خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في واحدة من أحدث كروته كمحاولة لكسب الانتخابات، رمى رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، بسهم ضم “غور الأردن”، في “الضفة الغربية” المحتلة؛ إذا أعيد انتخابه، في 17 أيلول/سبتمبر الجاري.
وقال “نتانياهو”، في خطاب متلفز: “هناك مكان واحد يمكننا فيه تطبيق السيادة الإسرائيلية، بعد الانتخابات مباشرة”.
وأكد رئيس الوزراء الإسرائيلي عزمه ضم المستوطنات الإسرائيلية في جميع أنحاء “الضفة الغربية” إذا أعيد انتخابه؛ رغم التنسيق مع الرئيس الأميركي، “دونالد ترامب”، الذي من المتوقع أن يُعلن عن خطته المرتقبة لحل النزاع (الإسرائيلي-الفلسطيني) بعد الانتخابات الإسرائيلية.
ويمكن لهذه الخطوات أن تقضي فعليًا على آمال حل الدولتين، الذي طالما كان محور الدبلوماسية الدولية.
ويشكل “غور الأردن” حوالي ثلث “الضفة الغربية”.
إنتهاك للقانون الدولي ونسف لعملية السلام..
وتوالت ردود الأفعال العربية والدولية على تصريحاته، فذكر الأمين العام للجامعة العربية، “أحمد أبوالغيط”، أن وزراء الخارجية العرب نددوا بخطة رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو” ضم أجزاء من “الضفة الغربية” المحتلة.
قائلًا للصحافيين، بعد اجتماع دام يومًا واحدًا للوزراء في “القاهرة”: “تصريحات نتانياهو بشأن ضم أراضٍ من الضفة الغربية؛ بمثابة إنتهاك للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة.. يعتبر المجلس هذه التصريحات إنما تقوض فرص إحراز أي تقدم في عملية السلام وتنسف أسسها كافة”.
تأجيج للصراع والعنف..
ودان وزير الخارجية الأردني، “أيمن الصفدي”، أمس، إعلان رئيس وزراء إسرائيل عزمه ضم المستوطنات الإسرائيلية اللاشرعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة؛ وفرض السيادة الإسرائيلية على منطقة “غور الأردن” وشمال البحر الميت، واعتبره تصعيدًا خطيرًا ينسف الأسس التي قامت عليها العملية السلمية ويدفع المنطقة برمتها نحو العنف وتأجيج الصراع.
وأكد “الصفدي” رفض “المملكة الأردنية” إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي؛ واعتبره خرقًا فاضحًا للقانون الدولي وتوظيفًا انتخابيًا سيكون ثمنه قتل العملية السلمية وتقويض حق المنطقة وشعوبها في تحقيق السلام.
ودعا “الصفدي”، المجتمع الدولي، إلى تحمل مسؤولياته وإعلان رفضه الإعلان الإسرائيلي وإدانته والتمسك بالشرعية الدولية وقراراته والعمل على إطلاق جهد حقيقي فاعل لحل الصراع على أساس حل الدولتين، الذي يضمن قيام “الدولة الفلسطينية” المستقلة وعاصمتها “القدس” المحتلة على خطوط الرابع من حزيران “1967” سبيلاً وحيدًا لتحقيق السلام.
وأشار “الصفدي” إلى موقف “الأردن” الرافض والمدين لإعلان “نتانياهو” عزمه ضم الأراضي الفلسطينية، خلال الجلسة الطارئة التي عقدها “مجلس جامعة الدول العربية” لمناقشة تداعيات الإعلان الإسرائيلي.
إنتهاك سافر..
من جهتها؛ دانت “دمشق”، “بشدة”، إعلان “نتانياهو”، معتبرة أنه “إنتهاك سافر” للقانون الدولي، وفق ما أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا).
واعتبر مصدر في “وزارة الخارجية السورية”، وفق (سانا)، أن هذا التعهد “يأتي في سياق الطبيعة التوسعية لكيان الاحتلال وخطوة جديدة في الإعتداء على حقوق الشعب الفلسطيني ومحاولات تصفية القضية الفلسطينية”.
تصعيد بالغ الخطورة..
وندّدت “الرياض” بالوعد الانتخابي الذي أطلقه “نتانياهو”، معتبرًة إياه “تصعيدًا بالغ الخطورة”.
وقال الديوان الملكي، في بيان أوردته وكالة الأنباء الرسمية: “تعلن المملكة العربية السعودية عن إدانتها وشجبها ورفضها القاطع” لما أعلنه “نتانياهو”، و”تعتبر هذا الإجراء باطلاً جملة وتفصيلاً”، مضيفًا البيان أنّ: “هذا الإعلان يُعتبر تصعيدًا بالغ الخطورة بحقّ الشعب الفلسطيني، ويمثل إنتهاكًا صارخًا لميثاق الأمم المتحدة ومباديء القانون الدولي والأعراف الدولية”.
من جانب آخر؛ تعقد “منظمة التعاون الإسلامي”، الأحد القادم، في “جدة”، اجتماعًا استثنائيًا على مستوى وزراء خارجيتها؛ لبحث “التصعيد الإسرائيلي” غداة إعلان رئيس الوزراء.
وكتبت “منظمة التعاون” في حسابها على (تويتر)، أمس الأول: “بطلب من السعودية، ستعقد المنظمة في جدة الأحد (…) اجتماعًا استثنائيًا على مستوى وزراء الخارجية لبحث التصعيد الإسرائيلي الخطير”.
سرقة للأراضي وتطهير عرقي..
من جهتها؛ وصفت المسؤولة الكبيرة في منظمة التحرير الفلسطينية، “حنان عشراوي”، تعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، ضم “غور الأردن” في حال إعادة انتخابه؛ بأنه: “إنتهاك صارخ للقانون الدولي” و”سرقة للأراضي وتطهير عرقي ومدمر لكل فرص السلام”.
وقالت “عشراوي”، في تصريح لـ (فرانس برس): “هذا تغيير شامل للعبة، جميع الاتفاقيات معطلة (…) في كل انتخابات ندفع الثمن من حقوقنا وأراضينا (…) إنه أسوأ من الفصل العنصري، إنه يشرد شعبًا كاملًا بتاريخ وثقافة وهوية”.
دفن لعملية السلام..
من جانبه؛ قال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، “صائب عريقات”، إن إعلان “نتانياهو” يدفن أي احتمال لإحلال السلام.
وقال “عريقات”، عبر حسابه على (تويتر): “إذا نفذ الضم؛ يكون قد نجح في دفن أي احتمال للسلام للمئة عام القادمة”.
وأضاف: “الإسرائيليون والمجتمع الدولي يجب أن يوقفوا هذا الجنون، الضم جريمة حرب ويعني تكريس الأبرتايد، (الفصل العنصري)، والعنف والتطرف وإراقة الدماء”.
محاولة لكسب أصوات اليمين..
من جهتها، اتهمت “حركة حماس”، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بمحاولة البحث عن أصوات لليمين.
وقال الناطق باسم الحركة، “حازم قاسم”: “نتانياهو ما زال يتوهم أن بإمكانه إبقاء الاحتلال للأرض الفلسطينية، الشعب الفلسطيني سيواصل نضاله حتى يطرد الاحتلال عن أرضه ويقيم دولته المستقلة”.
وأكد القيادي في حماس، “باسم نعيم”، بأن الضم سيؤدي إلى “انفجار الأمور”.
وأشار في تصريح لـ (فرانس برس)؛ إلى أن هذا “الإجراء خطير وجريمة تدمر أي فرصة للاستقرار في المنطقة”.
قلق أوروبي..
وحذر “الاتحاد الأوروبي” من أن التعهد يقوض فرص السلام في المنطقة.
وقال متحدث باسم الاتحاد، الأربعاء؛ إن: “سياسة بناء المستوطنات وتوسيعها، بما في ذلك في القدس الشرقية، غير قانونية بموجب القانون الدولي واستمرارها والإجراءات المتخذة في هذا السياق تقوض إمكانات حل الدولتين وفرص السلام الدائم”.
كما أصدرت “بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا” بيانًا مشتركًا أعربت فيه عن قلقها البالغ من إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي، “بنيامين نتانياهو”، عزمه ضم مناطق من “الضفة الغربية” لـ”إسرائيل”.
وأشارت الدول الخمس، في البيان الذي نشرته “وزارة الخارجية الفرنسية”، أمس؛ إلى أن وعد “نتانياهو” بشأن فرض السيادة الإسرائيلية على “غور الأردن” وشمال البحر الميت والمستوطنات في “الضفة الغربية” المحتلة، في حال فوزه في الانتخابات المقررة في 17 أيلول/سبتمبر 2019، إن تحقق فسيمثل “إنتهاكًا خطيرًا للقانون الدولي”.
ودعت تلك الدول، طرفي الصراع، إلى “الإمتناع عن إتخاذ إجراءات مخالفة للقانون الدولي وخطوات تتعارض مع جهود التسوية بين فلسطين وإسرائيل، استنادًا إلى مبدأ حل الدولتين في الحدود التي رسمت في العام 1967”.
وشددت على أنه من غير المقبول إتخاذ أي إجراءات تزيد إحلال سلام عادل وطويل الأمد في المنطقة تعقيدًا، مؤكدًة في الوقت نفسه على حق “إسرائيل” في ضمان أمنها، مع إدانتهها الشديدة “للقصف الصاروخي على إسرائيل من قطاع غزة الذي حصل مؤخرًا”.
وستجرى الانتخابات العامة في “إسرائيل”، يوم 17 أيلول/سبتمبر الجاري، ويواجه “نتانياهو”، الذي يتزعم حزب “الليكود”، في هذه الانتخابات تحديًا صعبًا بوقوفه أمام رئيس هيئة الأركان السابق، “بيني غانتس”، وتحالفه الوسطي الممثل بحزب “أزرق أبيض”.
وبحسب تقرير نشرته صحيفة (نيويورك تايمز)، فقد أكد عدد من الناخبين، بمن فيهم مؤيدو “نتانياهو”، أن الكثير من الوعود السابقة التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي لم تتحقق؛ وأنه تراجع عن الكثير منها.
ففي عام 2009؛ دعا “نتانياهو” إلى تدمير حركة “حماس”، التي تسيطر على “قطاع غزة”، إلا أنه في الوقت الحالي، خفف من حدة هذه التصريحات السابقة بقوله إنه سيعمل على “إضعاف وإحتواء حماس”.
محاولات لكسب دعم اليمين..
كما كتب “رفائيل فخرالدينوف”، في (غازيتا رو)، حول وعود “بنيامين نتانياهو” الانتخابية التي تستبيح الحقوق العربية، بالتزامن مع خطوات أميركية ضد المقاومة الفلسطينية.
فيما رأى المراقبون السياسيون الإسرائيليون في إعلان “نتانياهو” محاولة لإنتزاع الدعم من اليمين المتطرف؛ الذي طالما طالب بضم المستوطنات اليهودية في “الضفة الغربية”.
ومن المثير للاهتمام، أن “الولايات المتحدة” قد أعلنت، في اليوم نفسه الذي أعلن فيه “نتانياهو” عن خطط التصعيد العسكري ضد “فلسطين”، أنها ستفرض عقوبات على “مجموعة واسعة من الإرهابيين”، وشملت “حركة حماس” الفلسطينية بهذا الوصف.
الشهر الماضي، أجرى الرئيس الروسي، “فلاديمير بوتين”، مكالمة هاتفية مع “نتانياهو”. وتحدث المحللون السياسيون، حينها، عن أن “نتانياهو” يروج لصداقته مع “بوتين” من أجل الحصول على دعم الناخبين الناطقين بالروسية. وثمة ملصق ضخم عليه صورة الزعيمين معلق على الجدار الخارجي لمقر “الليكود” في “تل أبيب”، (وهناك أيضًا ملصق يُصور سيد البيت الأبيض، “دونالد ترامب”، مع “نتانياهو”).
وفي الصدد، يلفت الخبراء الإسرائيليون، وفقًا لـ (هاآرتس)، إلى أن “بوتين” و”ترامب” رفضا مقابلة “نتانياهو” في المستقبل القريب؛ بسبب الانتخابات البرلمانية في “إسرائيل”. ففي مقال الصحيفة الإسرائيلية: “لا يريد بوتين أيضًا المشاركة في هذه الحملة، حيث يشكل مجتمع إسرائيل، الناطق باللغة الروسية، أداة أساسية في المعركة بين نتانياهو وخصمه أفيغدور ليبرمان؛ المولود في مولدوفا”..
دعاية انتخابية فقط..
من جهته؛ كشف المتحدث باسم حزب “الليكود” حقيقة التصريحات التي أطلقها “نتانياهو”، بشأن ضم “غور الأردن” ومستوطنات “الضفة الغربية”.
وبحسب صحيفة (يديعوت أحرونوت)، فقد أعترف المتحدث باسم حزب الليكود، “يوناتان أوريخ”، أن أجزاء من البيان الدراماتيكي الذي ألقاه “نتانياهو”، والذي أعلن فيه نيته فرض السيادة الإسرائيلية على مستوطنات “الضفة الغربية” و”غور الأردن”، ما هو إلا دعاية انتخابية.
وأضاف “أوريخ”، أن هناك أجزاء أضافها “نتانياهو” بنفسه، في وقت إلقاء البيان، دون أن يتم التنسيق بشأنها مسبقًا.