10 أبريل، 2024 11:11 م
Search
Close this search box.

13 ألف “ملف فساد” مفتوح و450 مليار دولار خسائر .. “أخطبوط العراق” هل يستطيع “عبدالمهدي” قطع أذرعه ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

تتعالى الأصوات العراقية، يومًا بعد يوم، منادية بمكافحة الفساد الذي ينهش في جسد “العراق”، حتى أعياه ولم يعد بمقدور أحد الاستمرار والعيش في ظل هذه الأوضاع المتردية، وما كان من رئيس الوزراء الجديد، “عادل عبدالمهدي”، سوى التعهد بمكافحته، هذا العام، والتعامل مع الفاسدين بوصفهم لا يقلون خطرًا عن تنظيم (داعش) الإرهابي.

وقال “عبدالمهدي”، خلال الاجتماع الأول لـ”المجلس الأعلى لمكافحة الفساد”، الذي أعيد تشكيله، إن: “الهدف من تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد؛ هو تمكينه من إتخاذ الإجراءات الرادعة وتوحيد جهود الجهات الرقابية في سياق عمل جديد قادر على التصدي لأي جهة أو شخص مهما كان موقعه، وأن نتصرف كدولة في كشف الفساد وحماية المجتمع والمواطنين والمال العام على حدٍ سواء”.

وأشار إلى أن “المجلس يجب أن يتمتع بالصلاحيات الإدارية والقانونية الكافية للسيطرة على ملف الفساد ومعرفة مواطنه ومكامن الخلل في المتابعة والتنفيذ”.

تكلفة الفساد 450 مليار دولار..

وتنتظر الحكومة الآلاف من ملفات الفساد المالي والإداري، وصولاً إلى جرائم الحرب والإنتهاكات والإخفاء القسري، إنتهاءً بسقوط المدن على يد تنظيم (داعش)، منتصف عام 2014، إبان ولاية رئيس الوزراء الأسبق، “نوري المالكي”.

وتحول ملف معالجة الفساد وفتح تحقيقات شفافة مع المتورطين فيه، إلى مطلب شعبي رئيس في تظاهرات جنوب “العراق”، خصوصًا في “البصرة”. وتزامن ذلك مع صدور تقارير تتحدث عن خسارة “العراق”، نتيجة الفساد المالي، ما لا يقل عن 450 مليار دولار في أقل من 10 سنوات.

وتعتمد خطط “عبدالمهدي”، لمحاسبة المتورطين بالفساد، على إبتكار لجان وخبراء، الأمر الذي جعل الكثيرون يصفونه بالسير على خطى “العبادي”.

13 ألف ملف فساد مفتوح..

وخلال أول جلسة للبرلمان العراقي الرابع، والذي منح، “عبدالمهدي”، الثقة لتشكيل حكومته، أعلن بعدها عن وجود 13 ألف ملف فساد مفتوح أمام “هيئة النزاهة”، متعهدًا وقتذاك بالتعامل مع الفاسدين بوصفهم لا يقلون خطرًا عن (داعش)، وهي نفس الجملة التي قالها “العبادي”، قبل نحو خمس سنوات، الأمر الذي دفع بسياسيين وبرلمانيين للتشكيك بكلام “عبدالمهدي”، ولا سيما أنّ لا سلطة له على الأحزاب التي تمارس الفساد وتتلاعب بمقدرات الدولة الاقتصادية.

بعض المتورطون من المتصدرين للمشهد السياسي..

المشكلة الكبيرة التي تواجه “عبدالمهدي”؛ هي أن الملف ينطوي على مخاطر كبيرة، كون المتورطين في ملفات الفساد هم المتصدرون للمشهد السياسي والأمني في “العراق”، وبينهم قيادات سياسية بارزة، لها أتباع وأجنحة مسلحة، ما يجعل الملف بمثابة “حقل ألغام” يتجنب الجميع الخوض فيه، حتى بات القول إن فتح الملف على مصراعيه يعني نسف العملية السياسية بـ”العراق” بشكل كامل.

وحتى مشروع “الإصلاحات”، الذي أطلقه رئيس الوزراء السابق، “حيدر العبادي”، بشأن “محاربة الفساد” ومحاسبة المتورطين في سقوط مدينة “الموصل” بأيدي تنظيم (داعش)، ومنهم “نوري المالكي”، في 2014، لم تأت ثمارها، فقد إنتهت من دون أي نتيجة، برغم التظاهرات الشعبية التي دعمت “العبادي”، بالإضافة إلى تأييد زعيم التيار الصدري، “مقتدى الصدر”، العدو اللدود لـ”المالكي”، بسبب سيطرة “المالكي”، وحزبه (الدعوة)، على مؤسسات الدولة، ضمنها القضاء.

والأمر نفسه ينطبق على ملفات تسليح القوات العراقية بالأسلحة الفاسدة، وصفقات وزيرة الصحة السابقة، “عديلة حمود”، بشأن ما عُرف، قبل عام بـ”صفقة الأحذية الماليزية”، وليس إنتهاء بتهريب ستة مليارات دولار من “العراق” على يد مسؤول، لم يكشف عن اسمه وزير المالية السابق، “هوشيار زيباري”، في مقابلة صحافية، ما أثار الجماهير العراقية بشأن عدم ذكر اسم المسؤول، خصوصًا أن وزيرًا في الحكومة يعرفه ويعرف قصته.

مخالفة للدستور..

عن أسلوب مكافحة الفساد المتبع، أكد “موسى فرج”، الرئيس الأسبق لـ”هيئة النزاهة”، أن: “مكافحة الفساد في العراق لا تحل بمثل هذه الأساليب التي لم تعد حتى ترقيعية، بل هي مخالفة للدستور أصلاً، الذي أقر بتشكيل هيئة متخصصة في محاربة الفساد؛ هي هيئة النزاهة، وهي مستقلة طبقًا للدستور”.

مضيفًا أن: “مشكلة الفساد في العراق؛ تكمن في السلطة التنفيذية بالدرجة الأساسية، التي تتدخل في سياق عمل الهيئات المستقلة وتصادر جهودها”، مبينًا أن: “هيئة النزاهة تحيل إلى القضاء ملفات الفاسدين، بينما السلطة التنفيذية العليا تُصدر أوامر عفو عنهم، وهو ما يعني أن السلطة التنفيذية سواء ممثلة برئاسة الجمهورية أو الوزراء تريد لهيئة النزاهة العمل وفقًا لرغبتها”.

وأوضح “فرج” أن “السلطة التنفيذية؛ لديها الكثير من سياقات العمل بإتجاه محاربة الفساد والحد منه، حيث إنها هي من تملك القدرة على استرداد الأموال أو إعادة الفاسدين من الخارج”.

واتهم “فرج”، القضاء العراقي، قائلاً إنه: “يعمل، منذ 14 عامًا، على تبويب الكثير من ملفات النزاهة بوصفها مجرد إهمال وظيفي، وهذا يدل على عدم وجود إرادة حقيقية لمحاربة الفساد؛ بصرف النظر عن تشكيل المجالس أو الهيئات”.

لافتًا إلى أن “هيئة النزاهة؛ وبموجب الدستور العراقي، هيئة مستقلة خاضعة لرقابة مجلس النواب، بينما جرى ربطها بمجلس الوزراء خلافًا للدستور، ومن ثم يأتي اليوم تشكيل مجلس آخر لمكافحة الفساد مخالفًا للدستور أيضًا”.

يبنى على طريق المحاصصة الحزبية والطائفية..

عضو سابق في “هيئة النزاهة”، قال أيضًا إن: “العراق لا يحتاج إلى تشكيل مجلس أعلى لمكافحة الفساد، خصوصًا أن هذا المجلس سيُبنى على طريقة المحاصصة الحزبية والطائفية، مثل الهيئات والمجالس واللجان السابقة، لأن الأحزاب ستزُج عناصرها في المجلس، ويتكفلون بطريقتهم بإخفاء الملفات التي ترتبط بأحزابهم؛ والتي تتهم قادة فيها”.

مضيفًا أن: “الحكومة العراقية تملك هيئة نزاهة مستقلة، وقضاء ورقابة مالية ولجانًا برلمانية ووسائل يمكن من خلالها أن تراقب وتعمل على فتح الملفات ومحاسبة المتورطين بطريقة قانونية آمنة”.

أما الحكومة فهي سلطة تنفيذية عليها أن تنشغل بقطاعات مرتبطة بحياة المواطن، مثل الخدمات، وسياسيًا بما يتعلق بالخطابات الخارجية وأمور الاقتصاد. إن اللجان التحقيقية التي تشكلت منذ الحكومة العراقية الأولى بعد الاحتلال، ولغاية الآن لم تتمكن من محاسبة أي زعيم سياسي متورط بقضايا اختلاس أموال أو إرهاب، لأن اللجان التي تشكلها الحكومة تتكفل الأحزاب باختيار أعضائها.

قد يستغل لضرب الخصوم السياسيين..

ولا يستبعد القيادي في تحالف (القرار) العراقي، “أثيل النجيفي”، أن: “يستغل ملف مكافحة الفساد لغرض ضرب الخصوم السياسيين ممن لا يتمتعون بكتل قوية تدافع عنهم أو لإضعاف معارضي للحكومة”، قائلاً إن: “طريقة تشكيل الحكومة أظهرت ضعف، عادل عبدالمهدي، في مواجهة الكتل السياسية، ولهذا فإن فتح ملفات الفساد الحقيقية ستكون أصعب عليه في مواجهة الكتل. ولا أرى أي مؤشرات لمكافحة حقيقية للفساد، ولا أعتقد أنه يمتلك أدواتها، كما أنه لا يمتلك القوة الكافية لتنفيذها”.

وأوضح أن “أغلب ملفات الفساد تنطلق من قطاعي المصارف والنفط، فمن خلالهما نلاحظ خروقات بمليارات الدولارات، ويأتي بعدها تعاقد الوزارات ذات التخصيصات المالية العالية، وتستمر حلقة الفساد حتى تصل إلى موظفين صغار يرتشون ويشاركون رؤساءهم”.

سحب التحقيقات بسبب الضغوط..

في نفس السياق؛ بين قاضٍ في “مجلس القضاء الأعلى” ببغداد؛ أنه: “تم سحب الكثير من التحقيقات المكتملة بعد ضغوط سياسية، لصالح أحزاب وكيانات لمراجعتها، وكثير من القضايا تم التلاعب بأدلتها وقرائنها، لكن من دون إعتراض القضاء”.

وقال إن: “ملف سقوط الموصل، مثلاً، أكتمل منذ العام الماضي، وجاهز وبحاجة إلى الشروع بتطبيق أحكامه، لكن إطلاق هذه الأحكام يحتاج إلى الإعتماد على القوات العراقية العسكرية، ليس للقبض على المتورطين، وإنما لحماية القضاة والعاملين في المحاكم من قانونيين ومستشارين، خوفًا من الاغتيالات التي قد تحدث لهم. وهناك اغتيالات تحدث لمحامين وقضاة عراقيين من دون أن يذكرها الإعلام، بالإضافة إلى أساليب التهديد والترهيب الذي تنتهجه الأحزاب مع القضاة”.

مناورات من الكيانات السياسية..

ومن جانبه؛ قال المتخصص في الشأن العراقي، “أحمد الشريفي”: “لا تعدو وعود مكافحة الفساد في العراق كونها مناوراتٍ وشعاراتٍ تبنتها الكيانات السياسية”، مضيفًا أن: “النظام السياسي في العراقي تورط في الفساد السياسي أو الإرهاب، وبالتالي فهو متفق على مسألة التسويف”.

ولفت إلى أن “غالبية الكيانات السياسية متورطة في ملفات فساد، وطريقة الحل تكون عبر قوة من خارج النظام السياسي وبعيدة عن الإرهاب، تقتحم العملية السياسية وتطبق برنامج مكافحة الفساد”.

وفي عام 2017؛ حل “العراق” في المركز 169 بين 180 دولة على “مؤشر الفساد”، الذي تنشره “منظمة الشفافية الدولية”.

ويصنف “مؤشر إدراك الفساد”؛ البلدان والأقاليم على أساس مدى فساد قطاعها العام.

وقد بلغ “العراق” أعلى درجة له في الفساد، في عام 2007، (178)، بينما سجل أدنى مستوى، في عام 2003، (113).

وتستخدم “منظمة الشفافية الدولية” مقياسًا من صفر إلى مئة، ويعني الرقم صفر، “شديد الفساد”، و100، “نظيف جدًا”.

ويؤمن كثير من العراقيين كليًا بأنهم يعيشون في أكثر دول العالم فسادًا.

وكانت “هيئة النزاهة العراقية”، المرتبطة بالبرلمان، قد أقرت بأن “العراق” فقد؛ بسبب الفساد الحكومي، نحو 320 مليار دولار في السنوات الـ 15 الماضية.

وقد تسلمت الهيئة، منذ إنشائها قبل عدة أعوام، آلاف القضايا المتعلقة بالفساد، بلغت في الربع الأول فقط من، عام 2018، حوالي 9832 حسم، منها 4443 قضية.

وبسبب إستشراء الفساد؛ دفع المرجع الأعلى لشيعة العراق، آية الله “علي السيستاني”، إلى وضع إرشادات للحكومة المقبلة لتحفيف الأزمة الاقتصادية ومكافحة الفساد، على رأسها إبعاد الفاسدين من السلطة.

وتتهم منظمات حقوقية، من بينها “هيومان رايتس ووتش”، السلطات العراقية، بممارسة ضغوط كبيرة على وسائل الإعلام التي تتحدث عن الفساد.

وعادة ما ينتهي المطاف بالمتورطين بقضايا فساد في “العراق” إلى هاربين خارج البلاد أو أحرار خارج القضبان بموجب “قانون العفو العام”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب