خاص : كتبت – نشوى الحفني :
في زيارة رسمية بدأت، الأحد الماضي، جاب فيها وزير الخارجية التركي، “مولود غاويش أوغلو”، “العراق”، شمالًا وجنوبًا التقى خلالها مجموعة كبيرة من المسؤولين؛ على رأسهم رئيس الجمهورية، “برهم صالح”، ورئيس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، ورئيس البرلمان، “محمد الحلبوسي”، ورئيس وزراء إقليم كُردستان العراق، “نيجرفان البارزاني”.
واستقبله رئيس مجلس الوزراء، “عادل عبدالمهدي”، بمكتبه الرسمي، يوم الأحد الماضي، وسلمه رسالة من الرئيس التركي، “رجب طيب إردوغان”، تضمنت دعوة رسمية لزيارة “تركيا”.
وأعرب رئيس مجلس الوزراء العراقي عن شكره للرئيس التركي ورغبته بتطوير العلاقات وزيادة التعاون مع “العراق” في المجالات كافة وحل المسائل العالقة بين البلدين، بما يحقق مصلحة البلدين والشعبين الجارين، مؤكدًا على أن: “العراق استعاد عافيته وقوته ووحد صفوفه وحقق انتصارًا كبيرًا ضد الإرهاب، وهو إنجاز مهم للعراق والمنطقة والعالم”. وأضاف: “أننا لا نريد أن نقف مع محور ضد آخر؛ وإنما نبني علاقات تعاون ممتازة ومتوازنة مع جميع دول الجوار، ونركز على المشتركات وتعظيمها لتجاوز الخلافات، وأن تركيا جار عزيز ودولة مهمة في المنطقة، ولدينا علاقات متميزة، والكثير من المشتركات والمصالح الاقتصادية وقضايا الأمن والمياه والتجارة والحدود ومواجهة الإرهاب”، داعيًا إلى إعادة خط سكك الحديد من “البصرة” إلى “تركيا” ومنها إلى “أوروبا”.
وشدد على “أننا لا نكتفي فقط بزيادة التبادل التجاري بين البلدين؛ بل ندعو رجال الأعمال والشركات التركية لتأسيس مصانع ومصالح وشراكات اقتصادية داخل العراق، في مجالات الصناعة والتجارة والإعمار واستثمار الأراضي الزراعية، مما يعمق جذور التعاون ويعود بالنفع على البلدين والشعبين ويفتح أسواق البلدين أمام المنتجات العراقية والتركية والمشتركة، وأن يكون هذا توجهًا إستراتيجيًا في العلاقات (العراقية-التركية)”، مؤكدًا على أن “العراق” بلد واعد؛ “ويجب أن تكون لدينا رؤية مستقبلية مشتركة من أجل تحقيق المنفعة للبلدين والشعبين”.
إنهاء قضية تواجد القوات التركية..
ودعا رئيس مجلس الوزراء العراقي إلى حل جميع المسائل العالقة مباشرة بين الحكومتين، العراقية والتركية، وتوقيع اتفاقيات وتعاون مباشر حول المياه والنفط والأمن، وإنهاء قضية تواجد القوات التركية في منطقة “بعشيقة” دون استحصال موافقة الحكومة العراقية، مؤكدًا أهمية الإنطلاق بمرحلة جديدة من التعاون الأخوي بين البلدين والشعبين وتبادل المصالح وتفعيل عمل اللجنة التنسيقية المشتركة.
حل جميع المسائل بشكل ودي..
من جهته؛ نقل وزير الخارجية التركي تحيات الرئيس التركي، وقال أن: “العراق بلد مهم بالنسبة لنا؛ وننتظر زيارتكم باهتمام كبير، ويسعدنا ما يشهده العراق من استقرار داخلي وأمن وإزالة للكتل الكونكريتية وفتح الطرق، ونرى في وجود مكتبكم خارج المنطقة الخضراء رسالة بليغة معبرة عن القرب من المواطنين وكسر للحواجز، كما يسعدنا تحسين العراق لعلاقاته مع دول الجوار كافة، وأن يلعب العراق دورًا إقليميًا مهمًا يتناسب مع حجمه وتاريخه وموقعه، ونثمن سياسة الحكومة العراقية في بناء علاقاتها الخارجية بشكل متوازن ومتين ونتطلع إلى حل جميع المسائل العالقة بين البلدين بأجواء ودية وبشكل مباشر”.
ودعا وزير الخارجية التركي إلى رفع مستوى التبادل التجاري وتطوير الطرق البرية والسكك؛ والتعاون في مجالات مواجهة المنظمات الإرهابية وقضايا النفط والمياه والجمارك وفتح القنصليات، مبديًا استعداد الجانب التركي للتعاون حول تزويد “العراق” بالطاقة الكهربائية، وتعزيز التواصل والشراكة بين رجال الأعمال في البلدين والاستفادة من القرض التركي، الذي أعلن ضمن “مؤتمر المانحين”، الذي عُقد في “الكويت”.
فتح معبر”أوفا كوي”..
وعقب اللقاء المغلق مع، “محمد الحلبوسي”، رئيس البرلمان العراقي، قال “غاويش أوغلو”، في تغريدة على (تويتر): “مستعدون لتبادل خبراتنا في موضوع إدارة المياه مع العراق، وعلاقتنا ستزداد متانة بفضل برلمانينا”.
أما في “أربيل”، عاصمة إقليم شمال “العراق”، التي وصلها وزير الخارجية التركي، أمس الاثنين، فقد التقى الوزير مع رئيس وزراء الإقليم، “نجيرفان البارزاني”، ومستشار مجلس أمن الإقليم، “مسرور البارزاني”.
كما زار “غاويش أوغلو”، صباح الاثنين، الجبهة التُركمانية، ودعا خلالها، في تغريدة على (تويتر)، إلى إشراك التُركمان في حكم “العراق”. ثم أجرى جولة في سوق القلعة بـ”أربيل”.
وعبر “نيجيرفان البارزاني” عن رغبة “إقليم كُردستان” بتعزيز العلاقات مع “تركيا” وعرضَ التسهيلات التي تقدمها حكومة “إقليم كُردستان” لرجال الأعمال والمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال الأتراك في “إقليم كُردستان”، واصفًا علاقات “إقليم كُردستان” مع “تركيا”؛ بالمهمة والإستراتيجية.
وفي تغريدة أخرى، قال أن فتح معبر”أوفا كوي”، الحدودي بين “تركيا” و”العراق”، سيحقق فوائد لـ”العراق” ولحكومة “إقليم شمال العراق”.
وأضاف، على حسابه في موقع (تويتر)، عقب لقاءه مسؤولين في حكومة “إقليم شمال العراق”: “إن فتح معبر (أوفا كوي) سيحقق فوائد للعراق ولحكومة إقليم شمال العراق، ونحن ندعم أنشطة رجال الأعمال”.
وكشف “غاويش أوغلو”، عن السعي لزيادة العلاقات التجارية والاستثمارية مع حكومة “إقليم شمال العراق”، وجميع المناطق العراقية.
تقارب “تركي-عراقي”..
من جانبه؛ أكد رئيس الجبهة التُركمانية العراقية، “أرشد الصالحي”، على أهمية الزيارة التي أجراها وزير الخارجية التركي لـ”العراق”، مشيرًا إلى أنها تُمثل تقاربًا تركيًا عراقيًا.
وقال “الصالحي” إن: “أهمية الزيارة تكمن في أن هناك تقاربًا تركيًا عراقيًا، وهذا ما نشجع عليه”.
وأضاف رئيس الجبهة التُركمانية العراقية، أن: “المناطق المحررة تشهد عمليات إعمار من جانب الجارة تركيا بما يعادل 5 مليارات دولار”.
وتابع أن هذا المبلغ “قُدم لصندوق إعادة الإعمار خلال مؤتمر المانحين، وهذا أمر إيجابي سيستفيد منه الشعب العراقي”.
اهتمام بالمكون التُركماني..
وفي تعليقه على الزيارة؛ قال البرلماني بالبرلمان الكُردستاني، “آيدن معروف”، إن: “هذه الزيارة تدل على اهتمام تركيا بالمكون التُركماني في العراق وإقليم كُردستان”.
وتحتفظ “أنقرة” بعلاقات قوية مع “إقليم كُردستان”؛ منذ سنوات عديدة. ولـ”تركيا” العديد من الشركات ورجال الأعمال والمشروعات في مدن الإقليم كافة.
وأضاف “معروف”، وهو رئيس كتلة الجبهة التُركمانية في برلمان كُردستان، أن “تركيا” مهمة بالنسبة لـ”إقليم كُردستان”، والعكس صحيح، خاصة بعد إعادة تطبيع العلاقات بين الجانبين.
وقال: “الزيارة تُعد دعمًا معنويًا للتُركمان، وهذه الزيارة مهمة بالنسبة لنا”.
البلد الوحيد الذي يغطي احتياجات “النفط” للمنطقة..
وأكد مستشار الشؤون السياسية والخارجية لمنظمة بدر وهادي العامري، “هثيم المياحي”، أن “العراق” سوف يكون البلد الوحيد الذي سيغطي كل احتياجات “النفط” في المرحلة القادمة، مشيرًا إلى أن “المرحلة المقبلة ستشهد دورًا أكبر لتركيا في العراق”.
وقال إن: “تربط تركيا وأربيل علاقة قوية جدًا وزيارة وزير الخارجية التركي مهمة جدًا ومحورية ولا ترتبط بالنفط فقط، لكن لديها معايير مستقبلية واضحة النقاط”.
وأضاف أن: “العراق سوف يكون البلد الوحيد الذي سيغطي كل احتياجات النفط في المرحلة القادمة، والظروف السيئة التي فرضت على إيران سوف تُجبر إيران على أن تستسلم في هذه المرحلة لضغوطات الولايات المتحدة الأميركية”.
وأوضح “المياحي” أن: “تركيا الآن تلعب دورًا سياسيًا واقتصاديًا في المرحلة القادمة، حيث دخلت إلى العراق في وقت مهم جدًا”، لافتًا إلى أن: “العراق، إن أراد النجاح سواء المركز أو الإقليم، عليهم أن يعملوا سوية في ترابط سياسي وعلاقات اقتصادية مستقبلية، وأيضًا في هذه المرحلة بناء علاقات إقليمية مثل دول الخليج المصدرة للنفط ومع الولايات المتحدة الأميركية ودول أوروبية أخرى”.
وتابع أن: “ظروف سياسية حكمت في هذه المرحلة على إيران بأن لا تصدر النفط، وبذلك على إيران أن تعمل مع العراق كجارة وكدولة لها سيادة”.
مبينًا “المياحي” أن: “المرحلة الحالية الآنية لا نسمح لأي دولة بأن تكون العراق منطقة الصراع أو الحرب أو الحرب بالوكالة”، مؤكدًا أنه: “عندما تفتتح تركيا قنصلية في البصرة؛ هذا يعني أن لها علاقات تجارية مع البصرة، وعندما يصرحون بفتح قنصلية في النجف إذاً هناك عمق ديني وإستراتيجي”.
تستغل العجز والمشاكل..
وأشار إلى أن “تركيا في هذه المرحلة تستغل العجز والمشاكل بين الولايات المتحدة الأميركية وبين إيران وتقول أنا البديل”، مردفًا: “في المرحلة القادمة سوف يكون لتركيا يد قوية وتأثير أكبر”.
وأوضح “المياحي” أنه: “لا أستطيع أن أقول ما فرضته الولايات المتحدة الأميركية على إيران هو صحيح؛ لأن هناك شعب سوف يعاني من الحصار”.
وختم مستشار الشؤون السياسية والخارجية لمنظمة بدر وهادي العامري، قائلًا: “ترامب يختلف عن أوباما اختلافًا جذريًا في التطبيق والتهديد والتفكير وفي الوعيد فهو ينفذ ما يقول، لذلك علينا أن نكون حياديين ومنطقيين وأن نفكر بالعراق قبل أي دولة أخرى”.
تبحث عن طرق لزيادة مشترياتها من النفط العراقي..
من جهتها؛ ذكرت وكالة (بلومبرغ) أن “تركيا” تبحث عن طرق لزيادة مشترياتها من “النفط العراقي”، بعد القرار الأميركي إنهاء الإعفاءات الممنوحة لمجموعة دول، منها “تركيا”، لشراء “النفط الإيراني”.
ونقلت الوكالة الاقتصادية، عن مصدرين مطلعين؛ أن “تركيا” تدرس مسألة استيراد “النفط الخام” من ميناء “البصرة”، جنوب “العراق”، إضافة لزيادة الإمدادات عبر خط أنابيب “كركوك جيهان”، الذي يصل بين حقول “كركوك”، في “العراق”، وميناء “جيهان” التركي، المطل على البحر المتوسط.
وبعد إعلان “واشنطن” إنهاء الإعفاءات من عقوباتها المفروضة على “النفط الإيراني”، أعربت “أنقرة” عن معارضتها للقرار، وقال وزير خارجيتها إن القرار الأميركي بشأن “النفط الإيراني” تجاوز للحدود، وأن بلاده “تعارض مثل هذه الخطوات والإملاءات”.
والأسبوع الماضي؛ أعلنت “تركيا” أنها تعمل مع “إيران” على وضع آلية للإلتفاف على “العقوبات الأميركية”، التي تهدف لوقف التجارة مع “طهران”، ورغم أن “تركيا” تدافع، منذ فترة، عن جارتها الشرقية كضرورة إستراتيجية، إلا أن مواجهة “العقوبات الأميركية” مسألة يمكن أن تكون محفوفة بالمخاطر.
وتقول (بلومبرغ)، إن عقوبات “واشنطن” على “طهران” قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد التركي، الذي دخل العام الماضي أول مرحلة ركود منذ عقد، وأن احتمال ارتفاع أسعار النفط بسبب “العقوبات الأميركية” على “إيران” أو خطر المواجهة مع “الولايات المتحدة” لا يبشر بالخير للعملة التركية، التي تتعرض لاضطرابات منذ أسابيع.