خاص : كتبت – نشوى الحفني :
وسط رفض شعبي شديد، إنطلقت أمس الأول؛ حملات المرشحين الخمسة في انتخابات الرئاسة الجزائرية، المقرر إجراؤها، في 12 من كانون أول/ديسمبر المقبل، وتستمر الحملة الانتخابية 21 يومًا، يدخل بعدها المرشحون في مرحلة الصمت الانتخابي، التي تسبق يوم الاقتراع السري بـ 48 ساعة.
تأتي هذه الانتخابات بعد تسعة أشهر من الاحتجاج، الذي دفع الرئيس السابق، “عبدالعزيز بوتفليقة”، للاستقالة، وما زال الشارع يرفض انتخاب رئيس خلفًا له بنفس الرموز التي حسبت عليه طوال عقدين من الزمن.
وتضم قائمة المرشحين كلًا من رئيس الحكومة الأسبق، “علي بن فليس”، ورئيس الحكومة الأسبق، “عبدالمجيد تبون”، ووزير ثقافة سابق هو، “عزالدين ميهوبي”، كما تضمنت القائمة النهائية اسم رئيس حزب المستقبل، “عبدالعزيز بلعيد”، والوزير السابق للسياحة، “عبدالقادر بن قرينة”.
وقد تمكن الحراك من إسقاط انتخابات أخرى، كانت مقررة في تموز/يوليو الماضي، لعدم وجود مترشحين. لكن الأمر في انتخابات الشهر المقبل مختلف؛ إذ تبدو السلطة، وخصوصًا قيادة الجيش، ماضية في تنظيمها.
وبسبب الرفض الشعبي لهذه الانتخابات، سُجّلت اضطرابات في اليوم الثاني من الحملة الانتخابية للإقتراع الرئاسي في “الجزائر”، ويجري المرشحون حملاتهم ولقاءاتهم وسط انتشار أمني مكثّف بسبب الاحتجاجات المطالبة بمقاطة الانتخابات، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية (فرانس برس).
يُذكر أنه في نيسان/أبريل الماضي؛ كان “بوتفليقة” قد أنهى حكمه الذي استمر 20 عامًا، بعد اندلاع احتجاجات، يوم 22 شباط/فبراير 2019، طالبت بإزاحة النخبة الحاكمة، ومحاكمة المتورطين في الفساد، وتعهد رئيس أركانه، الفريق “أحمد قايد صالح”، بالشفافية والنزاهة في العملية الانتخابية.
أجواء استثنائية لحملة صامتة وغير عادية..
تعليقًا على تلك الخطوة، يقول المحلل السياسي الجزائري، “جلال مناد”، إن الحملة الانتخابية للرئاسيات، بدأت محتشمة أو كأنها لم تبدأ، مشيرًا إلى أن ثمة إرتباك في مديريات حملات المرشحين الخمسة، بسبب نداءات الرفض، التي بدرت في مظاهرات الجمعة رقم 39 من الحراك الشعبي، علاوة على مخاوف من صدامات، بين أنصار المرشحين، ودعاة إلغاء الانتخابات.
موضحًا أن ميثاق أخلاقيات الممارسات الانتخابية، تضمن محل إلتزام المترشحين، عدة إلتزامات أبرزها، مضمون خطاب الحملة الانتخابية، مع حظر التراشق والاتهامات، التي كثيرًا ما تطبع حملات المترشحين، والحرص على الإدلاء بتصريحات واقعية للجمهور، والإمتناع عن التلفظ بعبارات القذف والسب تجاه أي مرشح آخر، أو أحد الفاعلين في العملية الانتخابية، أو بأي تصريح آخر يعلمون بأنه خاطيء.
وأضاف المحلل السياسي، هناك مع الأسف ممارسات نرفضها، لأنها تتنافَ مع النهج السلمي للحراك الشعبي، المستمر منذ 22 شباط/فبراير 2019، وتم تسجيل ملاسنات بين أنصار مرشحين وغاضبين من الوضع العام، ولكن هناك أصوات حكمة تنادي باحترام حرية الإختيار، بين مقاطع ورافض وداعم.
وتابع: “للمرة الأولى نعيش أجواء استثنائية لحملة انتخابية تكاد تكون صامتة وغير عادية، وذلك بسبب الوجوه التي يعتبرها الرافضون إمتدادًا لنظام عبدالعزيز بوتفليقة، مع أن هؤلاء الخمسة يعتبرون أنفسهم ضحايا النظام السابق”.
أخلقة العمل السياسي بالميثاق..
من جهته، أكد أستاذ العلوم السياسية، “زهير بوعمامة”، أن توقيع مرشحي الرئاسة الجزائرية على وثيقة شرف الرئاسيات، يوم السبت، من شأنه الحرص على أخلقة العمل السياسي، ومحاولة السلطة المستقلة للانتخابات إعطاء مؤشرات إيجابية للشارع بأن انتخابات الرئاسة ستكون مختلفة.
ورغم ذلك بيَن “بوعمام” أن الشارع الجزائري الآن منقسم والحراك ما زال مستمرًا، موضحًا أن عددًا كبيرًا ما زال يرفع شعارات غير موافقة للنهج الذي تبنته السلطة في الوقت الحالي، ولكن في المقابل هناك مؤيدون لإجراء الانتخابات الرئاسية في الـ 12 من كانون أول/ديسمبر المقبل.
وأضاف “بوعمامة”، أن التوقيع على ميثاق الشرف لممارسة الأخلاقيات الانتخابية يُعد خطوة إيجابية على مسار التحولات التي تعرفها “الجزائر”؛ بغض النظر عن رأي الشارع الذي يرى أن ما يتحكم في رأيه وموقفه من هذه الانتخابات مسائل أخرى ليست لها علاقة بميثاق الشرف وحسب.
ويحظر الميثاق على المترشحين، استعمال لغات أجنبية خلال حملتهم، مع منع القيام بالحملة بأي وسيلة أو بأي شكل من الأشكال خارج الفترة القانونية، لا سيما خلال فترة الصمت الانتخابي، وعدم نشر أي إعلان أو مادة إشهارية تتضمن عبارات أو صورًا، من شأنها أن تحدث الكراهية والتمييز والعنف، أو ترمي إلى فقد الثقة في مؤسسات الجمهورية.
السلطات تراهن على الأغلبية الصامتة..
وتعليقًا على هذا الموضوع؛ قال الإعلامي والمحلل السياسي الجزائري، “فيصل ماطاوي”، إن بداية الحملة الانتخابية للمرشحين كانت صعبة، خاصة “علي بن فليس”، الذي واجه بعض الاحتجاجات؛ وكذلك “عبدالقادر بين قرينة” في “الجزائر” العاصمة، مضيفًا أنه بالرغم من الرفض للمترشحين من قِبل الحراك إلا أن هناك أغلبية صامتة تراهن عليها السلطات الجزائرية.
وحول سير العملية الانتخابية أوضح “ماطاوي” أن الحكومة أكدت أنه سيكون هناك حضور أمني كثيف، مبينًا أن العملية الانتخابية في “الجزائر” عمومًا دائمًا ما تشهد حضورًا أمنيًا متوسطًا.
ستؤدي لإنتاج نظام ضعيف..
فيما قال “جيلالي سفيان”، رئيس حزب “جيل جديد” الجزائري المعارض: “إن الانتخابات الرئاسية سينتج عنها نظام ضعيف جدًا؛ ولن تذهب البلاد إلى الاستقرار التام، لأن التغيير لن يكون حقيقيًا”، مضيفًا أن المعارضة قد تدخل نوعًا ما في تفاوض، مع السلطة أو قد ترفض الحوار مع السلطة تمامًا.
ووصف “سفيان”، الحملة الانتخابية، بالضعيفة جدًا؛ فالمرشحون خائفون من النزول إلى الشارع بسبب رد الفعل السلبي من المواطنين، مشيرًا إلى أن الحملة محصورة داخل وسائل الإعلام، واستبعد وجود أي مراقب أجنبي في هذه الانتخابات.
الانتخابات هي الحل الأمثل للأزمة..
أما “حدة حزام”، الكاتبة والمحللة السياسية، فقالت إن حل الأزمة السياسية هو يكون بانتخابات رئاسية، مؤكدة أن الحراك سيستمر ولابد أن يستمر حتى يبقى كيقظة حتى لا ينفرد الرئيس المقبل بالسلطات ويطبق كل توصيات هيئة الحوار التي تقول إن الرئيس انتقالي لفترة وجيزة.
ولتفتت إلى أن الإقبال على الانتخابات سيحسمه المواطنون في الولايات الداخلية، والذي لا يركز عليهم الإعلام، مشيرة إلى أن منطقة القبائل والعاصمة تبقى ضعيفة دائمًا في المشاركة.