خاص : ترجمة – سعد عبدالعزيز :
نشرت صحيفة (إسرائيل اليوم) العبرية مقالاً للمحلل السياسي والإستراتيجي الإسرائيلي، “إيال زيسر”، تناول فيه المواقف الشجاعة التي يبديها رؤساء “الولايات المتحدة” و”روسيا” و”مصر”، حيال الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، وكيف أنهم لا يقيمون له وزنًا ولا يخشونه، في حين أن “إسرائيل” والدول الأوروبية تعتبره زعيمًا قويًا !
“ترامب” يوقفه عند حده..
يقول “زيسر”: بتغريدة واحدة؛ كتبها الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، الأسبوع الماضي، استطاع أن يُهين نظيره التركي، “رجب طيب إردوغان”.
وفي بداية هذا الشهر؛ عندما أعلن “ترامب” عن قراره بسحب القوات الأميركية من “سوريا”، كال المديح للرئيس، “إردوغان”، حيث ظن أنه قادر بمفرده على محاربة تنظيم (داعش)، بل والقضاء عليه تمامًا. لكن “ترامب” أفاق أخيرًا؛ وقرر أنه من الأفضل ممارسة التهديد على “إردوغان” لإيقافة عن حده وتذكيره بمكانته الحقيقية.
“إردوغان” يستحق الإهانة !
يرى المحلل الإسرائيلي؛ أن الرئيس التركي يستحق بالفعل الإهانة من نظيره الأميركي, لأن “إردوغان” كان منتشيًا بنجاحه في تفكيك التحالف القائم بين “واشنطن” و”الأكراد السوريين”، ولقد هدد بمهاجمة “الأكراد”، بل إن مقربين من الرئيس التركي هددوا بـ”ذبح” الأكراد.
ومن المعلوم أن “أنقرة” لا تعتبر “الأكراد” سوى إرهابيين لا بد من محاربتهم، لأنهم أكثر سوءًا من المنتمين لتنظيم (داعش) ومن “بشار الأسد”.
لا يفهم سوى لغة القوة..
يضيف المحلل الإسرائيلي؛ أن رد فعل الرئيس الأميركي، “ترامب”، على تصريحات، “إردوغان”، المتغطرسة؛ لم يتأخر كثيرًا، حيث كتب “ترامب” تغريدة على منصة التواصل الاجتماعي، (تويتر)، هدد فيها بتدمير الاقتصاد التركي إذا إعتدى “إردوغان” على “الأكراد” في “سوريا”. وفي اليوم التالي مباشرة فقدت “الليرة التركية”، 2% من قيمتها, وبالطبع ستكون التداعيات أكثر من ذلك.
بحسب “زيسر”؛ يصعب القول إن “ترامب” قد فعل ذلك لأن “القضية الكُردية” تحتل أولوية اهتماماته، بل إنه ربما كان يتحين الفرصة لكي يوقف الرئيس التركي عند حده، ولكي يؤكد له أنه هو صاحب الكلمة الأخيرة. فلقد أدرك الرئيس، “ترامب”، مثل سياسيين كثيرين من قبله، أن “إردوغان” لا يفهم سوى لغة القوة. ومن الواضح أن “ترامب” كان مُحقًا بالفعل في ذلك، لأن المسؤولين في “أنقرة” سارعوا بالتخفيف من حدة مواقفهم.
جديربالذكر؛ أنه قد حدثت مواجهة سابقة بين الرئيسين التركي والأميركي، وكان الرئيس “إردوغان” هو أول من تراجع.
فقبل ثلاثة شهور؛ قرر الرئيس “ترامب” فرض عقوبات على الاقتصاد التركي، بعدما رفض “إردوغان” إطلاق سراح قس أميركي كانت تحتجزه السلطات التركية. لكن بعد أيام معدودة سارع الأتراك بإطلاق سراح القس المُعتقل.
“بوتين” يمارس الضغوط..
يشير “زيسر” إلى أن الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، كان قد مارس، هو الآخر، ضغوطًا على نظيره التركي، “إردوغان”، حتى خضع وتراجع.
فقبل أربع سنوات؛ أسقط الأتراك طائرة روسية مقاتلة بعد أن اخترقت المجال الجوي التركي. وفي البداية رفضت “أنقرة” الإعتذار للروس، ولكن سرعان ما بعث الرئيس، “إردوغان”، برسالة إعتذار إلى “موسكو”، بعد أن فرض، “بوتين”، عقوبات اقتصادية قاسية على الواردات التركية، وبعد أن أمتنع السياح الروس عن زيارة المواقع السياحية التركية.
“السيسي” يُلقن الدرس لتركيا..
يوضح “زيسر”؛ أن هناك زعيم آخر يُلقن الدرس لـ”تركيا”، وهذا الزعيم هو الرئيس المصري، “عبدالفتاح السيسي”، الذي أطاح بـ”مرسي” المنتمي لـ”جماعة الإخوان المسلمين”، المقربة من حزب “إردوغان”.
ولم يتوقف الرئيس التركي عن توجيه الشجب والإهانة لـ”مصر”، ولرئيسها “السيسي”. وردًا على ذلك قامت “القاهرة” بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع “أنقرة”.
مصر لا تقيم وزنًا لـ”إردوغان”..
وأكد “زيسر” على أن المصريين لا يقيمون وزنًا للرئيس “إردوغان”، ففي الأسبوع الماضي؛ استضافت “القاهرة”، منتدى الطاقة والغاز من البحر المتوسط، وذلك لتعزيز التعاون بين دول البحر المتوسط المنتجة للغاز أو التي سيمر عبر حدودها خطوط أنابيب الغاز المتجهة إلى أوروبا. وكانت “إسرائيل” إحدى ضيوف الشرف في “منتدى القاهرة”، كما شارك أيضًا مندوبون عن “إيطاليا واليونان وقبرص والأردن والسلطة الفلسطينية”.
إستبعاد تركيا من مشروع نقل الغاز..
لكن الدولة الوحيدة التي لم يتم توجيه الدعوة لها للمشاركة في “منتدى القاهرة”؛ كانت هي “تركيا”، حيث حرص المصريون على ألا تشارك “تركيا” في مشروع نقل الغاز من حوض شرق البحر المتوسط إلى أوروبا. لذا فإن طريق نقل الغاز سيمر عبر “قبرص واليونان وإيطاليا”، ولن يمر عبر “تركيا”؛ كما كان يأمل “إردوغان”.
درس ينبغي أن يتعلمه خصوم “السلطان”..
يرى “زيسر”؛ أن قيام كل من “ترامب” و”بوتين” و”السيسي” بإهانة، “إردغان”، هو أمر يستحق الثناء، لا سيما إذا أخذنا في الحسبان أن “إسرائيل” و”أوروبا” تعتبران، “إردوغان”، زعيمًا قويًا يمكنه أن يفعل ما يشاء.
لكن زعماء “الولايات المتحدة وروسيا ومصر” يدركون أن تهديدات “إردوغان” لا قيمة لها، وأنه زعيم ضعيف، لا يستخدم القوة إلا ضد الضعفاء؛ وفي مقدمتهم أبناء شعبه. لكن حينما يواجهه هؤلاء الزعماء ويهددونه بتدمير اقتصاد بلاده، المُنهار أصلاً، فإنه سرعان ما يتراجع ويرضخ. وهذا تحديدًا هو الدرس المهم الذي ينبغي أن يتعلمه كافة خصوم “السلطان التركي”.