكن القول إن جلسة أو 10 جلسات ستفضي إلى أن تكون إيران دولة طبيعية.. إطلاقًا، طهران لا تُريد أن تُعطي شيئًا، وتفاوض من أجل التأخير والحصول على أهدافها، لكن ما يطمئننا هو تواجد السعودية على الطاولة، فلديها خبرة طويلة، وتفهم النهج الإيراني، وأيضًا لديها ما تقوله، وهو أن مشكلتنا ليست فقط في خلاف حدودي في أي مكان، وإنما خلاف وجودي وهو الإرهاب، لا يمكن لنا كسعوديين أن نتعايش مع إيران، وهي تدعم الإرهاب في المملكة العربية السعودية، والدول العربية”.