خاص : كتب – سعد عبدالعزيز :
قام وزير الخارجية الإيراني، “محمد جواد ظريف”، بزيارة “العراق”، مؤخرًا، وكان قبلها قد قام بزيارة “الهند” على رأس وفد سياسي واقتصادي رفيع المستوى.
وحول التحركات الدبلوماسية الإيرانية، وتعزيز التعاون مع “بغداد” و”نيودلهي”، أجرى موقع (ديبلماسي إيراني)، حوارًا مع خبير الاقتصاد الدولي وأستاذ جامعة “العلامة الطباطبائي”، (مهدي تقوي)، تناول فيه أهداف زيارة “ظريف” الأخيرة..
العراق والهند من أهم الشركاء التجاريين لإيران..
يقول “تقوي”: مما لا شك فيه أن “طهران” لا بد أن تستثمر جميع الفرص والإمكانيات المتاحة لتحقق أكبر استفادة، لا سيما فى ظل العقوبات الاقتصادية الأميركية، وتأتي “الهند” و”العراق” على رأس أولويات المساعي الإيرانية لمواجهة تلك العقوبات. مع الأخذ في الاعتبار أن “العراق” و”الهند” من أهم الشركاء التجاريين لـ”إيران”، حيث يبلغ حجم صادرات “إيران” من النفط ومكثفات الغاز، إلى “الهند”، حوالي 10 مليارات دولار، ونفس الرقم بالنسبة لصادرات “إيران” من السلع والخدمات، إلى “العراق”، ويشترك البلدان في أنهما من الدول المعفاة من “العقوبات الأميركية” المفروضة على “إيران”، ويُعد هذا الأمر فرصة مناسبة لـ”إيران” لتقوية علاقاتها الاقتصادية مع البلدين، نظرًا لأن “إيران” تُمر بمرحلة اقتصادية قاسية.
الهند.. تتوخى الحذر الشديد تجاه إبران..
وعن الهدف من زيارة “ظريف” للهند والعراق، يرى “تقوي”؛ أن الهدف هو أن تستغل “إيران” كافة إمكانياتها وطاقاتها لمواجهة “العقوبات الأميركية”، وذلك عبر تعزيز التعاون مع “العراق والهند وقطر وتركيا” وسائر دول الجوار.
ويوضح “تقوي” بأن “الهند”، رغم أنها تسعى لتعزيز العلاقات مع “إيران”، إلا أنها تتوخى الحذر الشديد تجاه “طهران” بسبب “العقوبات الأميركية”، ومن ثم فإنه إذا لم تتشكل الآلية المالية الخاصة بـ”الاتحاد الأوروبي”، فإن “نيودلهي” ستعيد النظر بالتأكيد في تحديد سقف العلاقات التجارية مع “إيران”، ولذا فإنه لا بديل عن “الاتحاد الأوروبي” والآلية المالية الخاصة به.
تفعيل الآلية المالية الأوروبية لم تتم بعد..
كما يؤكد “تقوي”؛ أن الجهود الإيرانية لتفعيل الآلية المالية الأوروبية لم تنجح حتى الآن، ولذا فإن “طهران” تسعى لإيجاد حلول أخرى بجانب تلك الجهود، ومنها التعاون مع الشركاء التقليديين مثل “العراق” و”الهند” و”الصين” و”روسيا”، في إطار تنمية العلاقات الاقتصادية، وقد جرت الآن مباحثات إيجابية بشأن تنمية وتوسيع مجالات التعاون بين “نيودلهي” و”طهران”، خاصة في ميناء (غابهار)، مثل استثمار الهنود في “قطاع البتروكيماويات”، وعلاوة على ذلك سيتم تحديد آلية لبيع “النفط الإيراني” لـ”الهند” وسائر المجالات الأخرى؛ مثل بحث الاتفاق الثلاثي لتبادل السلع بين “الهند وأفغانستان وإيران”.
استغلال العراق للإلتفاف على العقوبات الأميركية..
اعتبرت صحيفة (وول ستريت غورنال) الأميركية، أن زيارة وزير خارجية إيران، “ظريف”، إلى “العراق”، على رأس وفد كبير يضم رؤساء أكثر من 50 شركة إيرانية، تُعد محاولة من بلاده لـ”الإلتفاف” على “العقوبات الأميركية” عبر بوابة “العراق”، وذلك بعد يومين من زيارة وزير الخارجية الأميركي، “مايك بومبيو”، لـ”بغداد”، وسط أنباء عن طلب “واشنطن” تجميد نشاط 67 فصيلاً مسلحًا من الميليشيات الموالية لـ”إيران”.
بغداد.. بين مطرقة واشنطن وسندان طهران..
وقالت الصحيفة الأميركية؛ إن زيارة “ظريف” أتت بعد أسبوع من زيارة كبار مسؤولي الطاقة الإيرانيين إلى “بغداد”، لمناقشة تعزيز روابط الطاقة، والحفاظ على تدفق “الغاز الإيراني” إلى “العراق”، حيث يمثل نحو 40% من احتياجات البلاد من الكهرباء، مشيرةً إلى المنافسة الشرسة بين “إيران” و”الولايات المتحدة” للتأثير في السياسة العراقية والحصة السوقية لاقتصادها.
ولفتت الصحيفة إلى أن زيارة “ظريف”، إلى “بغداد”، أتت بعد زيارة وزير الطاقة الأميركي، “ريك بيري”، لبغداد، بهدف إقناع المسؤولين العراقيين بالتوقف عن شراء “الغاز الإيراني” لتوليد الكهرباء، وتوظيف الشركات الأميركية لتطوير نظام الطاقة في “العراق”.
ومنحت “واشنطن”، الشهر الماضي، “العراق”، الإذن لشراء “الغاز الإيراني”، لمدة 90 يومًا، بعد تعهدات “بغداد” بشراء تكنولوجيا الطاقة الأميركية.
وتطرقت الصحيفة الأميركية إلى تصريحات “ظريف”، عقب وصوله إلى “بغداد”، حيث قال: “البعض مثل الولايات المتحدة، يسعى لخلق عقبات بوجه توسيع العلاقات والتعاون بين العراق وإيران، لكنهم فشلوا في تحقيق ذلك”.
“عبدالمهدي” : حل الميليشيات قرار عراقي بحت !
بحسب الصحيفة الأميركية؛ فإن المسؤولين العراقيين، يعارضون العقوبات من حيث المبدأ، لكنهم يلتزمون بها على مضض لتجنب “عقوبات أميركية”، ولكنهم في الوقت نفسه، غير قادرين على تحييد “إيران” كونها تتمتع بنفوذ كبير في البلاد.
ونفى رئيس الوزراء العراقي، “عادل عبدالمهدي”، وجود طلب أميركي بتجميد عشرات الميليشيات وسحب السلاح منها، مشددًا على أن هذا الملف عراقي بحت.
فيما أكدت مصادر أخرى، أن القائمة تضم الجناح العسكري لمنظمة “بدر”، بزعامة “هادي العامري”، الذي يترأس كتلة (الفتح)، و(كتائب حزب الله) العراقي، و(لواء أبوفضل العباس)، و(عصائب أهل الحق)؛ بقيادة “قيس الخزعلي”. كما تضم (سريا السلام)؛ التابعة للتيار الصدري، و(كتائب سيد الشهداء) وحركة (حزب الله النجباء) وكتائب (الإمام علي) و(جند الإمام) و(سرايا الخراساني) و(سرايا الجهاد) و(أنصار العقيدة) و(سرايا أنصار عاشوراء)؛ التابعة لـ”المجلس الأعلى الإسلامي”، و(التيار الرسالي) و(فرقة العباس القتالية) وغيرها.
وفي مؤتمر صحافي، أعلن “عبدالمهدي” أن الحديث عن مهلة أميركية لحل (الحشد الشعبي) غير صحيح، حيث يمثل ذلك “أمر عراقي بحت”.
مطامع إيران بالعراق..
بحسب قناة (سكاي نيوز عربية)؛ فقد أكدت زيارة وزير الخارجية الإيراني، “جواد ظريف”، لـ”العراق” سعي “طهران” المستمر إلى تدمير الاقتصاد العراقي وتحقيق أجندة النظام الإيراني في الهيمنة الاقتصادية والسياسية على “بلاد الرافدين”.
وكان “ظريف” قد طالب بإعطاء الشركات الإيرانية الأولوية في عملية “إعادة إعمار العراق” بعد إنتهاء المعارك ضد تنظيم (داعش)، وذلك خلال لقاء نادر مع قياديي فصائل (الحشد الشعبي).
وفي العام الماضي؛ قالت الحكومة العراقية، إن خطة إعادة الإعمار، التي تبلغ مدتها 10 سنوات، ستكلف ما يقدر بنحو 88.2 مليار دولار، وهي مبالغ يسيل لها لعاب “طهران” في ظل الأزمة الاقتصادية التي باتت فيها عقب فرض “الولايات المتحدة” عقوبات كبيرة عليها.
العراق مجرد مستهلك للسلع الإيرانية..
تضيف (سكاي نيوز عربية): رغم أن الانتخابات العراقية الأخيرة أثبتت تراجع شعبية الأحزاب الموالية لـ”طهران”، إلا أن الهيمنة الاقتصادية لا تزال متجذرة، فـ”إيران” هي الشريك التجاري الأول لـ”العراق”.
ويرى خبراء اقتصاديون، أن “العراق” أصبح، حاليًا، مجرد مشترٍ للبضائع الإيرانية، وحتى لو كانت كاسدة لا ترغب أي دولة في شرائها، فـ”العراق” يستورد قرابة 72 في المئة من البضائع الإيرانية، والتي تتميز بالتكلفة العالية والجودة المنخفضة.
أشارت بعض التقديرات إلى أن حجم التبادل التجاري بين “العراق” و”إيران” كان، في العام 2005، لا يتجاوز مليار دولار، ليرتفع بشكل سريع إلى أكثر من 20 مليار، في العام 2017. وفي شباط/فبراير عام 2015؛ أجبرت “إيران”، بغداد، على إلغاء الرقابة على الصادرات الإيرانية إلى “العراق” عند المنافذ الحدودية؛ بحجة تسهيل حركة التجارة، لتتحول البلاد إلى مرتع للسلع الإيرانية على حساب البضائع المحلية، وعلى حساب التبادل التجاري مع البلدان العربية.
سرقة النفط العراقي..
تمكنت “إيران”، أيضًا، من السيطرة على 123 حقلاً نفطيًا في المناطق الحدودية بين البلدين، وأعترف مسؤولون إيرانيون أن إنتاج بلادهم من نفط “الحقول المشتركة”، يبلغ 13 ألف برميل يوميًا، وأن 68 ألف برميل منها يتم إنتاجها في حقول لم تتمكن الحكومة العراقية من تطويرها حتى الآن بموافقة رئيس الوزارء الأسبق، “نوري المالكي”.
هيمنة إمبريالية إيرانية على العراق..
تعقيبًا على تلك الهيمنة الإيرانية، قال مستشار المركز العراقي للدراسات، “د. غازي فيصل حسين”: “إن هناك شبكة من الأحزاب والقيادات السياسية والمؤسسات الفاسدة المرتبطة بشركات ومصارف إيرانية، بحيث أنتجت هذه الشبكة هيمنة إمبريالية إقليمية إيرانية على العراق، وبالتالي يجب تصفية وتفكيك هذه الشبكات الاقتصادية والسياسية الفاسدة بين العراق وطهران”.
وأضاف “حسين”، في حديث لقناة (سكاي نيوز عربية): “ينبغي على الشركات الأميركية أن تساعد العراق في التحرر من حاجته للطاقة من إيران، وكما أنه من الممكن للعراق أيضًا أن ينوع مصادر الطاقة كأن يعتمد، مثلاً، على الغاز الروسي والمصري”.
وتابع: “كما يبنغي على الحكومة العراقية التخلص من الاقتصاد الأحادي مع إيران؛ لإنهاء هيمنة طهران من خلال تنويع وتعدد الشركاء التجاريين، ولاسيما الولايات المتحدة والدول العربية”.