17 أبريل، 2024 10:03 م
Search
Close this search box.

فرنسا والجزائر .. “تبون” يبدأ شهر عسل جديد مع “ماكرون” .. فهل يتطلع إلى أكثر من ذلك ؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

وكالات – كتابات :

يعتزم الرئيس الفرنسي؛ “إيمانويل ماكرون”، تنفيذ زيارة لـ”الجزائر”، في نهاية شهر آيار/مايو 2022، وذلك بدعوة من الرئيس الجزائري؛ “عبدالمجيد تبون”، إثر فوز “ماكرون” بالانتخابات الرئاسية الفرنسية الأخيرة؛ في 24 نيسان/إبريل 2022، في مواجهة منافسته؛ “مارين لوبان”، مُرشَّحة اليمين المتطرف، إذ بعث “تبون” برسالة تهنئة لنظيره الفرنسي في اليوم التالي لنجاحه، وجاء فيها: “أقرن هذه التهاني والتمنيات بالتعبير عن سروري باستقبالكم عن قريب في الجزائر، لنُطلق سويًّا ديناميكية تدفع إلى التقدم في معالجة الملفات الكبرى، وإلى تكثيف العلاقات (الجزائرية-الفرنسية) وتوسيعها”.

وتأتي الزيارة المرتقبة للرئيس الفرنسي تتويجًا لفترة نشاط دبلوماسي جزائري ملحوظ، استقبلت فيها “الجزائر” مسؤولين في دول ومنظمات دولية عديدة، كان أهمها زيارة وزير الخارجية الإيطالي؛ “لويغي دي مايو”، في شهر شباط/فبراير 2022؛ وزيارة وزير الخارجية الأميركي؛ “آنتوني بلينكن”، في شهر آذار/مارس 2022، والتي سبقها بأيام زيارة نائبته؛ “ويندي شيرمان”، وفي نيسان/إبريل 2022، زار وزير الخارجية الفرنسي؛ “جون إيف لودريان”، “الجزائر”، قبل أيام من إجراء الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية الفرنسية.

أيضًا استقبل الرئيس الجزائري؛ يوم الثلاثاء 10 آيار/مايو 2022، وزير الخارجية الروسي؛ “سيرغي لافروف”، وبعد يومين من زيارة “لافروف”، سافر مدير الأركان العسكرية لحلف الـ (ناتو)؛ “هانس وارنر وييرمان”، إلى “الجزائر”، حيث استقبله رئيس أركان الجيش الجزائري؛ “السعيد شنقريحة”.

وحول هذه الزيارات؛ يقول الكاتب والباحث في الشؤون السياسية والأمنية من جامعة “أم القرى” الجزائرية، “عمار سيغة”؛ إن: “الزيارات المتتالية لوزراء خارجية دول غربية فاعلة؛ للجزائر، في هذا الوقت بالذات يعكس مكانة خاصة للجزائر فيما يتعلق بدورها في إدارة الأزمات الدولية والإقليمية، وكذلك موقع الدبلوماسية الوازنة للجزائر في لعب أدوار مهمة فيما يخص حلحلة مختلف التوترات التي شهدتها المنطقة العربية وإفريقيا عمومًا”.

مصدر الصورة: رويترز

لا شيء يحدث صدفة.. “الجزائر” و”فرنسا” ودٌّ بعد جفاء !

مرت العلاقات الدبلوماسية “الفرنسية-الجزائرية” بأزمة؛ خلال سنة 2021، بدأت عقب تصريح للرئيس الفرنسي؛ “إيمانويل ماكرون”، وذلك أثناء لقائه شباب من أبناء (الحركيين الجزائريين)؛ نفى فيه وجود أمة جزائرية قبل الاحتلال الفرنسي لـ”الجزائر”، في إشارة إلى الحقبة العثمانية التي عاشتها “الجزائر”؛ قبل سنة 1830م، تاريخ بداية الاحتلال الفرنسي لها.

وقوبل هذا الموقف باحتجاج جزائري حاد، إذ اعتبرت السلطة الجزائرية؛ تصريحات “ماكرون”: “غير مسؤولة”؛ وأدلى وزير الخارجية الجزائري؛ “رمضان لعمامرة”، بتصريحات تليفزيونية، أكد فيها أن: “ماكرون يُعاني من الإفلاس في الذاكرة”؛ وفق تعبيره، كما استدعت “الجزائر” سفيرها؛ “محمد عنتر داوود”، من “باريس”، وأغلقت المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات العسكرية الفرنسية العاملة في إطار (عملية برخان)؛ في الساحل الإفريقي.

ودامت حالة التوتر الدبلوماسي بين الطرفين نحو سنة؛ رغم محاولات الفرنسيين احتواء الأزمة، إلى أن استقبلت “الجزائر”؛ وزير الخارجية الفرنسي، “جون إيف لودريان”، قبل إجراء الدور الثاني من الانتخابات الفرنسية؛ الذي تنافس فيه كل من: “إيمانويل ماكرون” و”مارين لوبان”؛ مرشحة اليمين المتطرف، في شهر نيسان/إبريل 2022.

وقال “لودريان”؛ خلال الزيارة إنه: “لا غنى عن التعاون مع الجزائر”، وقد أثمرت هذه الزيارة عن دعم جزائري للرئيس؛ “ماكرون”، ظهرت آثاره في دعوة إمام الجامع الكبير بـ”باريس”؛ التصويت لـ”ماكرون”، وهو ما ساهم في حصوله على: 85% من أصوات المسلمين في الجولة الثانية من الانتخابات.

ويُشار إلى أن عدد الجزائريين في “فرنسا” تجاوز: 5.5 ملايين، كما تستأثر “الجزائر” بأعلى نسبة ولادات للأقليات المهاجرة، بلغت: 12.7%؛ وفقًا لأرقام “المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية”؛ في “فرنسا”، أما الجالية الفرنسية في “الجزائر” فقد بلغ عددها: 41 ألفًا و780 مواطنًا؛ سنة 2017.

كما أثمرت زيارة “لودريان” الأخيرة؛ في تحسين العلاقات بين الطرفين، وهو ما ظهر في تعبير الرئيس الجزائري؛ “عبدالمجيد تبون”، عن سعادته بفوز “ماكرون” بأسلوب فيه الكثير من الود والرغبة في طي خلافات الماضي القريب.

ومن المنتظر أن تجري انتخابات تشريعية في “فرنسا”؛ خلال شهر حزيران/يونيو المقبل، وتؤكد تقارير مخاوف “ماكرون” من الفشل في الحصول على أغلبية تُمكنه من اختيار رئيس الحكومة، خاصة في ظل وجود منافسة قوية من طرف تحالف اليسار بقيادة السياسي اليساري؛ “جان لوك ميلونشون”، الذي حظي بثقة أغلبية المسلمين في الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، الذين ينتقدونه في ملف الاقتصاد بسبب موجة التضخم الناتجة من ارتفاع أسعار “الغاز”.

مصدر الصورة: رويترز

مصالح مشتركة زادت بعد اندلاع الحرب في “أوكرانيا”..

تجمع “فرنسا” بمستعمرتها القديمة مصالح مهمة؛ إذ تُعد “باريس” الوجهة الأولى لصادرات “الجزائر”؛ سنة 2019، وتحتل المرتبة الثانية في قائمة مورِّديها، بعد “الصين”، كما بلغت الصادرات الفرنسية إلى “الجزائر” ما قيمته: 4.92 مليار يورو؛ في عام 2019، أمَّا قيمة الواردات الفرنسية من السلع الجزائرية فقد وصلت إلى: 4.19 مليار يورو؛ في عام 2019، وتتكون: 95% من الواردات الفرنسية من المحروقات أي “النفط الخام” و”الغاز الطبيعي” والوقود.

وبعد اندلاع الحرب في “أوكرانيا” أصبحت “الجزائر” من بين الدول التي تعول عليها “أوروبا” في تعويض “الغاز الروسي”، وفي هذا الاتجاه صرح وزير الخارجية الفرنسي؛ خلال زيارته لـ”الجزائر”، بأن النزاع في “أوكرانيا” كانت له: “تداعيات كبرى على صعيد تنويع إمدادات الطاقة للدول الأوروبية، وكذلك لناحية أمن الإمدادات الغذائية”.

وتتعرض “الجزائر” لضغط أوروبي كبير من أجل تعويض إمدادات “الغاز الروسي” إلى “أوروبا”، إذ جاءت أغلب الزيارات في هذا الإطار، فصرح وزير الخارجية الإيطالي؛ “لويغي دي مايو”، خلال زيارته لـ”الجزائر”، بأن: “الحكومة الإيطالية ملتزمة بزيادة إمدادات الطاقة؛ وخاصة الغاز من مختلف الشركاء الدوليين”؛ بما في ذلك “الجزائر”: “التي لطالما كانت مزودًا موثوقًا”.

ويُذكر أن “الجزائر” تحتل المرتبة السابعة عالميًّا في إنتاج “الغاز”، والمرتبة الرابعة عربيًّا من ناحية احتياطي “الغاز الطبيعي” بأكثر من: 159 ألف قدم مكعب؛ سنة 2021، وتوفر: 11% من احتياجات “أوروبا” من “الغاز الطبيعي”، وفي هذا السياق شددت السلطات الجزائرية، لأسباب فنية وأخرى سياسية، على أن بلادها غير قادرة على تعويض “الغاز الروسي”؛ لـ”أوروبا”، والمُقدر بما يُقارب: 200 مليار متر مكعب.

وكان “سيرغي لافروف”، قد قال خلال زيارة “الجزائر”؛ في العاشر من آيار/مايو 2022، إن: “موسكو والجزائر، العضوين في تحالف (أوبك)، تلتزمان بالوفاء بإلتزاماتهما بشأن إمدادات الغاز كما في السابق”؛ في إشارة إلى قلق روسي من إمكانية أن ترفع “الجزائر” من إمداداتها من “الغاز” نحو “أوروبا”؛ كما تتوهم الأخيرة في تقاريرها الدعائية.

ويُشار أنه يجمع “الجزائر”؛ بـ”روسيا”، علاقات تاريخية وإستراتيجية كبيرة، إذ كان “الاتحاد السوفياتي” سبَّاقًا في الاعتراف باستقلال “الجزائر”؛ في 23 آذار/مارس 1962، وبدورها سارعت “الجزائر”؛ في السادس والعشرين من كانون أول/ديسمبر 1991؛ إلى الاعتراف بـ”جمهورية روسيا الاتحادية”.

ويُمثل السلاح الروسي: 69% من جملة السلاح الجزائري، ومن ثم تُعد “الجزائر” الدولة الأولى إفريقيًّا من ناحية استيراد السلاح الروسي، كما تحتل “الجزائر” المرتبة الثالثة عالميًّا في هذا المجال بعد: “الصين والهند”، إذ استحوذت على: 15% من صادرات “روسيا” العسكرية؛ سنة 2016 وحدها.

ويُمثل السلاح الروسي أهمية كبرى لـ”الجزائر”؛ في ظل التحديات الأمنية في المنطقة المحيطة بها، خاصة في حدودها الشرقية مع “المغرب”، وقد عرفت ميزانية التسليح في “الجزائر” ارتفاعًا في السنوات الأخيرة؛ لتتصدر نفقات الموازنة العامة للدولة على حساب قطاعات أخرى على غرار التنمية والتعليم والصحة ؛رغم الأزمة الاجتماعية التي تعرفها البلاد.

هل يمكن لـ”الجزائر” أن تكون وسيطًا بين “روسيا” والغرب عبر “فرنسا” ؟

تدعي بعض التقارير الغربية أن من بين الأدوار التي تُريد “روسيا”؛ من حليفتها “الجزائر”، أن تلعبها هو لعب دور الوساطة بينها وبين الدول الأوروبية فيما يخص الحرب في “أوكرانيا”، وفي هذا السياق يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة “الجزائرية”؛ الدكتور “إسماعيل معراف”؛ في تصريح لإحدى وسائل الإعلام الغربية؛ أن: “عددً من الزيارات التي قامت بها وفود رسمية إلى الجزائر تتنزل في إطار بحث دور متقدم لها في تبليغ وجهة نظر روسيا إلى الغرب عبر فرنسا بالأساس”.

مصدر الصورة: إندبندنت

ويزعم “معراف” أن: “روسيا تورطت في الحرب في أوكرانيا وأصبحت غير قادرة على المواصلة في ظل التداعيات الاقتصادية للعقوبات المفروضة عليها من طرف الولايات المتحدة وحلفائها في أوروبا، لذلك تُحاول توظيف حلفائها للوساطة مع أوروبا”؛ بحسب إدعاءاته التي لا تستند إلى أي معلومات.

ويُرجح أستاذ العلوم السياسية الجزائري؛ بأن تقوم “الجزائر”، بهذا الدور نظرًا إلى علاقاتها المتميزة مع الجهتين – أي روسيا وأوروبا – ويرى أن زيارة؛ “سيرغي لافروف”؛ الى “الجزائر”، بطريقة فجائية قبل أيام من زيارة “ماكرون”، يمكن قراءتها في هذا الاتجاه؛ بحسب تكهنات “معراف”.

أخبار ذات صلة

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب