11 أبريل، 2024 3:48 م
Search
Close this search box.

“اتفاق غوبا” .. خطوة جديدة نحو السلام بين الحركات المسلحة وإنهاء الحرب !

Facebook
Twitter
LinkedIn

خاص : كتبت – نشوى الحفني :

في خطوة جادة نحو تحقيق السلام في “جنوب السودان”، وقّعت الحكومة السودانية والحركات المُسلّحة في العاصمة، “غوبا”، على اتفاق “إعلان مباديء” يؤسّس لخارطة طريق لمحادثات سلام، ويهدف إلى تنفيذ إجراءات بناء الثقة الواردة في الإعلان الدستوري المؤسّس للمرحلة الانتقالية لـ”السودان”.

ووقع وفد حكومة “السودان”، مساء أمس الأول الأربعاء، اتفاق “إعلان غوبا” مع “تحالف الجبهة الثورية”، الذي يضم نحو 6 فصائل مسلحة، واتفاق مماثل مع “الحركة الشعبية”، (قطاع الشمال)، قيادة “عبدالعزيز الحلو”.

وتضمنت الاتفاقيتان إجراءات تمهيدية لبناء الثقة توطئة للدخول في مفاوضات بحلول منتصف تشرين أول/أكتوبر المقبل، على أن تنتهي في أو قبل 14 كانون أول/ديسمبر 2019، في “غوبا” وبرعاية مباشرة من حكومة دولة “جنوب السودان”.

وطبقًا لوثيقة الاتفاق الأولى التي وقعت عليها الأطراف بوساطة مباشرة من رئيس حكومة “جنوب السودان”، “سلفا كير ميارديت”، وأطلق عليها “إعلان غوبا”؛ فإنه تقرر الشروع الفوري في إجراءات بناء الثقة وفقًا للوثيقة الدستورية ووضع الآليات المناسبة للتنفيذ.

وبحسب الوثيقة؛ اتفقت الأطراف على عرض الاتفاق على “مجلس السلم والأمن الإفريقي” ليصدر بموجبه تفويضًا جديدًا بشأن مفاوضات السلام السودانية، كما طلبت الأطراف من “الاتحاد الإفريقي” السعي لإعتماد التفويض في المؤسسات الدولية على رأسها “مجلس الأمن”.

ونصت الوثيقة الموقعة مع “الجبهة الثورية” على أهمية إشراك “الاتحاد الإفريقي” ودول “تشاد ومصر والسعودية والإمارات والكويت ومنظمة إيغاد ودول الترويكا والاتحاد الأوروبي”؛ كأطراف مهمة لا بد من إشراكها في مراحل صناعة السلام وبنائه.

كما نصت على تكوين لجان مشتركة تعمل إحداها على متابعة إطلاق سراح الأسرى والمحكومين منهم؛ ما لم يكن هناك حق خاص، بجانب لجنة أخرى لمتابعة إجراءات وقف العدائيات والمسائل الإنسانية مع إعتماد آليات المراقبة.

الحركات المسلحة ستحصل على 33% من مقاعد البرلمان..

كما تم الاتفاق على إرجاء تشكيل المجلس التشريعي لحين التوصل إلى اتفاق سلام، وبحسب معلومات فإن الحركات المسلحة ستحصل على 33% من مقاعد البرلمان.

وشمل الاتفاق كذلك؛ تكوين لجنة لمتابعة الترتيب لمفاوضات السلام والإعداد لها والتنسيق بين مسارات التفاوض بآليات مناسبة.

ووافق وفد الحكومة السودانية، بموجب الاتفاق المبدئي، على إلغاء قوائم حظر السفر المحددة لأسباب ذات صلة بالحرب، مع مراجعة القرارات بشأن أراضي السدود وتلك التي منحت لمستثمرين في الولاية الشمالية.

كما تقرر أن تكون أطراف التفاوض مع الحكومة هي “الحركة الشعبية”؛ بزعامة “الحلو”، و”الجبهة الثورية”، و”تجمع قوى دارفور”، و”حركة تحرير السودان” – قيادة “عبدالواحد نور” – وأي قوى أخرى يتم ضمها بالاتفاق بين حكومة “السودان” وأي من الأطراف الأساسية الموقعة على إعلان “غوبا”.

توقيع اتفاق مبدئي على بدء التفاوض مع الحكومة السودانية..

وفي وثيقة منفصلة، وقع عضو مجلس السيادة السوداني، “محمد حمدان”، على اتفاق مبدئي مع “عبدالعزيز الحلو”؛ تضمن موافقته على بدء التفاوض مع الحكومة السودانية، في 14 تشرين أول/أكتوبر المقبل، في “غوبا” برعاية حكومة “جنوب السودان”.

وتُعد “الحركة الشعبية شمال”، قيادة “عبدالعزيز الحلو”، من أكبر الفصائل المسلحة في “السودان”، حيث تسيطر على مناطق واسعة من ولاية “جنوب كردفان”.

تاريخ الصراع..

وقُتل الآلاف في حروب أهلية بـ”السودان”، بما في ذلك الصراع في منطقة “دارفور”، بغرب البلاد، حيث يقاتل المتمردون الحكومة، منذ عام 2003.

وخاضت الحكومة حربًا في “دارفور” مع جماعات محلية متمردة ينحدر كثير منها من قبائل إفريقية تعيش على الزراعة وتشكو من الإهمال، وهو الصراع الذي تسبب في نزوح نحو 2.5 مليون شخص.

وهدأت وتيرة الحرب على مدى الأعوام الأربعة الماضية في “دارفور”، حيث تنشط “حركة العدل والمساواة” وفصيلان من “جيش تحرير السودان”، لكن لا تزال تقع مناوشات، بحسب صحيفة (دويتشه فيله) الألمانية.

وإلتزم متمردو “الجيش الشعبي لتحرير السودان-الشمال”، في ولايتي “جنوب كردفان” و”النيل الأزرق”، الواقعتين في جنوب البلاد، إلى حدِ بعيد بوقف إطلاق النار على مدى العامين الماضيين. ويناهض المتمردون، حكومة “الخرطوم”، منذ أن إنتهى بهم الأمر على الجانب السوداني من الحدود بعد انفصال “جنوب السودان”، في عام 2011.

ويعيش في “جنوب كردفان” و”النيل الأزرق” عدد كبير ممن وقفوا في صف الجنوب خلال الحرب الأهلية مع “الخرطوم” على مدى عشرات السنين. ويقول كثير منهم إنهم تعرضوا للتهميش من جانب حكومة “الخرطوم” منذ إعلان “جنوب السودان” استقلاله، في تموز/يوليو، بموجب اتفاق سلام عام 2005.

إنتهاء زمن الحرب..

وفي أول تعليق بعد توقيع الاتفاقية، أكد الفريق أول “محمد حمدان دقلو”، عضو مجلس السيادة وقائد قوة الرد السريع، أن: “زمن الحرب ولى”.

وبهذا التوقيع تكون الحكومة السودانية الوليدة، قد خطت خطوتها الأولى نحو تحقيق بعض الأولويات التي وضعتها؛ والتي تحدث عنها في وقت سابق رئيس الحكومة، “عبدالله حمدوك”، الذي بدأ، أمس الخميس، أول زيارة خارجية له إلى دولة الجنوب، حيث سيجري سلسلة لقاءات على رأسها اللقاء مع رئيس دولة الجنوب، “سلفاكير”.

وفي هذا السياق؛ قال الناطق الرسمي باسم الحكومة وزير الإعلام، “فيصل محمد صالح”، إن وفد “حمدوك” يضم وزراء الخارجية، الداخلية، التجارة والصناعة ووزير الطاقة والتعدين.

في حين أفادت وسائل إعلام محلية بأن “حمدوك” سيلتقي قادة الحركات المسلحة التي بدأت، قبل أيام، مفاوضاتها رسميًا مع الحكومة.

خطوة في سياق الدولة المدنية..

تعليقًا على الاتفاق، قال “عوض الله النواي”، الكاتب والمحلل السياسي من “الخرطوم”، إن هذه الخطوة تأتي في سياق الدولة المدنية التي ينادي بها السودانيون والتخلص من إرث الحروب التي أنهكت البلاد، فضلاً عن أن تسوية ملف الحركات المسلحة استحقاق سياسي في مرحلة ما بعد تشكيل الحكومة.

وأشار “النواي” إلى أن ضمانة تنفيذ هذا الاتفاق تكمن في أن الطرفين جلسا، بهدف الحوار وليس التفاوض وهي روح جديدة تختلف عن طريقة تعاطي النظام السابق مع هذا الملف.

وعن احتمالية تمهيد هذا الاتفاق لمشاركة الحركات المسلحة في الحكومة مستقبلاً، قال “النواي” إن الحركات المسلحة كانت أكثر وضوحًا من غيرها، حيث أعربت عن رغبتها في المشاركة في بناء المرحلة القادمة؛ وهو ما أتوقع حدوثه من خلال تعيين ولاة للولايات من هذه الحركات وهو ما يشكل استيعابًا لهذه الحركات.

خطوة متسرعة..

فيما قال السيد “هشام أبوريدة”، عضو الهيئة القيادية لـ”الجبهة الوطنية العريضة”: “إن ما تم في غوبا خطوة بها كثير من الاستعجال، حيث كان لابد من وضع آليات محددة قبل هذه الخطوة لكي تتم على نحو أفضل، لكن ما تم هو نوع من الإقصاء لعدد آخر من الحركات، فضلاً عن أنه كان لابد من محاسبة من شارك في جرائم الإبادة قبل البدء في الحوار”.

وأشار إلى أن عددًا كبيرًا من الحركات لم يشارك في هذه الوثيقة، مثل “حركة تحرير السودان”؛ بقيادة “عبدالواحد محمد نور”، التي ترى أن العسكر الذين يحكمون الآن إمتداد للنظام السابق، وهو ما نتفق فيه معهم.

وأضاف “أبوريدة”، إن علاج جذور الأزمة يلزمه وضع آليات محددة دون استعجال حتى يتم تسوية هذا الملف الحساس.

ولفت إلى أن الحركات المسلحة ستضع سلاحها عندما تستشعر أن العدالة ستتحقق على نحو شبه كامل، وإلا فإن تحقيق السلام سيكون من الصعوبة بمكان.

مؤشر على استعداد الطرفين لتقديم تنازلات..

وقال الصحافي والمحلل السياسي، “عمرو شعبان”، إن الروح التي تم بها “اتفاق إعلان المباديء” بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة، تعطي مؤشرات قوية بأن الطرفين على استعداد لتقديم أكبر تنازلات ممكنة لتحقيق عملية السلام في البلاد.

معتبرًا أن ما حدث في “غوبا” تقدم تاريخي يمهد طريق السلام، حيث حسم مباديء عامة كانت محل خلاف الحكومة السابقة والحركات المسلحة خلال جولات تفاوض جرت بينهما.

وتمنى أن تخاطب المحادثات التي ستستأنف، تشرين أول/أكتوبر المقبل، بعاصمة “جنوب السودان”، “غوبا”، جذور الأزمة، بحيث يتم تضمين معالجات فعلية للقضايا التي دفعت الحركات إلى حمل السلاح في وجه نظام الحكم.

وأضاف أن: “هناك مطالب عادلة، يجب الوفاء بها لضمان عدم الإنتكاسة والعودة للوراء، فالبلاد سئمت الحرب”.

فرصة تاريخية لطي صفحة الحرب..

ورأى أستاذ العلوم السياسية في الجامعات السودانية، “آدم محمد أحمد”، أن أمام السودانيين فرصة تاريخية لطي صفحة الحرب إلى الأبد، وبدء مرحلة السلام المستدام والتنمية والرفاه.

وقال “أحمد” إن إحلال السلام يتطلب الإعتراف بالقوى المسلحة، وهو الشيء الذي لم يحدث من قبل، ولكن “وثيقة إعلان المباديء”، المبرمة في “جنوب السودان”، دفعت بشكل إيجابي في هذا الإتجاه.

وأشار إلى أن: “الفرصة مواتية للسلام أقرب من أي وقت سابق، فأسباب الحرب ربما إنتفت بسقوط نظام الحركة الإسلامية، وأن إحتضان غوبا للمحادثات سيكون له وقع إيجابي على إكمال عملية السلام، باعتبارات الروابط التاريخية بين البلدين”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب