كتبت – آية حسين علي :
تعتبر الانتخابات العامة البريطانية التي أجريت الخميس الماضي، بالغة الأهمية لدرجة أنها وصفت بأنها محددة لمستقبل بريطانيا، نظراً للظروف التي تمر بها البلاد على أبواب مفاوضات الخروج من الاتحاد الأوروبي “بريكسيت”.
ولم تستطع رئيس الوزراء، “تيريزا ماي”، الحصول على أغلبية مطلقة في الانتخابات، تتيح لها تشكيل حكومة منفردة، وحصل “حزب المحافظين” على 315 مقعداً في البرلمان في مقابل 261 مقعداً لـ”حزب العمال”.
وبدون شك، ارتكبت “ماي” خلال الفترة الماضية العديد من الأخطاء، نرصد أبرزها فيما يلي:
الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة..
لم تكن الدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة في بريطانيا أمراً متوقعاً.. إذ أن “ماي” نفسها أعلنت صراحة، وضمنياً أكثر من مرة، أن الدولة تحتاج إلى الاستقرار خلال فترة المفاوضات على “البريكسيت”، وأنها لا تفكر في تقديم موعد الانتخابات العامة، الذي كان مقرراً في 2020.
لكنها بعدما قضت أجازة “عيد الفصح” مع زوجها، عادت لتعلن أنها وصلت إلى أن الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها ضمان الثقة والأمان خلال السنوات القادمة هي من خلال إجراء انتخابات مبكرة.
دعوة رئيس المفوضية الاوروبية للعشاء..
دعت رئيس الوزراء البريطانية، “جان كلود يونكر”، رئيس المفوضية الأوروبية، إلى تناول العشاء معها في مقر الحكومة، بعد الإعلان عن الانتخابات بـ6 أيام، لبدء أول تبادل للانطباعات حول مفاوضات “البريكسيت”.
بعدها خرج “يونكر” ليتحدث إلى المستشارة الألمانية، “أنغيلا ميركل”، هاتفياً وقال لها إن “ماي تعيش في مجرة أخرى”.
وكان العنوان الرئيس في الصفحة الرئيسة بصحيفة “فرانكفورتر” العامة الألمانية، أن “يونكر” خرج من العشاء “متشككاً أكثر عشر مرات من ذي قبل”، وتنبأ بأن فرص فشل المحادثات أصبحت 50%.
محاولة تقليد “مارغريت تاتشر”..
قبل شهرين بالكاد، كانت شعبية “حزب المحافظين” تفوق شعبية “حزب العمال” بمتوسط 20 نقطة، وهنا رأت “ماي” فرصة ذهبية لإعطاء ضربة قاضية وتاريخية للمعارضة، في محاولة منها لتقليد ما فعلته سابقتها، “مارغريت تاتشر”، عام 1983 مع زعيم المعارضة حينها، “مايكل فوت”، وكانت هناك توقعات بأغلبية ساحقة “جديدة” للمحافظين بفارق 100 مقعد عن أحزاب المعارضة.
ويوماً بعد يوم كانت تضع “ماي” يدها في النار من أجل الحصول على ما حصل عليه سابقها المحافظ المغامر، “ديفيد كاميرون”، في انتخابات 2015، حيث حصل على أغلبية مقاعد البرلمان، الذي رغم كونه تقدماً طفيفاً إلا أنه كان كافياً.
الاستخفاف بقوة “جيريمي كوربين”..
تفوقت “ماي” على زعيم حزب العمال، “جيريمي كوربين”، بحوالي 40 نقطة باعتبارها المرشح الأوفر حظاً، لكن المسافة بينهما كانت تقل مع مرور الأيام بفضل الكفاءة التي أظهرها “كوربين” خلال حملته الانتخابية، رغم الانتقادات التي وجهت له بسبب غموض موقفه من “البريكسيت”.
لكن الإعلان النهائي لحزب العمال تضمن تأميم قطاعات مثل “الطاقة وسكك الحديد”، ما سهل له الوصول إلى حصد أصوات مزيد من الناخبين، وتحولت الحملة، التي كانت حتى ذلك الوقت غير متوازنة، إلى “معركة أفكار”.
تكرار جملة “قوية ومستقرة”..
بدأت “ماي” الحملة الانتخابية بإخفاء رمز الحزب ووضعت اسمها وعبارة “فريق تيريزا” بدلاً منه، كما أنها كررت كثيراً عبارة “قوية مستقرة” حتى أصبحت مملة.
ورسمت “ماي” في نهاية الحملة صورة مختلفة لنفسها عما كان معروفاً عنها منذ شهرين فقط، وكثيرون يصفونها الآن بأنها قائدة “ضعيفة وعاجزة”، رداً على شعارها في الانتخابات “قوية ومستقرة”.
بينما كانت لدى “كوربين” مهارة كبيرة، وكانت حملته دائماً في تقدم تحت شعار “من أجل الأغلبية لا الأقلية”، لكن الشعار الأكثر انتشاراً كان “اجعلوا شهر حزيران/يونيو نهاية ماي”.
اعتبار “البريكسيت” إنجازاً..
رغم أن “ماي” كانت من الداعين للبقاء في الاتحاد الأوروبي، وخاضت حملة لعدم الخروج، إلا أنها تعهدت بعد ذلك تفعيل الخروج من الاتحاد، واستبعدت تنظيم استفتاء ثاني حول الموضوع ورفضت أي محاولة للانضمام مرة أخرى، والآن تعتبر “البريكسيت” إنجازاً.
ومن بين الأخطاء التي ارتكبتها “ماي” أيضاً، عدم حفاظها على علاقات جيدة مع الناخبين، فضلاً عن غيابها عن المشاركة في مناظرات تليفزيونية أمام زعماء المعارضة.
وكانت خبرة “ماي” في منصب وزير الداخلية، قد ساهمت في جعل بريطانيا تراها القائد الجدير بالثقة للحفاظ على الدولة “آمنة”.
لكن الاستقطاعات التي طالت أعداد أفراد الشرطة، والأخطاء الأمنية، والفشل في منع وقوع الاعتداءات، أفقدت حكومة “المحافظين” قوتها في الانتخابات.