اختبار حقيقي .. بعد التنازلات التركية .. هل يُنفذ الاتفاق “الأميركي-التركي” حول منبج ؟

اختبار حقيقي .. بعد التنازلات التركية .. هل يُنفذ الاتفاق “الأميركي-التركي” حول منبج ؟

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

على الرغم من مرور ثلاثة أشهر علي توقيع اتفاق يتضمن خارطة طريق بين “الولايات المتحدة الأميركية” و”تركيا”، تحدد “أنقرة” من خلالها موعد انسحاب “وحدات حماية الشعب”، (الكُردية)، من “مدينة منبج” بريف “حلب” الشرقي، إلا أنه لم ينفذ حتى الآن.

وزير الخارجية التركي، “مولود غاويش أوغلو”، كان قد قال في مقابلة له مع وكالة (CNNTURK)؛ إن “الوحدات” ستبدأ الانسحاب من “منبج”، في 4 من تموز/يوليو.

وتسبب دخول الجانبين، التركي والأميركي، في أزمة دبلوماسية نتيجة احتجاز “تركيا” للقس الأميركي، “أندور برانسون”، في تأجيل تنفيذ الاتفاق بين الجانبين.

ولتأزم العلاقات بين الطرفين والعقوبات الاقتصادية المتبادلة، لم يشهد ملف “منبج” أي تطور على مدار الشهرين الماضيين.

تأجل.. لكن لم يمت تمامًا..

حول الاتفاق؛ قال الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، أن الاتفاق بين “تركيا” و”الولايات المتحدة” تأجل “لكن لم يمت تمامًا”، وفق ما نقلت صحيفة (حرييت) التركية عن “إردوغان”؛ خلال رحلة عودته من زيارة العاصمة المجرية، “بوودابست”، الخميس 11 من تشرين أول/أكتوبر 2018.

ولحث الجانب الأميركي على التحرك في إتجاه تنفيذ الاتفاق، توالت التصريحات الرسمية التركية في اتهام “حزب الاتحاد الديمقراطي”، (PYD)، و”وحدات حماية الشعب”، (YPG)، بتطويق المدينة بالخنادق، كما اتهم الرئيس التركي، “الولايات المتحدة”، بعدم وفائها بوعودها المتعلقة بسحب القوات “الكُردية” من “منبج”.

تدريبات “أميركية-تركية” مشتركة..

ومن أولى بوادر الاستجابة للتحرك نحو تنفيذ الاتفاق، أعلنت “الولايات المتحدة” عن البدء بتدريبات مع “تركيا” لتسيير دوريات مشتركة في المدينة، كخطوة أولى بعد توتر العلاقات بين الطرفين.

وقال وزير الدفاع الأميركي، “جيم ماتيس”، في 2 تشرين أول/أكتوبر 2018، إن بلاده و”تركيا” بدأتا تدريبات معًا للقيام بدوريات مشتركة قريبًا في منطقة “منبج”، مضيفًا أن التدريب جار في الوقت الحالي “وعلينا انتظار ما ستؤول إليه الأمور بعد ذلك”.

إطلاق سراح القس الأميركي..

والبادرة الثانية التي حركت المياه الراكدة نحو التفاق، كانت بعد إطلاق سراح القس الأميركي، “أندور برانسون”، الذي كانت “تركيا” تحتجزه بتهم مشاركته في محاولة الانقلاب الفاشلة على الحكم، في تموز/يوليو 2015.

وأطلقت السلطات التركية سراح القس الأميركي، الجمعة 12 من تشرين أول/أكتوبر 2018، بعد حكم قضائي بالسجن لمدة ثلاث سنوات وشهر و15 يومًا مع وقف التنفيذ، وهو الأمر الذي قالت عنه وسائل الإعلام أنه تم بناءًا علي صفقة عقدت بين الجانبين.

وأمرت المحكمة برفع الإقامة الجبرية عن “برانسون”، ما سيزيح المسبب الأكبر لسوء العلاقات “التركية-الأميركية”، ويسرع من وتيرة الاتفاقات المعقودة بين الطرفين والتي تسببت الأزمة بتوقفها أو تجميدها.

مباحثات “منبج”..

كانت المباحثات الأولى بين الجانبين، التركي والأميركي، بخصوص “منبج”، في 13 من آذار/مارس الماضي، لكنها تأجلت بسبب إقالة وزير الخارجية الأميركي، “ريكس تيلرسون”؛ وتعيين “مايك بومبيو”.

بعد ذلك تأجل تنفيذ الاتفاق الأولي بين الطرفين بسبب تجميد “الولايات المتحدة” له عقب إقالة “تيلرسون”، قبل أن تعود المحادثات إلى مجاريها بين وزيري الخارجية التركي والأميركي.

نص الاتفاق..

وتنص خطة العمل “الأميركية-التركية”، المتفق عليها في حزيران/يونيو الماضي، على تطبيق عدة مراحل محددة، تبدأ بانسحاب قادة “الوحدات”، ويليها تولي عناصر من الجيش والاستخبارات التركية والأميركية مهمة مراقبة المدينة، بعد 45 يومًا من الاجتماع الذي إنعقد بين “غاويش أوغلو” و”مايك بومبيو”، في 13 من حزيران/يونيو الماضي.

فيما تنص المرحلة الثالثة على تشكيل إدارة محلية في غضون 60 يومًا، وسيجري تشكيل المجلس المحلي والعسكري اللذين سيوفران الخدمات والأمن في المدينة، حسب التوزيع العرقي للسكان.

وتأمل “تركيا” بالتفاهم والتوافق مع “الولايات المتحدة” على نقل “خارطة الطريق”، التي تم الاتفاق عليها بشأن “منبج” إلى مناطق أخرى على الحدود، وفق ما جاء على لسان وزير الخارجية التركي، لكن “اتفاق منبج” لم ينفذ بعد، ويبدو أن على “تركيا” الانتظار لتطبيق الاتفاق الأول قبل بدء التفاهمات على المناطق الواقعة على الشريط الحدودي “السوري-التركي”.

القوي الكُردية ورقة رخيصة في المزاد الأميركي..

تعليقًا على الاتفاق المتأخر؛ يرى أستاذ العلاقات الدولية والدبلوماسي السوري السابق لدى “تركيا”، الدكتور “بسام أبوعبدالله”، أنه “ما من شك أن السلوك التركي لدى الكثير من الأطراف موضع الشك بما فيها سوريا، وحتى موسكو تعمل بجهد كبير، مع تركيا، لشد تركيا بإتجاه أن تكون قوة إيجابية ضمن إطار ما يجري في المنطقة وليست قوة بـ”عقلية السمسار”، إن صح التعبير، ما بين أطراف الصراع في المنطقة، وتركيا أكثر ما تخشاه، هو العامل الكُردي، إن جاز التعبير، وهي تتحدث عن شرق الفرات ومنبج، وقد يكون ثمن هذا الاتفاق هو إطلاق سراح القس الأميركي، لكن ما معنى ذلك ؟.. معنى ذلك أنه على القوى التي تسمي نفسها السورية الكُردية التي عولت على الولايات المتحدة أن تدرك أنها مجرد ورقة رخيصة لا قيمة لها تباع في المزاد الأميركي السياسي عندما تحتاج الولايات المتحدة لهذه الورقة”.

مضيفًا: أنه “على ما يبدو أن الرسالة واضحة جدًا تم توجيهها، خاصة بعد كلام وزير الخارجية السوري، أمس، خلال مؤتمر صحافي مع وزير الخارجية العراقي، دمشق موقفها واضح جدًا، فقد تحدث بوضوح شديد أنه لا مكان في سوريا ولا في الدستور السوري للفيدارلية ولا لغيرها، وبالتالي عليهم أن يتخذوا مواقفهم بتحديد مصيرهم لا أن تكون دمشق ملجأ لهم عندما تتخلى عنهم الولايات المتحدة الأميركية، وللأسف سوف يدفعون الثمن إن لم يدركوا أن عليهم أن يكونوا جزء فعال وإيجابي في مستقبل سوريا، ولذا أعتقد أن هرولتهم بإتجاه دمشق لن تقبل كما في كل مرة؛ إن لم يكن لديهم قرارًا حقيقيًا وواضحًا”.

اختبار للعلاقات “التركية-الأميركية”..

من جانبه؛ قال الباحث في العلاقات الدولية والمختص في الشؤون التركية والروسية، الدكتور “باسل الحاج جاسم”: “في الحقيقة بالفعل اتفاق منبج هو نقطة اختبار حقيقية للعلاقة التركية الأميركية بالمجمل، ولعودة  التقارب التركي الأميركي في سوريا، وقد لاحظنا أنه مضى أشهر على هذه الإتفاقية وهي لم تتحرك، وقد يكون الشيء الوحيد الذي حققته تركيا من هذه الاتفاقية هو أنها استكشفت وعن قرب النوايا الأميركية بالمماطلة والمراوغة حيال هذا الشق أو هذه الجزئية”.

وأضاف “جاسم”: “معروف أنه في الأشهر القليلة الماضية والأسابيع القليلة الماضية؛ أن هناك تغيرات سريعة تحدث من حيث سيطرة القوى داخل الخارطة السورية، ولكن الشيء الذي يتجاهله الكثيرون أو معظم وسائل الإعلام، حين يتم الحديث عن العامل الكُردي، العامل الإنفصالي، وحتى لا نعمم على عموم الأكراد، هناك فئة انفصالية استغلت الفوضى التي تجتاح أراضي الجمهورية العربية السورية، مثلها مثل (داعش) و(النصرة)، وهذا العامل يركز الجميع على أنه يهدد الأمن القومي التركي؛ ويتناسى معظمهم أن هذا العامل بالدرجة الأولى هو تمزيق لأراضي الجمهوريبة العربية السورية، ثم تكون التداعيات مبدئيًا تهديد الأمن القومي التركي، ولاحقًا الأمن القومي الإيراني وصولاً إلى جمهوريات المجاورة في القوقاز الروسي، وطبعًا لا يستبعد أن تطال هذه التداعيات دول أخرى إقليمية قريبة وبعيدة، ولابد أيضًا من الإشارة أن قوات سوريا الديمقراطية التي تختصر بقوات، (قسد)، معروف أن من يشكل عمودها الفقري هو الإمتداد السوري لحزب العمال الكردستاني، المصنف في عموم دول حلف شمال الأطلسي بالإرهابي، ومن المعروف بالعرف السوري أن له تصنيفًا واضحًا، لكن لماذا أطلقت هذه التسمية ؟.. سبق وأن كشف المتحدث السابق باسم هذه المجموعة المسلحة، طلال سلوا، عندما قال أن المبعوث الأميركي لقوات التحالف الدولي كان دومًا يركز على ضرورة طمئنة تركيا، لذلك اختاروا تسمية واسعة أدخلوا وأقحموا اسم سوريا بها وأعطوها طابعًا ديمقراطيًا للتغطية على المكون الأساس لهذه المجموعة المسلحة، وهو الامتداد السوري لحزب العمال الكردستاني، والتي كما سبق وذكرت أنها استغلت الفوضى التي إجتاحت أراضي الجمهورية العربية وبدأت تنشط على حساب المكون العربي الأساس في المناطق العربية إن كان في الرقة أو الحسكة وتل أبيض، وبدأوا يحققون مشروعهم تحت ذريعة مكافحة (داعش)”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة