أسئلة معلقة فوق الرؤوس .. “مسيرات الأربعين” مراسم مذهبية أم مظاهر سياسية !

أسئلة معلقة فوق الرؤوس .. “مسيرات الأربعين” مراسم مذهبية أم مظاهر سياسية !

خاص : ترجمة – محمد بناية :

لا يوجد تاريخ محدد لظهور تلك المراسم.. وبعض المصادر الفارسية تذهب إلى ظهورها في عهد “الدولة الأموية”، حيث عمد بعض الشيعة، آنذاك، للسير من مناطق مختلفة وصولاً إلى “كربلاء”. بينما يربط البعض الآخر؛ ظهور تلك المراسم بالعام 61 الهجري، أي عام مقتل “الحسين”، (الإمام الثالث للشيعة)، في “كربلاء”.

في المقابل تعزو مصادر أخرى، ظهور “مراسم الأربعين”، إلى إبتكارات “الدولة الصفوية”. لكن الكل يُجمع على حظر “مسيرات الأربعين” في عهد الرئيس العراقي، “صدام حسين”، قبل أن تزدهر مجددًا عام 2003م. بحسب ما نشره موقع إذاعة (دوتشيه فيله) الألمانية الناطقة بالفارسية.

أكثر من مليوني زائر إيراني رغم العقبات !

ولا توجد إحصائيات دقيقة عن أعداد المشاركين في هذه المراسم. وفي هذا الصدد كتبت صفحة (ويكيبيديا الفارسية): “إرتفع عدد المشاركين الإيرانيين في تجمعات الأربعين، في الفترة 2000 – 2016م، من 40 ألف شخص إلى مليونين و200 ألف؛ بزيادة قدرها 55 ضعف في فترة 6 سنوات.. وفي العام 2017م شارك أكثر من ثلاثة ملايين زائر إيراني في تلك المراسم”.

وقد بلغت أعداد المشاركين الإيرانيين في “مراسم الأربعين”، للعام الجاري، بحسب المعلن؛ حوالي مليوني شخص. رغم بروز الكثير من المشكلات وعلى رأسها توفير العملات للمسافرين، بالشكل الذي دفع “البنك المركزي الإيراني” و”بنك ملي” لعقد اجتماع طاريء.

والواقع أن إنهيار سعر “الريال” جعل الزيارات الخارجية مكلفة جدًا. وبخلاف العملات فالسفر إلى “كربلاء” لا يخلو من التهديدات. وقد كشفت بعض التقارير الإعلامية عن انفجار قنبلة في مسار الزوار الإيرانيين أثناء توجههم إلى “كربلاء”، ولقي اثنان حتفهم في الانفجار بينما أُصيب آخرون. كذلك تحدثت التقارير الإخبارية عن مصير 11 زائرًا إيرانيًا في حادث تصادم بـ”العراق”.

لكن؛ ورغم المخاطر والتكلفة الباهظة، فقد شارك مليوني إيراني في “مسيرات الأربعين” للعام الجاري.

أسئلة معلقة..

والسؤال: ما هي أسباب هذا الإقبال الكبير ؟!.. وهل في الحقيقة تجشم المليوني إيراني تكلفة السفر والتهديدات حبًا فقط في “الإمام الحسين” و”شرفًا لزيارة” قبره ؟.. وما هو تأثير الدعاية الحكومية على قرار المؤمنين بالسفر إلى “كربلاء” ؟.. وما هو هدف الحكومة، بغض النظر عن الميزانية والتكاليف، من هذا العمل ؟.. وماذا تجني الحكومة الإيرانية من تأسيس لجنة باسم “الأربعين” وتخصيص ميزانية لتلكم اللجنة، وإنشاء استراحات وتوزيع الماء والطعام المجاني بطول طريق المسيرات؛ بينما الأزمات الاقتصادية تعصف بالدولة من كل إتجاه ؟.. هل تهدف الحكومة الإيرانية إلى تقديم هذه المراسم في مقابل “الحج” ؟.. وهل نحن بصدد حرب بالوكالة بين “إيران” و”المملكة العربية السعودية” ؟..

طرح الأسئلة لا يؤشر لإقتناع الرأي العام..

يقول “محمد جواد أكبرين”، الباحث الديني، في حوار إلى “میترا شجاعي”، مراسل إذاعة (دويتشه فيله) الألمانية: “لا يمكننا قراءة النوايا أو أن نفهم إذا ما كان هذا التجمع نابع بالفعل عن محبة أو تحت تأثير الدعاية، لكن يمكننا أن نفهم مدى أهمية هذه الظاهرة، ذات النظائر المشابهة، حين تثور الأسئلة بشأنها.. لأن طرح الأسئلة يعكس عدم إقتناع الرأي العام بهكذا حدث.. وربما ما كانت مثل هذه الأسئلة لتُثار لو تكفلت حكومة علمانية بإقامة هذه المراسم أو حتى أي مؤسسة مدنية أخرى داخل إيران مثل الحوزة العملية”.

متابعًا: “ولو يتعلل النظام بالأدلة النقلية، فليس لدينا مطلقًا أي حديث عن مسيرات الأربعين، فلو يقول النظام بالدليل العقلي ورغبة النظام في تنمية المعرفة، فالواقع أن العلم والمعرفة لا يزداد بمسيرات الأربعين، لأن هذه الظاهرة تجليلية وليست تحليلية، والمعرفة تحتاج إلى عمل تحليلي وليس لمثل هذه المناورة الكبرى. ولذلك يتساءل الناس عن الفائدة من مثل هذه الحركة”.

وللإجابة على هذا السؤال يحيلنا، “أكبرين”، إلى افتتاحية صحيفة (كيهان) الأصولية المتشددة، بتاريخ 28 تشرين أول/أكتوبر 2018م، للكاتب، “محمد إيماني”، وفيها يقارن بين “مسيرات الأربعين” ومسيرات أنصار “آية الله خامنئي”، في كانون أول/ديسمبر 2010م.

وكتب “إيماني”: “لم يصدح شعبنا العاشورائي؛ بعد جريمة رؤوس الفتنة في عاشوراء عام 2009م، وإنتهاك ساحة سيد الشهداء في ذكرى ملحمة 30 أيلول/سبتمبر 2009م؛ بشعار (اللعنة على عدوك يا حسين) من فراغ. وهذا اللعن هو في جوهره (لبيك يا حسين). وهذه الجريمة لن تُنسى بمرور الوقت، لأن الفتنة خط إلهي أحمر.. وشعبنا لن يصفو مطلقًا لرؤوس الفتنة، فهم مثل بني أمية وابن زياد وعمر بن سعد وشمر وشريح”.

ويصف “محمد جواد أكبرين”، المقالة السابق، بأصدق مثال على الاستفادة، حيث الاعتبار من هذه الواقعة التاريخية مهم وحساس في تحقيق توجه سياسي خاص.

كذلك يسعى النظام الإيراني، على الصعيد الخارجي، إلى إثبات وجوده في المنطقة بإطلاق مثل هذه المسيرات. ولا يستبعد أن الحكومة الإيرانية تسعى إلى تقديم “مسيرات الأربعين” باعتبارها حركة شيعية وإيرانية في مقابل “الحج” إلى “المملكة العربية السعودية”؛ مستشهدًا بقول “آية الله الحميني”: “لو لم لا يسمحون لنا، (السلطات السعودية)، بالطواف حول الكعبة وترديد شعارات الموت لأميركا والبراءة من المشركين، فلماذا لا نطوف حول كربلاء ؟”.

أخبار ذات صلة

أخبار ذات صلة