خاص : كتبت – نشوى الحفني :
نالت زيارة البابا “فرنسيس الثاني”، لـ”العراق”، اهتمام الصحف العربية والعالمية لقراءة أهميتها، خاصة وأنها أول زيارة باباوية في تاريخ “العراق”.
عودة جريئة للساحة العالمية..
فقالت صحيفة (نيويورك تايمز) الأميركية؛ إن البابا “فرنسيس” قام بعودة جريئة إلى الساحة العالمية في خضم تفشي وباء (كورونا)، يوم الجمعة، عندما أصبح أول زعيم للكنيسة الرومانية الكاثوليكية يزور “العراق”، سعيًا للمساعدة في تضميد جراح دولة تعاني العنف الطائفي، والمغامرات الأجنبية، واضطهاد الأقليات.
وأضافت: “باختيار العراق، الذي يمزقه الحرب، ويتفشى فيه فيروس (كورونا)، فإن البابا إنزلق مباشرة إلى قضايا الحرب والسلام والفقر والصراع الديني، في أرض الكتاب المقدس القديمة. من الواضح أن زيارته تستهدف تعميق العلاقات مع المسلمين الشيعة، وتشجيع السكان المسيحيين المدمرين”.
ومضت تقول: “ولكن على نطاق أوسع، فإن الزيارة تبعث برسالة أيضًا، بأنه بعد عام من البقاء في روما، والاختفاء عن الظهور العلني، فإن البابا فرنسيس أراد تعزيز مكانته، وقضاء المزيد من الوقت مع هؤلاء الذين يعانون أكثر من غيرهم”.
ونوهت الصحيفة الأميركية إلى الترتيبات الأمنية المشددة التي رافقت وصول البابا إلى “بغداد”، خاصة أنها تواكبت مع عودة التفجيرات الانتحارية، وزيادة الهجمات الصاروخية، وتجدد التوترات الجيوسياسية، كما أن بعض المعجبين بالبابا “فرنسيس” يخشون من أن تؤدي زيارته العاصفة، التي تستمر 4 أيام، إلى طفرة في حالات الإصابة بفيروس (كورونا)، نتيجة الحشود المتوقعة.
ونقلت عن “فرنسيس” قوله، خلال تصريحات له في القصر الرئاسي بالعاصمة العراقية، “بغداد”: “عانى العراق من الآثار الكارثية للحروب، وآفة الإرهاب والصراعات الطائفية، التي غالبًا ما ترتكز على الأصولية غير القادرة على قبول التعايش السلمي بين الجماعات العرقية والدينية المختلفة”.
وقال “أنطونيو سبادارو”، القس اليسوعي، والحليف المقرّب من البابا “فرنسيس”، ومرافقه في الرحلة، إن الزيارة تستهدف بطبيعة الحال التضامن مع المسيحيين المضطهدين، ولكنها تسعى أيضًا لإقناعهم بعدم الرحيل عن “العراق”، في ظل أنهم الآن على وشك الاختفاء من على الخريطة السكانية العراقية، كونهم يمثلون أقل من 1% من سكان الدولة.
دعمًا للدولة العراقية في مواجهة الطائفية..
ومن (لاكروا) إلى (ليبراسيون) و(لوبينيون)، خصصت معظم الصحف الفرنسية عناوينها لزيارة البابا “فرنسيس”، إلى “العراق”. “زيارة محفوفة بالأخطار”؛ تقول (لوفيغارو)، لكن: “بغداد ترى فيها دعمًا للدولة العراقية في مواجهة الطائفية”؛ لفتت الصحيفة.
بدورها اعتبرت (لاكروا)، في افتتاحيتها؛ أن: “الحبر الأعظم أتى ليشجع (كنيسة شهيدة)؛ على عدم البقاء أسيرة معاناتها وعلى المشاركة بإعادة إعمار البلاد”.
وتحدثت (لاكروا) أيضًا عن تدمير وتدنيس الكنائس ومقامات دينية أخرى تابعة للسُنة والشيعة والإيزيديين على يد “تنظيم الدولة الإسلامية”، وعن أهمية لقاء البابا مع آية الله “علي السيستاني”.
زيارة البابا لن تُغير شيئًا في العراق !
“صورة هذا اللقاء والكلمات المتبادلة خلاله؛ هي مبعث تهدئة في مواجهة لا تسامح ديني وسياسي يتعدّى حدود العراق”، بحسب افتتاحية (لوبينيون)، وقد أشارت إلى أن: “البابا فرنسيس سيحاول طمأنة من بقي من مسيحيي العراق، وهم لا يتعدّون بضعة مئات آلاف، يحلم معظمهم بالهجرة”، يقول كاتب المقال، “جان-دومينيك ميرشيه”، وقد لفت إلى أن: “العراق أمة شهيدة، لا شيء يضاهيها، فهي إجتازت خلال نصف قرن من الزمن ديكتاتورية قاتلة وحربًا مدمرة ضد إيران، عدا عن هجومين أميركيين وحصار مشدد فيما بينهما، ومن ثم إنهيار الدولة والحرب الأهلية… ولا بصيص أمل”.
ورأت (لوبينيون)؛ أن: “خطاب فرنسيس الرؤوف؛ لن يُغير شيئًا في مأساة العراق”.
فرصة لإبراز العراق وجه آخر غير الإرهاب..
أما (ليبراسيون)؛ التي خصصت غلافها للزيارة؛ حيّت في افتتاحيتها: “شجاعة البابا”، وتناولت: “مخاطر (كوفيد-19)، والتهديدات الإرهابية المباشرة”، التي تحيط بزيارة: “توزعت طموحاتها ما بين دعم مسيحيي الشرق، وإعادة الحوار مع الإسلام الشيعي ومنح العراق فرصة لإبراز وجه آخر غير الإرهاب”. وقد لفتت “هالة قضماني”، موفدة (ليبراسيون) الخاصة إلى العراق، إلى أن: “الأهالي يأملون في أن تسهم الزيارة البابوية بالإضاءة على معاناتهم جراء استفحال الفساد والنفوذ الإيراني والإقتتال الطائفي في بلادهم”.
الأكثر أهمية من حيث الرمز..
كما أفردت لها (لوفيغارو) صفحتين عن الزيارة، وقالت عنها، في افتتاحيتها؛ إنها: “الأكثر قيمة من ناحية الرمز من بين رحلات الحبر الأعظم الـ 33″، ذلك أن: “العراق يبدو وكأنه مركزًا لزلزال لم توفّر تردادته العالم، منذ 1990”.
ويشير كاتب المقال، “إتيان دو مونتيتي”، إلى أن: “فرنسيس أتى العراق، كرئيس للكنيسة الكاثوليكية”، لافتًا إلى أن: “وجود الطوائف المسيحية في العراق، رغم قدمه، بات مهددًا. والبابا لن يتوانى عن مؤازرتهم”.
لا تروق لـ”داعش” و”إيران”..
وأضاف “مونتيتي”: “لكن زيارته ليست رعوية فقط؛ ذلك أنه اختار، على غرار حنا بولس الثاني”، أن: “يبادر ويجعل من هذه الرحلة؛ مناسبة لنبذ العنف والإصرار على المصالحة والحوار، وهي مهمة صعبة”.
الصحافي المختص في قضايا الشرق الأوسط، “جورج مالبرونو”، كتب في مقاله في (لوفيغارو)؛ إن: “اللقاء بين البابا والسيستاني؛ لا يروق لا لفلول تنظيم الدولة الإسلامية ولا لإيران، التي نصبت نفسها حاميًا للشيعة عبر العالم.”
أرض أخليت من مسيحييها !
بينما عنونت (لوريان-لوغور)، الجريدة اللبنانية الناطقة بالفرنسية، المانشيت: “البابا على أرض أخليت من مسيحييها”، الذين يُقدر عددهم اليوم ما بين مئة وخمسين وأربعمائة ألف، بعد أن كانوا يتجاوزون المليون قبل الإجتياح الأميركي لـ”العراق”.
دعم الثورة..
واعتبرت (القدس العربي)، في افتتاحيتها؛ إن: رحلة “الحاج القادم بالسلام” تمتليء بالمعاني، التي تُعيد لـ”العراق” بعضًا من أهمّيته الكبيرة في تاريخ الإنسانية والأديان والمنطقة.
وفي صحيفة (العربي الجديد)؛ كتب “سيّار الجميل”؛ إن: “أقلّ ما يطلبه العراقيون، من البابا، دعم ثورتهم من أجل تحقيق مطالبهم في الحياة الحرّة الكريمة، وإدانة الميليشيات المتطفّلة على بلدهم والعابثة فيه. وقبل هذا كله وذاك، أن يدعو إلى عراقٍ حرّ مستقل الإرادة، يختفي فيه التمييز الديني والطائفي والعرقي”.
إيمان البابا بإمكانيات المسلمين..
وتحت عنوان: “زيارة البابا للعراق ورسالة العيش المشترك والمواطنة والسلام”، لفت “رضوان السيد”، في مقاله في صحيفة (الشرق الأوسط)، إلى أنه: فيما خص واجباتنا كعرب ومسلمين، فإن “التحول” باتجاه الإسلام، الذي لا يقبل العنف ولا يمارسه في أي ظرفٍ كان، لا يزال يتطلب جهودًا هائلة أيضًا. وإذا كان البابا “فرنسيس” يؤمن بإمكانيات الإسلام والمسلمين، فلا أقلّ من: “أن نكونَ أهلاً لهذه الفرصة النادرة”.