28 ديسمبر، 2024 7:26 م

“إشتباكات عدن” .. تؤجج الخلافات بين السعودية والإمارات !

“إشتباكات عدن” .. تؤجج الخلافات بين السعودية والإمارات !

خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :

يتابع المحللون الإسرائيليون الأزمة الراهنة في اليمن بعد الإشتباكات الدموية الأخيرة بين الحكومة المعترف بها برئاسة، “عبدربه منصور هادي”، والانفصاليين في مدينة عدن جنوبي البلاد.

ولقد نشرت صحيفة (هاأرتس) العبرية؛ مقالاً تحليلياً للكاتب الإسرائيلي، “تسفي برئيل”، تناول فيه المعارك في عدن، واعتبر أنها تعكس الخلافات السياسية والاستراتيجية بين مواقف السعودية والإمارات.

صفعة جديدة للرياض..

يقول “برئيل”: “عندما احتل المنشقون اليمنيون التابعون لـ (المجلس الإنتقالي الجنوبي) هذا الأسبوع مدينة عدن، التي تخضع لقوات الجيش اليمني, بدا واضحاً أن السعودية قد تلقت صفعة أخرى في الحرب التي تخوضها في اليمن منذ ثلاثة أعوام. لأنه في ظل الصراع الذي تخوضه المملكة ضد إيران منذ عام 2015؛ تعتبر أية هزيمة للحكومة اليمنية المعترف بها, هي بمثابة هزيمة للسعودية وأي هزيمة للسعودية هي بالضرورة مكسب لإيران”.

اليمن والصراعات المتعددة.. 

إن حصيلة الإشتباكات الأخيرة، التي بلغت عشرات القتلى ومئات الجرحى ومعظمهم من المدنيين, لم تحرك ساكناً لدى السعودية والدول الغربية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية، التي تراقب الحرب من بعيد رغم الأهمية الاستراتيجية لليمن. لكن تلك الإشتباكات الأخيرة تحديداً تعكس مدى الخلط في وصف حرب اليمن بأنها تمثل صراعاً بين السعودية وإيران أو بمعنى أشمل بين السُنة والشيعة. لأنه ليست السعودية وإيران فقط هما اللتين إختارتا الجبهة اليمنية للمواجهة بينهما.

ففي تلك الجبهة تحاول دولة الإمارات لي ذراع السعودية، شريكتها في التحالف العربي الذي يضم تسع دول, كما أن الجنوبيين يحاربون الشماليين من أجل إعادة استقلال دولة اليمن الجنوبي, بل هناك صراع آخر بين الفصائل الجنوبية لإستعادة الهيمنة القبلية التي تعود جذورها إلى الحرب الأهلية التي اندلعت في البلاد قبل وبعد الوحدة عام 1990. إنها أيضاً حرب للسيطرة على “مضيق باب المندب”، الذي يعد أحد أهم الطرق الملاحية والتجارية الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط, وهي حرب على إنتاج النفط من الصحراء الجنوبية, وأيضاً على بناء تلك الدولة المفككة.

الرئيس اليمني يحكم من الخارج..

يضيف “برئيل”؛ أن “المجلس الإنتقالي الجنوبي”، الذي قام باحتلال عدن، يستند إلى قوات مسلحة يُطلق عليها اسم “قوى الحزام الأمني”، التي تدربها وتمولها دولة الإمارات. وكان رئيس المجلس، “عيدروس الزبيدي”، يُعد من كبار زعماء الفصائل الجنوبية خلال فترة الحرب الأهلية, وقد أسس المجلس قبل قرابة عام ليكون بمثابة القيادة البديلة للرئيس “عبدربه منصور هادي” ورئيس حكومته, بعدما إتهمهما بالمسؤولية عن الأزمة الاقتصادية والعجز عن تحقيق الإستقرار الأمني. أما الرئيس “هادي”، الذي يتواجد في المملكة العربية السعودية ولا يجرؤ على العودة إلى موطنه، قد فقد بطبيعة الحال قدرته حتى على إدارة المحافظات الجنوبية، التي يُفترض أن تكون تحت سيطرة حكومته. لدرجة أن الانفصاليين قد إحتجزوا رئيس الحكومة وبعض وزرائه في القصر الرئاسي بمدينة عدن.

خلافات بين السعودية والإمارات..

حالياً تحاول السعودية والإمارات العربية المتحدة، ليس فقط التوصل إلى اتفاق مصالحة بين القوات الانفصالية والقوات الحكومية، وإنما أولاً وقبل كل شيء إيجاد حل للخلافات السياسية بينهما. لأنه في حين تود المملكة العربية السعودية إقامة دولة يمنية موحدة تحت قيادة حكومة مشتركة من الشمال والجنوب، فإن دولة الإمارات تسعى على ما يبدو لإقامة دولة مستقلة في الجنوب، أو على أقل تقدير إقامة “فيدرالية” تضم حكومتين، لضمان استمرار نفوذ الإمارات على الجزء الجنوبي من اليمن وعلى ميناء عدن. ولقد أعلن مسؤولون سعوديون وإماراتيون أن بلديهما شريكتان في الحرب ضد الانفصاليين “الحوثيين” بهدف وقف نفوذ إيران، وأنهما متفقتان في الرأي بشأن مستقبل اليمن, لكن الواقع الميداني لا يؤكد ذلك.

المصالح الاقتصادية..

ترى دولة الإمارات العربية المتحدة – بحسب “برئيل” – أن الحرب في اليمن تُعد فرصة سانحة لها كي ترسخ مكانتها ونفوذها في الشرق الأوسط، وتزيد أيضاً من قدراتها الاقتصادية. لأنه في ظل وجود حكومة يمنية موالية تسيطر على ميناء عدن، سيكون في مقدور الإمارات تنظيم حجم التجارة العالمية عبر “مضيق باب المنديب” أو على الأقل جعل “ميناء عدن” لا ينافس موانئ أبوظبي ودبي. وإذا ضمنت الإمارات موطئ قدم لها في اليمن سيكون في مقدورها توسيع آفاق تجارتها مع البلدان الإفريقية.

حزب الإصلاح اليمني” بين السعودية والإمارات..

يرى “برئيل”؛ أن حكومة يمنية موالية للإمارات ستسعى لإضعاف قوة “حزب الإصلاح اليمني” – الذي ينتمي  لـ”جماعة الإخوان المسلمين”. وهنا يتضح أيضاً وجود تناقض آخر بين سياسة السعودية والإمارات. حيث تتعاون السعودية – التي اعتبرت “الإخوان المسلمين” جماعة إرهابية – مع “حزب الإصلاح اليمني” الذي يقود الحكومة المعترف بها، في حين تساند الإمارات العربية المتحدة الفصائل السلفية التي يقاتل بعضها في صفوف المنشقين.

لذلك، فإن أي محاولة لوصف هذه الحرب كجزء من الصراع السني الشيعي؛ لن تكون مُقنعة لأنها لا تحمل سمات الصراعات الدينية في الشرق الأوسط. لكن دولة الإمارات العربية المتحدة ليست قوة محورية مثل المملكة العربية السعودية وإيران، وستجد صعوبة في مساعدة وتوجيه بلد بأكمله، لذلك فإنها تفضل تقسيم اليمن إلى دولتين. لكن السعودية في المقابل ترى أن إقامة دولتين سيشكل تهديداً استراتيجياً على حدودها, خاصة أن إحداهما ستصبح تابعة لـ”الحوثيين” وخاضعة لإيران.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة